نَحْوَ صِنَاعَةٍ سُودَانِيَّةٍ – نُسْخَةٌ لِلْمُؤَسِّسِ د. عَبْدِالله حَمْدُوك!!! كتبه الأمين مصطف

08:20 AM December, 11 2025

سودانيز اون لاين
الأمين مصطفى-السودان
مكتبتى
رابط مختصر

نَحْوَ صِنَاعَةٍ سُودَانِيَّةٍ – نُسْخَةٌ لِلْمُؤَسِّسِ د. عَبْدِالله حَمْدُوك!!!
مُقَدِّمَةٌ
يُعَدُّ الاقْتِصَادُ السُّودَانِيُّ مِنَ الاقْتِصَادَاتِ الغَنِيَّةِ بِالمَوَارِدِ الزِّرَاعِيَّةِ وَالحَيَوَانِيَّةِ، وَلٰكِنَّهُ—عَلَى الرَّغْمِ مِنْ هٰذِهِ المَزَايَا—لَمْ يَصِلْ بَعْدُ إِلَى مَرَاتِبِ النَّهْضَةِ الَّتِي تَسْتَحِقُّهَا بِلَادٌ بِهٰذَا الحَجْمِ. وَيَرْجِعُ ذٰلِكَ إِلَى أَنَّ الزِّرَاعَةَ وَحْدَهَا، بِدُونِ صِنَاعَةٍ تُحَوِّلُ مَوَارِدَهَا، لَا تَقْدِرُ عَلَى صُنْعِ نَهْضَةٍ حَقِيقِيَّةٍ. فَالصِّنَاعَةُ—كَمَا يُؤَكِّدُ د. عَبْدُالله حَمْدُوك—هِيَ الَّتِي تَرْفَعُ القِيمَةَ المُضَافَةَ، وَتُخَلِّقُ الفُرَصَ، وَتَبْنِي دَوْلَةً مُنْتِجَةً وَمُسْتَقِرَّةً.
وَلِذٰلِكَ، فَإِنَّ الِاسْتِرَاتِيجِيَّةَ الأَفْضَلَ لِلسُّودَانِ لَا تَقُومُ عَلَى تَضْخِيمِ الزِّرَاعَةِ فَقَطْ، بَلْ عَلَى رَبْطِهَا بِالصِّنَاعَةِ الرَّاسِخَةِ، لِتُصْبِحَ زِرَاعَةً مُعَاصِرَةً ذَاتَ أَثَرٍ اقْتِصَادِيٍّ ضَخْمٍ.
أَوَّلًا: العَلَاقَةُ بَيْنَ الزِّرَاعَةِ وَالصِّنَاعَةِ فِي مَسِيرَةِ التَّنْمِيَةِ
إِنَّ الزِّرَاعَةَ وَالصِّنَاعَةَ لَيْسَتَا قِطْبَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ، بَلْ هُمَا مَسَارَانِ مُتَكَامِلَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتِمَّ بِنَاؤُهُمَا فِي آنٍ وَاحِدٍ. فَالزِّرَاعَةُ تُوَفِّرُ المَوَادَّ الخَامَّ، وَالصِّنَاعَةُ تُحَوِّلُهَا إِلَى مُنْتَجَاتٍ ذَاتِ قِيمَةٍ عَالِيَةٍ، وَتُحَقِّقُ عَوَائِدَ أَكْبَرَ، وَتُشَغِّلُ أَيْدِيًا عَامِلَةً أَكْثَرَ.
وَلٰكِنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الزِّرَاعَةِ وَحْدَهَا، بِدُونِ صِنَاعَةٍ تُعَالِجُ وَتُصَدِّرُ، يَجْعَلُ الدَّوْلَةَ تَحْتَ رَحْمَةِ تَقَلُّبَاتِ الأَسْوَاقِ وَالمَنَاخِ، وَيُبْقِيهَا فِي مَرَاتِبِ الدُّوَلِ ضَعِيفَةِ الدَّخْلِ.
ثَانِيًا: دُرُوسٌ مِنْ نَهْضَاتٍ دُوَلِيَّةٍ
١. الصِّينُ
حَوَّلَتِ الصِّينُ اقْتِصَادَهَا مِنْ زِرَاعِيٍّ فَقِيرٍ إِلَى قُوَّةٍ صِنَاعِيَّةٍ هَائِلَةٍ، بِحَيْثُ تُسَاهِمُ الصِّنَاعَةُ اليَوْمَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ نَاتِجِهَا المَحَلِّيِّ. وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بِتَصْنِيعِ مَوَارِدِهَا الزِّرَاعِيَّةِ، لَمَا وُجِدَ “الِاقْتِصَادُ الصِّينِيُّ الجَدِيدُ”.
٢. كُورْيَا الجَنُوبِيَّةُ
انْتَقَلَتْ مِنْ دَوْلَةٍ رِيفِيَّةٍ فَقِيرَةٍ إِلَى دَوْلَةٍ تَتَصَدَّرُ صِنَاعَاتٍ مُتَقَدِّمَةً (الإلِكْتِرُونِيَّاتِ–السَّيَّارَاتِ). نِسْبَةُ الزِّرَاعَةِ فِيهَا أَقَلُّ مِنْ ٢٪، وَالصِّنَاعَةُ تَقُودُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الِاقْتِصَادِ.
٣. البِرَازِيلُ
عَلَى الرَّغْمِ مِنْ قُوَّتِهَا الزِّرَاعِيَّةِ، لَمْ تَصِلْ إِلَى نَهْضَةٍ كَامِلَةٍ لِأَنَّهَا لَمْ تُتْقِنْ بَعْضَ دَوَائِرِ التَّصْنِيعِ، فَبَقِيَتْ مَحْصُورَةً فِي بَعْضِ القِطَاعَاتِ.
٤. تُرْكِيَا
قَامَتْ بِمَزْجِ الزِّرَاعَةِ وَالصِّنَاعَةِ، وَصَنَعَتْ مَدَارِسَ صِنَاعِيَّةً مُؤَسَّسَةً عَلَى الإضَافَةِ وَالتَّنْوِيعِ، مِمَّا قَادَهَا إِلَى اقْتِصَادٍ مُتَوَسِّطٍ قَوِيٍّ.
الخلاصَةُ: الدُّوَلُ الَّتِي نَهَضَتْ، نَهَضَتْ بِالصِّنَاعَةِ، لَا بِالزِّرَاعَةِ وَحْدَهَا.
ثَالِثًا: لِمَاذَا لَا تُسَاهِمُ الزِّرَاعَةُ وَحْدَهَا فِي النَّهْضَةِ؟
١. لِأَنَّهَا تُنْتِجُ مَوَادَّ خَامَّةً ذَاتَ قِيمَةٍ مُنْخَفِضَةٍ.
٢. وَلِأَنَّ التَّقَلُّبَاتِ المَنَاخِيَّةَ تُؤَثِّرُ عَلَيْهَا بِشِدَّةٍ.
٣. وَلِأَنَّ مُعْظَمَ القِيمَةِ المُضَافَةِ تَذْهَبُ لِلدُّوَلِ الَّتِي تُصَنِّعُ.
أَمَّا الصِّنَاعَةُ فَتُضَاعِفُ قِيمَةَ الزِّرَاعَةِ مِنْ مَرَّاتٍ إِلَى أَرْبَعِ مَرَّاتٍ.
رَابِعًا: مِخْطَطٌ مَالِيٌّ تَخَيُّلِيٌّ لِتَصْنِيعِ الزِّرَاعَةِ وَاللُّحُومِ فِي السُّودَانِ
إِذَا قَامَ السُّودَانُ بِتَصْنِيعِ ٤٠٪ فَقَطْ مِنْ مَوَادِّهِ الزِّرَاعِيَّةِ وَالحَيَوَانِيَّةِ خِلَالَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ، فَسَتَكُونُ النَّتِيجَةُ كَالتَّالِي:
١. قِطَاعُ اللُّحُومِ

العَائِدُ الحَالِيُّ: نَحْوَ ٤٠٠ مِلْيُونِ دُولَارٍ.

العَائِدُ بَعْدَ التَّصْنِيعِ: ١.٥٥ مِلْيَار.

الزِّيَادَةُ: ١.١٧ مِلْيَارٍ دُولَارٍ.

٢. قِطَاعُ الزُّيُوتِ وَالمَحَاصِيلِ

العَائِدُ الحَالِيُّ: ١.٢ مِلْيَار.

العَائِدُ بَعْدَ التَّصْنِيعِ: ٢.٥٧ مِلْيَار.

الزِّيَادَةُ: ١.٣٧ مِلْيَار.

٣. القُطْنُ وَالمَنْسُوجَاتُ

العَائِدُ الحَالِيُّ: ٢٥٠ مِلْيُونًا.

العَائِدُ بَعْدَ التَّصْنِيعِ: ١.٤ مِلْيَار.

الزِّيَادَةُ: ١.١٥ مِلْيَار.

٤. الصَّمْغُ العَرَبِيُّ

العَائِدُ الحَالِيُّ: ١٣٠ مِلْيُونًا.

العَائِدُ بَعْدَ التَّصْنِيعِ: ٨٠٠ مِلْيُون.

الزِّيَادَةُ: ٦٧٠ مِلْيُونًا.

الإِجْمَالِيُّ
٤.٣٦ مِلْيَارِ دُولَارٍ سَنَوِيًّا فِي الزِّيَادَةِ النَّقْدِيَّةِ.
وَهٰذَا أَكْثَرُ مِنَ الِاسْتِثْمَارِ الضَّرُورِيِّ لِبِنَاءِ القَوَاعِدِ الصِّنَاعِيَّةِ، وَالَّذِي لَا يَتَجَاوَزُ ٣.٤٥ مِلْيَارٍ خِلَالَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ.
مَا يَعْنِي أَنَّ السُّودَانَ يُمْكِنُهُ اسْتِرْدَادُ كَامِلِ اسْتِثْمَارَاتِهِ فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ مِنَ التَّشْغِيلِ الكَامِلِ.
خَامِسًا: رُؤْيَةٌ لِصِنَاعَةٍ سُودَانِيَّةٍ عَلَى خُطَى د. عَبْدُالله حَمْدُوك
١. بِنَاءُ قَاعِدَةٍ صِنَاعِيَّةٍ مُرْتَبِطَةٍ بِالزِّرَاعَةِ

مَصَانِعُ لِتَعْلِيبِ وَمُعَالَجَةِ اللُّحُومِ.

مَصَانِعُ لِلزُّيُوتِ وَالأَعْلَافِ.

مَصَانِعُ لِلنَّسِيجِ وَالمَلابِسِ.

مَخَابِرُ وَمَصَانِعُ لِمُشْتَقَّاتِ الصَّمْغِ العَرَبِيِّ.

٢. تَطْوِيرُ مَهَارَاتِ القُوَى العَامِلَةِ
تَعْلِيمٌ مِهْنِيٌّ وَتِقَنِيٌّ مُبَاشِرٌ يَرْبُطُ الطَّالِبَ بِالمَصْنَعِ.
٣. بِنَاءُ بِيئَةٍ اسْتِثْمَارِيَّةٍ جَاذِبَةٍ

إِعْفَاءَاتٌ ضَرِيبِيَّةٌ.

مَنَاطِقُ صِنَاعِيَّةٌ مُتَخَصِّصَةٌ.

بِنْيَةٌ تَحْتِيَّةٌ قَوِيَّةٌ وَطَاقَةٌ مُسْتَقِرَّةٌ.

٤. تَشْجِيعُ رَأْسِ المَالِ الوَطَنِيِّ
عَبْرَ شَرَاكَاتٍ بَيْنَ الدَّوْلَةِ وَالقِطَاعِ الخَاصِّ، وَخُصُوصًا فِي القِطَاعَاتِ الَّتِي لَا تَدْخُلُهَا الشَّرِكَاتُ الدُّولِيَّةُ بِسُهُولَةٍ.
خَاتِمَةٌ
إِنَّ النَّهْضَةَ الاقْتِصَادِيَّةَ لَا تُبْنَى عَلَى الزِّرَاعَةِ وَحْدَهَا، وَلَا تُبْنَى عَلَى الصِّنَاعَةِ وَحْدَهَا، بَلْ عَلَى التَّكَامُلِ بَيْنَهُمَا. وَالسُّودَانُ يَمْلِكُ كُلَّ أَدَوَاتِ النَّهْضَةِ إذَا وَجَّهَ مَوَارِدَهُ التَّارِيخِيَّةَ نَحْوَ الصِّنَاعَةِ الَّتِي تَرْفَعُ القِيمَةَ وَتُوَلِّدُ الدَّخْلَ وَتُؤَسِّسُ لِدَوْلَةٍ قَوِيَّةٍ.
وَهٰذِهِ هِيَ الرُّؤْيَةُ الَّتِي يُؤَسِّسُ لَهَا د. عَبْدُالله حَمْدُوك:
رُؤْيَةُ سُودَانٍ مُنْتِجٍ، مُتَصَنِّعٍ، مُتَقَدِّمٍ، يَبْنِي قُوَّتَهُ مِنْ مَوَارِدِهِ وَعُقُولِ أَبْنَائِهِ.

،،،،،،