جوبَا 2: السِّيادَةُ المُؤَجَّلَةُ وَكُرْسِيُّ السُّلْطَةِ كتبه الأمين مصطفى

جوبَا 2: السِّيادَةُ المُؤَجَّلَةُ وَكُرْسِيُّ السُّلْطَةِ كتبه الأمين مصطفى


12-16-2025, 01:11 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1765847507&rn=0


Post: #1
Title: جوبَا 2: السِّيادَةُ المُؤَجَّلَةُ وَكُرْسِيُّ السُّلْطَةِ كتبه الأمين مصطفى
Author: الأمين مصطفى
Date: 12-16-2025, 01:11 AM

01:11 AM December, 15 2025

سودانيز اون لاين
الأمين مصطفى-السودان
مكتبتى
رابط مختصر





لم يَكُنِ الخَبَرُ الَّذِي كَشَفَ عَنْهُ وَزِيرُ الإِعْلَامِ فِي جُمْهُورِيَّةِ جُنُوبِ السُّودَانِ، أَتِينْجْ وِيكْ أَتِينْجْ، مُجَرَّدَ تَفْصِيلٍ فَنِّيٍّ أَوْ تَرْتِيبٍ أَمْنِيٍّ عَابِرٍ، بَلْ جَاءَ كَاشِفًا لِمَا هُوَ أَعْمَقُ وَأَخْطَرُ: تَآكُلِ مَفْهُومِ السِّيَادَةِ الْوَطَنِيَّةِ فِي السُّودَانِ تَحْتَ ضَغْطِ صِرَاعِ العَسْكَرِ عَلَى السُّلْطَةِ وَالبَقَاءِ فِي الكُرْسِي.
الاتِّفَاقُ الثُّلاثِيُّ الَّذِي جَمَعَ عَبْدَ الفَتَّاحِ البُرْهَانَ، وَسِلْفَاكِيرْ مِيَارْدِيتْ، وَمُحَمَّدَ حَمْدَانْ دَقَلُو (حُمَيْدْتِي)، وَالَّذِي نَصَّ عَلَى تَحْيِيدِ مَنْطِقَةِ هِجْلِيجَ النِّفْطِيَّةِ وَالسَّمَاحِ بِوُجُودِ قُوَّاتِ الجَيْشِ الشَّعْبِيِّ لِتَأْمِينِهَا، لَا يُمْكِنُ فَصْلُهُ عَنْ سِيَاقِ الصِّرَاعِ الدَّاخِلِيِّ فِي السُّودَانِ. فَالْقَضِيَّةُ لَيْسَتْ نِفْطًا فَقَطْ، بَلْ مَنْ يَمْلِكُ وَرَقَةَ القُوَّةِ فِي لَحْظَةِ انْكِشَافٍ وَهَشَاشَةٍ تَامَّةٍ لِلدَّوْلَةِ.
هِجْلِيج… سِيَادَةٌ بِالْتَّفَاوُض
أَنْ تُصْبِحَ أَرْضٌ سُودَانِيَّةٌ “مُنْطِقَةً مُحَايِدَةً” بِاتِّفَاقٍ سِيَاسِيٍّ يَسْمَحُ لِقُوَّاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ بِالسَّيْطَرَةِ العَمَلِيَّةِ عَلَيْهَا، فَهَذَا يَعْنِي أَنَّ السِّيَادَةَ لَمْ تَعُدْ خَطًّا أَحْمَرَ، بَلْ أَدَاةً قَابِلَةً لِلْمُقَايَضَةِ. وَالأَخْطَرُ أَنَّ هَذِهِ المُقَايَضَةَ لَا تَجْرِي بِاسْمِ الشَّعْبِ، بَلْ بِاسْمِ جِنْرَالَيْنِ يَتَنَازَعَانِ السُّلْطَةَ وَيَخْشَيَانِ السُّقُوطَ.
مَا حَدَثَ فِي هِجْلِيجَ يُعِيدُ إِلَى الأَذْهَانِ تَجْرِبَةَ حَلَايِب فِي عَهْدِ النِّظَامِ المَخْلُوعِ، حِينَ فَضَّلَتِ السُّلْطَةُ آنَذَاكَ الصَّمْتَ وَالتَّسْوِيَفَ فِي مَلَفِّ السِّيَادَةِ مُقَابِلَ ضَمَانِ دَعْمٍ سِيَاسِيٍّ وَإِقْلِيمِيٍّ يُبْقِي النِّظَامَ قَائِمًا. الفَارِقُ اليَوْمَ أَنَّ التَّفْرِيطَ يَجْرِي عَلَنًا، وَفِي ظِلِّ دَوْلَةٍ تَكَادُ تَنْهَارُ كُلِّيًّا.
العَسْكَرُ وَمَعَادِلَةُ البَقَاءِ
مُنْذُ انْدِلَاعِ الحَرْبِ بَيْنَ البُرْهَانِ وَحُمَيْدْتِي، أَصْبَحَتِ الجُغْرَافْيَا السُّودَانِيَّةُ وَرَقَةَ ضَغْطٍ وَمَجَالًا لِلتَّنَازُلِ، كُلٌّ حَسَبَ حَاجَتِهِ. فَالبُرْهَانُ يَبْحَثُ عَنْ شَرْعِيَّةٍ إِقْلِيمِيَّةٍ وَمَخَارِجَ تُنْقِذُ مَوْقِعَهُ، وَحُمَيْدْتِي يُحَاوِلُ تَأْمِينِ مَوَارِدَ وَحُدُودٍ وَحُلَفَاءَ يُطِيلُونَ أَمَدَ صِرَاعِهِ. وَفِي الحَالَتَيْنِ، تَغِيبُ الدَّوْلَةُ، وَيَغِيبُ الشَّعْبُ، وَتَحْضُرُ المَصَالِحُ الضَّيِّقَةُ.

جوبَا 2… نُسْخَةٌ أَخْطَر

إِذَا كَانَ اتِّفَاقُ جُوبَا الأَوَّلُ قَدْ فَتَحَ البَابَ أَمَامَ تَجْزِئَةِ القَضَايَا الوَطَنِيَّةِ وَتَذوِيبهَا، فَإِنَّ “جوبَا 2” غَيْرَ المُعْلَنَةِ تَذْهَبُ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ: نَحْنُ أَمَامَ سَابِقَةٍ يُمْكِنُ أَنْ تَتَحَوَّلَ فِيهَا الأَرْضُ السُّودَانِيَّةُ إِلَى مَنَاطِقَ نُفُوذٍ تُدَارُ بِالهَوَاتِفِ وَالاِتِّصَالَاتِ الشَّخْصِيَّةِ بَيْنَ الجِنْرَالَاتِ.

خَاتِمَة
إِنَّ تَحْيِيدَ هِجْلِيجَ لَيْسَ حَلًّا، بَلْ عَرَضٌ لِمَرَضٍ أَعْمَقَ: دَوْلَةٌ يَخْتَطِفُهَا العَسْكَرُ، وَسِيَادَةٌ تُؤَجَّلُ كُلَّمَا اهْتَزَّ الكُرْسِي. وَمَا لَمْ يَسْتَعِدِ السُّودَانِيُّونَ دَوْلَتَهُمُ المَدَنِيَّةَ، فَإِنَّ حَلَايِبَ لَنْ تَكُونَ الأَخِيرَةَ، وَهِجْلِيجَ لَنْ تَكُونَ الاِسْتِثْنَاءَ، بَلْ مُجَرَّدَ فَصْلٍ جَدِيدٍ فِي كِتَابِ التَّفْرِيطِ فِي الوَطَنِ بِاسْمِ البَقَاءِ فِي السُّلْطَة.

،،،،،،،