دموع في عيون وقحة

دموع في عيون وقحة


05-06-2020, 11:37 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1588804627&rn=0


Post: #1
Title: دموع في عيون وقحة
Author: Esameldin Abdelrahman
Date: 05-06-2020, 11:37 PM

11:37 PM May, 06 2020

سودانيز اون لاين
Esameldin Abdelrahman-إيطاليا
مكتبتى
رابط مختصر



دموع في عيون وقحة

عنوان لرواية بوليسية يقال أنها مقتبسة من قصة واقعية . نقلها قلم الكاتب المصري صالح مرسي . تم تمثيل تلك الرواية في الثمانينيات من القرن الماضي في سلسلة تلفازية من بطولة النجم عادل إمام الذي ذاع صيته لعقود طويلة , و كانت من إخراج عملاق زمانه المخرج يحيي العلمي, و الذي كان إسمه في ديباجة إخراج أي عمل سينمائي او تلفزي بمثابة جواز حضور جماهيري منقطع النظير.
إستحضرت عنوان تلك الرواية و تفاصيل تلك السلسلة التلفازية بينما كنت اتابع في الأسافير في ماضي الأيام رسالة فيديو من كريمة المعتقل عبدالرحيم محمد حسين, توجهت فيه برجاءات مشفوعة بتوسلات لرئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان لأن يطلق سراح والدها , و ذلك لخوف عموم أفراد أسرتها من أن تصيبه جائحة الكرونة, علما بأنه آمن بين جدران المعتقلات في كوبر. لقد مست تلك الدموع المسكوبة بالفيديو أعماق الكثيرين من أهل الهامش العريض و فطرت قلوبهم حزنا على ذلك الحزن الإنتقائي الذي عبرت عنه تلك الفتاة , لقد بكوا في تلك الدموع الصلف و الغرور المتجذر في بعض الثقافات الإستعلائية التي لا ترى إلا ذاتها , و تعبر عن نفسها في تلقائية و عفوية, لتصادر في الكثير من الأحايين حق الآخرين في الحزن النبيل, حتى و لو على شهدائهم الذين قتلوا غدرا و ظلما , حيث ترقد هناك في الهامش أرواح كثيرة طاهرة لم تنل أبسط حقوق المغادرة الكريمة لهذه الفانية , و لم تظفر بقبر عليه شاهدين ليكون لهم هوية , عنوان و الوطن الذي إفتقدوه في حياتهم, , إنهم ولدوا و لم يعيشوا, ماتوا و لم يكرموا , لقد دفنوهم في حفر جماعية سويت بالأرض, تناثرت في البيداء لتكون شاهدا على بشاعة الجرم المرتكب ضد الإنسانية ,غير آبهين بدموع العذارى , عويل الثكالى أو صراخ الأطفال الذين قذفوا بهم أحياء في النار.

دموع و توسلات لإطلاق سراح مسجون على ذمة إشتراكه في إنقلاب يونيو 1989 المشئوم, بينما كل الشعوب السودانية مسجونة في الوطن الذي كان, قلوب إنفطرت , قرى حرقت , و أرواح وئدت طيلة ثلاثين عام عجاف تنقل فيها عبدالرحيم محمد حسين بين القصر, و وزارتي الداخلية و الدفاع ، ولاية الخرطوم , في تلك السنين في دارفور فقط أبادوا ما يتجاوز عن الثلاثمائة و خمسون ألف من الأنفس البريئة , إغتصبوا فيها الحرائر بعد الوطن و دفعوا بما يتجاوز الثلاث ملايين شخص إلى معسكرات الذل و الهوان مقسمة ما بين نزوح و لجوء و تهجير قسري. أما في جبال النوبة , النيل الأزرق و الجنوب الذي دفعوه قسرا لأن ينفصل و في القلب حسرة, تجاوز عدد ضحاياهم هناك الملايين من الأنفس.

مناجاة و دموع ينطلقان من على كرسي منسوج بجلد أهل الهامش , الذين تحكى حبات العرق الطاهرة التي تتقاطر من جباههم العالية قصة حبهم العميقة لأرض تتخللها الوديان و تحتضن النيل , و ذلك برغم ما يلقونه من وعثاء في سفر حب هذا الوطن المكلوم في نخبه الفاشلة , إنهم تذوقوا الحرمان و مرارته , تلظوا بشظف العيش و لكنهم تعلقوا بالعفة عن السؤال وترفعوا عن ذل الحاجة , لم ينعموا بالأمن , الإطمئنان و السلام في هامش لا يوجد في جغرافيا الحقوق التي إغتصبها المركز منذ إستغلاله للسودان في العام 1956 , و بالرغم عن المسئولية عن كل هذا و ذاك, يتجه كل الخوف و القلق على إصابته بالكرونة و هو يرقد سجينا آمنا مطمئنا بمعتقلات كوبر, بينما لا يزال هناك بعض الأحياء من ضحاياه و ضحايا أخوان نظامه يلتحفون الثرى و يتدثرون السماء , و لكنهم يصلون و يتبتلون صباح مساء في محراب إيمانهم بقضاياهم العادلة , يلوكون الصبر إنتظارا لغد قد تشرق شمسه من جوبا حيث ينعمون فيه بالسلام , الحرية , الأمن و الطمأنينة , و قبل كل ذلك وطن يتساوى بنيه في الحقوق و عدالة توزيع الثروة و التنمية. و هناك البعض الآخر من الضحايا فرقوه قسرا بين الأمصار و تركوه يصارع الأهوال و سط أمواج الغربة و الأقدار المتلاطمة.
عصام الحاج