حرب التيارات الفكرية و سودان المستقبل كتبه زين العابدين صالح عبد الرحمن

حرب التيارات الفكرية و سودان المستقبل كتبه زين العابدين صالح عبد الرحمن


12-22-2025, 03:25 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1766373959&rn=0


Post: #1
Title: حرب التيارات الفكرية و سودان المستقبل كتبه زين العابدين صالح عبد الرحمن
Author: زين العابدين صالح عبد الرحمن
Date: 12-22-2025, 03:25 AM

03:25 AM December, 21 2025

سودانيز اون لاين
زين العابدين صالح عبد الرحمن-استراليا
مكتبتى
رابط مختصر





من المفارقات الكبيرة في الصراع السياسي، و رسم خرائط الحلول في السودان. وقفت شخصيا أمام ظاهرة مهمة في العملية السياسية، و أنا بكتب في كتاب عن "الأزمة السياسية و البحث عن الحلول".. أردت أن اتتبع ما تقدمه القيادات الحزبية، و تصورهم للأزمة من الثورة إلي الحرب، و فقط في ثلاثة فصول بحثت فيها عن الشخصيات التي تتعامل مع الأزمة من خلال أشغال الذهن و الإنتاج الفكر. و الفوصول التي ركزت عليها عناوينها " إشكالية الأحزاب السياسية في السودان – كيفية إصلاح الأحزاب السياسية في السودان – الحلول و الديمقراطية " وجدت أن الأهتمام من خلال قراءات لبحوث و مقالات نشرت في الصحف السودانية و مراكز للبحوث و الدراسات.. أن الكتابات قد انحصرت في تيارت الفكر الأيديولوجي يمينا و يسارا. و خاصة اليسار الماركسي و الإسلاميين.. و إذا تم استثناء إبراهيم البدوي الذي قدم أطروحة عن ما سماه " الاقتصاد الديمقراطي" في عملية النهضة الاقتصادية.. وجدت أن الاجتهادات قد انحصرت في التيارين مما يدل أنهما يمسكان بمفتاح الإضاءة العقلية.. رغم أن بعض الكتابات في اليسار عجزت الخروج من شرنقة الخصومة و مسك طريق الموضوعية.ز و هذه لها قياسات أخرى. حتى لا يتعرض صاحبها لحملة تخرجه من الملة " قتل الشخصية"..
أن أغلبية الأحزاب ألأخرى، تعيش في حالة من الفقر المدقع في الإنتاج الفكري، و هذه هي الإشكالية التي تواجه النخب السودانية.. لآن طبيعة الصراع التي استمرت من بعد ثورة أكتوبر 1964حتى الآن 2025م، هي محور الإشكالية في السودان، و حتى إذا وقفت الحرب سوف تستمر.. كان الصراع في البداية بدأ بين الوطني الاتحادي و الحزب الشيوعي منذ أوائل الخمسينات حتى ثورة أكتوبر 1964م.. و بعد هذا التاريخ ظهرت الحركة الإسلامية بنسختها الجديدة، بقيادة الدكتور حسن عبد الله الترابي. حيث بدأ الصراع بين الكتلتين " الحزب الشيوعي – الحركة الإسلامية " لكن للأسف اتخذ الصراع النتائج الصفرية، لذلك لم ينتج أية أدب سياسي يغذي الساحة السياسية، و هي المرحلة التي تمت فيها عملية تجريد الساحة من إنتاج المعرفة الاستنارية، حيث أن الاستنارة تلعب دورا مهما في تغذية الثقافة الديمقراطية، و لكن للأسف كان المنتج ثقافة شمولية تحد من حوارات التيارات الفكرية.. و ظلت الثقافة الشمولية هي التي تدار بها السياسية، إذا كانت بين القوى السياسي، أو حتى داخل المؤسسات الحزبية نفسها التي أصابها العقم المعرفي..
ألملاحظة أن الذين كتبوا بصفتهم الفردية و ليس بالصفة الحزبية، و يعرف المرء الميل السياسي من تناول القضايا التي تبين المرجعيات الفكرية.. نجد أن الأحزاب بعيدة تماما عن تقديم مشروعات سياسية للحل. و اكتفت بعض الأحزاب فقط ببيانات، أو تطلق شعارات، و هي رمزية و إشارة الى الجدب الفكري في هذه المؤسسات الحزبية، و لكن هناك عناصر مجتهدة تكتب باستمرار لتقدم رؤى و حلول ، و من المفترض أن تثير حوارا يفتح نوافذ للحوار، لكي يخفف حالة الاحتقان السائدة في الساحة السياسية.. أن الصراع بين التيارين الأيديولوجين " شيوعي – اسلامي" يحتاج إلي قوى سياسية تلعب دور اساسي لكي تخفيف حالة الاحتقان، و تصبح مثل "الفلين" بين الأدوات الزجاجية. ليس كما تفعل بعض الأحزاب الآن في تشجيع حدة الصراع لمكاسب شخصية و ليست عامة..
كان الاتحاديون يلعبون هذا الدور من قبل، و لكن بعد 1985م، و سطوة الطائفة على الحزب، ضعف دور الاتحاديين في خلق التوازن السياسي، لآن هذه المهمة تحتاج إلي قوى فاعلة تسمع للكل و تقدم أطروحات توفيقة تقود إلي تحويل الصراع من صفري و إقصائي إلي صراع يقبل كل جانب أن يتحاور مع الأخر.. هذه هي عقدة السياسية في السودان.. أما الأحزاب الأخرى، هي أحزاب وظيفية توجد على هامش الصراع، و لا تستطيع أن تقدم اسهامات فكرية لحل الأزمة، لأنها منذ بدايات تكوينها اعتمدت على الشعارات، و لم تقدم أية اسهامات فكرية تبين أنها تستطيع أن تلعب دور ريادي في مستقبل السودان، و في صراعها الآن اعتمدت على النفوذ الخارجي ليكون لها رافعة للسلطة، مقابل تنفيذ أجندته، أما حزب "الأمة القومي" هو الآن يعاني من إشكالية بنيوية و فكرية بعد رحيل الأمام، و جاءت الحرب لكي تجعله في موقف لا يستطيع أن يتخذ موقفا حاسما، باعتبار أن الحرب أنتقلت إلي مناطق نفوذه و لكن بأجندات مغايرة جعلت الحزب نفسه في حالة توهان..
أنني لا أجد غير مقولة الدكتور الشفيع خضر التي قالها في ندوة جامعة الزعيم الأزهري الأيام الأولى في الثورة ( لابد من مساومة تاريخية بين الأسلاميين و الشيوعيين) حتى تعبد طرق الحوار الوطني، و الخروج من الأزمات المتكرر للبلد.. البلاد في حاجة إلي منهجية تاريخية تعيد للفكر دورها في صناعة الاستقرار و تطور المجتمع.. و لآن الكل ذهب إلي تجميد دور العقل من خلال دعوات الإقصاء و الصراع الصفري، هذه سياقات قاتلة للعقل و تمنعه من التفكير في البحث عن الحلول الممكنة، و تساعد العقل على الخروج من الشرنقة التي وضعته القوى السياسية داخلها.. نسأل الله حسن البصيرة..