بطاقات مشعثة (17)‏

بطاقات مشعثة (17)‏


01-17-2021, 08:23 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1610911418&rn=0


Post: #1
Title: بطاقات مشعثة (17)‏
Author: Moutassim Elharith
Date: 01-17-2021, 08:23 PM

07:23 PM January, 17 2021

سودانيز اون لاين
Moutassim Elharith-
مكتبتى
رابط مختصر



بطاقات مشعثة (17)‏
معتصم الحارث الضوّي
‎17‎‏ يناير 2021‏


‏(1)‏
هل يجوز محاكمة المبدع في غير معترك الابتكار والتفرّد؟ هل لنا الحق في إقصائه، بل وتجريده من ‏المحاسن كما يحلو للبعض، إن اختلف معنا في الانتماء الإيديولوجي، أو التوجه السياسي؟
المسألة نسبية تتفاوت حولها الآراء، وربما اختلفت حيثياتها لدرجة تجعل الأقرب إلى المنطق التزام هذا ‏الرأي أو ذاك، وتكمن المشكلة في تحوّل المسألة إلى سبب لجدل صاخب بلا نهاية، خاصة في ‏مجتمعنا السوداني الذي يؤمن بالقطبية المطلقة والمعادلات الصفرية.‏
قرأ ساخِروف ما كتبت، فأضاف إلى نهاية النص: والهلال والمريخ أكبر أمثلة على المعادلات ‏الصفرية!‏

‏(2)‏
ذهب نظام القتلة واللصوص (البعض يسميه الإنقاذ) غير مأسوف عليه، ولم تعد الطيور المهاجرة إلى ‏أعشاشها!‏
هنا تساؤل في غاية البراءة: رغب الآلاف منهم العودة وتقديم مصلحة الوطن على دعة العيش ورغده. ‏لماذا لم تستوعب حكومتنا السنية تلك الكفاءات التي نُفاخر بها الأمم؟!‏
حدجني ساخِروف بنظرة ممتعضة وقال: يبدو أنك طال عليك الأمد فنسيتَ موضوع الواسطة!‏

‏(3)‏
حسب علمي المتواضع، وأتمنى صادقا أن أكونَ مخطئا؛ لم يلتفت مسؤول في حكومتنا السنية لضرورة ‏مراجعة النظام الإداري والتنفيذي في الخدمة المدنية، والذي لم يشهد تطورات تُذكر –مع استثناءات ‏نادرة- منذ قلم الكوبيا ودفاتر الباشكاتب الضخمة التي يتطلب حملُها عُصبة من رافعي الأثقال.‏
يعلم أي طالب مبتدئ في علوم الإدارة أن مفتاح النجاح في الإدارة العامة يكمن في التأسيس لنظام ‏يقوم على وضع الإجراءات وتعريفها القياسي، وتفعيل نظام مُحكم للإدارة والمراقبة والمتابعة والمساءلة، ‏ثم المعاقبة أو المكافأة، مصحوبا بالتقييم المستمر والتطوير بلا انقطاع.‏
دعوني إذن أتساءل: هل عدم الشروع في مراجعة شاملة للنظام الحكومي بسبب الكسل أم عدم الخبرة أم ‏ضيق الأفق أم عدم الالتفات لأهمية الأمر أم ماذا؟!‏
لا يتحججن أحد بضعف الموارد، فمراجعة شاملة للنظام الإداري الحكومي تتطلب خبرات بشرية لدينا ‏منها ما يسد عين الشمس، وسيتطوع الكثيرون حتما عندما يدق نداء الوطن. أما المتطلبات الأخرى فقد ‏لا تتعدى تكلفتها الإجمالية مليون دولار.‏
قفز ساخِروف قائلا: هيع.. افتتحُ التطوع بألف دولار!‏

‏(4)‏
ثمة أناس تتمنى لو كنتَ تعرفهم منذ الطفولة، وصنف آخر لا يستحق إلا الحذف من قائمة ‏الاتصالات!‏
طبّقتُ هذه المقولة مؤخرا، فحذفتُ قرابة الثلاثمئة شخص من قائمة اتصالاتي، ولا أخفيكَ سرا، شعرتُ ‏بأن هاتفي المحمول قد نقص وزنه –معنويا- وحتى أنا ألقيتُ عبئا ثقيلا عن كاهلي.‏
ثمة أناس أشبه بالوزن الزائد عند السفر؛ يتطلب بقاؤه دفع مبلغ إضافي عند كاونتر الشحن، وفي معظم ‏الأحيان يكون سعره الأصلي أرخص من تكلفة الشحن!‏

‏(5)‏
من الآثار الكارثية لضعف النظام الإداري الحكومي إحجام المستثمرين، بمختلف فئاتهم، عن ولوج ‏السوق المحلية، لأنهم أولا يجهلون الإجراء الحكومي، وثانيا لا يثقون بالأداء الحكومي حيث تفسير ‏القوانين واللوائح وتطبيقها متروك لمزاج المسؤول الفلاني ورضا الموظف العلاني، وثالثا لأن القوانين ‏واللوائح عُرضة للتغيّر حسب أهواء الوزير الفلتكاني ومصالحه السياسية والمالية، ورابعا لأن الإجراء ‏الحكومي يستغرق أبد الدهر ويتطلب صبر أيوب!‏

تأمل يا رعاك الله كيف ستغدو الأحوال إن رُوجعت قوانين الاستثمار ولوائحه، مصحوبة بتغيير في ‏النظام الحكومي. ستكون النتيجة استثمارات كبرى في القطاعين الزراعي والرعوي، وفي الصناعات ‏التحويلية، والطاقة النظيفة، وتدوير المخلفات، والبنية التحتية، والنقل البري إلى الدول الإفريقية...‏
قاطعني ساخِروف: كفاية اقتراحات بالمجان.. على الأقل اكتب رقم حسابك المصرفي لتتسلم "نفحات" ‏تخفف العداء الإيديولوجي مع البنك.‏

‏(6)‏
ذات قديم كان يشيع مصطلح "لو كنتُ المسؤول لفعلتُ كذا وكذا".‏
تذكرتُ هذه العبارة وأنا أفكرُ بعدد الساعات التي يبددها شعبنا، شيبا وشبابا، بين صفحات الفيسبوك ‏ومجموعات الواتساب؛ في حلقة مفرغة لا تفيدهم في معظم الأحيان علما نافعا، أو خبرات ومهارات ‏مفيدة، بل معظمها اجترار لآراء سقيمة في السياسة والاقتصاد.. إلخ، وإعادة تدوير لمخلفات فكرية ‏وشائعات مغرضة.. إلخ.‏
يا أيها الشعب القابع في ربقة الجهل والفقر والمرض: الوقت للعمل والتعلم، وفي ذلك أكبر خدمة ‏لوطنكم.‏
وقف ساخِروف مستنكرا: يا أخي حفّزهم بقولك "ولجيوبكم أيضا". خطابك المثالي بعيد عن الواقع!‏

‏(7)‏
من المعلوم في المهن الطبية أن طاقم الإسعاف لا يُقدّم العلاج الكيماوي لمريض السرطان.‏
إذن، ما بال البعض؛ القافزين إلى المقاعد بمحاصصات فوقية، يتعدون نطاق عمل الفترة الانتقالية ‏‏(لغير الناطقين بها: ‏mandate‏) ليُلزمونا قوالب جامدة يريدونها أبدية، ويُسطّروا لأجيالنا القادمة ‏مصيرها الآن، ناسين أو متناسين أن الشعب، مصدر السلطات، لم يقُل كلمته حتى الآن عبر المجلس ‏التشريعي؟!‏
صححني ساخِروف: اسمها "الفترة الانتقامية" يا أخي!‏