Post: #1
Title: هجليج .. هل بداية الحكم الذاتي أم التقسيم كتبه د. عمر بادي
Author: د. عمر بادي
Date: 12-19-2025, 01:42 AM
01:42 AM December, 18 2025 سودانيز اون لاين د. عمر بادي-السعودية مكتبتى رابط مختصر
بقلم : عمود : محور اللقيا في الأيام الماضية كنت متربصا لأخبار الأحداث الجارية في هجليج وكيفية تقسيم إيراد نفطها بين حكومتي بورتسودان ونيالا ولكن لم ترشح أي أخبار عن ذلك، واليوم رشح على لسان الخبير الأمريكي في شؤون أفريقيا كاميرون هدسون أن الدعم السريع سوف يتلقى مبلغ 200 ألف دولار يوميا أي 6 مليون دولار شهريا من دخل نفط هجليج من الحكومة السودانية. الذي حدث في هجليج أنه في يوم 10 ديسمبر الجاري إنسحب اللواء 90 الذي يتبع للجيش السوداني ويقوده العميد ركن طارق مختار محمد ومعه 1710 فردا منهم 60 ضابطا إنسحبوا جميعا من منطقة هجليج إلى ولاية الوحدة في جنوب السودان، وقال العميد ركن طارق مختار إنه إنسحاب من مرفق إستراتيجي حتى لا يطاله الدمار وحتى تستفيد منه الأطراف الثلاثة التي إتفقت على ذلك وهي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وجيش دفاع شعب جنوب السودان. كان الإتفاق أن ينسحب الجيش السوداني والدعم السريع من هجليج ويبقى جيش جنوب السودان في حقول هجليج لتأمينها. ليت المتحاربان قد إنتبها إلى عدم إهدار الثروات القومية السودانية في حربهما منذ البدء، فلم يطال الدمار محطات توليد الكهرباء والمحطات التحويلية ومحطات تنقية المياه والمصانع المختلفة والمصارف والمتاحف القومية والمستشفيات..هذا خبر سار من ناحية، وهو خبر سيئ ومقلق من ناحية أخرى. مدينة أبيي في جنوب كردفان تقع في منطقة هجليج ومن ضمن أراضي قبيلة المسيرية، وكانت حدود كردفان مع مديرية بحر الغزال في جنوب السودان تقع على بحر العرب. قبل بضعة عقود حدث نزاع في قبيلة الدينكا في بحر الغزال فنزحت مجموعة منهم يسمون دينكا نقوق وعبروا بحر العرب وطلبوا من زعيم قبيلة المسيرية أن يسمح لهم بأن يستقروا بجوارهم فتم لهم ذلك، ومع مرور الزمن صارت أبيي تضم المسيرية والدينكا وتعايشوا معا. في يوليو 2009 صدر قرار من محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي يثبّت إقامة عشائر دينكا نقوق التسع في أبيي، ولكن يبقى الخلاف في ترسيم الحدود مع جنوب السودان. في يوم 09 يوليو 2011 أُجري الإستفتاء لجنوب السودان وكانت نتيجته 98.8% من الأصوات تؤيد إنفصال جنوب السودان، وعند ترسيم الحدود مع السودان طالب ممثلو جنوب السودان أن تتبع منطقة أبيي إلى جنوب السودان، وهجم جيش دولة جنوب السودان على منطقة هجليج وقام بإحتلالها لمدة 10 أيام ثم ردتهم على أعقابهم القوات السودانية المسلحة، ولا زال الخلاف قائما، فقرار تحكيم محكمة العدل الدولية في لاهاي في نزاع المنطقة الحدودية حول أبيي أعطى حقول نفط هجليج لشمال السودان بينما أعطى إستفتاء تقرير مصير أبيي لساكنيها من دينكا نقوق فقط، ورغم إلتزام الطرفين المسبق بقرار المحكمة إلا أنه لم تتم موافقة حكومة السودان على قرار التحكيم هذا نسبة لما أنتجه من إجحاف لقبيلة المسيرية التي تسكن أيضا في أبيي وتتنقل بابقارها جنوبا في موسم الصيف إلى حدود جنوب السودان في بحر العرب. بعد إنفصال جنوب السودان قام جيشه بغزو هجليج وإحتل أبيي ودارت الحرب بينه وبين الجيش السوداني حتى إنسحب، وهذه المرة تقدم جيش دولة جنوب السودان وإستقر في هجليج بلا حرب، ترى كم سيطول بقاؤه؟ لقد تم إكتشاف النفط في منطقة هجليج التي تقع فيها مدينة أبيي وإستخرج إنتاج حقل هجليج بكميات معتبرة، بينما صار موقع أبيي متاخما لحدود دولة جنوب السودان من الجهة الشمالية. إن إنتاج حقل هجليج كان في بدايته يساوي 120 الف برميل يوميا ثم تناقص إلى 80 ألف برميل يوميا قبل الحرب وحاليا يعادل 30 الف برميل يوميا، بينما إنتاج ولاية الوحدة من حقولها الثمانية في دولة جنوب السودان كان في عام 2011 يعادل 350 ألف برميل يوميا ثم تناقص حاليا إلى 150 ألف برميل يوميا ويذهب جزء منه إلى مصفاة الخرطوم وإلى محطة توليد كهرباء أم دباكر التي تعمل بالنفط الخام الجنوبي ويتم تصدير الباقي عن طريق خطين لأنابيب النقل إلى ميناء بشائر على البحر الأحمر، ويتلقى السودان رسوم النقل بينما تتلقى دولة جنوب السودان ثمن النفط المستهلك في محطة توليد أم دباكر وفي مصفاة الخرطوم وفي الصادر من ميناء بشائر. دعوني الآن أتطرق لما يحدث في ليبيا أو بالأحرى للتجربة الليبية، فمنذ مارس 2022 تكونت حكومتان في ليبيا، الأولى هي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة وتحكم من العاصمة طرابلس، والثانية هي حكومة الإستقرار برئاسة أسامة حماد وتحكم من شرق ليبيا من عاصمتها بنغازي ويدعمها مجلس النواب الليبي، ويتعامل قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر مع حكومة الإستقرار في شرق ليبيا وأيضا يتعامل في بعض الأمور مع حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس. ليبيا لا زالت دولة واحدة بدليل أن مؤسسات السيادة فيها واحدة وتغطي كل القطر رغما عن وجود الحكومتين. مثلا النفط يتم إنتاجه ونقله بخطوط الأنابيب إلى موانئ التصدير من إقليمي الحكومتين وتتقاسم الحكومتان عائد النفط. هل السودان موعود بتطبيق التجربة اللبية؟
|
|