بطاقات مشعثة (19)‏

بطاقات مشعثة (19)‏


02-06-2021, 11:28 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1612607297&rn=0


Post: #1
Title: بطاقات مشعثة (19)‏
Author: Moutassim Elharith
Date: 02-06-2021, 11:28 AM

10:28 AM February, 06 2021

سودانيز اون لاين
Moutassim Elharith-
مكتبتى
رابط مختصر



بطاقات مشعثة (19)‏
‏6 فبراير 2021‏
معتصم الحارث الضوّي


‏(1)‏
شرعتُ في القراءة: تخرج "ص" من جامعة هارفارد بدكتوراة تسد عين الشمس، وعاد إلى السودان. ذات ‏جمعة، وبعد وليمة "الكرامة" اتكأ خاملا، ثم "دردم" سفّة عملاقة، اتبعها ببصقة ضخمة كادت تصيب ‏أرجل الضيوف في مقتل، ثم قال وهو يمسح لعاب السعوط بطرف جلابيته: عليّ الطلاق بالثلاثة ‏الطهارة الفرعونية زيها مافي وبتحفظ بناتنا!‏
أشار ساخروف بصوت مبحوح وهو يغالب القيء: ليه كده يا أخي؟!‏

‏(2)‏
بحثتُ عنها في أضابير وزارة العمل، ونقّبتُ في رئاسة مجلس الوزراء، وسألتُ في وزارة المالية، وذهبتُ ‏إلى وزارة الطاقة، وتسللتُ إلى وزارة...‏
قاطعني ساخروف بسأم: ياخي مش مفردة "استراتيجية"، والله ما حتلاقيها!‏

‏(3)‏
بدأتُ الكتابة: إن ظاهرة تسرّب المستندات والوثائق الرسمية، ونشرها على الملأ لتُعبّرُ عن شرخ في ‏التربية الوطنية وخلل أمني شنيع وعدم إدراك لمتطلبات...‏
تلصص ساخروف ليقرأ ثم صرخ مرتعبا: الخوف يطلعوا قسيمة زواجي من المرأة الثانية!!‏

‏(4)‏
البعض يتحدث عن التنمية المتوازنة، وفئة ثانية عن إعادة المهجّرين إلى مناطقهم الأصلية، وثالثة...‏
قاطعني ساخروف: لن تتحقق تلك الأهداف دون إحصاء شامل للسكان والموارد الطبيعية. حنعيد ونزيد ‏زي أم كلثوم لحد امتى؟!‏

‏(5)‏
كنتُ استمعُ في جذب صوفي إلى "يا حبيبا قد تناسى.. بعد ما كان وفيا"، فإذا بساخروف يقتحمُ نشوتي ‏قائلا: ياخي سيبك من الكلام ده واسمع الأغنيتين ديل. دي أغنية أم شبتو الكونية "وعدتني بصحن ‏كمونية.. لو ما عرستني إن شاء الله يكتلوك في الضبطية"، وأغنية أم جُركُم الكوكبية "تعال يا سجم ‏الرماد.. يحرق قلب أمك يا الكاتلني بُعاد"...‏
في تلك اللحظة ابتعد ساخروف خائفا عندما رآني أبحثُ عن سلاح أبيض.. لأخُرسه إلى الأبد. ‏

‏(6)‏
لم يأتِ تطور الغربيين عبثا، فعندما اكتشفوا عبثية الحروب وأثمانها الباهظة، سارع المفكرون لاجتراح ‏مبادئ العقد الاجتماعي ودولة المواطنة، وتحوّلت مقولاتها الرئيسة إلى جزء من العقل الجمعي، ولذا ‏فإن السلوك المتخلف مستهجن حتى في أبسط مظاهره.‏
غاب ساخروف في سحابة من التفكير العميق وأخيرا نطق: فاتك القول إن السبيل الأمثل للتغيير في ‏حالتنا هو إعادة صياغة العقل الجمعي؛ عبر التعليم والثقافة والفن الهادف والرياضة والإعلام ومنظمات ‏المجتمع المدني.‏

‏(7)‏
أبو العُرّيف: يُفتي في جراحة المخ والسياسة، والنانوتكنولوجي والفقه الدستوري، وزراعة الأعضاء ‏والاقتصاد الكُلي، واللطيف أنه لا يفقه أيا من تلك العلوم! لو ركز كل منّا في مجاله وأبدع فيه (كما ‏نفعل خارج البلاد) لارتقينا المعالي.‏
تأملني ساخروف وقال: عارف حاجة. أول مرة اتفق معك!‏

‏(8)‏
إذا أتينا بطبيب ليدير الإعلام، وعطشجي ليدير الاقتصاد، وإعلامي ليدير الزراعة، وحدّاد ليدير القضاء، ‏ومُعلّم ليدير الصناعة، وراعي ليدير الطرق والكباري، وتشكيلي ليدير الري، ومزارع ليدير الآثار، ‏ومهندس ليدير الداخلية، فما النتيجة؟
اشتعل اللهب في عينيّ ساخروف وهو يجيبني: حتكون شنو يعني؟! هي حكومتنا السنية بشحم أهلها ‏وهزال أهلنا!‏

‏(9)‏
إذا لم يسطع ضوؤنا
في عتمة الليل السرمدي
لشعر ساكنو السماء
أن الأرض سيخبو نورها
‏***‏
انظري إلينا أيتها الحرية
واعلمي أننا شعبُك..‏
وعندما يجبُنُ الآخرون عن ذرف الدموع
فإننا بالدم ندفعُ القرابين!‏

أبيات مترجمة من قصيدة "أوروبا صامتة.. مرة أخرى" للشاعر المجري العظيم شاندور بتوفي ‏Petőfi ‎Sándor‏ (النص الأصلي أدناه).‏

Európa csendes, ujra csendes...

Ha a mi fényünk nem lobogna
A véghetetlen éjen át,
Azt gondolhatnák fönn az égben,
Hogy elenyészett a világ.

Tekints reánk, tekints, szabadság,
Ismerd meg mostan népedet:
Midőn más könnyet sem mer adni,
Mi vérrel áldozunk neked.