حمدوك بصق علي تاريخه قبل ان يبدأ..

حمدوك بصق علي تاريخه قبل ان يبدأ..


07-28-2020, 09:04 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1595923482&rn=0


Post: #1
Title: حمدوك بصق علي تاريخه قبل ان يبدأ..
Author: عبدالقادر محمد
Date: 07-28-2020, 09:04 AM

09:04 AM July, 28 2020

سودانيز اون لاين
عبدالقادر محمد-عمق الوطن
مكتبتى
رابط مختصر



حمدوك بصق علي تاريخه قبل ان يبدأ..

خليل محمد سليمان

بحثت، و قرأت عن ثورات كثيرة في التاريخ القديم، و الحديث، او المعاصر، لم اجد ثورة واحدة قادها رجل بالصدفة.

قادة الثورات دائماً تُنجبهم الثورات نفسها، و تصقلهم بالتجارب، و يعيشوا مخاضها، فيعملون لها، يقدمون التضحيات الجسام، من حرياتهم، و حياتهم، و مثال في التاريخ الحديث نيلسون مانديلا، الذي قضى نصف عمره خلف القضبان، بل كان الرجل يمثل ثلاثة اضلاع الثورة بمفرده، حتي وضع شعبه في المكان المناسب، فأصبح بطل عالمي، و تُعد ثورته تجربة إنسانية فريدة.

في التاريخ المعاصر التجربة الرواندية، رغم قساوة الحرب الاهلية، ظلت تجربة رائدة.. إندهشت عندما حضرت محاضرة عن هذه التجربة في إحدى الجامعات الامريكية، بإعتبارها رصيد إنساني يُحتفى به، برغم ان قائد هذه النهضة، او قل الثورة هو احد لوردات الحرب اللعينة التي راح ضحيتها اكثر من مليوني إنسان في اقل من ستة اشهر، فنعم الرجل، و القائد، بول كاغامي.

صنع الشعب السوداني ثورة عظيمة ابهرت العالم في سلميتها، و تحضرها فأسقطت نظام شمولي، عقائدي، راديكالي، فدكت حصونه، برغم قسوته، و بطشه، و إمعانه في القتل، و التنكيل.

يا للعجب ثورة بهذه العظمة، بعد ان انجزت المهمة بدأت عبثاً في البحث عن قائد، عله يصنع نفسه.. في تجربة لم و لن تتكرر علي الإطلاق.

جاء المجد يسعى الي السيد حمدوك تحت رجليه، و هو يمارس وظيفته الدولية، و التي لا علاقة لها بالشأن السوداني، و الثورة، لا من قريب او بعيد.

الرجل مثله مثل عشرات الآلاف من السودانيين الذين طالتهم آلة الصالح العام في الخدمة المدنية، و العسكرية، فكان نصيبه انه مُبتعث من الدولة لدراسات عليا في بريطانيا، و مكث حيث هو، و تفرغ للتحصيل الاكاديمي، و الاعمال التجارية الخاصة به، و رعاية اسرته.

الآلاف الذين طحنتهم آلة النظام البائد ظل معظمهم يكابد ضيق العيش، و البطش، و التنكيل، و مقارعة النظام بشكل مستمر حتي سقوطه، و الجميع بكل حب، و تقدير، وفخر، و ثقة، قدموا حمدوك الرجل القادم من عاصمة الضباب.

جاء الرجل من خارج إطار الثورة، و لم ينهل من ثقافتها، و لو القليل، لذلك ظل يعزف خارج سِربها.

اثبت الرجل انه لا يأبه بالشارع، او تطلعات الشعب، إلا لماماً حين يشتد الامر، فيُمعن في التغبيش، كما النظام البائد في المداهنة، فقادته شلة الدراسة، و "مرافيد" التنظيمات البالية، و وقع في مصيدة "العواطلية"، و وجدت الاحزاب الخربة فيه ضالتها لتقوده بلا هدى، فاصبح مكتبه اشبه بالمقهى، و كأن حواء السودان لم تلد.

فرق كبير بين الحِكمة، و المداهنة، و التردد، و الضعف، و الخوف.

و الذي يدور في كل اقاليم البلاد بلا إستثناء يدل علي ضعف الرجل، و عدم إدراكه، برغم تفويض الشعب اللا محدود له، بل ظل عاجزاً كسيحاً، لا يقوى علي المبادرة للقيام بأي عمل يحفظ امن، و سلامة الوطن.

الثورة السودانية تحتاج لرجل قوي يليق بها، و عظمتها، و يؤمن بإرادة الشعب، و يتسلح بقوته، و عنفوان شبابه.

الثورة تحتاج لرجل يمتلك رؤيا.. و رأي، و بصيرة متقدة، لا ان يبحث في مهملات عافها الشعب، و اسقطها غير مأسوف عليها، حيث المحاصصة، و الشللية، و المجاملة، و الضعف، و الخنوع، و التردد.

لا يمكن ان تضل الثورة طريقها، ما دامت متقدة في الصدور، و لكن ضل الرجل طريقه، عندما وضع نفسه في مكان لا يتناسب و مقدراته.

حمدوك من جيل لا يؤمن إلا بما قدم، جيل فُطم علي عبودية الاحزاب الشمولية التي نشأت لتلبي حاجة المستعمر، و إرادته.

الرجل بصق علي تاريخه قبل ان يبدأ، و جانبه الصواب في كل تفاصيله، و بذلك لا يضر الثورة في شيئ، فالثورات لا تحدها ازمنة، او مواقيت.

اعظم الثورات في التاريخ إستمرت الي سنين عددا بين الإنتصارات، و الإنكسار، و لكنها حققت اهدافها، و فرضت إرادة شعوبها.

اي مولود يأتي من خارج رحم الثورة فهو لا يحمل جيناتها، او صفاتها، فيظل غريب عنها، و يصعب عليه مواكبتها، و تلبية مطلوباتها.

يقيني ان ثورة ديسمبر المجيدة ستستمر حتي يتصدر جيل الشباب امرها، و الكنداكات، و ساعتها ستوضع الإمور في نصابها الصحيح، ان حرية سلام، و عدالة.