الاية ( حم ) سورة الجاثية

الاية ( حم ) سورة الجاثية


08-18-2020, 10:52 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1597787562&rn=0


Post: #1
Title: الاية ( حم ) سورة الجاثية
Author: بدر الدين العتاق
Date: 08-18-2020, 10:52 PM

10:52 PM August, 18 2020

سودانيز اون لاين
بدر الدين العتاق-مصر
مكتبتى
رابط مختصر



بسم الله الرحمن الرحيم

حول الآية الكريمة : { حم } سورة الجاثية

كتب / بدر الدين العتاق

للأستاذ الدكتور المرحوم / مصطفى محمود ؛ كتابين أصدرتهما دار النهضة العربية بالقاهرة سنة ١٩٧٠ م ؛ يعتبران من قبيل الفلسفة الفكرية أو قل التساؤلات النمطية السائدة منذ فجر الميلاد المجيد للكون وعلى قمته الإنسان ومولده الحادث القديم ؛ فليس هناك أصعب على الإنسان من أن يحيط أو يصل إلى كنه حقيقة ثابتة وناموس طبيعي هي : حقيقتا الحياة والموت .

" لغز الحياة " و " لغز الموت " هما كتابا الدكتور المرحوم/ مصطفى محمود ؛ والتقييم أو التصنيف للكتابين يجئ من خلال الطرح المقدم فيهما من وجهة نظري الشخصية أنهما من قبيل الفلسفة الفكرية أو الإنشاء اللفظي لها ؛ ولك أيها القارئ الكريم أن تصنفهما حسب ما يقع منهما في خاطرك .

لم يثبت حتى الآن من عاش حياة الذر أو مات ( وجهان لعملة واحدة ) فيها فأخبرنا الخبر اليقين وكلما في الأمر يعتبر عند البعض من صنف الغيبيات التي كيفما تناولها الباحث تظل تفتقر إلى اليقين الفكري المحض والنتيجة العلمية التي لاتقبل الشك ؛ كما لك أن تقبل أو ترفض فكرة البعث من جديد بعد الممات أو تقبل الحقيقة التي لا مناص منها وهي مرحلتي الحياة في التكوين - الشهادة - وهذه لا غبار عليها ؛ وبعد البعث - حياة السرمد - ومرحلة الممات أثناء وجودنا الآن على ظهر الأرض ونحن نجرب تجربة فريدة من نوعها وهي الممات الذي لافكاك منه ( وهذه أيضاً لا غبار عليها ) كما كنا أمواتا في عالم الذر .

إذا الإشكال القائم هو قبول فكرتي البعث [ الغبار ههنا ] وحياة الذر من الناحية العلمية والعقلية ؛ فقبل أن أشرع في هذا المجال دعنى أسأل سؤالاً إذا سلمنا جدلاً بقبول الرفض القاطع بكلياته لفكرتي وجود حياة الإنسان في عالمي الذر والبعث هو : كيف ومن أين كان الميلاد الحاضر للإنسان أصلا ؟ والإجابة مفتوحة على مصراعيها ؛ إذا نقطة البدء والانطلاقة لتكوين سلسلة بشرية ممتدة لأكثر من سبعين مليون سنة دون الخوض في قضية إنقسامات الخلية وعمليتي النشوء والإرتقاء ؛ فأنت لا تكاد تصل لإجابة دقيقة ومقنعة وحاسمة ؛ لكن : لنا أن نقول إن النشأة الأولى لنا كانت وفق بث الروح في نواة التكوين الأولى بحيث هي التي جعلت عملية النشأة والتطور والإرتقاء تتكون وفقاً لمعطيات الوقت بالتكوين فيما نطلق عليها إصطلاحا ب" الحياة " ؛ وتعريف الروح : هي الطاقة الكامنة والقوة المحركة للأشياء والأحياء وفي علم العرفان هي : روح الله القدس المبثوثة في الأشياء والأحياء لتدب فيها الحياة ؛ بمعنى آخر : هذا البث الذاتي من الروح القدس هو الذي كون الأكوان بما فيها وما عليها ؛ فأول كائن بشري وجد نفسه على هيئته الإنسانية لم يعر الأمر بالا كما ينبغي له أن ينتبه ويفكر فذهب في لهثه يبحث عن حياته ليحيها أو يحياها بشكل من الأشكال ؛ فغلب السؤال على البشرية المتأخرة لأنها أدق فكرا وبحثا عن ماهية الأشياء وحقائقها فوصل أول ما وصل لطريق مسدود عقلياً ليعرف كنهه الذي جاء منه ولم يجد فتيلا ولا نقيرا ولا قطميرا
فحارب جهله فكره ؛ وفكره جهله ؛ فخلق صراعاً آيدلوجيا وصل به لحد الرفض القاطع لحقيقة الكنه المبثوت منه وهو الروح القدس ؛ الذات الإلهية الواحدة المتفردة بالخلق والتصنيع .

دعني أخاطب العقلية الرافضة لوجود إله من الأصل ؛ فغاية هذه المادة هي مخاطبة المفكرين والمثقفين الملحدين في محاولة لبسط المفاهيم الأساسية في المخيلة الفكرية العالمية الإنسانية وهو ما جاء أعلاه ؛ فأقول وبالله الثقة وعليه التكلان :
نضرب مثلين لفكرتي وجود الإنسان في عالمي الذر والبعث ؛ لنقيس عليهما القبول القاطع بكلياته لحقيقة البعث بعد الموت حياة ثانية ؛ وحقيقة الحياة في عالم الذر ( الإنسان للموت أقرب هناك ) وبث روح الله فينا لنكون في عالم الشهادة الآن [ عالم الشهادة أو الشهود هو الحقيقة التي نتعامل وفقها كمعيار علمي محقق نعيشه ولا يمكن نكرانه بحال من الأحوال أي : وجودنا الآن في الدنيا أو قل : حياتنا اليومية الدنيا فإذا أنكرها من أنكرها فاليبحث له عن كون آخر غير الذي نعيش فيه اليوم فلا حاجا لنا به ولا له بنا حوجا فهو غير معني بهذا البحث ] فحياة البعث إضافة لحالة الذر هما حياتان ؛ وحالة الموت المتعارف عليه الآن بإنتهاء أجل الحياة المعاشة زائداً حالة - حياة - الموات في عالم الذر هما موتتان ؛ فنحن عشنا - رضينا أم أبينا - الحياتان في آن واحد [ حياة الذر هي حالة حياة وموات في آن واحد لكن للموت أقرب ] هناك في عالم الغيب المجيد ؛ بإعتبارها الحياة بشقيها حياة أولى ؛ ونحن مقبلون ومنا من ينتظر على حالة موات - حياة - نراها ولا نرى الثانية رأي عين ؛ ومن هنا كان الرفض القاطع كما سيجيء القبول القاطع - شئنا أم أبينا - وليس للإنسان قوة رادعة أو مانعة أو حاجبة أو مغايرة لتدفع خطر الموت ؛ لأنه أبغض الحقائق لنا ومتى ما عشناه ولدنا ميلادا في حيز جديد .

المثال الأول لحالة - حياة الإنسان في عالم الذر أو قل عالم الغيب المجيد ومواته في آن واحد - هو : الجنين في بطن أمه !! والحديث للرافضة العقلية بوجود إله واحد من الأصل لأنهم يعتقدون في حرية التفكير ومن هنا جاء الخطاب ممثلاً لهم ؛ كيف لنا أن نعرفه - بكسر الراء - ونعرفه - بتشديد الراء - بأنه حي و عائش وفي ذات اللحظة ليس بحي الحياة التي نعرفها بعد خروجه من بطن أمه ؟ وفي ذات اللحظة هو ميت داخل بطن أمه لأنه غير ميت الممات الذي نتعارف عليه بعد إنتهاء الأجل بالصورة التقليدية المعايشة ؟ ومن الخطأ الفادح أن نقول : هو حي ؛ بإطلاق الجملة على عواهنها ! أو : هو ميت ؛ بإطلاق الجملة جزافاً أو ضربة لازب ! لكن يمكننا أن نقول : هو حي وميت في آن واحد بإطلاق الجملة حذراً ؛ لأن حالته لا هو ميت ولا هو حي ؛ وفي ذات الوقت هو حي وميت في آن واحد ! .
نفس الوضع يقارب المعنى الحقيقي لحياة الإنسان في عالم الذر أو الغيب المجيد ؛ فإذا ذهبت رافضاً ما هو معروف من العلم والعقل بالضرورة ؛ فيجب مراجعة تفكيرك من جديد .

المثال الثاني لحالة الممات وإن شئت في عالم الشهود أو الشهادة ؛ ولم نفارق قط أصحابنا الملحدين من بني جلدتنا ومن سار على دربهم ؛ وغيرهم ؛ هو : حالة الإنسان وهو نائم !! فهي هي حياته وهو ميت !! فإذا قلت إنه نائم ؛ بإطلاق الجملة على عواهنها قلنا لك : أنت مخطئ ! ولو قلت إنه ميت ؛ بإطلاق الجملة جزافاً أو ضربة لازب قلنا لك : أنت مخطئ ! وإن قلت إنه ميت وحي في آن أحد ؛ قلنا لك : جانبك الصواب إلا قليلاً ! ولو رفضت فكرة الإزدواج لحالته وقلت بأحدهما فيجب عليك مراجعة أفكارك من جديد .

المثالان السابقان ؛ يفيد الأول منهما : حقيقة الوجود قبل التكوين الكائن للحيوات اليوم وإن كان بعيداً عن أذهاننا لكننا لا نملك رفضه لعدم وعينا به ؛ فلا يغير من الحقيقة شيء ؛ فلأن يبث الروح القدس فينا قوة وطاقة وحركة وحيوية وبحبوحة ونشاطا ؛ وضعنا في حالتنا الظاهرة أمامنا الآن .. الحياة الدنيا - الشهادة والشهود - ؛ ولأن وضعنا في حالة الممات - الذر لمرحلة البعث - والآن المعايش فينا فهو قد منعنا الحركة وألبسنا السكون وسلبنا الإرادة وفات علينا بالغفلة والجهالة وجعل التحدي لقناعتنا بالبعث من جديد [ بث الروح القدس في الكائنات لتنهض مرة ثانية بإعادة دورة النشأة والتطور والتكوين فنلقاه إلها واحداً واجدا موجودا لكل ما سبق ولكل ما يلحق فرداً عزيزاً قادراً قاهرا عالماً مريدا سامعا بصيرا متكلما لا شك فيه يقيناً حاضراً وخالقا عظيما ] قابعا أمام ناظرينا وفي قمة هذا التحدي جعل العقل مناطا للتكليف والتقدير لأنه أعظم ما خلقه فينا فبه معقل قياس الأشياء والأحياء .

أبعد من ذلك ؛ الزمن ؛ هو العقبة التي تعتري العقل ! فمعرفة كنه الزمن مفتاح معرفة كثير من الحيوات والمواتات ؛ لأنه وبموجبه أوغل البشر في خوض التناقضات فمنهم من يصل ومنهم من يقيف .

إذا فهمت هذه المادة فأنت قد وعيت إدراكا عقلياً جيداً لمعنى الآية الكريمة { حم } ؛ فيقع معنى الحرف الأول من الآية ( ح / حاء / الحاء ) في جملة معنى المثال الأول ؛ وهو الحياة ؛ ويقع معنى الحرف الثاني من الآية (م / ميم ) في جملة معنى المثال الثاني وهو : الموت ؛ والحرفان في قوله تعالى : { قل الله يحيكم ثم يميتكم ! ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون } ! .
إذا ومما سبق ؛ طالما فهمنا اتفاقا لمعنى المثالين وحقيقتهما القطعية فكرياً وعلمياً فنحن - أنا وأنت وأنتم - نقبل عمليا وعلمياً فكرة البعث من جديد ؛ كما بعث الجنين في بطن أمه وهو لحالة الموت أقرب ؛ حياة فعاش ؛ وكما بعث النائم من مواته وهو للحياة أقرب ؛ حياة فعاش ؛ كذلك وبناء عليه وعلى ما جاء سالفا فنحن الناس على ظهر هذا الكوكب نقبل قبولا جذريا لا لبس فيه ويقينا محضا لا فرية عليه فكرة البعث من جديد بعد إنتهاء أجل حياتنا الدنيا بالموت الفيزيائي ؛ فنحيا حياة السرمد ببث روح الله القدس فينا من جديد إلا من أبى .

تمنيت أن يكون الدكتور المرحوم / مصطفى محمود ؛ حيا بيننا فلا نجعل الفلسفة سبباً في بعدنا عن العرفان وأن لا يحجبنا العقل عن الوعي والإدراك ؛ فالله تعالى منه وله وبه وعليه الأمر كله فقط تأخرنا بالمعرفة أن نعرف ؛ فلات لغز لا للحياة ولا للممات .