كيف تدهورت الأوضاع المعيشية والاقتصادية بعد الاستقلال؟ كتبه تاج السر عثمان

كيف تدهورت الأوضاع المعيشية والاقتصادية بعد الاستقلال؟ كتبه تاج السر عثمان


12-19-2025, 03:47 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1766116047&rn=0


Post: #1
Title: كيف تدهورت الأوضاع المعيشية والاقتصادية بعد الاستقلال؟ كتبه تاج السر عثمان
Author: تاج السر عثمان بابو
Date: 12-19-2025, 03:47 AM

03:47 AM December, 18 2025

سودانيز اون لاين
تاج السر عثمان بابو-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





١
نتابع بمناسبة الذكرى ال ٧٠ للاستقلال من داخل البرلمان والذكرى السابعة لثورة ديسمبر كيف تدهورت الأوضاع المعيشية والاقتصادية بعد الاستقلال؟.
أشرنا في دراسة سابقة إلى ارتباط السودان مرة اخري بالنظام الرأسمالي العالمي بعدالاحتلال الانجليزي للسودان عام 1898م، وعاد الاقتصاد السوداني مرة اخري للتوجه الخارجي ، اى اصبح الاقتصاد خاضعا لاحتياجات بريطانيا ومد مصانعها بالقطن( كان القطن المحصول النقدي الرئيسي، ويشكل 60% من عائد الصادرات)، وتم تغليب وظيفة زراعة المحصول النقدي علي وظيفة توفير الغذاء للناس في الزراعة. هذا اضافة لسيطرة الشركات والبنوك البريطانية علي معظم التجارة الخارجية، وارتباط السودان بالنظام الرأسمالي العالمي، وفي علاقات تبادل غير متكافئة، صادرات:مواد أولية(قطن، صمغ، ماشية، جلود،..)، وواردات سلع رأسمالية مصنعة. في عام 1956م، كان 72% من عائد الصادرات تتجه الي اوربا الغربية وامريكا الشمالية، و50% من الواردات تأتينا منها، أى كان الاقتصاد السوداني في ارتباط وثيق مع النظام الرأسمالي العالمي.
كان مجموع الواردات والصادرات تشكل 40% من اجمالي الناتج القومي، هذا اضافة لتصدير الفائض الاقتصادي للخارج فعلي سبيل المثال في الفترة: 1947 – 1950م، كانت ارباح شركة السودان الزراعية اكثر من 9,5 مليون جنية استرليني، تم تحويلها الي خارج البلاد.
و كانت الصناعة تشكل 9% من اجمالي الناتج القومي ، واجهض المستعمر اى محاولات لقيام صناعة حرفية وطنية ، كما تم تدمير صناعة النسيج والاحذية التي كانت موجودة خلال فترة المهدية، بعد أن غزت الأقمشة والاحذية الرأسمالية المستوردة السوق السوداني. وكان نمط التنمية الاستعماري الذي فرضه المستعمر يحمل كل سمات ومؤشرات التخلف التي يمكن تلخيصها في الآتي:
90% من السكان يعيشون في القطاع التقليدي، قطاع تقليدي يساهم ب56,6% من اجمالي الناتج القومي، القطاع الزراعي يساهم يساهم ب61% من تكوين الناتج المحلي، ضعف ميزانية الصحة والتعليم، تتراوح بين(4- 6%)، كان دخل الفرد 27 جنية مصري، اقتصاد غير مترابط ومفكك داخليا ومتوجه خارجيا، تنمية غير متوازنة بين أقاليم السودان المختلفة.
٢
بعد الاستقلال استمر هذا الوضع ، وتم اعادة انتاج التخلف واشتدت التبعية للعالم الخارجي أو التوجه الخارجي للاقتصاد السوداني: ديون بلغت أكثر من ٦٠ مليار دولار، انخفاض قيمة العملة والارتفاع في الاسعار مع ضعف المرتبات، ظهور طبقة رأسمالية طفيلية اسلاموية استحوذت علي الجزء الأكبر من السلطة والثروة، عجز غذائي( مجاعات)، حروب أهلية، تصنيع فاشل، اشتداد حدة الفقر حتي أصبح أكثر من ٧٠% من السودانيين يعيشون تحت خط الفقر حسب الاحصاءات الرسمية، اضافة لانهيار القطاعين الزراعي والصناعي وانهيار وخصخصة خدمات التعليم والصحة، انهيار القيم والاخلاق، وانتشار الفساد بشكل غير مسبوق، واصبحت البلاد معتمد علي سلعة واحدة: الذهب والبترول بدل القطن سابقا، وحتي عائدات البترول فقدت البلاد حوالي ٧٥% منها بعد انفصال الجنوب ولم يذهب جزء من عائداته لدعم الصناعة والزراعة والتعليم والصحة والخدمات' بل تم تهريب عائداته التي تقدر بأكثر من مائة مليار دولار للخارج' وكذلك الذهب يتم تهريب أكثر من ٧٠ ٪ من عائداته للخارج' واستمر التهريب مع الحرب الجارية من الرأسمالية الطفيلية المدنية والعسكرية في طرفى الحرب.
٣
استمر التدهور حتى انفجار ثورة ديسمبر التي قطع الطريق أمامها انقلاب اللجنة الأمنية ومجزرة فض الاعتصام والتوقيع على الوثيقة الدستورية التي كرست حكم العسكر والدعم السريع والمليشيات وقننت الدعم السريع دستوريا' وحتى تلك الوثيقة الدستورية المعيبة لم يتم الالتزام بها' بل تم الانقلاب عليها في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١ الذي اعاد التمكين للإسلاميين والأموال المستردة للفاسدين وقاد للحرب اللعينة الجارية حاليا التي ادت إلى جرائم الحرب من إبادة جماعية وتطهير عرقى واسترقاف واغتصاب وعنف جنسي' وتدمير البنيات التحتية ومرافق الدولة الحيوية والمصانع والأسواق والبنوك ومواقع الإنتاج الصناعي والزراعي والحيواني حتى اصبح شعب السودان متلقيا المعونات بعد أن كان منتجا' كما أدت النزوح أكثر من ١٢ مليون مواطن داخل وخارج البلاد ومقتل وفقدان الآلاف من المواطنين' وتهدد بتمزيق وحدة البلاد بعد احتلال الدعم السريع الفاشر وبابنوسة وهجليج.
مما يتطلب وقف الحرب واستعادة مسار الثورة وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي' وعدم الإفلات من العقاب وتفكيك التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة ' وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية بعد الترتيبات الأمنية لحل كل المليشيات وجيوش الحركات ' وخروج العسكر والدعم السريع والمليشيات من السياسة والاقتصاد' كمدخل لتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والتعليمية والأمنية.والتنمية المتوازنة بعد التغيير الجذري لطريق التنمية الذي سارت عليه البلاد منذ الاستقلال.