اللوحة -- حكاية

اللوحة -- حكاية


07-15-2021, 07:48 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1626331736&rn=0


Post: #1
Title: اللوحة -- حكاية
Author: أبوذر بابكر
Date: 07-15-2021, 07:48 AM

06:48 AM July, 15 2021

سودانيز اون لاين
أبوذر بابكر-
مكتبتى
رابط مختصر



اهداء
لروح صلاح سليمان بخيت

محلقا في لون السماوات
مستصحبا طعم الأرض

Post: #2
Title: Re: اللوحة -- حكاية
Author: أبوذر بابكر
Date: 07-15-2021, 07:51 AM
Parent: #1

قالت له

لطالما تمنيت لو ان ترسمني و تضعني فى لوحة من لوحاتك الجميلة تلك، فأنت رسام بارع وتشكيلى متميز

نظر إليها وقال

نعم، يسعدنى ذلك حقا

على الرحب دائما، متى تودين أن نبدأ ؟

ولكن عليك أن تتنبهى الى أن الجلسة مملة وغير سهلة إطلاقا، فقد تضطرين للجلوس ساعات طوال ولعدة أيام، بل ربما لأسابيع، قال لها ذلك وهو يخشى أن تغير رأيها

لا يهم، لا يهم، ليكن، حتى وإن إستغرق الأمر شهورا

كان كل منهما يضمر رغبة خفية فى التلاقى، دون الإفصاح

جلست أمامه بكل حضورها المتألق، وطفق هو يناجى أطياف الضوء وعبق الحضور، كان يعد لها القهوة، فترشف من كأسها، ويرشف هو من عينيها، وبدأ حوار له رائحة الصمت الهادر، نظرة إليها، وأخرى على اللوحة، تداعب أصابعة مساحة ضيقة ورقعة صغيرة، ولكنها فى نظره كانت لتتسع الكون كله

ثم صدحت موسيقى بوليرو، فقد كان يعرف أنها تحب موسيقاه

وبدأ ديالوج اللون والأصابع، وأخذ يسجل كل تفاصيلها، العينان، الشعر، الإلتفاته، الإطلالة، وكل فسيفساء تلك الروعة الطامحة

ألم تملى من الجلوس ها هنا؟

حسنا لأسمعك سيمفونية موزارت الرابعة، فهى من أجمل وأرق موسيقى هذا العبقرى، وبالمناسبة، قال وهو ينفث بدخان سيجارته بعيدا، فيحلق الدخان مع تلكم الأرواح الهائمة

بالمناسبة، لقد أخذ عاصى الرحبانى الحركة الرابعة أو الثالثة، غير متأكد والله، وفصل عليها بعض كلمات جميلة تحلق بها فيروز بنا

وعرفو إنك حبيبى

ما رأيك لو نستمع لفيروز بعد أن تنتهى سياحة طربنا مع موزارت؟

لم يجيبينى، هل تسلل اليك الملل؟

أبدا، ولم تسألنى؟

وبعد عدة لقاءات ملونة، قال لها، أخيرا سترين صورتك مجسدة فى اللوحة، أتمنى أن تكون على قدر جلالك وأمنياتك

ليس هناك لوحة مكتملة فى هذا العالم، فكل لوحة تستطيع أن تأخذ العالم الى داخلها، ولا تنتهى، ولكن لنقل أنى قد أكملت بعضا منك فقط، هيا لتشاهدى نفسك الآن

رشفت آخر قطرات القهوة، وقامت يحيطها سناء غريب وفرحة بوهيمية، ونظرت فى اللوحة لتشاهد صورتها

وحين أطلت عليها، رأت اللوحة وقد إمتلأت بالعصافير والفراشات الملونة، نهر هنا، سهل هناك، غابة فى الأسفل وغيمات عاشقة فى أحد الأركان، ثم أطفالا يتوسطون اللوحة، والبهجة تسيل من عيونهم

هذه هى أنت

كان قد رسمها بالفعل

ثم أهداها اللوحة

فى ذات اللحظة، كان التاج مصطفى يغنى

نور العيون انتى الأمل
طال البعاد وانا
فى اشتياق، كيف العمل

انتى الأمل وانتى الرجا
يا السمحة يا نور الدجى
اضمن الى عمرى النجا
لو طيف خيالك ليا جا

إستمع مليئا للأغنية

ثم أهداها لنفسه