كيزان خلف القضبان (أحداث ومواقف)

كيزان خلف القضبان (أحداث ومواقف)


07-18-2020, 10:27 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1595064422&rn=0


Post: #1
Title: كيزان خلف القضبان (أحداث ومواقف)
Author: أمير قناوي
Date: 07-18-2020, 10:27 AM

10:27 AM July, 18 2020

سودانيز اون لاين
أمير قناوي-
مكتبتى
رابط مختصر



كيزان خلف القضبان (أحداث ومواقف)
بقلم: د. أمير قناوي

الحلقة الأولى: كوتشينة
المكان: سجن كوبر
الزمان: بعد يوم من محاكمة المساجين للكيزان

(يبدأ الكيزان في الاستيقاظ واحداً تلو الآخر ، يجلس اللمبي بجانب بشة، الذي يخرج اوراق لعب جديدة من جيبه ويريها لللمبي)
بشة (بفخر): رسلها لي واحد قريبنا، جديدة لنج…
اللمبي (يتصنع الاعجاب): اووو، نوع فاخر… مبروك يا ريس، عارفك بتحب الكوشتينة.
بشة (بسعادة): عارف يا عبدو، ما في حاجة فرحتني من يوم ما دخلنا هنا زي الكوتشينة دي… أنا من غير كوتشينة، زي السمكة من غير موية.
(يبدأ في اخراج اوراق اللعب من الكرتونة ويتفحصها بإعجاب، يخرج الفاتح عزالدين من الحمام ويقترب من الاثنين ويصيح بدهشة)
الفاتح عزالدين: يا الله… كوتشينة؟ من وين جبتها يا ريس؟
اللمبي: رسلها لينا واحد قريب الريس…
بشة (مقاطعاً): شنو لينا دي؟ رسلها لي انا.
اللمبي (معتذراً): آسف يا ريس، انا عامل الحالة واحدة.
بشة (بحزم): إلا في موضوع الكوتشينة. عايزين تلعبوا اوكي، لكن حتفضل بتاعتي. مفهوم ؟
اللمبي والفاتح: مفهوم يا ريس.
(يخرج على الورع من الحمام ويقترب من الثلاثة مستفسراً)
علي الورع: متلمين في شنو؟ خير؟
بشة (يخبئ اوراق اللعب تحت الوسادة بسرعة): بنتفاكر في احوال البلد يا مولانا…
علي الورع (غير مصدق، يسأل ببرود): ووصلتوا لي ياتو نتيجة بعد التفاكر؟
(يصمت الثلاثة ولايحرون جواباً)
علي الورع (ينظر للثلاثة بتهكم وازدراء): طيب، اخليكم تتفاكروا، يمكن تقدروا تطلعونا من الورطة دي…
(يدير علي وجهه ويتجه لسريره في اقصى العنبر، يتنفس الثلاثة الصعداء ويخرج بشة اوراق اللعب مجدداً من تحت الوسادة)
بشة (يهمس لزميليه محذراً): الزول ده ما يشوف الكوتشينة، حيعمل لينا محاضرة ووجع راس!
اللمبي (متسائلاً ومتعجباً): نحن خايفين منو يا ريس؟
بشة (متلعثماً): ما خايفين يا عبدو، لكن انت عارفو، كلامو كتير ومسيخ. حيقول لينا الكوتشينة حرام ولازم نستغل الوكت في التخطيط للثورة المضادة، وكلام زي دا.
الفاتح عزالدين (متسائلاً): انت يا ريس موضوع الثورة المضادة دا متخيل لي زي الرميت طوبتو؟
بشة(بيأس): يا فاتح نحن لو كان الشعب معانا، كان زمان مرقنا من هنا، لكن نحن لمينا حولنا شوية عواليق من المنتفعين والمطبلين، وديل ساعة الحارة ما بتلقاهم.
الفاتح عزالدين: لكن يا ريس جماعتنا برا بيمرقوا مظاهرات كل مرة…
بشة (بتهكم): عشرين واحد بتسميها مظاهرة؟ هسه الناس لما يشوفوهم ما بيفتكروهم ماشين بيت بكا ولا عزومة؟… ياخي سيبنا! تلعبوا شنو؟
اللمبي: عارفك يا ريس بتحب ال"الاربعتاشر"
بشة: لكن دايرين لينا رابع… منو من الجماعة ديل بيعرف يلعب؟
الفاتح عزالدين: هارونة؟
اللمبي (بإمتعاض): ما لقيت غير دا؟
بشة: ما في غيرو يا عبدو، الباقين ديل كلهم ما منهم فايدة… (يصيح منادياً ) مولانا احمد هارون دايرينك في مسألة قانونية…
هارونة (يأتي متسائلاً): خير… مسألة شنو؟
اللمبي: بتعرف تلعب اربعتاشر؟
هارونة (مستنكراً): انت بتهزر معاي يا لمبي؟
بشة (مقاطعاً، قبل ان يشتعل الموقف بين الاثنين): ما بهزر يا مولانا، نحن بنفتش لرابع وانا عارفك حريف في الاربعتاشر…
هارونة (يبتسم، فخوراً بجملة بشة الاخيرة، يحك رأسه): يعني… ما معلم زيك يا ريس.
بشة (بسعادة): خلاص… انا وعبدو وانت والفاتح…انا حاوزع…
(يبدأ بشة في التوزيع ويأخذ الجميع اوراقهم ويبدأون في ترتيبها)
هارونة: انا ورقي ناقص…ديل تلتاشر…
(يبدأ البقية في عد اوراقهم)
الفاتح عزالدين: وانا برضو تلتاشر…
اللمبي: انا خمستاشر…
بشة (يرمق اللمبي بغيظ): اوو… انا آسف الظاهر غلطت في العد، اصلو الكوتشينة جديدة…
هارونة (بتهكم): الكوتشينة جديدة؟ واشمعنا انت وزميلك ما ناقصين؟
بشة (يصمت ويفكر ولا يجد جواباً)
هارونة: انا صاح حريف، لكن ما حاوي… مديني تلتاشر افتح كيف؟
بشة (في سره): انت اصلاً ما مفروض تفتح…(مهدئا هارونة) خلاص يا مولانا… ندكها وتوزع انت.
(يُسمع صوت علي الورع متحدثاً لعوض الجاز، فيسرع بشة بجمع الورق واخفائه تحت الوسادة)
بشة (بغيظ): مع الجماعة ديل ما حنقدر نلعب بإرتياح.
اللمبي: والحل يا ريس؟ نلعب وين؟

-يتبع-

Post: #2
Title: Re: كيزان خلف القضبان (أحداث ومواقف)
Author: أمير قناوي
Date: 07-20-2020, 10:18 AM
Parent: #1

الحلقة الثانية: لحظة صراحة (1)
المكان: سجن كوبر، عنبر الكيزان
الزمان: بعد أيام من محاكمة المساجين للكيزان
——-
في العنبر الكبير، الذي عرف عبر تأريخه الطويل، مختلف السياسيين من جميع اطياف المشهد السياسي في السودان استلقى الكيزان على اسرتهم في كسل وخمول. والعنبر هو غرفة واسعة، مستطيلة الشكل، لها باب باب واحد وعدة نوافذ مشبكة بالقضبان الحديدية وقد اصطفت في جانبي العنبر الاسرة الحديدية. وبين كل سريرين وضعت طاولة خشبية صغيرة.
كان الجو حاراً في ظهيرة ذلك اليوم. ومروحة السقف القديمة تهدر مثل طائرة مروحية ولا تأتي إلا بقليل من النسمات..
(نهض غندور من رقدته وجلس على سريره وقد ابتلت ملابسه بالعرق. ادار وجهه لبقية النزلاء وخاطب بقية النزلاء في ضجر)
غندور: يا جماعة الحر كتلني عديل كدي. حتى النفس غلبني.
هارونة (مبتسماً بشماتة): ده عيب الناس السمان…
غندور (يرمق هارونة بنظرة استهجان): انت يا هارونة غايتو ما براك من يوم ما جابوك هنا.
علي الورع (بصوت عميق): ده الملل يا جماعة … الملل والضجر والعجز…
(يصمت الجميع، ويقطع الصمت غندور فجأة وكأنما خطرت له فكرة)
غندور: انا عندي فكرة. في لعبة، كنا بنلعبها زمان في الجامعة. اسمها "لحظة صراحة". ايه رايكم نلعبها؟
الفاتح عزالدين (بإهتمام): كيف بتتلعب يا بروف؟
(ينصت الجميع لغندور باهتمام، فينهض هذا، ويبدأ في الشرح)
غندور: نتخيل نفسنا سكرانيين ولا شاربين بنقو…(ينظر للمجموعة ليرى تأثير كلامه، فيلاحظ اهتمام الجميع بكلامه وعدم انكار، فيتشجع مواصلاً) وكل واحد يسأل اي سؤال من غير حرج، والبيسألوه يجاوب برضو من غير حرج ومن غير كذب. زي الزول السكران ولا متعاطي مخدرات.
بشة (بإبتهاج): شكلها لعبة جميلة، ما بعرفها…
علي الورع (ينظر للحاضرين نظرة ثاقبة ويقول بغموض): لو دايرين تلعبوها، انا معاكم، لكن، زي ما قال بروف غندور، ما في كذب…
غندور (مؤمناً على كلام علي الورع): من غير كذب وإلا ما حتنفع اللعبة.
نافع المضر (مقاطعاً): آي … خلونا نبدأ، باين عليها لعبة مسلية.
غندور: طيب كل واحد يختار زول ويسأله اي سؤال يجي في باله!
(يصمت الجميع، يفكرون، من وماذا يسألون؟ يقطع الصمت صوت هارونة)
هارونة: أنا عندي سؤال لعلي عثمان ولعوض الجاز، بوصفهم خططوا ونفذوا الانقلاب…
بشة (مقاطعاً ومصححاً): الثورة…
هارونة (مبتسماً): الثورة، ما فارقة. سؤالي كيف اخترتوا عمر البشير لقيادة العمل العسكري؟
عوض الجاز: قلتوا دايرين الصراحة، موش كده؟
(يهز الجميع رؤوسهم موافقين)
عوض الجاز: بصراحة انا كنت مسئول عن العملية. شيخ حسن قال لي: دايرين واحد بمواصفات خاصة (ينظر لبشة فيبتسم بشة مسروراً) وسألته عن المواصفات، قال لي: زول محدود الذكاء والطموح (ينظر مرة اخرى لبشة فيرى الدهشة في وجهه). سألته عن السبب، قال لي: ما دايرين واحد يرفض يسلمها لينا بعدين. المهم وقع اختيارنا علي العميد وقتها عمر البشير.
(يقف اللمبي وقد بدأ الغضب في وجهه، يحاول الكلام فيمسك به علي الورع مهدئا)
علي الورع: ياخي ما قلنا مجرد لعبة، ما فيها انفعال وزعل…
(يجلس اللمبي بجانب بشة ممتعضاً)
الفاتح عزالدين: انا عندي سؤال… انتوا اختلفتوا مع الترابي في شنو؟
(يسود صمت، لا يسمع فيه الا صوت مروحة السقف الهادر، يقف بشة متحدياً ومتجاهلاً لنظرات علي الورع المحذرة): الترابي ده كان زول حقار ومخادع لي درجة ما تتخيلها يا الفاتح. عمل نفسه الآمر، الناهي في كل صغيرة وكبيرة. وعملنا طراطير. بس ننفذ كلامه، بدون نقاش ولا حتى بدون ما نعرف ليه؟ انا بصراحة بالاول ما كنت شايف فيها حاجة، لانو زول دكتور وكدا. لكن لما المصريين بدوا يضحكوا علي ويقولوا: ده سكرتير الترابي، الكلام حرقني. بعدين بقى يرسل لي ويقول لي تعال لي، عايزك في موضوع، والناس شايفة وسامعة. انا الرئيس قاعد اتجارى للترابي، بدل ما هو يجيني. اشتكيت لي مولانا شيخ علي، لقيتوا هو ذاتو قرفان من حركات الترابي. المهم اتفقنا نبيعوا ونفكوا عكس الهوا…
(علي الورع ينظر لبشة مستغرباً من صراحته وتهوره)
غندور (مبتهجاً): برافو… بصراحة ما اتوقعتكم تلعبوا اللعبة دي بالصدق والصراحة دي.
اللمبي: عندي سؤال لغندور محيرني. انت زول بروف، الوداك تبقى رئيس اتحاد العمال شنو؟
غندور (متلعثماً وقد فاجأه السؤال، يصمت مفكراً، ثم يجيب): في الحقيقة نحن اكتر حاجة كنا متخوفين منها بعد الجيش هي النقابات، وخاصة اتحاد نقابات العمال. شيخ حسن جاب فكرة، انا بسميها عبقرية، انو نلم كل النقابات العمالية والمهنية في اتحاد واحد، عشان نقدر نسيطر عليهم بالكامل…
اللمبي (مقاطعاً): ما فاهم!
غندور (موضحاً): يعني لما تلم عمال، على موظفين، على دكاترة ومهندسين، وديل ناس قضاياهم وهمومهم مختلفة، حيفضلوا في صراع طبقي داخل الاتحاد. كل واحد حيحاول يعمل قضيته هي اهم قضية. وما في يوم حيجتمعوا ويناقشوا القضايا العامة.
الفاتح عزالدين (مبتهجا): ياخي الترابي ده كان مصيبة عديل كدا.
نافع المضر (ينظر لبشة نظرة ذات مغزى): من غير افكار شيخ حسن ما كنا حكمنا البلد دي تلاتين سنة.
بشة (موجهاً كلامه لنافع): هسه بقى شيخ حسن؟ انت ما كنت بتقول: لازم نتخلص من الدجال دا؟
(يصمت نافع ويسود صمت ثقيل، يقطعه هارونة)
هارونة: عندي سؤال بمناسبة الترابي. انت يا بشة…
اللمبي (مقاطعاً بغضب): اتكلم زي الناس يا زول، بشة في عينك…
غندور (مهدئاً): اهدأ يا عبدو، دي مجرد لعبة، وانت يا مولانا ما في داعي لبشة دي.
هارونة (بامتعاض): طيب. سؤال للريس… (يلتفت لللمبي) نسيتني السؤال يا لمب…(يبتسم مستدركاً) يا سيادة الفريق. سؤالي: الكلام القالو الترابي وقال سمعو من البشير عن الغرباوية. الكلام ده قالو البشير ولا ما قالو؟
بشة (ينظر لهارونة محرجاً وقد فاجأه السؤال): الكلام ده انا رديت عليهو قبل كدا…
هارونة (مقاطعاً): انا ما سمعت رد…
نافع المضر (بتهكم): انا زاتي ما سمعت… ما قلتوا صراحة؟
(يفتح باب العنبر ويدخل احد الحراس ويصيح)
الحارس: الغدا يا كيزان!
(يتنفس بشة الصعداء، متحاشياً نظرات هارونة التي تلاحقه بازدراء)

-يتبع-

Post: #3
Title: Re: كيزان خلف القضبان (أحداث ومواقف)
Author: أمير قناوي
Date: 07-22-2020, 10:23 PM
Parent: #2

كيزان خلف القضبان
(أحداث ومواقف)
بقلم: د. أمير قناوي
الحلقة الثالثة: لحظة صراحة (2)
المكان: سجن كوبر، عنبر الكيزان
الزمان: في نفس يوم الحلقة الثانية
———
(يبدأ الكيزان في العودة تباعاً من صالة الطعام، وكان بشة اول العائدين علي غير عادته. يخرج اوراق اللعب من درج بجانب سريره ويبدأ في خلطها، يدخل هارونة والفاتح عزالدين ويقتربون من سرير بشة)
بشة: تلعبوا؟
هارونة (بحزم): لا … عايزين نواصل موضوعنا…
بشة (متظاهراً بعدم الفهم): موضوع شنو؟
الفاتح عزالدين: قصدو لعبة بروف غندور يا ريس.
هارونة (بخبث): انت قايلو ناسي؟ … الحركات دي انا عارفها.
(يدخل بقية الكيزان عائدين من صالة الطعام، يخفي بشة اوراق اللعب بسرعة تحت الوسادة)
غندور: نواصل يا جماعة لعبة "لحظة صراحة" ؟
الجميع: نواصل…
غندور: كنا واقفين وين؟… (يصمت برهة ويفكر، ثم يقول) ايوا سؤال هارونة للبشير عن كلام الترابي. جاوب يا بشير!
بشة (يصمت مفكراً، ثم يقول): أولاً لازم تعرفوا نحن كنا بتكلم عن النسوان البيدسوا المتمردين بتاعين الحركات المسلحة في بيوتهم. وانا قلت النسوان ديل لو عساكرنا اغتصبوهم…(متلعثماً) قصدي يعني كعقوبة … فدا احسن ليهم من ما يكتلوهم…
هارونة (مقاطعاً بغضب): الترابي قال قصة مختلفة، وكلنا عارفينها… انت عمرك ما حتبطل الكضب؟ ياخي مرة واحدة قول الحقيقة! نحن ما قاعدين نسجل في كلامك.
بشة (يصمت متردداً ومحتاراً)
اللمبي (محاولاً انقاذ بشة من ورطته): انا عندي سؤال لنافع…
هارونة (مقاطعاً): ما تخلي الزول يجاوب على سؤالي! نحن دايرين الحقيقة…
بشة (بغيظ): ياخي آي قلت… وهو الترابي لو ما بتاع فتنة بينقل كلام قلناهوا في جلسة خاصة؟
هارونة (بإحتقار): ما تقول كدا من الاول، بتلف وتدور مالك؟… انت عارف دي ما غلطتك براك. غلطتتنا كلنا، اننا خلينا واحد عنصري حقار يبقى رئيس السودان تلاتين سنة…
بشة (يصمت، مطأطئاً رأسه)…
اللمبي (يربت على كتف بشة بعطف): ممكن اسأل سؤالي لنافع؟
هارونة (يرمق اللمبي بنظرة نارية): فعلاً الطيور على اشكالها تقع…
(اللمبي يحاول الوقوف ومهاجمة هارونة فيمسكه بشة)
علي الورع (مهدئاً): روقوا يا جماعة، نحن ما ناقصين… (يصمت قليلا، ثم يبتسم ويقول) كنت عايز تسأل نافع شنو يا عبدو؟
اللمبي (يصمت، عاضاً على لسانه، ثم يقول بغضب): ما داير أسأله…
الفاتح عزالدين: انا داير اسأل دكتور نافع عن مقولته الشهيرة " ألحس كوعك"
نافع المضر (متسائلاً): مالها؟ ما فهمتها دي كمان؟
الفاتح عزالدين (متردداً): انا ما عارف الصعب فيها شنو انو الواحد يلحس كوعه؟ (يرفع يده ويلحس رسغه امام الجميع ويتساءل) صعبة دي؟
(يضحك الجميع وسط دهشة الفاتح عزالدين)
نافع المضر (ضاحكاً ومستهزئاً بالفاتح): ياخي انت فعلاً زول بسيط. الكوع ما دا (يشير لرسغه) الكوع ياهو دا (يشير لمرفقه)…
علي الورع (بثقة): الفاتح كلامه هو الصاح…
(ينظر الجميع لعلى الورع بدهشة)
علي الورع: عظمة الكوع بتقع في اليد، مباشرةً بعد عظمة الإبهام. واظن مقولة نافع مفروض يكون " ألحس مرفقك" ، لانو الانسان ما بيقدر يوصل للمرفق بلسانه.
(ينظر الجميع لعلي الورع بإعجاب، وينظر الفاتح لشيخه بإمتنان)
اللمبي (بعد ان هدأ غضبه): يا دكتور نافع انت فكرة بيوت الاشباح دي بتاعة منو؟
نافع المضر (يضع يديه على رأسه، تعبيراً عن استنكاره): هسه الكلام دا لزومو شنو يا عبدو؟
غندور (مندهشاً): ده ما سؤال عادي… الراجل داير يعرف دي فكرة منو؟
نافع المضر (يتبادل النظرات الحائرة مع علي الورع وعوض الجاز، ثم يقول بحذر): بصراحة دي فكرتنا كلنا، وفي شيوخ افتوا لينا بجواز تعذيب المعارضين وحتى قتلهم (يصمت وينظر للحاضرين متحدياً) انتوا ما سمعتوا بفقه الضرورة؟ جايين تسألوني بعد الوكت ده كلو؟
علي الورع (بصوت ناعم): هدئ نفسك، ما في زول داير يحاسبك. كلنا مقدرين دورك في حماية المشروع الحضاري من اعداء الامة.
عوض الجاز (بإمتعاض): أظن كفاية صراحة الليلة. نحن لو قلنا كل حاجة بصراحة، ما اظن تقدروا تنوموا الليلة…
علي الورع (يومئ برأسه مؤمناً على كلام عوض الجاز): مرات الانسان ما بيقدر يتحمل الحقيقة مرة واحدة. لازم تكون على جرعات…
(ينظر الجميع باندهاش وحيرة لعلي الورع، ويتوجه كل واحد لسريره في صمت)

-يتبع-

Post: #4
Title: Re: كيزان خلف القضبان (أحداث ومواقف)
Author: أمير قناوي
Date: 07-26-2020, 09:27 PM
Parent: #3

كيزان خلف القضبان
(أحداث ومواقف)
بقلم: د. أمير قناوي
الحلقة الرابعة: عوض السباك
المكان: سجن كوبر، عنبر الكيزان
الزمان: بعد يوم من مظاهرة نصرة الشريعة
———

(الكيزان مستلقون في اسرتهم بعد تناول شاي الصباح. البعض يتجاذب اطراف الحديث مع زملائه والبعض مشغول بالكتابة، وآخرين قد سرحوا بخيالهم خارج القضبان. تسمع طرقات على باب العنبر، ثم يفتح الباب ويدخل نزيل "عادي" بخطوات نشطة، حاملا صندوقاً حديدياً معلقاً بحزام جلدي على كتفه. يلتفت الكل للقادم الجديد بعيون متسائلة)
النزيل (بجفاء): السلام عليكم يا كيزان … انا عوض السباك. قالوا عندكم مشكلة مع الحمام.
بشة: آي … جيت في وكتك. عندنا مشكلة مع السيفون، كل مرة بيقفل، بنضطر نكب ليهو موية كتير بالجردل، عشان يصرف.
عوض السباك (ببرود): طيب، حاشوف الحاصل (يجيل نظره في الحاضرين بقرف، ثم يدخل الحمام)
اللمبي: الزول ده بعاين لينا بقرف كده ليه؟
أنس عمر: مش كده؟ انا برضو ما عجبتني نظراته.
غندور (مبتسماً): انتوا بقيتوا حساسين يا جماعة، متوقعين شنو من زول سجين؟
(يخرج عوض السباك من الحمام بعد فترة من الوقت وعلى وجهه علامات الضيق)
عوض السباك (بحدة): منو فيكم البيرمي حجار في التواليت؟
(ينظر الجميع بدهشة لعوض، ولا يجيب احد)
عوض (بحدة أكثر): ده سيفون … ما بير. الما عارف يعرف (بإستهزاء) يعني حجار وكلام زي ده ما بينفع.
أنس عمر (بتحدي): يا زول انت بتتكلم معانا كده مالك؟ قايل نفسك منو؟
عوض السباك (بإحتقار): انا عارف نفسي سباك وكمان سجين، لكن انتوا الكنتوا عاملين فيها جبتوا لينا الكهربا وعلمتونا اكل الهوتدوق ما بتعرفوا حتى تستعملوا التواليت؟
(يصمت الجميع ويتبادلون نظرات العتاب ولايدرون ماذا يقولون)
عوض السباك: على كل حال انا فتحت المجرى، لكن لو لقيت فيهو حجارة تاني ما بطلعها.
(يستدير عوض نحو الباب، يبصق على الارض، ثم يخرج)
هارونة (بغضب): حتى المساجين بيحتقرونا؟
غندور: بصراحة الراجل ده معاهو حق. في ناس لسه ما بتعرف تستعمل التواليت الافرنجي؟
علي الورع (بغضب): منو البني ادم البيرمي حجارة في التواليت ده؟
(يصمت الجميع وينظرون لبعضهم نظرات متسائلة)
اللمبي: بصراحة البيعمل كده يا نافع، يا هارونة.
هارونة (ثائراً): يا لمبي بطّل غتاتة وحيونة، انت عارف العملها وكلنا عارفينه…
(تتجه كل الابصار لنافع المضر، الذي انتهى لتوه من صنع ناي من القصب وبدأ في تجربة صوته. ينتبه نافع للانظار الموجهة نحوه فيشعر بالحرج وينزل الناي من فمه)
نافع المضر (محرجاً): يا جماعة انا مرات بنسى وبستخدم الحجارة، خاصة لمن يكون بالي مشغول…
غندور: وبتجيب الحجارة من وين؟
الفاتح عزالدين: عندو علبة تحت السرير، مليانة حجار…
علي الورع (ببرود): وبالك مشغول بشنو يا دكتور نافع؟
نافع المضر (بصوت حزين): عندي جملين خليتم مرضانين لما اعتقلوني، دايماً بفكر فيهم…
عوض الجاز (مقاطعاً ومتعجباً): جملين؟… انت يا زول ما نصيح؟ انت عارف التهم الموجهة لينا دي عقوبتها شنو؟ … تقول لي جملين؟
نافع المضر (ينظر لعوض الجاز بيأس): الجمال ديل انا قلبي بريدها وبحزن بالحيل لواحد منهم مرض ولا مات…
عوض الجاز: انت الناس العذبتوهم في المعتقلات ما هزوا فيك شعرة ولا حركوا فيك اي شعور، تقول لي جملين وحملين؟ يا زول ده انفصام شخصية عديل كدي.
بشة (يقوم ويجلس بقرب نافع ويضع يده بحنان على كتفه): يا اخوانا عصرتوا على دكتور نافع شديد…
عوض الجاز (مقاطعاً): دكتور بتاع شنو؟ زول ما بيقدر يستعمل التواليت، ويخلي واحد مسجون يبهدلنا ويدينا درس ونحن ساكتين زي الطير؟
نافع المضر (بصوت باكي): يا جماعة انا ما اعتذرت وقلت ليكم ما كان قصدي…
اللمبي (بغيظ): لو كان جات من واحد تاني (يلتفت لهارونة) كان بلعناها، لكن انت عامل لينا فيها دكتور وود عز (يقلد نافع): نحن علمناكم اكل الهوتدوق…
بشة (منتهراً اللمبي): ما كفاية يا عبدو ، الزول ده خلوهوا خلاص!
(يفتح باب العنبر ويدخل احد الحراس)
الحارس (بصوت عالي): الفطور بعد ربع ساعة، كل واحد يرتب سريره (يصمت قليلاً ، ثم يواصل) انا بحذر الزول البيرمي حجارة في التواليت، المرة الجاية حاخليهو يطلعها بيده، من غير جونتي…

-يتبع-