الدوله والاستعداد للكوارث. د.النور حمد

الدوله والاستعداد للكوارث. د.النور حمد


03-23-2020, 10:58 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=510&msg=1584957487&rn=1


Post: #1
Title: الدوله والاستعداد للكوارث. د.النور حمد
Author: Salah Musa
Date: 03-23-2020, 10:58 AM
Parent: #0

10:58 AM March, 23 2020

سودانيز اون لاين
Salah Musa-
مكتبتى
رابط مختصر



*الدولة والاستعداد للكوارث*
.. بقلم: النور حمد

التفاصيل نشر بتاريخ: 23 آذار/مارس 2020

صحيفة التيار 22مارس 2020
ليست هناك مغالاة، إن نحن قلنا إن الدولة السودانية، لا تُسمى دولةً، إلا تجوُّزًا. فالدولة الموروثة من الحقبة الاستعمارية، التي كانت متماسكةً، ومتسمةً بقدرٍ، كبيرٍ، من الفاعلية، أخذت في التدهور، مع إعلان الاستقلال، واستمرت في التدهور، حتى وصلت إلى الحالة المزرية، التي هي عليها اليوم. فشأن الدولة السودانية بعد الاستقلال يحكي، باختصار، ما يكون عليه الحال، حين تُوسَّد الأمور إلى غير أهلها. من أبلغ الأدلة على هشاشة الدولة السودانية، إلى جانب العلائم الأخرى، الكثيرة، الدالة على ذلك، عدم الاستعداد لمجابهة الكوارث، والتصدي لها على النحو المطلوب.تستعين الدول ببعضها، حين تحدث فيها الكوارث؛ خاصةً، حين يكون حجم الكارثة أكبر من حجم الاستعدادات المتاحة، ولا غضاضة البتة في ذلك. لكن، ليس من المقبول، أبدًا، ألا تملك دولةٌ ما، الحد الأدنى من الاستعداد لمجابهة الكوارث. فما ظللنا نراه عبر عهود الحكم، المدني، منها، والعسكري، أن إدارة الكوارث تتحول، في معظمها، إلى حملة علاقاتٍ عامةٍ، تُدار من خلال الأجهزة الإعلامية، المدجَّنة، الناطقة، دومًا، بصوت التنفيذيين، المسبِّحة بحمدهم.رأينا الفيضانات، مرارًا. ورأينا كيف ينتهي الأمر، بحملة إعلامية للعلاقات العامة، وسيلٍ معتادٍ من حديثٍ، فارغٍ، مكرورٍ، يطلقه المسؤولون، وينصرفون. ولا نلبث أن نرى بضع طائرات تأتي من الدول الشقيقة، والصديقة، حاملة بعضًا مما يسعف، ويخفف. أما الذي ينقذ المتضررين، حقيقةً، في كل مرة، فهو شبكة علاقاتهم الاجتماعية، في هذا المجتمع الفاضل، الذي رُزء، عبر تاريخه، بحكَّامٍ فارغي العقول، ميِّتي القلوب. ولربما تحكي الآية الكريمة، القائلة: "أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍۢ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ؟"، حال حكامنا، منذ الاستقلال، وإلى يومنا هذا، أفضل حكاية. تتكرر الكوارث، من حينٍ لآخر، ويظل العجز عن إدارتها، بكفاءةٍ واقتدارٍ، كما هو.لقد آن الأوان، أن نخرج من هذه الدائرة الشريرة، غير المنتجة. ودعونا نجعل من هذه الثورة المباركة، وجائحة كورونا، فرصةً للتخطيط العلمي الحاذق، بخلق مخزونٍ قومي، كافٍ، من الذرة، ومن القمح، ومن الدخن، ومن الوقود، ومن غير ذلك، من كل ما هو ضروري، لمجابهة أخطار الندرة، التي تحدث بسبب المناخ، أو بسبب الحروب. وكذلك، خلق بنيةٍ مهيأةٍ لمواجهة أخطار الأوبئة. من الضروري جدًا تشييد مرافق صحية، يمكن وضعها في حالة الاستعداد بسرعة، للعزل، في حالات الأوبئة. وأن تكون في كل المدن الكبرى، وفي كل المنافذ البرية، مع دول الجوار، تحوطًا لمثل ما يواجهنا الآن. ومن الضروري، في هذا الصدد، أن ننشئ إدارةً ثابتةً، لهذه المرافق القومية، الحيوية، للتصدي للكوارث، بعيدًا عن أي تسييس. فيقيني الراسخ، أن بلادنا ليست فقيرة، حقيقةً؛ لا من حيث المال، ولا من حيث الكوادر البشرية. فقط، أولوياتها مقلوبة، ومكوناتها، لا تعمل في تناغم.

Post: #2
Title: Re: الدوله والاستعداد للكوارث. د.النور حمد
Author: Salah Musa
Date: 03-23-2020, 11:26 AM

حركة المرور والوقت والحداثة

النور حمد

صحيفة التيار 23مارس 2020

يقتضي تقدم الحياة البشرية، وخاصةً في مجال الاقتصاد، والتنمية، سرعةً في الحركة. من أجل هذا تطورت وسائل النقل، وتعددت، وتضاعفت سرعاتها، عبر الزمن. في هذا الباب، تحسنت هندسة خطوط السكة الحديد، ووصلت سرعات القطارات إلى ما يزيد عن خمسمائة كيلومتر في الساعة. كما أصبح إنشاء الطرق السريعة، الرابطة بين المدن، والأقطار، والقارات علمًا هندسيًا، قائمًا بذاته. أيضًا، تقدمت وسائل ضبط، وتنظيم، حركة المرور، داخل المدن الكبيرة، من أجل تحقيق أكبر قدر من سهولة التحرك. عمومًا، كان الغرض من وراء كل تلك الجهود المضنية التي استغرقت قرنًا، ويزيد، تحقيق أكبر قدرٍ من اختصار الوقت، بين نقطة ما، وأخرى. ويجري التعبير عن كل هذا المنحى، وفقًا لعبارة الغربيين، القائلة: "الوقت هو النقود" (Time is money). أي حين تخسر الزمن، فأنت تخسر مالا.

سارت الأمور في السودان بعكس هذا تمامًا. كانت سكة الحديد، منضبطةً في حقبة الاستعمار. وما أن جاء الحكم الوطني، بدأت تفقد انضباطها. ثم ما لبثت، أن أصبحت، على يد الإسلاميين، أثرًا بعد عين. في أخريات حقبة الانقاذ الكئيبة، حاولوا إعادة تأهيلها، ولكن من أجل نهب المال العام، لا من أجل التنمية، والتحديث. أعادوا إنشاء القضبان بين الخرطوم وعطبرة، والخرطوم ومدني، بصورة سيئة. فأصبحت سرعة القطار لا تتعدى 40 كيلو مترًا، في الساعة. وقد كانت قاطرات البخار، تسير، في ستينات القرن الماضي، بأسرع من ذلك. أما الخطوط الجوية، والخطوط البحرية، والنقل النهري، فقد أصبحت، كلها، أثرًا بعد عين. كما تدهورت الطرق البرية، بضعف الصيانة، واكتظت بنقاط التفتيش، التي تشل حركة المرور، وامتلأت بالحفر. فأصبحت الحوادث، وفقدان الأرواح بالعشرات، على هذه الطرق روتينًا، شبه يومي.

أما أكبر تجسيد لهذه الأزمة فتمثله العاصمة القومية، التي أوشكت حركة المرور فيها، أن تصل إلى حالة الشلل التام. وأصبح أي مشوارٍ، من أمدرمان إلى الخرطوم، على سبيل المثال، لقضاء مهمةٍ واحدةٍ، يستغرق اليوم كله. مع ذلك، يستمر الترخيص للمركبات الجديدة الصغيرة؛ من سيارات صالون، وحافلات صغيرة الحجم، وركشات، وتُك تُك، وغيرها، مع انصرافٍ، لافتٍ، عن التفكير في وسائل أكبر للنقل العام. ويستمر هذا المنحى الضار بالاقتصاد، وبالبيئة، بلا تفكير في سعة الشوارع. فبلادنا، في عموم حالها، تسير إلى الوراء، ونوشك، الآن، أن نفقد السيطرة على مسارها هذا. فالنمو الاقتصادي، وجذب الاستثمارات، وإنعاش السياحة، تعتمد، كلها على ما تحققه الدولة من سرعةٍ، وسهولةٍ، في التنقل. ثم الحفاظ، باستمرار، على زيادة معدل تلك السرعة. وكلُّ بلد أصبحت أموره، خارج نطاق هذه المعادلة، فهو، بلا ريبٍ، خارج نطاق الحداثة، ولا ينبغي له أن يحلم بمكانٍ، مرموقٍ، في عالم اليوم.