ذكريات رمضان قبل اكثر نصف قرن

ذكريات رمضان قبل اكثر نصف قرن


04-18-2020, 10:03 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1587243816&rn=2


Post: #1
Title: ذكريات رمضان قبل اكثر نصف قرن
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 04-18-2020, 10:03 PM
Parent: #0

10:03 PM April, 18 2020

سودانيز اون لاين
علي عبدالوهاب عثمان-جدة
مكتبتى
رابط مختصر



هذه الصورة من جزيرتنا المغلقة بمياه النيل من كل الاتجاهات
ودائما الجزر تجد فيها التراث مأصل بدون أي اضافات أو تجديد
لأن المجتمع او كل الجزيرة عبارة عن عائلة واحدة ويلتقون في جد
واحد .. لا يدخلها الاخرون أو الغرباء لأن كلها أراضي مملوكة بالسواقي
لا مكان حتى للمؤسسات الحكومية المدارس والشفخانات ..

لنقل لكم صورة من الزمن البعيد لهذه المجتمعات
التي اختفت فيها الكثير من هذه الممارسات

Post: #2
Title: Re: ذكريات رمضان قبل اكثر نصف قرن
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 04-18-2020, 10:04 PM
Parent: #1

كنت ألاحظ زمان أن البعض كانوا يضيقون ذرعاً عندما تظهر مؤشرات قدوم رمضان ومن منتصف شعبان يبدأ نوع من الشكوى الخافتة ( أها جوبو ) ومعناها بالعربية ( هذا الشيء قادم ) .. لأنه كان عند البعض هو الحرمان من الملذات وتقييد للسلوك والانطلاقه ليس خوفاً من الصوم عن الاكل والشراب .. لأن انسان المنطقة قنوع بطبعه ولا يظهر جشاعة ونهم في الاكل لأنه سوف يوصف بما كان يسمى ( قوسكي ) او من يلح في طلب الاكل ويجعله كل همه .. ولكن كانت هناك ممارسات سياحية اخرى مثل جلسات السمر او ( بوقانا ) التي سوف يتم حظرها خلال الشهر بأكمله حتى بعد صلاة العيد .. ورغم ذلك فإن صيام رمضان لم يكن عبادة فقط او ينظر اليه من ناحية عقدية بحتة ولكن تمتد هذه النظرة لتشمل الرجولة ( وفاطر رمضان ) كان لا يعتد بشهادته ابداً ولا يؤخذ برأيه ولا يعترف به كرجل في المجمتع وكان يوصم بأنه ( فاطر رمضان ) او بدنقلاوية ( رامدان كل ) حتى كانت هذه الوصمة تلحق بأبنائه واحفاده .. ( جدك كان فاطر رمضان )
قبل حلول الشهر الكريم .. كانت الاستعدادت تجري من وقت مبكر جداً خاصة من جانب الامهات .. اول تلك المهمة طبعاً هي البحث عن نوع معين من الذرة الجيدة والممتازة ( بلدي ) او ( ما يسمى بالذرة البيضاء ) وبالدنقلاوية ( مريه ارو ) او ( مريه دوقدوق ) ايام كانت زراعة الذرة منتشرة عندنا وقد ضاعت بذور هذا النوع من الذرة عندما جاءت انواع من التقاوي المضروبة ايام حكومة نميري .. اذكر جيداً كيف كانت الوالدة واختي الكبيرة يجهزون الذرة بالغسيل وابقائها في الماء لفترات محددة .. ثم يتم عمل الزريعة .. هذا تقريباً هو الاسم العربي وبالدنقلاوية .. إلتي illti ) ) بعد ذلك يتم فرش الذرة في عنقريب داخل الغرفة او المستودع (ارين كا ) ويفرش على العنقريب في الغالب شوالات فارغة كأرضية او فرش للذرة داخل الغرفة ( للاحتفاظ بالرطوبة للانبات ) ولكن ما لفت نظري واثارني كي ابحث عن السبب حتى يومنا هذا .. هو .. ( ورق العشر ) والعشر ( هبد habid ) كما هو معروف نبات بري مقاوم للحشرات ومقاوم للبكتيريا بدرجة عالية ( زي المطهر حالياً ) .. وقد ادركت ان اهلنا كان لهم ذكاء وموروث لا يستهان ومعرفة بخصائص النباتات .. ولم يكن عشوائياً استخدام ( صفق العشر ) لتغطية الذرة بطبقة عازلة ورطبة مع الحرص على عدم التخمير والتعفن وهو سبب مقنع وعلمي ورغم ان العشر كان يعتبر من النباتات غير المحببة لاهلنا .. فإن ( اوراق العشر ) هي الحل وهذه الاوراق خضراء جداً ورطبة جداً ولا تجف بسرعة واذا جفت لا تتعفن ابداً فكان السر وراء عدم نمو البكتيريا الخبيثة واتلاف الذرة .. وطبعأً السبب يرجع لتلك المادة البيضاء التي تمتاز بشدة المرارة والطعم اللاذع ( لبن العشر) وبدنقلاوية (هبد نجي) .. بعد عدة ايام تنبت الذرة لدرجة معينة ثم تجمع للطحين وهي المادة الرئيسية في صناعة ( حلومر) او ( أبريه قيليه ) .. وعملية عواسة الابريه كانت تتم في شكل نفير (فزع) في الغالب مهمة الشابات وعلى الامهات المراقبة وتحديد المقادير .. وابداء الملاحظات والتدريب لبعض الفتيات حتى تتعلمن المهنة .. تأتي كل واحدة حاملة على رأسها (الدوكة) او ( ديو) بالدنقلاوية وينتقلن من منزل الى آخر حتى اتمام العملية .. و كان لرمضان لون وطعم ورائحة .. كانت الانوف تمتليء برائحة الحلومر التي تغطي كل اجواء القرية وهذه كانت احدى ارهاصات قدوم الشهر ..

Post: #3
Title: Re: ذكريات رمضان قبل اكثر نصف قرن
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 04-19-2020, 06:40 PM

أذكر اصعب رمضان في منتصف السبعينات أيام نميري
ازمة السكر والتموين ..
خالنا الله يرحمه .. احتفظ بالسكر في الشنطة والمفتاح مربوط في دكة السروال
وهو في المسجد حضر ابنه ( أبوي امي قالت ليك أرسل المفتاح عشان السكر )
لم يستطع فك المفتاح من الدكة .. قلع السروال وقال للولد افتحوا الشنطة
ورجعوا لي السروال .. وانتشرت القصة في المنطقة وتم تداولها بمختلف الصور

رحم الله الخال العزيز

Post: #4
Title: Re: ذكريات رمضان قبل اكثر نصف قرن
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 04-19-2020, 07:04 PM
Parent: #3

خالنا ده كان رجل حازم وحاذق تربال منضبط جداً بمواعيده
عمنا عبدالله جاء من مصر .. وكان يعني نسبياً فقيه في الدين

ناس خالنا في مسيد القرية ما في صلاة جماعة زمان إلا يوم
الجمعة في الجامع .. أو اذا في فراش ( مأتم ) .. أو للناس ميسوري حال (فاضين ) تاجر أو مالك جنائن

عمنا عبدالله جمعهم يوم وقال لازم نصلي العصر جماعة في المسيد .. وفترة العصرية
هي الدوام الثاني للترابلة ووقت مهم جداً الى الغروب
نشاط مكثف بدون توقف ( عشاء البهائم ، حلب اللبن ، تنظيم الزريبة ...الخ )
لازم قبل المغرب التربال يكون راجع ( كما قال الشاعر .. نحن راجعين في المغيرب)

لأن الليل بالنسبة للتربال هو الهدوء وفي اعتقادهم ان نمو الزرع لا يتم إلا في ليل
وكأن هناك ملائكة تنزل لتبارك الزرع .. كمان في المساء العقارب والثعابين

عمنا عبدالله طول السجود .. وهنا خالنا قطع الصلاة وقال بالنوبية طبعا أحاول الترجمة بالعربية
قال ( الزول ده لمن يقوم .. قولوا ليه .. نحن ما فاضين الوقت ضايق .. كمان نحن ناس ترابلة
نأكل البليلة بكثرة .. عشان كده لا نستطيع رفع مؤخرتنا هكذا لفترة طويلة .. وإلا ضاع الوضوء)

خالنا كان يعتبر عمنا عبدالله زول فاضي وقادم من مصر وميسور الحال.. هو ممكن يصلي
في المسجد وبمزاجه ..

رحم الله هؤلاء الانقياء .. كانوا في عالمهم في جزر مغلقة لا يخرجون منها إلا يوم السوق
مرة في الاسبوع .. ناس على السيلقة تدينهم انساني يحكمهم قانون العيب لا سرقة لا قتل
لا غيره ..

احسبهم اليوم وهم في البرزخ في انتظار فتح ابواب الجنة بإذن الله

قارن هؤلاء برجال الفقه وا لدين الذين يسرقون المليارات ومئات قطع الاراضي

رحمهم الله رحمة واسعة .. هكذا بجهدهم قاموا بتربية عشرات من النخب والعلماء









Post: #5
Title: Re: ذكريات رمضان قبل اكثر نصف قرن
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 04-19-2020, 07:07 PM
Parent: #4

معليش يا جماعة
لا تلوموني .. كان الناس زمان واقعيين
عندهم اعمال العقل

قصص للشباب عن ذلك الزمن
لناس كانوا منقطعين عن العالم داخل الجزر

عقوا .. توثيق تراث

Post: #6
Title: Re: ذكريات رمضان قبل اكثر نصف قرن
Author: ABUHUSSEIN
Date: 04-19-2020, 08:20 PM
Parent: #5

Quote: أذكر اصعب رمضان في منتصف السبعينات أيام نميري
ازمة السكر والتموين ..
خالنا الله يرحمه .. احتفظ بالسكر في الشنطة والمفتاح مربوط في دكة السروال
وهو في المسجد حضر ابنه ( أبوي امي قالت ليك أرسل المفتاح عشان السكر )
لم يستطع فك المفتاح من الدكة .. قلع السروال وقال للولد افتحوا الشنطة
ورجعوا لي السروال .. وانتشرت القصة في المنطقة وتم تداولها بمختلف الصور

رحم الله الخال العزيز

😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂😂
الله يرحمه و يغفر ليه
ياخي دا الذ زول .......
اخونا ابو علوة تحياتي و رمضان كريم
مناطقكم دي مناطق سمر و ونسة
اكيد ذكرياتها و حكاويها بتكون مليانة بي طيبة اهلها و عفويتهم الجميلة

تسلم كتير

Post: #7
Title: Re: ذكريات رمضان قبل اكثر نصف قرن
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 04-19-2020, 08:40 PM
Parent: #6

الحبيب أبوحسين .. مع حبس الكورونا
نعاود ذكرى الزمن القديم
اذكر عندنا حتى التدين كان سلوك أكثر من الحركة الجسدية
زول الفزع والنفير والشغل والانتاج كان أفضل من اي فكي أو فقير كما نسميه
الحكم كان بالعمل والانتاج ومساعدة الناس وعدم الجلوس في الحلة والرجال في الشغل
التربالة ديل عندهم طريقة تفكير غريبة جداً الآن بدأت استحضر هذه الاشياء
في لحظات التأمل .. زمان ما كنا نفكر بهذا العمق ولكن مع تغيير سلوك الناس
وطريقة التدين والقداسات التي ظهرت مع التجمعات والحركات الاسلامية الحالية
بدأنا نستحضر الماضي
التحية الحبيب أبو حسين


Post: #8
Title: Re: ذكريات رمضان قبل اكثر نصف قرن
Author: جلالدونا
Date: 04-19-2020, 08:49 PM
Parent: #6

رحمهم لله و تقلهم القبول الحسن
سلام يا شيخ على ياخ
ياهو زاتو رمضانا فى الشايقية
الفتريتة اساس صناعة الحلو مر
لقيمتها الغذائية العالية
لاحقا الناس بقوا يدوهو حبة كركديه
طبعا مع الغرنجال و الجنزبيل و معاهن بهارات تانية
مشاركتنا فيهو يوم الطحين نشيلو نمشيبو الطاحونة
برغم ودجود المرحاكة
بعد يبلوهو و يصفوهو اها الحترب ده شغلتنا
نردمو سكّر و ناكلو
و دى الحاجة الوحيدة البناكلا بالمعلقة
سلطة الروب كنا بنشربا زى الموية
انداح يا زول يا جميل

Post: #9
Title: Re: ذكريات رمضان قبل اكثر نصف قرن
Author: علي عبدالوهاب عثمان
Date: 04-19-2020, 09:24 PM
Parent: #8

يا سلام يا جلالدونا ..
المنطقة واحدة يا الحبيب
من دنقلا وانت ماشي لآخر الولاية لا تشعر أنك انتقلت من منطقة الى اخرى
لقد تجولنا في تلك المناطق أيام التدريس لم نكن نشعر
بأي فرق في السلوك والعادات والتقاليد .. نفس رمضان نفس العيد
نفس شراب الموية وحتى شراب الموية ترجمة حرفية من النوبية
( اسيي نير ) شراب الموية .. في العربي (فطور ) أن شخصياً لا فرق عندي لأنني
تنقلت في كل مناطق أهلنا ..

اكثر حاجة كانت تلفت النظر الفزع والنفير في عواسة حلومر
الشابات من بداية الحلة حتى النهاية كل يوم في بيت كل واحدة تكون
شايلة دوكا من بيت الى آخر حتى نهاية الفزع
والجميل أن الحلة كانت تتعطر برائحة حلومر

يا ريت يرجع الزمن داك .. تكافل والمحبة ونفير
اليوم برضو في نفير وتكافل .. ولكن من خلال حفلات التكريم
وبطاقات وسترات ملونة ..
التحية لابنائنا وبناتنا .. لا يمكن أن نرجع الزمن للوراء
ولكنهم ما مقصرين .. وخاصة عندنا في الشمال 90% من العمل تكافل

تحياتي الحبيب جلالدونا ..