Post: #1
Title: مبادرة السلام السودانية في الأمم المتحدة: خطاب يطرح الحلول ويتجنب التسميات كتبه آدم أبكر عيسى
Author: ادم ابكر عيسي
Date: 12-24-2025, 00:14 AM
00:14 AM December, 23 2025 سودانيز اون لاين ادم ابكر عيسي-السودان مكتبتى رابط مختصر
أصداء الوعي
ــــــــــــــــــــــــــ
في خطابه أمام مجلس الأمن الدولي، طرح رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس ست قضايا أساسية لمبادرة السلام والمصالحة ووقف الحرب، ركزت على خطوات عملية لإنهاء الصراع. تضمنت مقترحاته وقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الدعم السريع من المناطق التي تتواجد بها، وتسهيل عودة النازحين مع نزع سلاح المليشيات، بالإضافة إلى إعادة دمج المقاتلين السابقين في المجتمع من خلال برامج تأهيل وتوفير فرص عمل. كما دعا إلى حوار سوداني-سوداني للاتفاق على التحول الديمقراطي، وتحقيق عدالة شاملة غير انتقائية ومصالحة وطنية.
لكن الخطاب الحكومي، رغم أهميته، بدا حذراً في تسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية. ففي الوقت الذي يجب أن تتسم فيه مخاطبة العالم بالوضوح والشفافية مع ذكر الأطراف الضالعة في حرب السودان، جاء الخطاب خالياً من الإشارة إلى الجهات التي يتهمها كثيرون بالوقوف وراء دعم المليشيات، وهي دولة الإمارات العربية المتحدة، التي توفر معسكرات تدريب والغطاء الجوي لنقل المؤن، وتقدم منظومات التشويش وأحدث أسلحة من الصين واليابان وولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. كما أنها تؤمن ممرات إمداد عبر دول الجوار مثل تشاد وليبيا ونيجيريا وجنوب السودان وكينيا وإثيوبيا.
كما تجاهل الخطاب ذكر ما تشير إليه تقارير عن تجنيد مرتزقة عبر شركات أمنية عابرة للحدود، رغم الأدلة المتصاعدة على انتهاكات شنيعة ارتكبتها هذه المليشيات في مختلف ولايات السودان. من مقتل والي غرب دارفور خميس أبكر، إلى المجازر الممنهجة ضد قبائل مثل المساليت في الجنينة، مروراً بأحداث قرية ود النورة في ولاية الجزيرة، وانتهاكات الخرطوم التي شملت حرق الجثث، وصولاً إلى الحصار المروع في الفاشر ومعسكر زمزم للنازحين، الذي وصفته منظمات حقوقية بأنه من أفظع ما شهده التاريخ منذ حصار هولاكو بغداد في فبراير 1258م، عندما دخلها بعد هزيمة الجيش العباسي، فقتلوا مئات الآلاف (تقدر الأرقام بين 800 ألف ومليون و800 ألف)، وأحرقوا المدينة، ودمروا بيت الحكمة، وألقوا الكتب في دجلة حتى تغير لونها. بلون الدعم تغيرت طرقات مدينة الفاشر بلون دماء أهلها حينما دخلوها الجنجويد.
ويشبّه أفلاطون الطاغية بالذئب لأنه يذوق بلسانه دم أهله بقتلهم وتشريدهم. إن أهم ما يشبه الطاغية قديماً وحديثاً هو رفضه للرأي المخالف. وقد كان بروز طغاة الإغريق في فترة الأزمات هو المبرر الذي يسوغون به طغيانهم؛ وهو نفس التبرير الذي يُستخدم في عصرنا الحاضر لتبرير جرائم القتل والتشريد والانتهاكات التي حدثت في السودان في عهد الجنجويد، حيث لا يزال العالم يبرر لها عبر أوجه مختلفة.
ورغم أن ممثلي دول مثل بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة تحدثوا عن انتهاكات من الجانبين، بما في ذلك القوات المسلحة السودانية، فإن الخطاب الحكومي لم يطالب رسمياً بتصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية، ولم يستغل الفرصة للرد على الاتهامات الموجهة من ممثلي تلك الدول أو الرد علي هرطقات دويلة الشر.كان بالامكان أخذ فرصة الرد عليها، رغم الدعم الذي حظيت به السودان من دول صديقة خلال الجلسة.
يظل السؤال: هل يكفي طرح مبادرات السلام دون تسمية الراعي والداعم الرئيسي للحرب؟ وكيف يمكن بناء مصالحة حقيقية في ظل خطاب يغيب عنه الوضوح في تشخيص جذور الأزمة؟
|
|