فاشر الرشيد .. من يطيّب خاطر عزيز قوم ذل ؟ كتبه إبراهيم سليمان

فاشر الرشيد .. من يطيّب خاطر عزيز قوم ذل ؟ كتبه إبراهيم سليمان


12-12-2025, 02:20 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1765506051&rn=0


Post: #1
Title: فاشر الرشيد .. من يطيّب خاطر عزيز قوم ذل ؟ كتبه إبراهيم سليمان
Author: إبراهيم سليمان/ لندن
Date: 12-12-2025, 02:20 AM

02:20 AM December, 11 2025

سودانيز اون لاين
إبراهيم سليمان/ لندن-UK
مكتبتى
رابط مختصر



فاشر الرشيد .. من يطيّب خاطر "عزيز قوم ذل"؟
يقولون "الحي أولى من الميت" لذا نرى أن حاضر مدينة الفاشر ومستقبلها، ذات أهمية وأولوية من ماضيها العريق، ومآلها المزرى، من خراب للنفوس وتشريد للآمنين، وتدمير للبنى التحتية على هشاشتها، فالبكاء على الأطلال غير ذي جدوى.
منذ السادس والعشرين من شهر أكتوبر 2025م، تقع مسئولية مدينة الفاشر على عاتق وذمة حكومة السلام، أمام الله وأمام الشعب والعالم بأسره، لا ينبغي أن يجوع فيها إنسان ولا يعرى، ولا يجدر أن يظلم فيها ضعيف ولا أن تقهر فيها أي شريحة مستضعفة، بأي جريرة افتراضية.
فالفاشر ليست مدنية ككل المدن، هي عبق التاريخ، ورمز شامخ لحضارة امتدت لحوالي 29 عقداً من الزمان، هذا المجد الحضاري لا يمكن القفز فوقه، بسبب نكبة عابرة، رغم أنها مؤلمة، ولا ينبغي لحكومة السلام أن تنظر إليها، كمدينة تتطلع إلى إرثها التاريخي على حساب الأخريات، وتعشم في مكانتها الطليعي في دارفور والسودان، وإنما أن تتعامل معها، "كعزيز قوم ذل" تسليماً بتقلبات الزمن، ودوران الأيام. هذه البادرة، لا يعرفها إلاّ أصحاب النفوس الكبيرة، ورجال الدولة الصناديد.
إعادة الاعتبار لمدينة السلطان الراشد عبدالرحمن الرشيد، حكيم زمانه وملاذ عصره، ينبغي أن يكون في قمة أولويات حكومة السلام، احتراماً لذاتها، وبرهاناً لحرصها على إعادة الأمور لنصابها الصحيح، لإفشال مخططات البائسين الذين حاولوا لف المدينة العريقة في أقماط الإثنية البغيضة، وتدليلاً منهم على الوعي المتقدم بمقامات ودلالات الأمكنة، التي تتجاوز صيتها، غشامة الطارئين، وتغترق سمعتها غيوم الإحن.
يقتضي الوضع الأمني في الفاشر، الشروع الفوري في إغراق المدينة بمراكز وعناصر الشرطة الفدرالية، في كافة الأحياء والأسواق والأعيان المدنية، والحرص على انتظام الدوريات الشرطية الليلية، لكافة أحياء المدنية، لمدة ستة أشهر على الأقل، لبث الطمأنينة في نفوس الناس، وتشجيع التجار والباعة في العودة الآمنة لمزاولة أنشطتهم، الضرورية لعودة الحياة، وإقناع النازحين إلى قرى ومناطق الجوار، العودة المطمئنة إلى منازلهم، دون خوف أو تردد. ومن الأهمية بمكان إخلاء وسط المدينة من المظاهر العسكرية غير الضرورية.
على الفرق المختصة، الانهماك في دفن الخنادق، وتسوية كافة السواتر الترابية التي أنشأت أثناء المواجهات العسكرية، بطريقة آمنة، وعدم ترك هذا الأمر للأهالي، تفادياً لما قد يترتب على مثل هذه المهمة مستقبلا إن لم تتم بصورة سليمة.
مهما تكلف حكومة السلام من مبالغ، ومن جهد، عليها الشروع الفوري في إعادة الحياة إلى شبكتي كهرباء ومياه المدنية.
وعلى حكومة السلام أن توفر الدعم اللوجستي لكل من يرغب في العودة الطوعية إلى منزله في الفاشر، من معسكرات الجوار، مع تأمين المعونة المعيشية الطارئة، من مواردها الخاصة، دون انتظار قوافل الإغاثة الدولية، ونأمل ألاّ تعرقل حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد نور هذه المساعي، بأي صورة من الصور، بل الواجب الأخلاقي أن تتعاون مع حكومة السلام في هذا الشأن، وأن تسهل التنسيق بين الراغبين في العودة الطوعية إلى منازلهم من معسكرات طويلة إلى في الفاشر، والجهات المساعدة في هذا الأمر من قبل حكومة السلام. فالمرء حنينه دوماً لأول منزل.
ومن الأهمية بمكان، أن تبذل حكومة السلام جهودا مستعجلة، لترميم ورتق شرايين الحياة لمدينة الفاشر، والمتمثلة في الطرق الآمنة بينها وبقية مدن الإقليم، لا سيما مدينة مليط وكتم وكبكابية. وعلى قوات محور الصحراء، تأمين الطريق التجاري الرابط بين مدينة الكفرة الليبية وميناء مليط البري، هذه الخطوة بمثابة المضادات الحيوية والبروتينات الدسمة التي تعيد الحياة للمدينة المنهكة، وتنعش مزاجها بأسرع مما يتصور. وإذا تستدعي الضرورة فلتتواصل سلطات تأسيس مع السلطات الليبية في هذا الخصوص.
ولتطيب خاطر المدينة الجريحة، على حكومة السلام، ترتيب زيارة مهيبة لقياداتها إلى الفاشر، فالأمكنة تحس كما يحس البشر، وعلى حاكم إقليم دارفور تعيين والي للولاية بأسرع ما يمكن، للبدء في إعادة ترتيب الخدمة المدنية لملء الفراغ الحالي، هذا الأمر ظننا أنه قد تم الترتيب له مسبقا قبل تحرير المدينة التي لم تسقط فجأة.
مما لا شك فيه، أن الوضع الأمني والإنساني في فاشر السلطان، لا يحتمل سلحفائية حكومة السلام، ونعتقد أن الخطوات المشار إليها، ضرورية من منطلقات أخلاقية، وليست لأن المدينة أصبحت موضع تركيز الإعلام العالمي، وبؤرة للميديا المغرضة.
//إبراهيم سليمان//
أقلام متّحدة
10 ديسمبر 2025م