عبدالعزيز بركة ساكن ينعي

عبدالعزيز بركة ساكن ينعي


06-21-2021, 01:19 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1624277992&rn=9


Post: #1
Title: عبدالعزيز بركة ساكن ينعي
Author: زهير عثمان حمد
Date: 06-21-2021, 01:19 PM
Parent: #0

01:19 PM June, 21 2021

سودانيز اون لاين
زهير عثمان حمد-السودان الخرطوم
مكتبتى
رابط مختصر



بركة ساكن يرثى ابنه بحروف من دم ودموع....



طائرُ القَلقْ

كانَ وسيمًا وقَلقًا، هينًا ومزعجًا وحنينًا مثل بسمة. كثير الأسئلة، لديه إجابات لا منطقتي لها إلا أن تفكر مثله. هَمٌّ "وكأن الريح تحته"، هادئًا كليل الصحراء، ضاجًا كعاصفة.
آبَ إلى البيت ذات يوم، من المدرسة،، كان في الصف الثالث الابتدائي، قال لأمه "اكتبي، أنا ألفت قصيدة.” وكنتُ قربها، فسبقتها وأخذتُ قلمًا وورقة: فردد بهدوء
"ظلي ظلي أسود
وأنا أمشي في أمان واطمئنان.”
كتبتها، طلب مني أن اقرها عليه، قلت بيني وبيني، "الود طلع لخاليه الشاعرين؛ عالم عباس وحافظ عباس "، بعد أيام قلائل، وكعادته يأتي إلى البيت من المدرسة في حالة من الإثارة، صاح
"الليلة شفت الله"
هتفت أمَّه في هلع، استغفر يا مستنير، "الله ما بشوفوه بالعين، بيعرفوه بالعقل"، ولكنه رد
“ والله شفت الله في الطريق"
كان نحيفًا، ووسيما، وطويلاً، هادئًا ودمثًا، في طفولته لا يأكل إلا نادرا فقط يشرب اللبن، فأطلق عليه الأصدقاء في بلان سودان، ب "حليبو".
ما ظننت أن يأتي يومٌ واكتب عنك مستخدما كلمة "كان"؛ إنها تليق بي،ولا تليق بنزقك وجناحيك الغضين، كنت أظن أن الغد أمامك يمتد إلى ما بعد رحيلي، وستبتسم روحي حينها عندما تزين سيرتي "بكان".
كنا فقراء، عندما نتخم من العدس، آخذه معي إلى الترعة، بعد أن أعود من المدرسة، قريبًا مما نسميه حي الألمان في خشم القربة، أجلسه قربي، ونحاول اصطياد الأسماك، يجلس بهدوء، اعلمه كيف يصطاد، يساعدني بالحكايات الغريبة، وكم مرة عدنا غير باسماك ولكن بالحكايات.
كان طويلا ونحيفًا ووسيمًا
صبر على المرض سنوات عديدة، تلاحقهُ الأصوات، والكوابيس، تقلق نومي ونومه، ولكنه يبتسم قائلًا: لقد سيطرت عليها، واستطعت أن أوجهها كما أريد، ثم نتحدث عن الكون، نشأته ومآله. في المستشفى، قبل عامين أخذ بعض كتبي معه، كان يناقشني بجدية، ولكنه يحب الفكر الروحي، جوشوا أحد المفضلين عنده، جوشوا والموسيقى، يكتب أغنياته باللغة الألمانية التي يجيدها، أغنيات حزينة وقلقة لئيمة وشديدة الفسق، يلحنها ويسجلها ويرسلها لي ولأصدقائه، أغنيات حب وأغنيات غضب.
كان وسيما وطويلا، ورحل وهو بذات الوسامة، ربما لم يقل وداعا إلا لقطه "بيمبو"، الذي لم يظهر إلا في الليل ويخرج ليتجول في الغابات نهارا، ما عدا اليوم، كان يقف عند الباب، بينما ينام صاحبه في الداخل، بعيدا عن حذائه، ومحفظة نقوده، وكتاب أشعار بوب ديلان، يحيط به الحزن والسلام.
سميته مستنير، قبل أن يولد بعشرات السنوات، بل منذ أن كنت أنا طفلاً،، كان وسيمًا وقلقًا ومستنيرًا.
ستطول هذه الليلة، ربما تمتد إلى الأبد، رحيلك مؤلم يا ولدي، وما أظن أن يشابه ما بعد، ما قبل.
بالأمس سألني
“ بتكتب شنو الأيام دي"
قلت له، رواية، حكيتُ لك عنها قبل سنة تقريبا، عن العجوز الذي ينتظر الحرب العالمية الثالثة أو الكارثة النووية.
قال لي " قصها لي مرة تانية"
فقَصَصَتُها عليه، وعند نهايتها، قال
“ النهاية غير متوقعة"
طلب مني أن أساعده في كتابة رواية، فظننتها تلك الرواية التي يكتبها عن القط والعصفور، في مخيلته منذ سنوات وكلما اطلب منه تدوينها على الورق، كان يبتسم ويقول: سأحاول.
ولكن كانت مفاجأتي بأن قال لي، أريد أن أكتب رواية بعنوان: no life ولكن لسوء سمعي، وهو عادة ما يتحدث بصوت منخفض، سمعتها، أو أردتُ أن أسمعها: law life، ولكنه أصر علىَّ أن أسمعها كما هي، ثم اخبرني عن معنى "نو لايف" فلسفيًا، وعن الأكوان المتوازية، ولكنني قلت له: "نو لايف"، فيها تشاؤم وغير فنية بالنسبة لعنوان رواية، "لو لايف" فيها شاعرية وأكثر عمقاً، وتحاورنا. وبعدها بدأ يكتب على جهازه النقال، روايته بالانجليزية "نو لايف" ثم يمحو ما يكتب، قلت له: اكتب فقط التحرير يأتي لاحقاً وح أساعدك.
كان وسيمًا وقلقاً، صبورًا على الحَزَنِ والألم والخيانات والخيبات والغربة وخراب الروح والجسد ووجع السفر، وحتى المسرة، لهِمه الدَنَفُ ولم يَنض ثمرهُ بعد.
يستمع جيدا ويرد جيدا ويحزن جيدا، وجيدا يمضي في سبيله، وجيدا يموت ويَنْسَى.
يطول هذا الليلُ، يستطيل الحَزَنُ عليك، وأنت تنعم بالحرية التي تنشدها، تلك الحرية التي لا يحلم بها الأحياء بل يهربون منها ويخافونها، نم قليلا، علك تستريح.
وداعا يمتط في وجع الأحزان ثقيلا وبارداً، ثقب ملعون يبتلع أحلامك المستحيلة، أ تذكر كم تحدثنا عنها؟، وأفكار جيمس هاوكنج، ولكنك كنت تؤمن بأن هذه الحياة افتراضية ولا وجود لها في الواقع، إنها لا توجد إلا في وعي الفرد فهي أقل قليلا من كذبة.
لا استطيع أن اكتب عنك الآن، ولا تطاوعني الحروف، فأنا مخنوق اليد واللسان والمخيلة،، مخنوق الروح والأحلام، مختنق بك….، سأكتبك لاحقا، نم بخير.

عبد العزيز بركة ساكن

20_6_2021

Post: #2
Title: Re: عبدالعزيز بركة ساكن ينعي
Author: اخلاص عبدالرحمن المشرف
Date: 06-21-2021, 02:04 PM
Parent: #1

موجوع ومحزن
فقد عظيم و لوالديه جزاء الصابرين
ان شاءالله.
اللهم أرحمه واغفر له و اعف عنه واحسن اليه
واجعل الجنة مثواه
انا لله وانا اليه راجعون

Post: #3
Title: Re: عبدالعزيز بركة ساكن ينعي
Author: اخلاص عبدالرحمن المشرف
Date: 06-21-2021, 03:33 PM
Parent: #2

ما خطه الاديب عبدالعزيز بركة ساكن
قطعة من الادب الرفيع ,مع صبر
جميل ، ومناجاة مع الروح اخترق
بها غيبيات وعوالم اخري

Post: #4
Title: Re: عبدالعزيز بركة ساكن ينعي
Author: زهير عثمان حمد
Date: 06-21-2021, 03:44 PM
Parent: #3

يا دكتورة
الرجل في حالة حزن رهيب كان الله في عونه وخفف عليه حرقة الفقد


Post: #5
Title: Re: عبدالعزيز بركة ساكن ينعي
Author: mohamed kabbar
Date: 06-21-2021, 04:01 PM
Parent: #2

اللهم أرحمه واغفر له و اعف عنه واحسن اليه
واجعل الجنة مثواه البركة فيكم احى بركة وصبركم على الفراق المر
انا لله وانا اليه راجعون

Post: #6
Title: Re: عبدالعزيز بركة ساكن ينعي
Author: Yasir Elsharif
Date: 06-21-2021, 05:09 PM
Parent: #5

يا سلااااااام

الكلمات تقف عاجزة

لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

وصادق التعازي لأبويه والأسرة وكان الله في عونهم

نسأله تعالى أن ينزل برد اليقين والرضا على أحبابه




Post: #7
Title: Re: عبدالعزيز بركة ساكن ينعي
Author: Ahmed Elsadig
Date: 06-21-2021, 09:23 PM
Parent: #6

لا حول ولا قوة لا بالله
رحم الله فلذة كبد الاديب الاريب عبد العزيز بركة ساكن
وربط الله على قلب والديه

Post: #8
Title: Re: عبدالعزيز بركة ساكن ينعي
Author: عبد الحميد البرنس
Date: 06-21-2021, 10:31 PM
Parent: #7

رحمه الله رحمة واسعة. وأعان عبد العزيز وأسرته على هذا الفقد الجلل. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

Post: #9
Title: Re: عبدالعزيز بركة ساكن ينعي
Author: خضر الطيب
Date: 06-21-2021, 11:19 PM
Parent: #8

نسأل الله له الرحمة و المغفرة و أن يسكنه فسيح جناته مع الصديقين و الشهداء و حسن اولئك رفيقا
و خالص التعازي للأستاذ عبد العزيز بركة ساكن و الأسرة الكريمة

Post: #10
Title: Re: عبدالعزيز بركة ساكن ينعي
Author: علاء خيراوى
Date: 06-22-2021, 06:42 AM
Parent: #1

لا حول ولا قوة الا بالله
اللهم ارحمه واغفر له واحسن اليه
جبر الله كسر والده واحسن عزاؤه
انا لله وانا اليه راجعون