عفواً أيها الكوميديان ... البندقية تخيف الكيزان كتبه اسماعيل عبد الله

عفواً أيها الكوميديان ... البندقية تخيف الكيزان كتبه اسماعيل عبد الله


12-24-2025, 10:34 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1766615665&rn=0


Post: #1
Title: عفواً أيها الكوميديان ... البندقية تخيف الكيزان كتبه اسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 12-24-2025, 10:34 PM

10:34 PM December, 24 2025

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر




ليس تبخيساً للدراما الساخرة والهتاف الثوري، ودوره في حشد الشارع للإطاحة بالدكتاتوريات، لكن نموذج دويلة الإخوان الثيوقراطية لا يخيفها الهتاف، وأن أكثر ما يرعبها فوهة البندقية، ولولا هذه البندقية المضادة لبندقيتها والمنحازة لقوى الثورة، لما أزيح رأس النظام. في رحلتها الممتدة منذ أول انقلاب عسكري، لم تأل القوى المدنية جهداً في تدبيج الوجدان الوطني بأرقى القصائد الثائرة، الخارجة من الحناجر الفاخرة، من العملاق محمد عثمان وردي وشعراءه – محجوب شريف، الفيتوري، محمد المكي إبراهيم وغيرهم، إلى الموسيقار محمد الأمين والأستاذ أبو عركي البخيت، وختاماً عملاق الملاحم الثورية الرمزية، الراحل مصطفى سيد احمد، والجهابذة من شعراء الجيل الثاني – محمد الحسن سالم حميد، أزهري محمد علي، هاشم صديق، شمو، خطاب، حافظ عالم وكثيرين لا تسع الصفحة لذكرهم، كل هذا الزخم الجميل والحماس النبيل، لم يكسر شوكة الإرهاب الإخواني، وللأسف بعض منهم هادن العسكر الإخوانيين، بعد نجاح الثوار في إرغام أنف الطغيان الكهنوتي، أتى أحد الذين ينتسبون لهذا الحراك الثوري زوراً، بنذير الشؤم الجنرال البرهان، إلى ساحة التحرير (باب القيادة)، وأمسك بذراعه ورفعها عالية أمام الثوار، إيذاناً بتولي جنرال آخر لحقبة جديدة من حقب الدم والموت والدمار، هذه غريبة من غرائب هذا الشعب الطيب، الذي يثور ضد الدكتاتورية ثم يستبدلها بطاغوت أشد.
كان احتفالاً بهيجاً مهيباً بطعم الثورة ورائحة مسك دم الشهيد "كشة" واصحابه، ساح بنا عبر الأثير الشفيف أزهري، وتمرد تروس، وضاقت أضلع الفلول زرعاً بتمرده الصادق الصريح الكاشف لزيفهم ونفاقهم، أعادت احتفالية كمبالا إلينا باحات الجامعات السودانية إبان ذروة غطرسة الإخوان، حين الصمود الباهي والشموخ السامي سمو الخلق السوداني النظيف، إنّ الضماد الأوحد لجراحنا في تلك الأيام الفاصلات من سيرة وسيرورة حياتنا، كانت أهازيج مصطفى سيد أحمد، ولولاها لما اصبحنا صناديد نقاوم رياح الكهنوت العاتية، نصد أعاصير الهوس الديني التي فتكت بكل صغير وكبير، عبرنا تلك الحقبة المظلمة من حيوات ذلك الجيل، الذي وضعه قدره على أرصفة بدايات رحلة عهد الدولة الثيوقراطية البوليسية، التي تدرب أفراد عصاباتها على تعذيب أجساد طلاب الجامعات والنساء الكادحات، اللائي يفترشن أراضين الأسواق بحثاً عن قوت اليوم، ما يؤديه الفن بجميع ضروبه لا يمكن التقليل من أثره الكبير على جميع الانتفاضات الشعبية، من أكتوبر وأبريل وديسمبر وأبريل الثانية الأخرى، لكن، وبعد أن أنقلب عسكر الاخوان على الحكم المدني في أكتوبر من العام 2021ميلادي، ثم أشعلوا الحرب بعد أن قدم ثوار ديسمبر غصن الزيتون وأعلنوها سلمية، ليس من العقل أن يتم تكرار الخطأ نفسه، فلا سلام ولا سلمية مع من نحر السلم المجتمعي وأحال حياة الناس إلى حرب ما تزال مستعرة.
مع احترامنا الكامل للحراك الثقافي الثوري والوطني، في احتفالية ثورة ديسمبر المجيدة بالعاصمة الأوغندية، إلّا أنه وكما يقول أهلنا في مثلهم المأثور (الغش وماء الرش لا ينبت القش)، فمن ظن أن بإطلاقه لجناحي حمامة السلام، سيخرج من مؤسسات دولة لئام الكيزان إلى محاكم الحق فهو ساذج حلمان، فلا الأعلام البيض توقف صلف عسس الاخوان، ولا رايات إرهاب داعش السوداء ستنحني لمجرد أن خلع كوميديان السودان السراويل والقمصان، تمرداً وتأكيداً على استمرارية النضال وحدوث الطوفان، فليعمل الفنانون والمبدعون والشعراء والموسيقيون على ذات النمط والمسار، ويهب المقاتلون للساحات ومواجهة مليشيات الإرهاب وسماسرة الإخوان، فليس بالشعر والخبز وحدهما يحيا الإنسان، وليس بهما يموت وينتهي الطاغوت ومن ثم يرفع الآذان، ولا بناعم القول وأغاني (الحوت) يسدل الستار ويبتهج من بداخل الصيوان. الناظر لحال الخرطوم بعد أن سيطرت عليها كتائب الظلام، يرى ملامح الدويلة الداعشية القادمة بكل وضوح رؤية أهل السودان، فهذه الكتائب الإخوانية الهوجاء المتخصصة في تعقب المواطنين الأبرياء والتجسس عليهم، وشنقهم وذبحهم بحجة عدم مغادرتهم المدن بعد هروب حامي الحمى جيش البرهان، ولسان حالها يقول لمن ضج واحتفل وصان، أن اقعدوا هناك واحتفلوا بكل أمان، وطالما أن هذا هو سلاحكم فإننا لن نخف ولن نذل ولن نهان من أجل السودان.