الفاتح جبرا .. في ذمة الله
نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب د. الفاتح يوسف جبرا فى رحمه الله
|
Re: شيطان تفاصيل الترتيبات الأمنية (Re: اسماعيل عبد الله محمد)
|
المقاتل العشر في الترتيبات الأمنية باتفاقية جوبا للسلام في دارفور بقلم حيدر بابكر المشرف 27 أكتوبر 2020
يقولون في الأثر أن مقتل الرجل بين فكيه، ولهذه الاتفاقية في جزئية الترتيبات الأمنية عشر مقاتل!!! الذي قد لا يفهمه الكثيرون أن الترتيبات الأمنية في هذا الاتفاق فوق الدستوري من شأنها أن تحتوي على قدر هائل من السلطة التنفيذية على الأرض، لا سيما إذا اخذنا الطبيعة الهجينة للسلطة في السودان خلال الفترة الانتقالية باعتبارها شراكة عسكرية/مدنية. ذلك مدخل ضروري جدا لفهم أهمية هذه الترتيبات. وبمقاربة عسكرية احترافية لهذه الترتيبات نجد أن هذه الترتيبات قد اشتملت على عشرة مقاتل من شأنها جعل هذا الاتفاق المهم والحيوي جدا لمستقبل السودان عرضة للفشل في حيز التطبيق الفعلي في الواقع شديد التعقيد للفترة الانتقالية. هي اذن نقاط حرجة في الاتفاقية، والنقاط الحرجة لا تصل عادة الى مستوى مركز ثقل الازمة ولكنها يمكن ان تؤدي اليه. ومركز ثقل الازمة هنا هو فشل اتفاق السلام الذي يعول عليه الجميع وبخاصة أهلنا في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة ومن شأنه ان يرفع المعاناة الطويلة والتجارب المريرة. المقتل الأول (تغييب المجتمع الدولي والإقليمي) من اهم النقاط الحرجة في تقديري هو تغييب المجتمع الدولي والإقليمي من الاتفاق, وبغض النظر عن ان الاتفاق هو مصدر ترحيب دولي ولكنه خلا من شركاء الايقاد ومن منظمة السلم والدفاع الافريقي ومن الجامعة العربية ومن أوروبا وامريكا والدول العربية صاحبة التجربة مثل مصر وقطر. والجدير بالذكر ان مجرد وجودهم كمراقبين فقط لا يعني الالتزام الكامل بما تم التوقيع عليه ودفعه للامام وحمايته من الانزلاق. والإجابة حتما ستكون لا اذا ما كان السؤال المطروح كالآتي: هل استطاع الإتفاق ان يحدد الطريق نحو حشد المجتمع الإقليمي العربي والافريقي والدولي والأمم المتحدة للمشاركة في التنفيذ عبر مؤسسات مثل اليونسكو وغيرها؟.. والاجابة هي بلا النافية دونما شك. المقتل الثاني (تمويل عملية السلام) بعد فقد الدعم الاممي تم اسناد مهمة التمويل للجانب الحكومي كما في الفقرة (33.5.13) والفقرة (33.5.14 ). ومن المعلوم بالضرورة الوضع الاقتصادي الكارثي في السودان والتكلفة المالية العالية للترتيبات الأمنية, ولربما يخطيء عامة الناس في تقدير هذه التكلفة الهائلة لعمليات دمج وتسليح وإمداد وإدارة وتسليح جيوش الحركات المسلحة. ناهيك أن الاتفاقية تضمنت عملية تقييم ومن ثم شراء كامل القدرات التسليحية للحركات المسلحة ودفع القيمة كاملة لقيادة هذه الحركات. المقتل الثالث (اهمال التخطيط السليم للعمل التنسيقي مع البعثة الأممية المرتقبة) لا يوجد اطار مناسب في الاتفاقية لبروتوكول اعادة السلام الذي ستوقعه الحكومة مع بعثة الأمم المتحدة القادمة. لا شيء سوى الفقرة35 والتي تتحدث عن مهام الوسيط والضامنين والبعثة الأممية القادمة في يناير المقبل. بينما كان من المجدي والعملي والواقعي الاعتماد مباشرة على بعثة السلام الاممي في توفير الدعم الفني والمالي في قضايا النازحين واللاجئين. وأيضا في مسالة إعادة دمج المقاتلين في المجتمع المدني والتركيز على الجوانب العسكرية وخلق ارتباط بين هذه البعثة والانفتاح الأمني للسيطرة ولجان وقف اطلاق النار وتحديدا في المرحلة الحرجة بعد الدمج وفك الارتباط واعادة الانتشار كما في وثيقة الدوحة المادة 66 المقتل الرابع (خفوت مرجعية ثورة ديسمبر) وهذه ملاحظة جديرة بالاهتمام, هذا الاتفاق في كل مستوياته لم يأتي على ذكر ثورة ديسمبر المجيدة. ولم يأتي على ذكر شهدائها ضمن الشهداء الذين عددهم في الفقرة الاخيرة من الديباجه والتي صيغت كآلاتي (واعترافا بالدور الكبير الذي قام به شهداء القوات المسلحة والدعم السريع والاجهزة الامنية وقوات الكفاح المسلح). بالمقابل تم ذكر هؤلاء الشهداء في اتفاق المنطقتين في جزئية الترتبات الامنية واشار لمرجعية ثورة ديسمبر المجيدة في بناء السودان الحديث
المقتل الخامس (التغول على مهمة اصلاح وتطوير المؤسسة العسكرية ) واتحدث هنا عن المادة 30 وتفريعاتها. ان وجود هذا النصوص يتعارض تماما مع فكرة التحديث والتطوير القائمة على ضرورات قومية منها السياسي والاقتصادي والجيوسياسي كما هنالك ضرورات فنية في قضايا مثل التسليح والتنظيم والمعدات الجديدة والتحالفات. ولهذا فان هذه القضايا ليست محل اتفاق واختلاف لتأتي في بنود اتفاقية معنية بشأن إقليمي له قضاياه الملحة واهم ما يعنيه هنا هو قومية الجيش وتطويره الى مؤسسة قومية للجميع. هنا تدخل الاتفاقية فيما لا يعنيها. وما لفت نظري فعلا هي الفقرة الفرعية 33.4.6 وتنص على ان تكون العقيدة العسكرية في مجال التطبيق وفقا للسياسة التدريبة بالمعاهد العسكرية ومراكز التدريب. وهذا مدهش بالفعل لان العقيدة العسكرية (كما في مفكرة الحرب الامريكية مثلا) تقطر خلفها عشرات المفاهيم التعبوية والعملياتية والإدارية واللوجستية والاستخباراتية, وهي ذات طبيعة سلطوية ولا يمكن ان تتماهى مع احدى توابعها مثل السياسة التدريبية ان اسناد مهمة التخطيط لتطوير القوات المسلحة الى المجلس الاعلى المشترك لهو تغول على مهمة القوات المسلحة في التطوير وفقا للتجربة والخبرة والمهام. المقتل السادس (عدم افساح مجال بصورة واضحة لادماج الحركات المسلحة الأخرى في الاتفاق) حددت الفقرة الأولى من الديباجة أهمية الشمول واشراك الاخرين من مجموعات مسلحة وقوى سياسية ومجتمع مدني لتصبح جزءا من عملية السلام وصون الاتفاقية والمشاركة في العملية السياسية ولكن ما لم تكن هناك نصوص واضحة بالمسئوليات والواجبات والحقوق لكل الأطراف لن يكون هناك سلام. وعلينا توفير مساحة في كل الاتفاقيات لافساح مجال للحركات الأخرى للانضمام. والنص الوحيد الملزم هنا هو ما ورد في الفقرة في الفقرة الاولى من الديباجة المقتل السابع (الاستيعاب, حساسية الرتب والمناصب) ان الفقرة 15/26 تشير لمعايير دمج الافراد. والفقرة 16/26 تشير لمعايير اختيار الضباط وهي معايير هشة. فاذا اردنا جيشا حديثا وقادرا فعلينا ان لا ننزل بمستوى الاختيار الى مستوى معرفة القراءة والكتابة للضباط او اللياقة البدنية للافراد. بل علينا ان نرتفع بمستوي الضباط والافراد لمستوى مقارب من القوات المسلحة مع بعض الاستثناءات. انظر الى خطة الدمج في اتفاقية الدوحة والتي اشترطت للضباط الحصول على الشهادة الثانوية كحد ادنى الا من بعض الاستثناءات (الفقرة 457). والفقرة 458 من اتفاقية الدوحة حددت ان عدد الضباط يجب ان يتناسب مع عدد الافراد الذين يتم دمجهم بينما خلت هذه الاتفاقية من أي ذكر لهذا الامر كما ان الفقرة 461 (اتفاقية الدوحة؟) قد حددت المعايير التي يتم بها تحديد الرتب وهي العمر والتدريب والخبرة القتالية والمؤهلات الاكاديمية كما حددت ان لضباط الجيش والشرطة السابقون ممن التحقوا بالحركات المسلحة ان يعادوا للخدمة برتبهم السابقة ثم يرفعو الى رتبة دفعهم بعد التأهيل والشروط. ان هذه الاتفاقية للأسف اهملت هذه الشروط مثلما اهملت الاعداد التي سيتم استيعابها وتركها للتقديرات وربما الاهواء. المقتل الثامن (القيادة والسيطرة في المستويات العليا) اللجنة العسكرية العليا المشتركة هي اعلى آلية في تسلسل انفاذ الاتفاق من التوقيع عليه حتى اكمال عملية الدمج, وتضم في عضويتها عسكريين من الطرفين ويترأسها عسكريان برتب برتب كبيرة وعدد من المنظمات ذات الصلة مثل منظمة العون الإنساني وال (دي دي آر) وممثل عن الوساطة ودولة تشاد والاتحاد الافريقي واي طرف آخر. ان هذه اللجنة هي المماثل للجنة اتفاقية الدوحة المسماة باللجنة المشتركة حسبما باتفاقية الدوحة الفقرة 65. وللمقارنة في عضوية اللجنة في اتفاقية الدوحة كانت تضم الممثل الخاص لليوناميد رئيسا , دولة قطر, ممثلين عن كل جانب , جامعة الدول العربية , الاتحاد الأوروبي , الشؤون السياسية لليوناميد وكندا والصين والنرويج كمراقبين ولعل من المدهش ان كل اللجان في اتفاقية جوبا بدءا من لجنة وقف اطلاق النار الدائم وحتى الفرق مرورا بالقطاعات يراسها قائد اممي (طرف ثالث) بينما تتربع في القمة لجنة عسكرية!!.. الأمر الذي يعكس عدم التجانس والتوافق
المقتل التاسع (المجلس الأعلى المشترك "قميص عامر" المادة 26.6 ) لجنة يرأسها القائد العام وتضم في عضويتها قائد الدعم السريع ووزراء الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة الأمنية والشرطة ورئيس الأركان مع وجود ممثلين لقوى الكفاح المسلح تم تفصيل هذه اللجنة على مقاس القائد العام او نائبه. وعادة يراعى في مثل هذه الأمور الاستمرارية باعتبار المتغيرات وتقلباتها. فلو قالوا رئيس مجلس السيادة او القائد الأعلى لمرت, ولو تركت لمجلس الامن والدفاع لقلنا خيرا رغم انه مجلس قومي ويناقش أمهات القضايا. كما انه ومن ناحية تراتبية يعتبر وزير الدفاع اقدم من القائد العام بغض النظر عمن هو القائد العام او وزير الدفاع.
اقترح الغاء هذا المجلس وترك الامر لمجلس الدفاع والامن الوطني. واقترح كذلك تشكيل لجنة مصغرة للتعامل مع القضايا العاجلة ذات الطبيعة العسكرية او الأمنية الخاصة. وتماما كما يحدث في إسرائيل وما يسمى بمجلس الامن الإسرائيلي المصغر. (راجع اتفاق نيفاشا الفقرات 15 و 16 و 216) وكما هو في اتفاق المنطقتين
المقتل العاشر (قوة حفظ الامن بدارفور .. قوة حفظ امن أم مشروع دعم سريع آخر) قوة مشتركة بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة للقيام بالمهام التي كان تقوم بها قوات اليوناميد. وذلك بجانب تأمين اعمال الدفاع المدني والامن الداخلي وحماية المعسكرات والسيطرة على الاعتداءات وتتكون من 12 الف مقاتل على ان يتم ذلك بعد 90 يوما من التوقيع بواقع 6 الف مقاتل من القوات المسلحة والشرطة والدعم السريع والمخابرات و 6 الف مقاتل من الحركات المسلحة. كما يمكن زيادتها في حالة الضرورة. وتعمل لمدة 24 شهرا قابلة للزيادة.. في الاطار القانوني تم تحديد ان هذه القوة تعمل وفقا لقانون القوات المسلحة لسنة 2007 والمعدل 2013 . اذن هي قوة تعمل بقانون القوات المسلحة وتتبع لها ومع ذلك تعمل بصورة مباشرة مع المجلس الأعلى المشترك وترفع تقاريرها اليه كما ورد في المادة 29.9. كما وانها تعمل بتنسيق مع لجان الامن المختلفة على مستوى الولايات ولا تخضع لها. كما وان من الواضح ان لا علاقة لها بالقيادة الغربية رغم تقارب الاختصاصات. ان هذه القوة تعمل في منطقة مسؤولية فرق القطاع الغربي ومناطق المسؤولية لا تحتمل الازدواجية في المهام والمسؤوليات ويعتبر الامن مهمة موروثة inherited mission لهذه القيادات خاصة وان هذه القوة لا تعمل ضمن التسلسل القيادي وتعبر مستوى الاقليم والقوات المسلحة الى مستوى رأس الدولة رغم انها تعمل بقوانين القوات المسلحة ونظم امدادها وادارتها.
تلك هي المقاتل العشر في جسد الترتيبات الأمنية لاتفاق سلام جوبا. ونحن اذ نشير اليها لا نغفل المجهود العظيم الذي بذله المفاوضون ولكن اتفاقيات السلام (وخاصة الترتيبات الأمنية) غالبا ما تكون متاحة للتصويب والنقد. بل ومن المفيد ذلك, ولهذا غالبا ما تشمل الاتفاقيات فقرة تسمح بالمراجعة والتعديل مع تحديد الجهة المناط بها القيام بذلك. وقد فطن مشرعو نيفاشا الى أهمية المراجعة وآلياتها, فالفقرة الثالثة من الاتفاق تتيح للقيادة السياسية العليا اجراء أي تعديلات بتوجيه من اللجنة السياسية. كنت أتمنى لو كان في اتفاقية جوبا شيئا مماثلا!.. وأيا كان الوضع فان هذه الاتفاقيات, وهذا الجهد, يجب ان لا يضيع هباء. بيد انه لا يمكن ان يمر دون مراجعات لانه تجاوز معادلة الشمال والجنوب كما في نيفاشا, ودارفور والمركز كما في وثيقة الدوحة. تجاوز ذلك لكامل السودان وكيف يحكم؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: شيطان تفاصيل الترتيبات الأمنية (Re: محمد حيدر المشرف)
|
شكرا أ. المشرف على التشريح الوافي لاتفاقية جوبا
Quote: هل استطاع الإتفاق ان يحدد الطريق نحو حشد المجتمع الإقليمي العربي والافريقي والدولي والأمم المتحدة للمشاركة في التنفيذ عبر مؤسسات مثل اليونسكو وغيرها؟.. والاجابة هي بلا النافية دونما شك. |
ونسال معك وهل حشدت الاتفاقية رايا عاما داخليا حتى تستطيع ان توفر لها حشدا خارجيا ؟ وعلى قولة الذي قال " اول مرة اتفاقية سلام تنذر بحرب !!" يُحكي عن المفاوضات ان الفريق جمال عمر عضو المجلس السابق ووزير الدفاع ( يرحمه الله ) إعترض على كل بنود الترتيبات العسكرية كعسكري بروفشينال عندما جاءته كمسودة وقبل ان تصبح واقعا ثم حدث ما حدث
| |
|
|
|
|
|
|
|