هندسة الخراب في السودان كتبه حافظ حمودة

هندسة الخراب في السودان كتبه حافظ حمودة


12-22-2025, 11:34 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1766403247&rn=0


Post: #1
Title: هندسة الخراب في السودان كتبه حافظ حمودة
Author: حافظ يوسف حمودة
Date: 12-22-2025, 11:34 AM

11:34 AM December, 22 2025

سودانيز اون لاين
حافظ يوسف حمودة-Sudan
مكتبتى
رابط مختصر




في محاولة لفهم جذور الأزمة السودانية المستمرة ، يبرز تقرير المركز الأفريقي للتنمية المحلية – وحدة التوثيق الدولية ( رقم 4/2025 ، ديسمبر 2025 ) كوثيقة استثنائية بموثوقيتها العالية ومرجعيتها فائقة الدقة والمصداقية ولتعدد مصادرها الدولية المستقلة . اعتمد هذا المقال حصريًا على هذا التقرير التوثيقي غير المنحاز سياسيًا ، والذي جمع بين الشهادات المباشرة من قيادات إسلامية وعسكرية سودانية ، وتقارير منظمات دولية رفيعة المستوى كالأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش ومجموعة الأزمات الدولية، ليرسم صورة موثقة للعلاقة الجدلية بين الحركة الإسلامية السودانية والمؤسسة العسكرية .

يكشف التقرير أن انقلاب الثلاثين من يونيو 1989 مثبتا بالأدلة القاطعة ، كان تتويجًا لاستراتيجية ممتدة بدأت فعليا عبر عقدين من الزمن . أستهدفت هذه الخطة إختراقا ممنهجا للكلية الحربية ومفاصل القيادة ، محولا العقيدة العسكرية تدريجيا من حماية السيادة الوطنية إلي خدمة الأجندة الايدولوجية للتنظيم عبر ما عرف لاحقا بالتكليف التنظيمي المباشر للضباط .

فقد اعترف الدكتور حسن الترابي ، الأمين العام للحركة الإسلامية ، صراحة بأن الانقلاب "كان عملاً خططت له الحركة الإسلامية ونفذه ضباط ينتمون إليها تنظيميًا" . وأكد علي عثمان محمد طه ، نائب رئيس الجمهورية الاسبق ، أن هؤلاء الضباط كانوا "يعملون داخل القوات المسلحة بتكليف تنظيمي من المكتب السياسي" ، مما يكشف عن آلية مؤسسية منظمة تجاوزت الانتماء الشخصي إلى التخطيط المركزي .

الأخطر من ذلك ، يوثق التقرير أن عملية الاختراق المؤسسي بدأت منذ منتصف السبعينيات ، حيث كانت الحركة تبني شبكة سرية داخل الجيش بصبر استراتيجي . هذا ما أكده الزبير محمد صالح بقوله إن الحركة " أعدّت كوادرها داخل القوات المسلحة منذ أوائل السبعينيات " . وتتطابق هذه الاعترافات الداخلية مع تحليلات دولية مستقلة ، حيث وصف البروفيسور أليكس دي وال من جامعة هارفارد الجيش السوداني بأنه أصبح "الذراع التنفيذي للحركة الإسلامية" .

والمثير للقلق أن التقرير يؤكد استمرار آثار هذا الاختراق حتى بعد سقوط نظام البشير عام 2019 . فقد اعترف الفريق عبد الفتاح البرهان بوجود "تمكين سياسي داخل مؤسسات الدولة بما فيها القوات المسلحة"، بينما أكد محمد حمدان دقلو (حميدتي) أن "الإسلاميين اخترقوا الجيش والأمن" . ووثقت تقارير الأمم المتحدة استخدام هذه الشبكات في أنشطة غير قانونية كتمويل الجماعات المسلحة عبر ميزانيات موازية .

للاطلاع على التفاصيل الكاملة والشهادات الدولية المباشرة ، يُنصح بمراجعة التقرير الموثق عبر الرابط : https://2u.pw/mUnTmOhttps://2u.pw/mUnTmO

تكمن خطورة هذه الجماعة في أنها حولت مؤسسة وطنية محايدة إلى أداة أيديولوجية ، مما أفقد الدولة السودانية توازنها ومهنيتها . كل الدمار والانقسامات والحروب الأهلية التي شهدها السودان على مدى ثلاثة عقود ، كانت ثمرة مباشرة لهذه السيطرة التنظيمية المنهجية على المؤسسة العسكرية ، التي حولت الجيش من حامٍ للوطن إلى حارس لمشروع سياسي ضيق ، تاركًا البلاد في دوامة من الصراعات لا تزال تدفع ثمنها حتى اليوم .

حافظ يوسف حمودة
21 ديسمبر 2025