Post: #1
Title: برهان على خطى مسيرة الردع والزواحف!!! كتبه الأمين مصطفى
Author: الأمين مصطفى
Date: 12-15-2025, 11:08 AM
11:08 AM December, 15 2025 سودانيز اون لاين الأمين مصطفى-السودان مكتبتى رابط مختصر
سارَ بُرهانُ على خُطى الزَّواحِفِ، يَتَقَدَّمُ ببطءٍ مَهيبٍ، كأنَّ الأَرضَ أَثقلُ مِن خُطاه، وكأنَّ الهَتافَ يَسبِقُهُ على وَرَقٍ ويَتَأَخَّرُ عنهُ في الواقِع. كانَ المَوكِبُ طَويلًا… طَويلًا في الخُطَطِ، قَصيرًا في البَشَر، تَتَقَدَّمُهُ شُعاراتٌ مَحفوظَةٌ وتَلحَقُهُ أَمعاءٌ خاوِيَةٌ، لا تَطلُبُ سُلطَةً ولا حُرِّيَّةً، بَل ساندويتشًا دافِئًا ضاعَ في الطَّريق. وأعادَ المَشهَدُ نَفْسَهُ بإِتقانٍ مُدهِش، كأَنَّ كُتُبَ التَّاريخِ أُعيدَت طِباعَتُها دونَ تَصحيح. فكما في آخِرِ أَيّامِ المَخلوعِ، حَضَرَتِ الوَسائِلُ وغابَ النَّاسُ؛ بَاصاتٌ تُصفِّقُ لِنَفسِها، ومَواقِفُ تَنتَظِرُ جُموعًا لَمْ تُولَد بَعد. حَتّى الطُّبولُ دُقَّت مُبَكِّرًا لِتُغطِّي على الصَّمتِ، فالصَّمتُ – إن تُرِكَ وَحدَهُ – فاضِحٌ جِدًّا. وكانَتِ الباصاتُ مِلكًا خالِصًا لِلمَكتَبِ القِيادِيِّ، تَسيرُ بأَمْرِهِ وتَعودُ بِحِسابِهِ، تُفرِغُ وَقودَها في سِجِلّاتِ الصَّرف، وتُفرِغُ أَبوابَها على فَراغٍ أَنيق. صُرِفَت فَواتيرُ جَماهیرَ جِيءَ بِها بَرًّا وبَحرًا وَخَيالًا، ثُمَّ تَبَخَّرَت قَبلَ الوُصول، كأنَّها وَعْدٌ انتِخابِيٌّ قَديم. أَمَّا السّاندويتشاتُ، فَلَمْ تَكُن مَصيرُها الغِياب؛ فالغِيابُ مِن نَصيبِ الشَّعبِ فَقَط. وَصَلَت مُرتَّبَةً إلى أَيدِي أَبناءِ المَكتَبِ القِيادِيِّ، الَّذينَ حَضَروا مُبَكِّرًا مَعَ الباصاتِ، لِئلّا يَفوتَهُم الحَشدُ الخاوِي. أَكَلوا بِشَهِيَّةِ مَن أَدّى واجِبَهُ الوَطَنِيّ، وَتَبادَلوا المَظاريفَ بِخِفَّةٍ تَدلُّ على طُولِ التَّمرين. وفي رُكنٍ جانِبِيٍّ، وَقَفَ المُصَوِّرُ، بَطَلُ المَشهَدِ الحَقيقِيّ. قَلَّصَ العَدَسَةَ، ضَيَّقَ الزّاويَةَ، رَفَعَ الهُتافَ بالصُّورةِ، وخَفَّضَ الواقِعَ إلى أَدنى دَرَجَة. مِساحَةٌ صَغيرةٌ صَنَعَت مَيدانًا، وحَفْنَةُ أَشخاصٍ أَنتَجَت أُمَّةً، ولافِتَتانِ أَنجَبَتا ثَورَةً مُؤَقَّتَةً تَعيِشُ حَتّى نِهايَةِ نَشرةِ الأَخبار. وحينَ انتهى العَرضُ، عادتِ الباصاتُ أَدراجَها، حامِلَةً بَقايا الوَهْمِ وَفَواتيرَهُ، وبَقِيَ المَيدانُ فارِغًا كَما كان، لا يَذكُرُ أَحَدًا، ولا يَفتَقِدُ أَحَدًا. هكذا تُصنَعُ المَسيرَاتُ في زَمَنِ الصُّوَر: قائِدٌ يَمشِي، وشَعبٌ لا يَأتي، وكاميرا تَكذِبُ… بِدِقَّةٍ عالِيَة. ،،،،،،
|
|