Post: #1
Title: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات ومستقبل الديموقراطية الغامض..!
Author: Kabar
Date: 06-14-2021, 00:33 AM
00:33 AM June, 13 2021 سودانيز اون لاين Kabar-كـــندا مكتبتى رابط مختصر
العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات ومستقبل الديموقراطية الغامض..!
محمد النور كبر
تقديم:
منذ الإستقلال عن المستعمر الإنجليزي في يناير 1956 ، لم يستقر السودان سياسيا واجتماعيا واقتصاديا ، وانما كانت الصراعات المستمرة ، وهذه الصراعات صاحبتها انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان ، خصوصا في النزاعات الدموية التي ظهرت مع فجر الإستقلال الى غاية الألفية الثالثة ، وانتهت بتقسيم السودان الى دولتين. هذا المشهد اقتضى نهج مغاير للمعالجات والبحث عن استقرار دائم للسودان ، ومحاولة كبح جماح الإنقسامات الأخرى المستقبلية ، لذلك ظهرت خطابات سودانية عديدة تنادي بمسألة تطبيق وتنفيذ العدالة الإنتقالية كنهج مهم لتحقيق الإستقرار في السودان.والبحث عن العدالة الإنتقالية ، هو محاولة جادة لمخاطبة جذور المشكل السوداني ، وبالتالي توفيق الأوضاع لخلق مستقبل الإستقرار في السودان. في هذه الدراسة سوف نتناول مفهوم العدالة الإنتقالية ، بصورة عامة كمفهوم حديث في مشهد القانون الدولي ، ثم نتناول مفهوم العدالة الإنتقالية في ميثاق اعلان قوى الحرية والتغيير والمواثيق المشابهة ، ثم الوثيقة الدستورية ، ثم اتقافية سلام السودان في اكتوبر 2020 والتي تمت في جوبا عاصمة جنوب السودان وهي الإتفاقية التي تحدثت بوضوح عن مفهوم العدالة الإنتقالية. وقبل تناول هذه المواضيع ، سوف نقدم سرد تأريخي لتطور الصراع السوداني السوداني والذي مر بمراحل مختلفة في الياته وخطاباته الى ان وصلنا للبحث عن تطبيق مفهوم العدالة الإنتقالية ، وبالرغم من ان المفهوم حديث نسبيا ، الإ ان كثير من القضايا والمطالب لها صلة بجوهر فكرة العدالة الإنتقالية. في السرد التأريخي ، سوف نتطرق لكل المعالجات/ الوثائق السودانية التي حاولت معالجة قضايا العدالة الإنتقالية ، وهي قضايا المطالب الإقليمية في السودان ، وجهود تلك المعالجات (مؤتمر المائدة المستديرة 1965 ، اتفاقية اديس ابابا 1972 ، مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية 1995 ، اتفاقية السلام الشامل 2005 ، اتفاقية ابوجا 2006 ، اتفاقية الدوحة 2009 ، ميثاق الفجر الجديد 2013 ، مؤتمر الحوار الوطني 2016 ، ميثاق اعلان قوى الحرية والتغيير 2019 ، الوثيقة الدستورية 2019 ، اتفاقية جوبا لسلام السودان 2020). ثم نتناول التحديات التي ، يمكن ، ان تواجه تطبيق وتنفيذ العدالة الإنتقالية في السودان واثر ذلك في مستقبل الديموقراطية والإستقرار في السودان.
كبر
|
Post: #2
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-14-2021, 00:35 AM
Parent: #1
مفهوم العدالة الإنتقالية:
ان مفهوم العدالة الإنتقالية حديث الوجود في القانون الدولي ، ويشكل استجابة ممنهجة ومؤسسة للإنتهاكات الواسعة والمنظمة لحقوق الإنسان.وتسعى العدالة الإنتقالية للإعتراف بحقوق الضحايا وامكانيات بناء السلام وترسيخ الديموقراطية في المجتمعات التي عانت او تعاني من نزاعات دموية ومظالم تاريخية ادت الى تلك النزاعات ، والمعالجات تكون عبر عدة اليات تسعى لتأسيس المحاسبة والمصالحة وجبر الضرر للضحايا. وبهذا الفهم ، فان العدالة الإنتقالية لا تعتبر نوع من العدالة المعروف عبر تنفيذ القانون بصورة منظمة ، وانما هي نوع من العدالة تتاسس وفقا لخصوصية المجتمعات سواءا كانت خصوصية ثقافية /اجتماعية/اقتصادية/سياسية. فالمفهوم هو مفهوم نسبي يتم تفسيره وتطبيقه وفقا لخصوصية أي مجتمع كان. وبالتالي فان ظروف أي مجتمع قد تختلف عن الأخر في الزمن الذي تحدث فيه العدالة الإنتقالية ، في بعض المجتمعات قد تكون العدالة الإنتقالية في مدة وجيزة وفي مجتمعات اخرى قد يأخذ تطبيق وتنفيذ العدالة الإنتقالية مدة اطول. والمفهوم ظهر في اواخر ثمانينيات القرن الماضي وبداية التسعينات منه ، حينما ظهرت بوادر للتحولات السياسية الجذرية في بعض من دول امريكا اللاتينية ودول شرق اوربا ، ويهدف الى التعرف على انتهاكات الإنظمة السابقة ومعالجتها دون التأثير الخطر على التحول السياسي المنشود والذي يسعى الى ترسيخ الديموقراطية. ومفهوم العدالة الإنتقالية لا يقتصر فقط على العدالة القانونية ، وانما يقوم على منهج شامل ومتعدد الأغراض والحقول ، وبالتالي يقتضي تأسيس اليات متعددة ومتنوعة لتحقيق الغرض. هذا المنهج الشامل يمنح الحكومات خيارات عديدة لتطبيق وتنفيذ العدالة الإنتقالية مثل: المحاسبة الجنائية لم قام بارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان ، ولجان الحقيقة والمكاشفة ، برامج جبر الضر ، عدالة النوع (الجندر) ، الإصلاحات في انظمة الأمن والقانون ، واقامة متاحف لتخليد ذكرى الإنتهاكات لحقوق الإنسان مثل متاحف ذكرى الإبادة العرقية الجماعية.
كبر
|
Post: #3
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-14-2021, 00:37 AM
Parent: #1
لمحة تأريخية عن تطور الصراع في السودان:
بالرغم من ان اتفاقية سلام جوبا اكتوبر 2020 والخاصة بالسودان كانت بين الجبهة الثورية وحكومة الفترة الإنتقالية ، الإ أن تاريخ الحركات المطلبية في السودان يعود الى زمن قبل استقلال السودان عن المستعمر الإنجليزي. في دراسته (التجمعات الإقليمية) ذكر الأستاذ عمر عبد الرحمن ادم نماذج للتجمعات الإقليمية في السودان مثل (اللواء الأبيض 1924 ، مؤتمر الخريجين 1938 ، حزب سانو 1947 ، اتحاد جنوب وشمال الفونج 1953 ، مؤتمر البجا 1958 ، جبهة الجنوب 1964 ، اتحاد عام جبال النوبة 1965 ، وفي دارفور كانت هناك جبهة نهضة دارفور ، حزب سوني ، واللهيب الأحمر وغيرها من تجمعات في دارفور) وتطورت هذه التجمعات الى أن اصبح البعض منها يتخذ طريق المقاومة المسلحة مثل الجبهة الوطنية 1976 ، الحركة الشعبية 1983 ،التجمع الوطني الديموقراطي 1991، حركة تحرير السودان 2002 ، حركة العدل والمساواة 2003.وبعد استقلال جنوب السودان ، استمرت هذه التجمعات بنفس المسميات (الحركة الشعبية شمال ، حركات دارفور العديدة) الى ان كونت تحالف عريض هو تحالف الجبهة الثورية في نوفمبر 2011. واذا استثنينا حركات المقاومة مثل (اللواء الأبيض ، الجبهة الوطنية ضد نظام مايو/جعفر نميري ، التجمع الوطني ضد نظام الإنقاذ) يلاحظ ان غالبية التجمعات الأخرى هي تجمعات اقليمية ، ولقد بدأت المقاومة السلمية في شكل تجمعات مطلبية اقليمية ، ثم لاحقا تطور الأمر الى حركات مقاومة مسلحة. ومؤكد أن هناك اسباب جوهرية ادت الى ظهور هذه التجمعات ، ولقد فصل الأستاذ عمر عبد الرحمن ادم في دراسته المشار اليها (التجمعات الإقليمية) اسباب ظهور هذه التجمعات في اربعة محاور رئيسية: اسباب اقتصادية ، اسباب اجتماعية ، اسباب سياسية ، وااسباب ثقافية. فكل هذه التجمعات تنطلق من مبدأ عدم توفر التنمية المتوازنة ، عدم تقاسم السلطة والثروة بطريقة عادلة توفر اسباب النهضة لتلك الأقاليم ، وعدم مراعاة الخصوصية الثقافية والإجتماعية لكل اقليم على حدة.و كانت هذه المطالب بمثابة التنبيه الأولى الى التنوع في السودان وضرورة وجود نظام ادارة لا مركزي (فيدرالي مثلا) يسمح لكل اقليم ممارسة هويته وخصوصيته. وكانت الحكومات المركزية في السودان (عسكرية شمولية كانت ام ديموقراطية منقوصة) تحاول التعامل مع مطالب التجمعات الإقليمية بطرق مختلفة ومتنوعة ، وسوف نستعرضها في الفقرة التالية.
كبر
|
Post: #4
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-14-2021, 00:39 AM
Parent: #1
جهود معالجات المطالب الأقليمية:
1/ مؤتمر المائدة المستديرة ، جوبا 1965:
قبل اعلان الإستقلال في 18 ديسمبر 1955 ، بأشهر قليلة كانت بعض الفصائل الجنوبية قد اعلنت خيار المقاومة المسلحة لنيل الحقوق. وكانت حركة انانيا قد بدأت هذا الطريق ضد الحكومة المركزية في الخرطوم. وطيلة حكم العسكر الأول (1958-1964) كانت الحكومة المركزية تتبنى خيار المواجهة ولم تفكر مطلقا في خيار الحوار والحل السلمي. ولكن بعد سقوط حكم العسكر الأول ، وفي حكومة اكتوبر الإنتقالية ، كانت الدعوة لمؤتمر سوداني جامع تناقش فيه قضية الجنوب فقط دون التحدث عن مطالب التجمعات الإقليمية الأخرى. وكان مؤتمر المأئدة المستديرة في مدينة جوبا والذي انعقد في مارس 1965 ، بدأ في جوبا ثم انتقل الى الخرطوم لأسباب امنية. في هذا المؤتمر كان اهل الجنوب يتبنون ثلاث مواقف: موقف يطالب باستقلال الجنوب ، موقف يطالب بالوحدة ، وموقف يطالب بالوحدة في ظل حكم ذاتي للجنوب. وقد شهد المؤتمر عدة دول في دور المراقبين (يوغندا ،كينيا ، تنزانيا ، غانا نجيريا والجمهورية المتحدة التي كانت تتكون من مصر وسوريا). في هذا المؤتمر ، قدمت حكومة السودان عدة مقترحات ، تضمنت الإعتراف بان السودان بلد متعدد الأعراق ، وان الجنوب له الحق في حكم ذاتي ، وان الجنوب يعاني في اختلال في مسألة التنمية والسلطة والثروة. في مقترحها للحكم الذاتي للجنوب ، اقترحت الحكومة السودانية ان يكون البرلمان القومي يناقش قضايا المالية والدفاع والعلاقات الخارجية ، بينما يترك لبرلمان الجنوب الإقليمي مناقشة قضايا التعليم والصحة والزراعة ، مع الإقرار بوجود بعض القضايا المشتركة التي تتم مناقشتها بواسطة البرلمانين (القومي والإقليمي). ولقد كان المؤتمر فعلا حوار سوداني/سوداني شاركت فيها المكونات السياسية السودانية (جبهة الميثاق ،الحزب الوطني الإتحادي ، حزب الشعب الديموقراطي ، جبهة المهنيين ، سانو (الإتحاد الوطني الأفريقي السوداني) ، الحزب الشيوعي السوداني ، جبهة الجنوب ، وحزب الأمة). لم يوفق مؤتمر المائدة المسديرة في تحقيق سلام مع الجنوب ، وذلك لإشكالات سياسية في الخرطوم ، ادت الى الدعوة الى انتخابات مبكرة ، وتمت الإنتخابات باستثناء الدوائر في جنوب السودان بدعوى الظروف الأمنية.وفي نفس الوقت استمرت المقاومة المسلحة في الجنوب.
كبر
|
Post: #5
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-14-2021, 00:43 AM
Parent: #1
2/ اتفاقية اديس ابابا فبراير1972:
في 25 مايو1969 بدأ الحكم العسكري الثاني (نظام جعفر نميرى) ، وفي 9 يونيو 1969 كشف النظام عن خطته في التعامل مع مشكلة الجنوب (لاحظ لم يكن هناك حديث عن التجمعات الإقليمية الأخرى ومطالبها ، وانما التركيز على الجنوب فقط وذلك لوجود مقاومة مسلحة) وتضمن اعلان يونيو اربعة مبادئ اساسية (1/استمرار ومد فترة العفو العام ، 2/ وضع برنامج اقتصادي اجتماعي وثقافي للجنوب ، 3/تعيين وزير لشئون الجنوب ،4/ تدريب كادر متمرس لتولي المسئولية). في مايو 1970 عرض مجلس الكنائس العالمي الوساطة بين الحكومة السودانية وحركة المقاومة في الجنوب وذلك لوضع حد للحرب الأهلية وتسوية مشكلة الجنوب. وقد اثمرت وساطة مجلس الكنائس في التوقيع على اتفاقية اديس ابابا 1972 ، والتي جاءت معظم بنودها تأسيسا على مقترحات الحكومة السودانية في مؤتمر المائدة المستديرة في 1965.ومنحت الأتفاقية الحكم الذاتي (في اطار سودان موحد) للجنوب كأقليم واحد يتكون من ثلاثة مديريات (بحر الغزال ، الإستوائية ، واعالي النيل) ، كما اعترفت بالحقوق الثقافية للجنوب ، وحق مواطني الجنوب في المساواة في فرص التعليم والعمل والتجارة..الخ. وسمحت باستخدام اللغة الإنجليزية أو أي لغات اخرى في التعامل الرسمي في الجنوب ، بينما تظل اللغة العربية هي لغة التعامل الأولى في كل انحاء السودان الأخرى. واعطت الإتفاقية سلطات خاصة وواسعة للمجلس التشريعي الإقليمي ، مثل تشريعات تتعلق بالقضايا الثقافية والإقتصادية والإجتماعية ، اضافة الى التشريع في قضايا الصحة والتعليم والزراعة والمراعي وتطوير الثروة الحيوانية بما يخدم استقرار الجنوب ونهضته. وبالرغم ان هذه الإتفاقية كانت في ظل نظام عسكري شمولي ، الإ انها حققت بعض الإستقرار السياسي والأمني في السودان ، وهي الفترة التي امتدت من 1972 الى 1983 ، حينما اعلنت الحركة الشعبية لتحرير السودان المقاومة المسلحة ، وفق منفستو يتحدث عن مشروع السودان الجديد والذي لا يقتصر فقط على مشكلة الجنوب وانما ضرورة اصلاح الوضع على مستوى السودان.
كبر
|
Post: #6
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-17-2021, 05:24 PM
Parent: #1
3/مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية 1995:
سقط نظام الحكم العسكري الثاني في ابريل 1985 ، عبر انتفاضة شعبية ، وعقب ذلك تشكيل حكومة انتقالية لمدة سنة ، وبعدها تم انتخاب حكومة مدنية ديموقراطية. في فترة الحكومة الديموقراطية ، لم يحدث اختراق في عملية السلام السودانية ، وعكس لموقف الحكومة الإنتقالية في مؤتمر المائدة المستديرة والذي تميز بمشاركة القوى السياسية في ذلك المؤتمر ، فان الموقف في الديموقراطية الثانية كان اكثر تشظي في القوى السياسية السودانية ، وحدثت محاولات متفرقة وقادتها مجموعات سياسية مختلفة ، ولكنها لم تؤدي الى تقدم. في 30 يونيو 1989 ، استولت الجبهة الإسلامية القومية على الحكم واسست نظام الإنقاذ المعروف. في السنوات الأولى لجأ نظام الإنقاذ لنفس نهج نظام العسكر الأول (نظام عبود) في اختيار المواجهة العسكرية ضد الحركة الشعبية في جنوب السودان. تشكل التجمع الوطني ، كقوى سياسية معارضة ، وتحالف مع الحركة الشعبية في محاولة اسقاط نظام الجبهة الإسلامية (نظام الإنقاذ) ، في يونيو 1995 عقد هذا التحالف العريض مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية وشاركت فيه مجموعات مختلفة وهي :الحزب الإتحادي الديموقراطي ، حزب الأمة ، الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان ، تجمع الأحزاب الأفريقية السودانية ، الحزب الشيوعي السوداني ، النقابات السودانية ، مؤتمر البجا ، قوات التحالف السودانية ، وشخصيات وطنية مستقلة. ويلاحظ في تركيبة الحضور للمؤتمر ، وجود كل التجمعات الإقليمية التي تحدث عنها الأستاذ عمر عبد الرحمن ادم في دراسته (التجمعات الأقليمية) المشار اليها سابقا. وقد ناقش الحضور قضايا متنوعة بعضها يتعلق بالشأن السوداني العام ، والبعض الآخر يتعلق بالتجمع الوطني. من القضايا العامة التي ناقشها المؤتمر قضايا ايقاف الحرب واحلال السلام في السودان وهذه القضية تم توضيحها في ثلاث مبادئ: حق تقرير المصير ، علاقة الدين بالسياسة ، وشكل الحكم في الفترة الإنتقالية. ايضا تم التحدث عن مقومات سودان المستقبل ، والقضايا الإنسانية. ولقد حاولت مقررات مؤتمر اسمرا ، وضع معالجات لكل القضايا الوطنية السودانية ، عوضا عن وضع تصورات لمعالجات قضايا التجمعات الإقليمية. وكان اهل هذا المؤتمر ، اتخذوه كمرجعية في مقاومتهم لنظام الإنقاذ ، وان الأولوية الأولى هي اسقاط النظام ومن ثمة بناء سودان وفق اسس جديدة. وقد يلاحظ البعض ، ان نفس القضايا التي طرحت في مؤتمر المائدة المستديرة واتفاقية اديس ابابا ، هي نفسها التي طرحت في مؤتمر اسمرا 1995. في الجانب الأخر ، اختار نظام الحكم العسكري الثالث في السودان خيار المواجهة مع كافة حركات المقاومة سواءا الحركة الشعبية في الجنوب أو فصائل التجمع الوطني التي حملت السلاح في مواجهة النظام.
كبر
|
Post: #7
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-17-2021, 05:27 PM
Parent: #1
4/اتفاقية السلام الشامل 2005:
لقد بذلت جهات عديدة (دول ، منظمات..الخ) جهود للجمع بين الفرقاء السودانيين ومحاولت تأسيس حوار يفضي الى احداث سلام وانهاء للحرب في السودان.وفي سنة 1993 تبنت دول الهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد) مسألة الوساطة بين اهل السودان المتشاكسين. وكللت هذه الجهود في توقيع اتفاقية السلام الشامل في 2005. بيد أن الإتفاقية كانت نتاج تفاوض ممرحل وعبرست برتكولات مختلفة بدأت ببرتكول ميشاكوس في يوليو 2002 ، والذي اتفق فيه الطرفان على الإطار العام فيما يتعلق بقضايا الحكم ، العملية الإنتقالية ، هياكل الحكم ، حق تقرير المصير ، وعلاقة الدين بالدولة. وهي نفس القضايا التي تم الإتفاق عليها في مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية 1995.ثم برتكول الترتيبات الأمنية الذي وقع في نيفاشا في سبتمبر 2003 ، ثم برتكول تقاسم الثروة والذي وقع في نيفاشا يناير 2004 ، ثم برتكول تقاسم السلطة والذي وقع في نيفاشا مايو 2004 ، وفي نفس الشهر والمكان تم ايضا توقيع برتكول المنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) وبرتكول منطقة أبيي. في فبراير 2003 (قبل توقيع البرتكون الثاني في نيفاشا سبتمبر 2003) اندلعت الحرب في دارفور ، وسوف نتاول ذلك بالتفصيل في فقرات لاحقة. الملاحظ ان اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 ، قامت على نفس المبادئ منذ مؤتمر المائدة المستديرة ، مرورا باتفاقية اديس ابابا 1972 ، ومؤتمر اسمرا للقضاية المصيرية 1995. وهي كلها مبادئ ظلت تتطور بالتفصيل في كل مرحلة معينة. فنفس الترتيبات الإنتقالية التي تحدث عنها مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية ، كانت واقعا في اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل. وبالرغم من ان مفهوم العدالة الإنتقالية ، هو مفهوم حديث نسبيا في الفقه الدستوري والقانون ، خصوصا القانون الدولي ، ورغم ارتباطه بالإنتهاكات لحقوق الإنسان ، الإ ان معظم التدابير السودانية المذكورة كانت تستبطن معاني هذا المفهوم ، أي مفهوم العدالة الإنتقالية وضرورة تطبيقه كمدخل للتحول الديموقراطي. اتفاقية نيفاشا 2005 ، في البرتكول الأول (ميشاكوس يوليو 2002) لم تتحدث عن العدالة الإنتقالية بصورة واضحة وانما اشارت الى مفهوم (العدالة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية التي تحترم الحقوق الإنسانية والسياسية الأساسية لجميع الشعب السودان.الفقرة 1/5/2). وقد صاحب اتفاقية نيفاشا 2005 ، احداث الدستور الإنتقالي لسنة 2005 ، وهو الدستور الذي تضمن معالجات كثيرة تتضمن مفهوم العدالة الإنتقالية وخصوصا اتباع النهج الشامل الذي يتناول حقول كثيرة تؤدي معالجتها الى استقرار دائم في السودان. بالطبع ، رأينا ان دستور نيفاشا 2005 ، هو واحد من افضل الوثائق السودانية التي سعت لمعالجة كثير من المظالم في تأريخ الصراع السوداني ، الإ ان هذا الدستور لم يحدث فرقا او خرقا اللهم الإ تنفيذ حق تقرير المصير لجنوب السودان. الجدير بالذكر ، ان اتفاقية السلام الشامل لسنة 2005 ، كان التفاوض فيها من قبل طرفين (الحكومة السودانية/حكومة الإنقاذ والحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان) ، وكان هذا هو المدخل الذي قاد البعض للتعامل بحذر مع هذه الإتفاقية ، وانما اكثر من ذلك كان البعض (حركات المقاومة المسلحة في دارفور مثلا) قد اتخذ نهج المقاومة المسلحة لخلق تفاوض سوداني جديد يسعى لتحقيق بعض المطالب التي تتعلق ببعض الحركات الإقليمية في دارفور.
كبر
|
Post: #8
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-18-2021, 04:59 PM
Parent: #1
5/اتفاقيات سلام دارفور:
اشرنا سابقا ، انه قبل توقيع البرتكول الثاني في نيفاشا سبتمبر 2003 ، اندلعت الحرب في دارفور في فبراير 2003. وقاد الحرب وقتها فصيلين من دارفور هما حركة تحرير دارفور (لاحقا صارت حركة تحرير السودان) وحركة العدل والمساواة. وكلا الحركتين ، هما امتداد للتجمعات الإقليمية السودانية في دارفور (جبهة نهضة دارفور ، حزب سوني ، حركة اللهيب الأحمر ، وغيرها من تجمعات في دارفور). اشتعال الحرب في دارفور ، وفر ارضية خصبة لإستقلال جنوب السودان وتكوين دولة خاصة به استجابة لمقصد احد الأقسام في مؤتمر المائدة المستديرة لسنة 1965 ، وهو الفصيل الذي كان ينادي باستقلال الجنوب وقتها (كان هو موقف جبهة الجنوب بقيادة غردون مورتات ميين).ايضا ، اشتعال الحرب في دارفور ، خلق خطاب جديد يتعلق بمفهوم العدالة الإنتقالية ، فالحرب في الجنوب ، مثلا ، لم يتحدث احد عن معالجة انتهاكات حقوق الإنسان بصفة خاصة ، ولكن في حرب دارفور ، نجحت بعض النخب السودانية (حكومة ومعارضة) في احداث وقائع ينطبق عليها مفهوم العدالة الإنتقالية الحديث نسبيا ، فكان الحديث عن انتهاكات واسعة ومنظمة لحقوق الإنسان ، مثل الحديث عن: الإبادة العرقية الجماعية ، جرائم الحرب ، الجرائم ضد الإنسانية ، وجرائم اغتصاب النساء الممنهجة. لتسوية النزاع في درافور ، تمت ثلاث اتفاقيات ، اثنين في عهد النظام البائد وهما اتفاقيتي ابوجا والدوحة ، ثم اتفاقية جوبا والتي تمت في عهد حكومة الفترة الإنتقالية ، وسوف نتعرض لموقف هذه الإتفاقيات من مسألة العدالة الإنتقالية.
كبر
|
Post: #9
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-18-2021, 05:01 PM
Parent: #1
أ/ اتفاقية ابوجا/سلام دارفور 2006:
ذكرنا أن الحركات المسلحة في داروفور ، كامتداد طبيعي للتجمعات الإقليمية السودانية ، بدأت الحرب بفصيلين هما حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة. وأول محاولة مفاوضات جادة بين الحكومة المركزية وهذه الحركات كانت في اتفاقية ابوجا/سلام دارفور 2006. بيد أن الشاهد في الأمر أن معظم قادة الحركات المسلحة لم تكن راضية بعملية التفاوض تلك ، فانشقت حركة تحرير السودان الى عدة فصائل بعضها قبل بالتفاوض والبعض الأخر رفض التفاوض، واهم الرافضين كان عبد الواحد محمد احمد النور ، ونفس امر الإنشقاق حدث في حركة العدل والمساواة واهم الرافضين كان قائد الحركة خليل ابراهيم. مثلما الوضع في اتفاقية نيفاشا الذي انتجت وضعية التفاوض والتوقيع مع الحركة الشعبية لتحرير السودان ، ايضا كان الوضع في التفاوض والتوقيع في اتفاقية ابوجا 2006 ، حيث تفاوضت الحكومة مع حركة تحرير السودان بقيادة مني مناوي. لم تتطرق اتفاقية ابوجا/سلام دارفور 2006 بصورة مباشرة لمسألة العدالة الإنتقالية ، خصوصا فيما يتعلق بامر المحاسبة الجنائية والمصالحة الإجتماعية الواسعة. وكان قد سبق الإتفاقية في سنة 2005 تحقيق لجنة الأمم المتحدة والذي تم في دارفور في شأن مزاعم جرائم الإبادة العرقية الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإغتصاب بسبب الحرب. اكتفت الإتفاقية بجزء بسيط من العدالة الإنتقالية ، والجزء الذي كان يتعلق بنزع السلاح والتسريح بالنسبة لبعض مليشيات الحكومة مثل الجنجويد ، وفي المقابل دمج لمقاتلي الحركات المسلحة الموقعة على الإتفاقية بعضهم في القوات المسلحة (4000) وبعضهم في الشرطة (1000) والبعض الأخر في برامج التعليم والتدريب (3000). وبالرغم من أن اتفاقية ابوجا 2006 لم تشر صراحة لمسألة العدالة الإنتقالية وتدابيرها المتنوعة ، الإ ان بعض مثل تلك التدابير قد وردت الإشارة اليها في رسالة من ادامنتيوس قاسيلاكيس (رئيس لجنة مجلس الأمن الدولي في السودان) والموجهة لرئيس مجلس الأمن الدولي بتاريخ 2 اكتوبر 2006.ومنها الإشارة الى الإجراءات الذي اتخذها المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان ووزارة العدل بالسودان. فنلاحظ في الفقرة (130) من تلك الرسالة الإشارة الى القرارات التي اصدرها والي جنوب دارفور فيما يتعلق بحماية المرأة، والتي فصلت (العملية الإجرائية المتصلة بحالات الإنتهاكات الجنسية والقائمة على نوع الجنس ، التي يجري التبليغ عنها الى الشرطة والجهاز القضائي. وتستثني هذه العملية ضحايا الإغتصاب من تقديم وثائق الى الشرطة قبل الحصول على الرعاية الطبية. وترمي هذه الفكرة الى كفالة السرية اللازمة لحماية الضحايا من الوصمة الإجتماعية المرتبطة بالإغتصاب).ص144. وفي نفس الرسالة ايضا ، الفقرة (132) وردت الإشارة الى (أنشأت حكومة السودان مؤسسات خاصة للتعامل مع الأفعال الجنائية التي تحدث في دارفور وهي: 1/ اللجنة المعنية بادعاءات الإنتهاكات التي ترتكبها المجموعات المسلحة في دارفور ، 2/ لجنة تقييم الأضرار والخسائرالتي تلحق بالممتلكات الخاصة في ولايات دارفور ، 3/ المحكمة الجنائية الخاصة لدارفور ، وكانت لها فرعين في نيالا والجنينة). وبالرغم من تأسيس المحاكمة الجنائية الخاصة في دارفور ، الإ ان لجنة مجلس الأمن الخاصة بالسودان قد لاحظت عدم كفاية الإجراءات في المحاكم والتي تميز بالبطء احيانا ، واحيانا اخرى الإفلات من المحاسبة ، وذلك كما ورد في الفقرة (133) من الرسالة المشار اليها. وفي الفقرة (134) من تلك الرسالة وردت الإشارة الى لقاءات ومؤتمرات المصالحة ، حيث ورد (نظمت حكومة السودان عددا من المؤتمرات والإجتماعات مع زعماء القبائل بهدف تسوية النزاعات الجارية بينها والمتعلقة بحيازة الأرض والحصول على المأء والكلأ. وبرغم ذلك هناك من يقول بان مؤتمرات المصالحة هذه تختلف تماما عن الطرائق التقليدية لتسوية نزاعات الماء والكلأ بين الرعاة والمزارعين ، نظرا الى انها تنظم في كثير من الأحيان بدون مشاركة الزعماء الشرعيين للمجموعات المعنية ، ومن ثم لا تتوصل الى حلول دائمة للمشكلة.وقد حاولت بعثة الإتحاد الأفريقي في السودان ، من خلال الدوريات التي تسيرها بغرض بناء الثقة ، ان تيسر الى حد ما عقد الإجتماعات بين طوائف الفلاتة والمساليت في منطقة طوّ ل بجنوب دارفور ، ولكن دون تحقيق نجاح دائم ) . في سنة 2009 ، قامت الحكومة السودانية بتعديل القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 ، وتم لأول مرة في تأريخ السودان النص على جرائم الإبادة العرقية الجماعية ، وجرائم الحرب ، والجرائم ضد الإنسانية. ومعروف ان هذه الجرائم تشكل انواع من الجرائم الكبيرة التي تتعلق بانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان ، وهي من المشاكل التي ادت الى ظهور مفهوم العدالة الإنتقالية وضرورة تحقيق المحاسبة وعدم الإفلات ، اضافة الى ضرورة تحقيق المصالحة مما يعطي الضحايا الأمان وتحقيق العدالة.
كبر
|
Post: #10
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-18-2021, 05:03 PM
Parent: #1
ب/اتفاقية الدوحة 2011:
ومثلما ، هي الوضيعة في التفاوض الثنائي كما في اتفاقية نيفاشا 2005 (الحكومة/الحركة الشعبية) واتفاقية ابوجا 2006 (الحكومة/حركة تحرير السودان) ، كان نفس الوضع قد تكرر في اتفاقية الدوحة والتي تم توقيعها بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة بمدينة الدوحة في يوليو 2011. اتفاقية الدوحة 2011 لم تتناول مسألة العدالة الإنتقالية ، اللهم الإ الإشارة لإنشاء صندوق لتعويضات ضحايا النزاعات في دارفور. وابقت الإتفاقية لما تم سابقا فيما يتعلق بالمحكة الخاصة بجرائم دارفور.
كبر
|
Post: #11
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-18-2021, 05:30 PM
Parent: #1
6/ميثاق الفجر الجديد 2013:
في 5 يناير 2013 تم التوقيع على ميثاق الفجر الجديد السوداني بمدينة كمبالا (يوغندا) ، والتوقيع كان بين فصائل معارضة للنظام (مدنية ومسلحة) ، وكان شارك في التوقيع قوى الإجماع الوطني (مجموعة احزاب سودانية) ، الجبهة الثورية (مجموعة حركات مسلحة) ، ومجموعة من منظمات نسوية وشبابية وعمل مدني.الجدير بالذكر ان بعض من الحركات المسلحة كان جزء من اتفاقيات سلام سودانية سابقة مثل الحركة الشعبية لتحرير السودان –شمال (اتفاقية نيفاشا 2005) وحركة تحرير السودان/مني مناوي (اتفاقية ابوجا 2006) ، ولكنها تخلت عن تلك الإتفاقيات وعادت لحمل السلاح. ايضا بعض من قوى الإجماع الوطني ، مثل الحزب الشيوعي كان قد شارك بموجب اتفاقية نيفاشا على المستوى التشريعي القومي (3 نواب بالمجلس الوطني/البرلمان). ويعتبر ميثاق الفجر الجديد السوداني 2013 من اهم الوثائق لتسوية القضايا السودانية ، وتكمن اهميته في انه هو الأساس الذي قامت عليه الترتيبات اللاحقة مثل ميثاق اعلان قوى الحرية والتغيير(2019) والوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الإنتقالية بعد سقوط النظام في ابريل 2019. ايضا الأهمية الثانية لميثاق الفجر الجديد السوداني انه الوثيقة السودانية الوحيدة التي اشارت بصورة واضحة لمسائل العدالة الإنتقالية ، واكثر من ذلك وضع تصور لترتيبات تلك المسائل. لقد وردت الإشارات لمسائل العدالة الإنتقالية كثيرا في فقرات ميثاق الفجر الجديد السوداني 2013. ففي الباب الأول (اولا) : المبادئ والأهداف العامة ، تقول الفقرة (5) العدالة والمحاسبة: (التأكيد على مبدأ العدالة والمحاسبة ، بما فيها مفاهيم العدالة الإنتقالية ، وبما يتفق والسياق السوداني ، ووضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب بالمحاسبة على اقتراف الجرائم الجسيمة وانتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان).وايضا في الباب الثاني (ثانيا) :ترتيبات ومهام الفترة الإنتقالية ، وردت في بعض الفقرات الإشارة الى مهام الفترة الإنتقالية: اعادة الإستقرار والترتيبات الأمنية ، والقوانين والتشريعات وحقوق الإنسان ، ونقرأ فقرة تقول: (تحقيق العدالة ومنع الإفلات من العقاب وتقديم كل المتهمين الذين ارتكبوا جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب ، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم في حق الوطن والمواطن لمحاكمات وطنية ودولية عادلة). وايضا كانت هناك اشارة لمسالة الحلول الخاصة بمناطق الحرب. وقد وردت تصورات مفصلة لمسائل العدالة الإنتقالية في الفقرة (9) : المحاسبة والعدالة الإنتقالية: (أ/ المحاكمة العادلة لكافة منتهكي حقوق الإنسان والفاسدين ومبددي المال العام وتعويض الضحايا ماديا ومعنويا ، ب/ تحقيق العدالة بمحاسبة المتهمين بارتكاب جرائم خطيرة مثل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم العرب ، وتقديمهم لمحاكمات عادلة وطنية ودولية وبما يوقف ظاهرة الإفلات من العقاب ، ج/ التصدي للسياسات والمؤسسات التي قادت الى الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ، خاصة جرائم الإبادة الجماعية ، ليس فقط عبر تطبيق المسئولية الجنائية مثل التعاون الإيجابي مع المحكمة الجنائية الدولية وتسليم المطلوبين للمثول امام العدالة الدولية ، بل بالتصدي ومواجهة المسئوليات السياسية والإجتماعية والثقافية والمعنوية والأخلاقية ، د/ مواجهة ثقافة الإستعلاء والعنصرية باصدار قوانين تجرم الإساءات العنصرية وتعاقب على انكار وقوع جرائم التي ارتكبها نظام المؤتمر الوطني ، هـ/ تأسيس نظم للعدالة الإنتقالية بما يضمن انصاف الناجيين وتوفير المساعدة على التعافي وتضميد الجراح ، وتأسيس مؤسسات الإعتراف والإعتذار وطلب الصفح بما يتسق مع السياقات السودانية (نماذج الحقيقة والمصالحة في جنوب افريقيا والإنصاف بالمغرب) ، على الأ تتخذ اليات العدالة الإنتقالية كمطية للإفلات من العقاب ، و/ ترسيم جريمة الإبادة الجماعية كواقعة مركزية ، ارتكبها واسس لها نظام المؤتمر الوطني ، والعمل على تضمين المخازي الكبرى لتلك الجريمة في المناهج والمقررات الدراسية ، وتبث في وسائل الإعلام وتشكل الخطاب العام المعبّر عن هوية السودان بتعدد اديانه وثقافاته واثنياته ، وليوثق للجرائم الكبرى بمختلف الوسائل مثل المتاحف القومية ).
كبر
|
Post: #12
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-18-2021, 05:31 PM
Parent: #1
7/ مؤتمر الحوار الوطني السوداني 2016:
بعد توقيع ميثاق الفجر الجديد السوداني في يناير 2013 بمدينة كمبالا (يوغندا) ، قامت في سبتمبر 2013 هبة ثورية محدودة في العاصمة السودانية الخرطوم ، ومن اهدافها اسقاط نظام المؤتمر الوطني ، وكانت هذه الهبة الثورية السودانية نادت بكثير من المسائل التي نادى بها ميثاق الفجر الجديد السوداني 2013 ، وقد قام النظام بقمع تلك الهبة الثورية بصورة وحشية ادت الى اغتيال كثير من المتظاهرين والمتظاهرات. ولم يكتف النظام (وقتها) بقمع الهبة الثورية وانما قام بخطوة تعتبر رد فعل واضح لميثاق الفجر الجديد السوداني 2013 ، فدعي في سنة 2014 الى مؤتمر حوار وطني جامع ، دعي له كل القوى السياسية السودانية (بما فيها الحركات المسلحة التي لها اتفاقيات سلام مع النظام وعددها 37 حركة مسلحة ، و77 حزبا سياسيا ، وشخصيات وطنية) ولكن في غياب قوى سياسية مدنية ومسلحة فاعلة في الواقع السوداني (الجبهة الثورية ، نداء السودان ، الإجماع الوطني). والجدير بالذكر أن تركيبة المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني أنها احتوت على بعض المكونات التي شاركت في مؤتمر المائدة المستديرة في 1965 ، مثل (جبهة الميثاق ، الإتحادي الديموقراطي) ، ثم استيعاب التشظي الذي حدث في حزب الأمة ، فحزب الأمة الذي شارك في مؤتمر المائدة المستديرة 1965 ليس هو فصائل حزب الأمة التي شاركت في مؤتمر الحوار الوطني (2014-2016). انتقى مؤتمر الحوار الوطني ، بعض من المبادئ التي تناولها ميثاق الفجر الجديد السوداني 2013 ، مثل الهوية ، الإصلاح الإداري والسياسي ، الإقتصاد..الخ ، ولكنه عمد تماما الإغفال عن مسائل العدالة الإنتقالية خصوصا فيما يتعلق بأمر المحاسبة الجنائية ، ومسائل المصالحة والإنصاف ، وعدالة النوع (الجندر) وغيرها من مفاهيم العدالة الإنتقالية كما فصلها ميثاق الفجر الجديد السوداني 2013. الواضح في هذا الأمر ، هو بروز ظاهرة التشظي السوداني المزمنة ، حيث اتضح تماما اختلاف تصورات السودانيين انفسهم لمعالجة مشاكلهم ، وبدأ ظاهرا ان هناك دوما فريقين: فريق يعتمد على مقدرات الدولة لفرض رؤية لا تستوعب واقع السودان ، وفريق اخر ينادي باصلاح حقيقي دون فرض رؤية احادية معينة لتسوية المشكل السوداني. لم تتحدث كل وثائق مؤتمر الحوار الوطني عن مفاهيم العدالة الإنتقالية ، وانما كان هناك التفاف حول تلك المفاهيم.
كبر
|
Post: #13
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: أبوذر بابكر
Date: 06-18-2021, 05:54 PM
Parent: #1
تحياتي با محمد
مجهود مقدر ورؤى سمحة جدا
أحييك
|
Post: #16
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-18-2021, 06:15 PM
Parent: #13
ابوذر..حبابك يا صديقي كتر خيرك على المرور والتشجيع.. وهو مشروع نحاول فيه كتابة جزء من الذاكرة السودانية عسى ولعل..
تحياتي
كبر
|
Post: #14
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-18-2021, 05:58 PM
Parent: #1
8/ ميثاق اعلان قوى الحرية والتغيير 2019:
في ديسمبر 2018 ، بدأت احتجاجات واسعة ضد النظام الحاكم في السودان ، والتفت تلك الإحتجاجات حول تجمع المهنيين السودانيين (تجمع نقابي) ، وتطور الأمر الى غاية تأسيس (تجمع قوى الحرية والتغيير) في بداية 2019. قام تجمع قوى اعلان الحرية والتغيير ، استنادا على ميثاق الفجر الجديد 2013 ، بالتوقيع على وثيقة اعلان قوى الحرية والتغيير ، وكان هو ميثاق بمثابة تحديد برنامج الحد الأدنى لمعالجة المشكل السوداني ، باعتبار ان العقبة الأساسية هي اسقاط النظام. وبالرغم من التشابه الكبير بين (اعلان قوى الحرية والتغيير) وميثاق (الفجر الجديد السوداني 2013) الإ انه يلاحظ ان الإعلان كان ابتسار للمبادئ التي اتفقت عليها قوى المعارضة السودانية في 2013 ، وبالتالي احتاج اعلان قوى الحرية والتغيير الى شروحات اوسع ، وهو ما تم محاولة تلافيه في الوثيقة الدستورية 2019. ولم يتحدث (اعلان قوى الحرية والتغيير2019) عن ترتيبات العدالة الإنتقالية بصورة مفصلة ، وانما اشار اليها بصورة عمومية. مثلا ، في الفقرة (ثانيا: من مهام الفترة الإنتقالية: 1/ وقف الحرب بمخاطبة جذور المشكلة السودانية ومعالجة اثارها بما في ذلك اعادة النازحين واللاجئين طوعا الى مواطنهم الأصلية وتعويض المتضررين تعويضا عادلا وناجزا ومعالجة مشكلة الأراضي مع المحافظة على الحواكير التأريخية). وفي الفقرة (ثانيا: 3/:عمل ترتيبات امنية نهائية مكملة لإتفاق سلام شامل وعادل) . وفي الفقرة (ثانيا:5/ إعادة بناء وتطوير المنظومة الحقوقية والعدلية، وضمان استقلال القضاء وسيادة القانون .) وفي الفقرة (ثانيا:6/ العمل على تمكين المرأة السودانية ومحاربة كافة أشكال التمييز والاضطهاد التي تتعرض لها .) وفي الفقرة (ثالثا: وقف كافة الانتهاكات ضد الحق في الحياة فوراً، وإلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وتقديم الجناة في حق الشعب السوداني لمحاكمة عادلة وفقاً للمواثيق والقوانين الوطنية والدولية.). الجدير بالذكر ان توقيع ميثاق الفجر الجديد السوداني 2013 ، قد تغيبت عنه كتلة سياسية وهي كتلة (نداء السودان) ، ولكن نفس الكتلة كانت مشاركة في توقيع اعلان قوى الحرية والتغيير بجانب كتلة الإجماع الوطني (والتي شاركت في التوقيع على ميثاق الفجر الجديد) والجبهة الثورية (بصورة متحفظة) ، اضافة لنقابات ومنظمات نسوية وشبابية وعمل مدني. والشاهد ان اعلان قوى الحرية والتغيير (برغم طبيعته كبرنامج حد ادنى ، هدفه الأساسي اسقاط النظام) أن الملاحظ سيكتشف بسهولة ان هذا الإعلان هو مجرد صدى باهت لمسألة الإلتفاف على مبادئ ميثاق الفجرالجديد 2013 كما حدث في مؤتمر الحوار الوطني 2016. ومسألة الإلتفاف تلك هي التي ادت الى بروز تيارين في المشهد السياسي السوداني: تيار ينادي بمسألة الهبوط الناعم ، مما يذهب الى امكانية اجراء اصلاحات في نظام الإنقاذ وبالتالي استمرار الوضعية بتعديلات طفيفة ، وتيار اخر يذهب الى ضرورة اقتلاع النظام من جذوره بما يشمل حل بعض اجهزة النظام مثل جهاز الأمن الوطني ، محاكمة رموز النظام ، والتفرغ الى تأسيس العدالة الإنتقالية (كما هي مفصلة في ميثاق الفجر الجديد السوداني 2013). وواقعيا تم اسقاط نظام الإنقاذ في ابريل 2019 ، وبدأت فترة انتقالية بمهام محددة ، وعلى رأسها قضايا العدالة الإنتقالية في السودان.
كبر
|
Post: #15
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-18-2021, 06:06 PM
Parent: #1
9/ الوثيقة الدستورية 2019:
اشارة مهمة: نص الوثيقة الدستورية الذي نتحدث عنه هنا هو النص المنشور في الجريدة الرسمية السودانية لسنة 2019.
اشرنا في الفقرة السابقة ان ميثاق (اعلان قوى الحرية والتغيير) هو مقتبس من ميثاق الفجر الجديد السوداني 2013 ، وان الإعلان تم تفصيله بصورة اوسع في الوثيقة الدستورية 2019 ، والتي احتوت على اهم مبادئ الإعلان في المادة (8) من تلك الوثيقة. ايضا قد اشار ميثاق الفجر الجديد 2013 الى أن من مهام الفترة الإنتقالية ضرورة انشاء مفوضيات متخصصة ومفوضيات خاصة ، وتم تفسير هذا المبدأ العام في الوثيقة الدستورية كما سنوضح لاحقا. تحدثت الوثيقة الدستورية في الباب (12) عن تشكيل مفوضيات ، بعضها اوكل امر انشائها بموجب (المادة39البند3) للمجلس السيادي الإنتقالي مثل مفوضيات (السلام ، الحدود ، صناعة الدستور والمؤتمر الدستوري ، الإنتخابات) ، والبعض الأخر اوكل امر انشائها بموجب المادة (39 البند 4) لرئيس مجلس الوزراء مثل مفوضيات (الإصلاح القانوني ، مكافحة الفساد واسترداد الأموال العامة ، حقوق الإنسان ، اصلاح الخدمة المدنية ، الأراضي ، العدالة الإنتقالية ، المرأة والمساواة النوعية ، واي مفوضيات اخرى يرى مجلس الوزراء ضرورة لإنشائها). ويلاحظ في المفوضيات التي تم تحديدها بنصوص الوثيقة الدستورية 2019 ان كثير منها له علاقة وثيقة بمفاهيم العدالة الإنتقالية مثل (مفوضية السلام ، الإصلاح القانوني ، حقوق الإنسان ، العدالة الإنتقالية ، المرأة والمساواة النوعية). وافردت الوثيقة الدستورية الباب (15) لقضايا السلام الشامل ، وتم تفصيل مهام الفترة الإنتقالية بما يتعلق بتلك القضايا. فالمادة (68 البند 1) تقرأ : (68/1: تحقيق السلام العادل والشامل وانهاء الحرب بمخاطبة جذور المشكلة السودانية ومعالجة اثارها مع الوضع في الإعتبار التدابير المؤقتة للمناطق المتأثرة بالحرب والمناطق الأقل نموا ، ومعالجة قضايا التهميش والمجموعات المستضعفة والأكثر تضررا). واطلاق عبارة (التدابير المؤقتة) هي حتما اشارة الى انها تدابير انتقالية وذات اجل محدد ، وهي اشارة ضمنية لمفاهيم العدالة الإنتقالية خصوصا مسألة معالجة (اثار الحرب ، وقضايا التهميش وقضايا المجموعات المستضعفة والأقل نموا). ولقد اشار نفس الباب (الباب 15) من الوثيقة الدستورية 2019 ، بصورة مباشرة الى مسألة العدالة الإنتقالية ، حيث ورد النص (المادة 68 البند 7). فمن مهام اجهزة الدولة في الفترة الإنتقالية: (68/7:البدء في انفاذ اجراءات العدالة الإنتقالية والمحاسبة على الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وتقديم المتهمين الى المحاكم الوطنية والدولية اعمالا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب). فالمادة (68/7) من الوثيقة الدستورية 2019 ، تحدثت عن مفهوم محدد من مفاهيم العدالة الإنتقالية وهو مفهوم (المحاسبة/المسئولية الجنائية). والجدير بالذكر ان الوثيقة الدستورية 2019 قد اغفلت جريمة خطيرة مثل جريمة (الإبادة العرقية الجماعية) ، عكسا لميثاق الفجر الجديد 2013 الذي اولى هذه الجريمة اهمية كبيرة باعتبارها جريمة خطيرة وتشكل انتهاك خطير للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان الدولي. فميثاق الفجر الجديد2013 ذهب شوطا ابعد بان دعى لإعتبار ان هذه الجريمة واقعة مركزية توضح سلوك نظام المؤتمر الوطني ، واكثر من ذلك طالب المثياق المعني ضرورة تجريم من ينكر وقوع تلك الجريمة في السودان ، ناهيك عن محاسبة من ارتكبها. وبصورة عامة ، يلاحظ ان الوثيقة الدستورية 2019 قد تبنت منهج شامل للتعامل مع مسألة العدالة الإنتقالية ، فلم تكتفي الوثيقة فقط بمسألة المحاسبة الجنائية ، وانما تبنت مساءل اخرى متعلقة بالعدالة الإنتقالية مثل المفوضيات المذكورة ، وتفصيل قضايا السلام الشامل ، اضافة لمدونة الحقوق الأساسية والحريات العامة. فمثلا ، من ضمن مطالب الثورة في ميثاق اعلان قوى الحرية والتغيير 2019 المطالبة بالغاء القوانين المقيدة للحريات في السودان ، والإصلاح القانوني ، ولقد تم فعلا في هذا المجال اجراء بعض التعديلات في القوانين السودانية مثل الغاء قانون النظام العام ، والغاء عقوبات الجلد في كثير من الجرائم في القانون الجنائي ، والغاء قانون الردة كما كان منصوص عليه في المادة (126) من القانون الجنائي السوداني 1991 ، ورفع سن المسئولية القانونية الى سنة (18سنة) ، وغيرها من تعديلات قانونية ذات علاقة بمسائل العدالة الإنتقالية.
كبر
|
Post: #18
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Osman Musa
Date: 06-18-2021, 06:54 PM
Parent: #15
استاذ كبر سلام بارك الله فيك يا اخي . وانت بكتاباتك تقيم الجسور للتعريف و للربط بين الجيل القديم والجيل الجديد . مشكور على المجهود الممتاز .
|
Post: #22
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-23-2021, 03:32 PM
Parent: #18
كتب عثمان موسى:
Quote: استاذ كبر سلام بارك الله فيك يا اخي . وانت بكتاباتك تقيم الجسور للتعريف و للربط بين الجيل القديم والجيل الجديد . مشكور على المجهود الممتاز .
|
عثمان موسى..حبابك يا صديقي كتر خيرك على المرور والتشجيع.. هي محاولة يا صديقي للبحث عن الخلل واستمرار الأزمة السودانية المستمرة. فاهل السودان على مستوى صناعة الوثائق لهم رؤى جيدة وواضحة ، ولكن التنفيذ دوما يكون مشكلة ، ويصل الأمر احيانا لتجاهل ما تم الإتفاق عليه ، والإستمرار في ادارة الأمور وفقا لتفاصيل اليومي (زرق اليوم باليوم). نحاول تقديم صورة عامة ، ونرجو أن تكون دوما في بال من يتعاطى صناعة القرار في المشهد السوداني ، لو استطعنا فقط ضبط الناس وحصرهم في تنفيذ ما اتفق عليه ، مؤكد سنصل الى تأسيس طريق الإستقرار والبناء. تحياتي كبر
|
Post: #17
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-18-2021, 06:53 PM
Parent: #1
10/اتفاقية جوبا لسلام السودان 2020:
والإسم الرسمي لهذه الإتفاقية: اتفاق جوبا لسلام السودان بين حكومة السودان و اطراف العملية السلمية وتم توقيع الإتفاقية بمدينة جوبا ، عاصمة دولة جنوب السودان ، في الثالث من اكتوبر 2020. تركيبة المشاركين والمشاركات في هذه الإتفاقية كانت واسعة للغاية حيث شملت الحكومة الإنتقالية (مدنية/عسكرية) ، حركات الكفاح المسلح ، منظمات نسوية وشبابية ومدنية. وكل هذه الأطراف كانت تبحث عن تحقيق اتفاق سلام شامل يخاطب جذور المشكلة السودانية بكل جوانبها (سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية ، عدالة ..الخ). ولتوضيح القضايا ومحاولة تبسيطها مما يسهل التعرف عليها والإتفاق على اسس معالجتها ، فلقد كان نهج التفاوض يقوم على مسألة المسارات ، وهي مسارات قصد منها القدر الكافي في تمثيل اقاليم السودان ، وخصوصية كل اقليم والقضايا الخاصة به ومحاولة معالجة ذلك في اطار قومي بما يراعي خصوصية كل اقليم.وبالتالي طريقة التفاوض تلك قد استوعبت تاريخ الحركات الإقليمية في السودان والتي اشرنا اليها سابقا ، والتي تطورت الى جبهة تضامن قوى الريف ، ثم تطورت الى حركات كفاح مسلح ضد الحكومات المركزية في السودان. وبصورة عامة ، قد تناولت اتفاقية جوبا لسلام السودان 2020 ، القضايا التقليدية مثل قضايا اقتسام السلطة والثروة والترتيبات الأمنية ، ولكنها ، ولأول مرة تم الحديث وبصورة واضحة ومباشرة عن قضايا ومفاهيم العدالة الإنتقاليه وذلك على المستوى القومي ، ومستوى الأقاليم. ولقد تم النص على المبادئ العامة التي تشكل الأساس لتطبيق وتنفيذ العدالة الإنتقالية والأليات التي يتم عبرها تلك العمليات المعقدة والتي قد تحتاج لزمن اطول.وبالتالي ، نلاحظ أن قضايا العدالة الإنتقالية كانت حاضرة على مستوى القضايا القومية ، ومستوى القضايا الإقليمية. تتكون الإتفاقية من اجزاء عديدة وهي : ديباجة وعشرة ابواب (اتفاق القضايا القومية ، اتفاق سلام مسار دارفور ، اتفاق مسار المنطقتين ، اتفاق سلام مسار الشرق ، اتفاق سلام مسار الوسط ، اتفاق الترتيبات الأمنية بين حكومة السودان الإنتقالية والجبهة الثالثة – تمازج ، الأحكام الختامية ، مصفوفات تنفيذ ، و الملاحق). سوف نتناول قضايا العدالة الإنتقالية في كل مسار ، بما يشمل القضايا القومية ، وكيف تم مخاطبة هذه القضايا ، وكيفية تطبيق وتنفيذ العدالة الإنتقالية.
كبر
|
Post: #19
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-18-2021, 06:55 PM
Parent: #1
أ/الديباجة:
الديباجة في الفقه الدستوري والقانوني تعني مقدمة الدستور او القانون ، وهذه المقدمة توضح الغرض والهدف والتبرير من صياغة الدستور أو القانون.والديباجة بصورة عامة ليست نص في الدستور أو القانون وانما هي رسالة توضح الفلسفة خلف الدستور او القانون. وفي اتفاق جوبا لسلام السودان 2020 ، تشكل الديباجة مقدمة للإتفاقية , توضح المبادئ العامة التي توضح لماذا كان الإتفاق ، الخلفية التاريخية والسياسية والإجتماعية التي ادت الى هذا الإتفاق ، ثم الهدف من الإتفاق (تحقيق سلام شامل عادل يخاطب جذور المشكل السوداني على مر تاريخ الدولة الوطنية السودانية ) ، والمبررات التي ادت الى هذا الإتفاق. بهذا الفهم ، فان فقرات كثيرة من ديباجة الإتفاقية قد احتوت مبادئ عامة عن قضايا العدالة الإنتقالية ، مثلا ، من فقرات الديباجة نقرأ الفقرات الآتية: 1/ (وترسيخا للعدالة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية في دولة ديموقراطية تنموية تراعى فيها الحقوق الأساسية لجميع افراد الشعب السوداني وانصاف النساء والأطفال والمهمشين وذوي الإحتياجات الخاصة). وهذه الفقرة من الديباجة ، توضح تطور النظرة النخبوية السودانية للواقع السوداني. فكل الإتفاقيات السودانية السابقة (خصوصا التي انتهى التوقيع عليها بين الحكومة السودانية ومعارضيها) لم تكن دقيق في توصيف الإشكالات السودانية بالتفصيل والحديث عن شرائح اجتماعية مثل (النساء ، الأطفال ، المهمشين ، ذوي الحاجات الخاصة). فطيبعة الدولة المنشودة تأسيسها بموجب الإتفاقية هي أن تكون دولة مواطنة تحترم حقوق الجميع. 2/ (ومساهمة في اصلاح اجهزة الدولة والخدمة العامة ، بما في ذلك المؤسسة العسكرية ، وانفاذا لتدابير العدالة الإنتقالية وردا للحقوق وجبرا للضرر واعادة لبناء الثقة والإدارة السلمية للخلافات وتوطينا لدعائم السلم الإجتماعي وتعميقا لقيم التسامح والمصالحة بين مكونات المجتمعات المحلية واهل السودان الإجتماعية). فهذا جزء من المبادئ المهمة ، التي ورد ذكرها في الديباجة ، وكلها مساءل تتعلق بالعدالة بصورة عامة ، والعدالة الإنتقالية بصورة خاصة. فهنا يبدو أن النخبة السودانية ولأول مرة استوعبت ان هناك (ثقة مفقودة) وان هناك حاجة للمصالحة وجبر الضرر وتعميق قيم التسامح والحل السلمي للخلافات ، وكل ذلك تكون ركيزته تنفيذ تدابير العدالة الإنتقالية ، وان اطراف الإتفاقية منوط بها تنفيذ كل ذلك لتحقيق سلام شامل عادل يخاطب هذه الجذور التي ادت الى عدم الإستقرار في السودان.
كبر
|
Post: #20
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-18-2021, 07:01 PM
Parent: #1
ب/ اتفاق القضايا القومية:
وهذا الإتفاق يشكل الباب الأول من اتفاقية جوبا لسلام السودان 2020. وقد تناول القضايا المتفق عليها على المستوى القومي.ويلاحظ أن هذا الباب قد وضع مبادئ عامة عديدة تتعلق بقضايا العدالة الإنتقالية. الباب الأول من الإتفاقية تبني منهج شامل عند التحدث عن مفاهيم العدالة الإنتقالية , وقد وردت نصوص كثيرة تتحدث عن مفاهيم العدالة الإنتقالية ، الياتها..الخ. مثلا قضية الإصلاح القانوني (المادة 1/16) ، اهمية تمثيل المرأة (المادة 1/20) ، العدالة والمحاسبة والمصالحة والعدالة الإنتقالية كمتطلبات اساسية (1/22) ، مؤتمرات المصالحة والتعافي الإجتماعي (المادة 1/23) ، محاربة ظاهرة الإفلات من العقاب وانصاف الضحايا المادة (1/24) ، استثناء الجرائم الخطيرة (الإبادة الجماعية ، الجرائم ضد الإنسانية ، جرائم الحرب ، جرائم العنف الجنسي) من العفو العام كما ورد في المادة (1/31). وحدد الباب مادة منفصلة للعفو العام وهي المادة (17/1) ، وارجاع الممتلكات التي تمت مصادرتها بموجب الحرب ،المادة (17/2). ولقد وضع الباب الأول من الإتفاقية اشارة خاصة وواضحة بمسألة العدالة الإنتقالية باعتبارها اولوية قصوى. فالمادة (19/1) تقرأ: (دون المساس بما تم الإتفاق عليه في مسارات التفاوض ، اتفق الطرفان على اٍيلاء قضية العدالة الإنتقالية اولوية قصوى وتكوين مفوضية العدالة الإنتقالية خلال 30 (ثلاثين يوما) من التوقيع على اتفاق السلام مع الأطراف الموقعة على هذا الإتفاق على أن تشمل أليات العدالة الإنتقالية كل السودان ، سيما مناطق النزاعات). وهذا يشكل الإطار العام لقضية العدالة الإنتقالية ، ووضع اطار زمني ، كخطوة اولى ، وهو تأسيس مفوضية العدالة الإنتقالية بعد شهر من التوقيع النهائي للإتفاقية. أيضا حدد النص اطار تطبيق وتنفيذ العدالة الإنتقالية بانها يجب ان تشمل كل السودان ، مع التركيز على مناطق النزاعات. بالتالي ، كل خصوصية اقليم فيما يخص قضايا العدالة الإنتقالية قد تم استيعابها وفقا لهذا الإطار العام بموجب المادة (19/1) من الباب الأول (اتفاق القضايا القومية). الجدير بالذكر أنه وحتى نشر هذه الدراسة (يونيو 2021) لم يتم تكوين مفوضية العدالة الإنتقالية والتي وضع لها اطار زمني بان يتم تكوينها بعد شهر من التوقيع النهائي والذي كان في الثالث من اكتوبر.
كبر
|
Post: #21
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: مازن سخاروف
Date: 06-20-2021, 01:34 PM
Parent: #20
السلام والرحمة صاحب البوست,
مجهود مقدر. يستحق الإشادة والموجب كتير
ملاحظاتي, واعتبرو إشارة لاين مان فايق ورايق: لم تذكر سوى مرجعا واحد هو "التجمعات الإقليمية" (دراسة) لعمر عبد الرحمن. السرد المتصل بيخلق بالنسبة لي مدافع وصانع ألعاب ومهاجم وهداف. ذكر الآراء قياسا إلى مراجع بيعمل توازن في السرد ويكسر الرتابة. غير إنو بيفصل بين تعليق الكاتب على الأحداث ورواية الأحداث نفسه ومصادرها. فهنا الناس ممكن تراجع الكاتب في الجزئية هذه وتلك.
بالنسبة لمفهوم العدالة الإنتقالية, مجرد اقتراح تشوف التجارب الأخرى التي شهدت "حربا أهلية" بـ أو بدون انتقال نحو "ديمقراطية" - الحرب الأهلية الإنجليزية - الحرب الأهلية الإسبانية - حرب الكونغو - الحرب الأهلية في نيجيريا - الحرب الأهلية في أنقولا - "المصالحة والتشافي" في جنوب أفريقيا - الحرب الأهلية في رواندا - الحرب الأهلية في يوغسلافيا once upon a time there was a country
بشكل عام وفي القاعدة فوق الإستثناء التجارب دي فاشلة. الماذا؟ في ملاحظات حول المفاهيم: مثلا تمرد توريت قبل "فجر الإستقلال", رئاسة الجيش لم تكن تابعة لرئيس الوزراء, بل للحاكم العام البريطاني, مما يستدعي توسيع صلاحيات البحث ليشمل دور الإدارة الإستعمارية في إشعال أول فتيل تمرد ضد أول حكومة منتخبة*.
مفهوم العدالة من منظور المصالحة والتشافي نفسه. لأنو تاريخيا التجربة المريرة تعلمنا أن "دم الشهداء" في القرن السابع عشر في انجلترا لم يُقتص له؛ ولا دم الشهداء في جنوب أفريقيا في القرن العشرين. تسمية العدالة الإنتقالية أفضل وأسلم. لكن من حيث التطبيق, و"شيطان التفاصيل", هل نقع في فخ مفاهيم مثل "الحقيقة والتشافي" فنجد انه لا في حقيقية ولا تشافي ولا حتى تعويض.
---------------- * إذا افترضنا أن "الحكومة المنتخبة" هي هدف الفترة الإنتقالية والعدالة المرتبطة بها, فما هي مصداقية الحكومة المنتخبة بعد "أربعمائة سنة تجربة؟ راجع "الديمقراطية والتحيز", مازن سخاروف.
|
Post: #23
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-23-2021, 03:41 PM
Parent: #21
Quote: السلام والرحمة صاحب البوست,
مجهود مقدر. يستحق الإشادة والموجب كتير
ملاحظاتي, واعتبرو إشارة لاين مان فايق ورايق:
|
مازن سخاروف..حبابك يا صديق وعليكم السلام.. كتر خيرك على المرور وابداء بعض الملاحظات والمقترحات ونرحب دوما بمثل هذه الأشياء، ولكن..! الموضوع لم يكتمل بعد ، ولازالت هناك محاور عديدة في طريقها الى النشر هنا ، ومؤكد بعد اكتمال الصورة ستجد اجابات على بعض ملاحظاتك هنا..
تحياتي كبر
|
Post: #24
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-23-2021, 03:44 PM
Parent: #1
ج/ اتفاق سلام مسار دارفور:
تناول الباب الثاني من اتفاق جوبا لسلام السودان 2020 ، القضايا المتعلقة بمسار سلام دارفور. وقد غطى هذا الإتفاق الفرعي القضايا التقليدية مثل اقتسام السلطة والثروة ، اصلاح الخدمة العامة والعدلية ، الترتيبات الأمنية..الخ. اما فيما يختص بقضايا العدالة الإنتقالية ، فلقد كان اتفاق سلام مسار دارفور من اكثر الإتفاقات الفرعية الذي قام بتفصيل قضايا العدالة الإنتقالية بصورة واسعة ، ولقد شملت تلك المعالجة كل اوجه العدالة الإنتقالية مثل المحاسبة الجنائية ، الحقيقة والمصالحة ، التعويضات ، اعادة الدمج والتسريح ، قضايا المرأة ، قضايا النازحين واللاجئين ، اضافة لقضايا الرحل والرعاة.ولقد كانت معظم فصول الباب الثاني تتحدث عن قضايا العدالة الإنتقالية بصورة مباشرة مثل الفصل الثالث (العدالة والمساءلة والمصالحة ) ، الفصل الرابع (التعويضات وجبر الضرر) ، والفصل الثامن (وقف اطلاق النار الدائم والترتيبات الأمنية النهائية) ، وايضا تم تناول قضايا العدالة الإنتقالية بصورة غير مباشرة مثل الفصل الخامس (النازحون واللاجئون) ، والفصل السادس (تنمية قطاع الرحل والرعاة باقليم دارفور) والفصل السابع (الأرض والحواكير). وبصورة عامة ، يلاحظ أن اتفاق سلام مسار دارفور 2020 قد تناول ترتيبات العدالة الإنتقالية بنفس الطريقة التي تم بها تناول العدالة الإنتقالية كما في اتفاقية ابوجا 2006 ، ولكن الجديد في الأمر هو التفصيل الدقيق لترتيبات العدالة الإنتقالية وتوضيح الياتها المتعددة ، كما سنرى في الفقرات التالية.
كبر
|
Post: #25
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-23-2021, 03:46 PM
Parent: #1
1/ المحاسبة والمساءلة:
في الحديث عن القضاء الوطني (م.20/الفصل الثالث) فلقد ذكر اتفاق سلام مسار دارفور ان على المحاكم الوطنية احالة أي قضايا تقع خارج اختصاصها الى اليات العدالة الإنتقالية المختصة الأخرى مثل : المحكمة الخاصة لجرائم دارفور ، أليات العدالة التقليدية ، ولجنة الحقيقة والمصالحة. وبموجب المادة (21/الفصل الثالث) فلقد تم الإتفاق على تكوين لجنة الحقيقة والمصالحة. ولقد فصلت المادة اهداف هذه اللجنة وطريقة عملها. اما المادة (22/الفصل الثالث) فلقد وضحت الجدول الزمني لتكوين لجنة الحقيقة والمصالحة وفي غضون (60 يوما) من التوقيع النهائي على الإتفاقية. اما طبيعة لجنة الحقيقة والمصالحة ، فلقد تم الإتفاق بين الأطراف الموقعة ان تتكون من (11 فرد) يختار كل طرف (5 افراد) ، وعضو اخر يتم الإتفاق عليه من قبل الطرفين. وايضا تم الإتفاق على أن يكون من بين ممثلين أي طرف امرأة واحدة على الأقل. يجب ان يكون اعضاء اللجنة يتحلون بالنزاهة وان ينظر اليهم سكان دارفور باعتبارهم اعضاء محايدين. المادة (23/الفصل الثالث) تحدثت عن أليات العدالة التقليدية ، من حيث مهامها واختصاصاتها وطرق تنفيذ قراراتها. المادة (24/الفصل الثالث) تحدثت عن المحكمة الجنائية الدولية ، واتفاق الأطراف على التعاون مع تلك المحكمة ، وضرورة مثول المطلوبين الموقوفين بموجب مذكرات صادرة من تلك المحكمة ، وأن على الأطراف التعاون في تسهيل وصول المحكمة الجنائية الى الضحايا والشهود دون تأثير من قبل السلطات السودانية. المادة (25/الفصل الثالث) حددت المحكمة الخاصة لجرائم دارفور ، وانها يجب ان تتكون خلال (90 يوما) من توقيع الإتفاق ، وتستمر لمدة (10 سنوات) مالم تنجز مهامها قبل ذلك. ويصاحب انشاء هذه المحكمة الخاصة انشاء نيابة عامة خاصة. اما القانون الذي يجب ان تطبقه هذه المحكمة الخاصة هو القانون الجنائي السوداني الساري. وهنا تجدر الإشارة الى ان القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 قد تم تعديله في سنة 2009 باضافة الباب الثامن عشر (الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم الخاصة بالحرب) وهو الباب الذي يحتوي المواد (186-192). ومن اليات العدالة الإنتقالية كما تم الإتفاق عليها في اتفاق سلام مسار دارفور 2020 هو مسألة العفو العام والحصانة (المادة 26 /الفصل الثالث) ومسألة تخليد الذكرى (المادة 27/الفصل الثالث).
كبر
|
Post: #26
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 06-23-2021, 03:49 PM
Parent: #1
2/ التعويضات وجبر الضرر:
ولقد تم تناول هذا الأمر بالتفصيل في الفصل الرابع من الباب الثاني المتعلق باتفاق سلام مسار دارفور 2020. ولقد تم توضيح المبادئ العامة ، الإجراءات المتعلقة باثبات الضرر ، وانشاء صندوق خاص بهذه التعويضات خلال (90 يوما) من التوقيع النهائي على الإتفاق. وقد اشتمل الفصل الرابع على عدة مساءل ، منها مبادئ عامة (المواد:1-10) التي تحدد حقوق الأفراد والمجتمعات في المطالبة بالتعويض وجبر الضرر بسبب النزاع في دارفور. وتفصل المادة (11) من نفس الفصل ، الحقوق المتعلقة بالتعويضات ورد الحقوق وجبر الضرر. وتتحدث المادة (12) من نفس الفصل عن تأسيس صندوق التعويضات وجبر الضرر بسبب النزاع في دارفور. لقد اثبتت المواد (1 ، 3) من الفصل الرابع حقوق ضحايا النزاع في دارفور في الوصول الى أليات العدالة والإنصاف ، والحصول على تعويضات لجبر الأضرار التي لحقت بهم جراء النزاع في دارفور ، وأن مثل تلك الحقوق مكفولة للأفرااد والمجتمعات على حد السواء.
وبموجب نصوص هذا الفصل ، فلقد وضحت المادة (10/الفصل الرابع) من هم ضحايا النزاع في دارفور ممن يحق لهم المطالبة بالتعويض وجبر الضرر ، حيث تقرأ: (م.10:لأغراض اتفاق السلام ، يقصد بضحايا النزاع في دارفور: 1/ الأفراد والجماعات المتأثرة بالنزاع في دارفور ، بمن فيهم الناجين والناجيات من الإغتصاب وضحايا الإصابات الجسدية ، العقلية أو النفسية ، او الذين فقدوا ممتلكاتهم ، أو تعرضوا لإنتهاكات حقوقهم الأساسية ، 2/ الأطفال فاقدي السند ، 3/ الأطفال غير المصطحبين ، 4/ الأطفال المنفصلين ، 5/ افراد الأسرة المباشرين ، أو الذين يعولهم الشخص الذي عانى من الأذى على النحو الموصف في البند 10/1. 6/الأشخاص غير المقاتلين الذين تعرضول للأذى اثناء تدخلهم لمساعدة اشخاص واقعين في محنة او لمنع تعرضهم للأذى. ) وقد تناولت المادة (11) من الفصل الرابع :الحقوق المتعلقة بالتعويضات ورد الحقوق وجبر الضرر. وقد حددت المادة (11) البند (2) نطاق جبر الضرر بالنص علي (يشمل جبر الضرر ، على سبيل المثال لا الحصر ، الحق في الحصول على تعويض عن ممتلكات مفقودة ، وسبل كسب العيش المفقودة ،و حالات وفاة في الأسرة ، والإصابات الشخصية والصدمات أو الأضرار سواءا كانت نفسية وبدنية ناتجة عن النزاع في دارفور.). وقد منحت المادة (11) البند (8) الفقرة (2) النازحين واللاجئين والمهجرين ، الحق في المطالبة بالتعويض وجبر الضرر ، غض النظر عن اختيار تلك الفئات العودة الى مواطنهم الأصلية ام لأ. وتناولت المادة (12) من الفصل الرابع ، وبنودها وفقراتها مسألة تأسيس صندوق التعويضات وجبر الضرر.واشارت المادة (12) البند (4) الى ضرورة ان تكون نسبة النساء 40% على الأقل في تشكيل الهيكل الوظيفي للصندوق. ووضحت المادة (12) البند (8) الفقرات (1-4) وسائل الإثبات التي يمكن استخدامها لإثبات حدوث الضرر الموجب للتعويض بسبب النزاع في دارفور ، سواءا كانت مستندات أو شهادات شهود.وقد فصلت المادة (12) البند (9) الفقرات (1-5) انواع التعويضات وجبرر الضرر مثل التعويض النقدي ، اعادة التاهيل الطبي والنفسي ، المساعدة القانونية والخدمات الإجتماعية ، اقامة النصب التذكارية ، وأي انواع اخرى من التعويضات.ونصت المادة (12) البند (13) على مسألة تمويل صندوق التعويضات والذي يجب ان يكون هذا التمويل من صندوق دعم السلام والتنمية المستدامة في دارفور والذي يجب ان يمتد الى عشرة سنوات. كما اشارت المادة (12) البند (14) على وسائل تمويل اخرى لصندوق التعويضات وجبر الضرر مثل جواز تلقي المساعدات من المنظمات الوطنية والإقليمية والدولية وغير الحكومية.
كبر
|
Post: #27
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 07-03-2021, 04:15 PM
Parent: #1
3/ النازحون واللاجئون:
وفي الفصل الخامس من الباب الثاني (مسار سلام دارفور) تم تفصيل بعض من اجراءات واليات العدالة الإنتقالية فيما يتعلق بالنازحين واللاجئين. ويبدا هذا الفصل بتعريفات بعض المفاهيم مثل (النازحون) ، (اللاجئون) ، و(المقيمون في ارض الغير). ثم يوضح مبادئ عامة تم الإتفاق عليها من قبل الأطراف الموقعة على الإتفاق. وتناول الفصل الخامس من الباب الثاني ، عدة قضايا مثل: حقوق الملكية والسكن والتعويض ، الظروف الملائمة للعودة ، المساعدات الإنسانية ، ترتيبات التوطين واعادة التوطين ، الدعم الدولي ، تكوين مفوضية النازحين واللاجئين ، اهداف ترتيبات اعادة التوطين. الجدير بالذكر أن هذا الفصل يتحدث فقط عن النازحين أو اللاجئين من سكان دارفور ، وبالتالي كل الترتيبات هي تتعلق بهذه الفئات من الشعب السوداني ، وليست لها علاقة مثلا بترتيبات مشابهة تخص النازح أو اللاجئ من النيل الأزرق أو جنوب كردفان/جبال النوبة.
4/ تنمية قطاع الرحل والرعاة باقليم دارفور:
وكما اشرنا سابقا ، فان هناك مسائل تتعلق بترتيبات العدالة الإنتقالية بصورة غير مباشرة ، وقد تم تفصيلها في اتفاق مسار سلام دارفور في الباب الثاني من اتفاقية جوبا لسلام السودان 2020. ومن الترتيبات غير المباشرة الإلتفات لمسألة مهمة تخص اقليم دارفور وهي مسألة (تنمية قطاع الرحل والرعاة باقليم دارفور).والسبب في هذه المعالجات الخاصة أن معظم النزاعات في دارفور تبدأ باحتكاكات ومواجهة بين الرعاة والمزارعين.والإتجاه العام هو ضرورة الإلتفات لهذه القطاعات والعمل على تنميتها ومحاولة خلق فرص الإستقرار ، عبر تجمعات مستقرة ، للرحل والرعاة. وتم تناول هذا الأمر في الفصل السادس من الباب الثاني في اتفاقية جوبا لسلام السودان ، حيث تناول الفصل السادس عدة قضايا : مبادئ عامة ، ضرورة تكوين مفوضية قطاع الرحل والرعاة ، تحديد استراتيجيات لمعالجة قضايا بعينها تخص الرحل والرعاة.
كبر
|
Post: #28
Title: Re: العدالة الإنتقالية في السودان: التحديات �
Author: Kabar
Date: 07-03-2021, 04:18 PM
Parent: #1
5/ الأرض والحواكير:
تناول الفصل السابع من الباب الثاني في اتفاقية جوبا لسلام السودان 2020 ، واحدة من معالجات العدالة الإنتقالية ، ويتحد الفصل السابع عن ملكية الأرض والحواكير في دارفور. ويتناول الفصل السابع قضايا مثل المبادئ العامة التي تحكم اطراف الإتفاقية في هذا الموضوع ، وحدود دارفور التأريخية ، والحق في استرداد الأرض ، وضرورة تكوين مفوضية الأراضي والحواكير في دارفور واختصاصات وصلاحيات مثل تلك المفوضية ، والتمويل لتلك المفوضية.
6/ وقف اطلاق النار الدائم والترتيبات الأمنية النهائية:
المعروف في معظم تجارب السلام التي تعقب نزاعات مسلحة ، ان تكون هناك ترتيبات تتعلق بجيوش الأطراف المسلحة وكيفية توفيق اوضاعها في مرحلة السلام.وفي هذا المنحى فان واحدة من اهم اليات العدالة الإنتقالية تأسيس برامج تتعلق بكيفية نزع سلام المقاتلين ، وتسريح البعض ، ودمج البعض في مؤسسات مختلفة بما فيها مؤسسات القوات النظامية (جيش ، شرطة ، استخبارات..الخ). ولقد تم معالجة تلك القضايا في الفصل الثامن من الباب الثاني في اتفاقية جوبا لسلام السودان ، وذلك بتناول القضايا المتعلقة بجيوش حركات الكفاح المسلح في دارفور. ولأن مثل هذه الترتيبات تتميز بانها ترتيبات فنية ودقيقة ، سوف نتحدث عنها عن الوجوه العامة لما تحقق في الإتفاق. يتناول الفصل الثامن ، مساءل وقف اطلاق النار الدائم والترتيبات الأمنية النهائية. ويبدأ الفصل بـ (ديباجة) ، وتعريفات لبعض المفاهيم مثل (دارفور ، التجميع ، المقاتل ، حفظ السلاح ، نوع السلاح ، التسريح واعادة الدمج ، والدمج). ويتحدث الفصل الثامن ايضا عن الأحكام العامة والمبادئ التوجيهية ، والغرض والأهداف ، تحديد الأطراف ، المبادئ التوجيهية للترتيبات الأمنية النهائية واصلاح وتطوير القطاع الأمني ، مراحل الترتيبات الأمنية النهائية (4 مراحل) ، وقف الأعمال العدائية ، وأليات الرصد والتحقق من وقف الأعمال العدائية.
كبر
|
|