إستشرى في المجتمع السوداني في الآونة الأخيرة سقم محدق ووباء مقلق وهو رُخص وإبتذال الألقاب العلمية والتهاون المريع في منح الدرجات العليا دون ضابط أو وازع في إهمال تام ومتعمد للمعايير العلمية والموضوعية والشخصية لمنح الدرجات العلمية وفقاً للمستوى الإقليمي والدولي المتعارف عليه ، مما أنجب ( كفاءات) مشوهة مبتسرة وأجهض آمال عِراض في برامج تلك الدراسات العليا . نتج عن كل ذلك إمتهان غير مسبوق للدرجات العليا حتى ممن لم ينلها مروراً بحامليها عن جدارة وحق ، وفي فترة الإنقاذ ( الحاضنة التي فرخت هذا السم الزعاف) أصبحت ( بعض) الجامعات تتبارى في منح تلك الدرجات لمجرد سداد مقابلها المادي أو لتمكين أحدهم وسنده بشهادة لم يعلم بها ولم يعمل لها في تخطٍ صريح لموجبات منح تلك الدرجة . الإفراز الطبيعي لهذا الأمر نمو طبقة من حاملي الدرجات العليا دون إستحقاق موضوعي أو شخصي ، فلا الدرجة تناسب إمكانات حاملها الفكرية والعلمية ولا حاملها أهلُ لحملها وأولى علامات ذلك أخطاء في الكتابة ، تدني في التعبير والتقدير ، خلو السجل الأكاديمي من مشاركات علمية وإسهامات فكرية وتطبيقات عملية مفيدة، وعلى المدى المتوسط ضيق نفسي داخلي ناتج عن عدم القدرة الشخصية على مواكبة متطلبات الذي أقحم نفسه فيه قسراً دون إكثراث وإبتغاء عرض زائل . مما يؤلم أيضاً أن - معظم هؤلاء- يُصر على مناداته بذلك اللقب - غير الحقيقي- رغبة ورهبة ، رغبة في فرض ذلك على عقول المحيطين به ورهبة من شكوك قد تساور البعض حول أمره ، ولو علم فإنه كان سيكون في غنىً عن كل ذلك إذا ما أتبع سببا وسلك الطريق القويم المؤدي إلى إستحقاق الدرجة عن كفاءة وجدارة والأمر ليس بالمستحيل
05-29-2020, 04:03 PM
معتز الصادق معتز الصادق
تاريخ التسجيل: 01-13-2013
مجموع المشاركات: 107
لذلك بات تكوين ( هيئة مراجعة الشهادات العليا) ضرورة ملحة على أن يسند ذلك بصدور قانون يتضمن فيما يتضمن مهام واختصاصات تلك الهيئة وليكن من ضمن تلك المهام حصر جميع الشهادات والدرجات العليا التي تحصل عليها حاملوها في الفترة المقصودة وفرز المشكوك فيه منها مع اخضاع أصحاب الدرجات للمعايير الحقيقية لمنح الدرجة ، فإن إجتاز الشخص المعايير أعتمدت شهادته من الهيئة ومن لم يجتز ، يخضع لمعالجات تقويمية وأكاديمية لفترة لا تقل عن ستة أشهر ، أما اذا كانت المخالفة جسيمة مثل الا يكون المتحصل على الدرجة عالماً بما نسب إليه من بحث أو رسالة ، أو ثبت عدم قيامه بنفسه بالبحث والتقصي وما إلى ذلك حينها تقوم الهيئة بسحب الدرجة العلمية من الشخص أو إعادة قيده كطالب من جديد مع مراعاة سبب إرجاعه لإعادة البحث ، مثل تلك الاجراءات لها آثار وقائية وأخرى علاجية ، فهي تقي من السير في طريق الحصول على الدرجة العلمية بأساليب ملتوية وفي ذات الوقت تعالج ما شاب الدرجات السابقة من قصور ، لأنه من المعيب حقاً الا تتطابق الدرجة العلمية مع حاملها فكراً وسلوكاً وعلماً .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة