Post: #1
Title: العلم والذكرى: حديث القلب عن سودان النيل ..!!؟؟ كتبه د. عثمان الوجيه
Author: عثمان الوجيه
Date: 12-04-2025, 01:47 AM
01:47 AM December, 03 2025 سودانيز اون لاين عثمان الوجيه-القاهرة-مصر مكتبتى رابط مختصر
في الأسبوع المنصرم، شددتُ الرحال إلى مدينة السادس من أكتوبر، قاصداً منزل شقيقتي الصغرى، هي أصغر أخواتي، تزوجتْ وانتقلت للعيش مع زوجها في الخرطوم في ذات الأسبوع الذي غادرت فيه أنا السودان مغادرةً نهائية، بيد أن وطأة الحرب الدائرة هناك اضطرتها إلى النزوح داخلياً مع أسرتها، قبل أن تستقر بهم الحال لاجئين في مصر، عندما جلستُ مع بناتها، أخرجتُ لهن هاتفي المحمول، واستعرضتُ من تطبيق (داريف) سِجِّل ذكرياتي مع "التسفار" (السفر والترحال) وما إن وقعت أعينهن على صورةٍ لشقيقتي الصغرى وهي في سِنٍّ أصغر من سِنّهن، حتى صدح الثلاثة بصوت واحد بريء: "حلاتها ماما لمن كانت شافعة!" يقصدن: "يا لجمال والدتنا في طفولتها!" وفي لمحةٍ خاطفة، بادرت كُبراهن بخطف الهاتف من يدي، وهَرَولت به نحو والدتهن في المطبخ، بصراحة، تملَّكني الخوف أن يسقط هاتفي الثمين، فصرختُ بها: "ألم تكتشفي جمال والدتكِ إلا اليوم وبصورتها على هاتفي؟!"، تذكرتُ هذا بالأمس وتلك اللحظة تحديداً كنت أقرأ خبراً غريباً شغلني: "الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، يقترح تغيير علم السودان الحالي بالعلم القديم الذي رُفع في استقلال السودان في الأول من يناير عام 1956م"، تساءلتُ في نفسي: لماذا الآن تحديداً؟ والبرهان جالسٌ على سدة الحكم منذ سنوات! الإجابة، في نظري، بسيطة: إنها مناورة سياسية بارعة في وجه المنادين بإنهاء "دولة 56" وما أدراك ما السودان النيلي، فمنذ وصول مليشيا الدعم السريع المتمردة إلى الخرطوم، استقطبتْ المُهمَّشين في السودان بزعم أن البلاد تدار من قِبل نُخب مناطق معينة من "الشريط النيلي" فقط منذ الاستقلال، وهذا شعورٌ يراه كل سكان الهامش في السودان (الغرب والجنوب والشرق) حقاً يعتمل في صدورهم، ولما اندلعت تلك الحرب اللعينة في أبريل 2023م، وما زالت مستمرة بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع، قضت على الأخضر واليابس وقتلت الآلاف وشرَّدت الملايين، لكنها أيضاً، وفي غمرة الدمار، وجدت المليشيا من يناصرها في مشروعها لتفكيك "دولة 56" أو "السودان النيلي"، لذلك، حرص البرهان أن يناورهم بتغيير العلم الحالي إلى العلم القديم، فالعلم الحالي –الذي أُعتمد في 20 مايو 1970 ويحتوي على ثلاثة ألوان أفقية هي الأحمر فالأبيض والأسود مع مثلث أخضر على اليسار– وُضِع في ذلك التوقيت لضمان مقعد السودان في جامعة الدول العربية، أما العلم القديم، فهو رمزٌ لـ "دولة 56" نفسها، لكي يثبت البرهان –الذي يُعَدّ رمزاً من رموز هذه الدولة– أنه يقف مدافعاً عن كيانها وميراثها التاريخي، إنها لعبة الأعلام والرموز، لكنها في جوهرها حربٌ على هوية وطن، يا لهذا التوقيت الغريب، الذي تتجاور فيه براءة طفولة شقيقتي المحفوظة في صورة قديمة، مع قسوة واقعٍ يسعى لتمزيق هوية بلدٍ نحمله في قلوبنا!.. هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي:- في غمرة الأحداث المُتلاحقة، أطلق رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، دعوةً لإحياء ذكرى الأيام الخوالي، مُقترحًا تغيير علم البلاد إلى رايته القديمة، علم الاستقلال الذي رفرف أول مرة مع فجر الحرية، لم تكد كلمات القائد تخطو عتبة السمع، حتى تبارى نشطاء التواصل الاجتماعي السودانيين في السجال، مُوجهين سهام النقد اللاذع نحو البرهان، وواصفين إياه بـالجهل المُستطير، لقد زعموا، مُطلقين العنان لظنونهم، أنَّ العلم السوداني القديم هو ذاته علم دولة الغابون، وكأنَّ البلاد لا تمتلك من تاريخها البصري إلا مُستنسخًا! يا للغرابة! لقد كانوا هم الجهلاء بحق؛ فبينما يُشبه علم السودان القديم علم الغابون في الهيئة والألوان، يكمن السر كلُّ السر في ترتيب تلك الألوان، إنها مُغالطة بصرية أسقطتهم في فخ المُبالغة دون تحرٍّ، لوحة الألوان والأزمان، كان علم السودان القديم (علم الاستقلال)، يُمثل البساطة والأصالة، ويتكوَّن من ثلاثة أشرطة أفقية متساوية، تسرُد حكايتها على النحو التالي: الأزرق في الأعلى، الأصفر في المنتصف، الأخضر في الأسفل، أما علم جمهورية الغابون، فهو أيضًا علم ثلاثي الألوان، يتكوَّن من ثلاثة أشرطة أفقية متساوية العرض، لكنَّه يحمل ترتيبًا مختلفًا يكشف الفارق الجوهري: الأخضر في الأعلى، الأصفر في الوسط، الأزرق في الأسفل، لقد اعتُمد علم الغابون رسميًا في 9 أغسطس 1960، قبل استقلالها، ليُشارك علم السودان القديم في رفعته على الساحة الدولية قبل أن يُغيّر السودان رايته الحالية التي أُقرّت في 20 مايو 1970، وهكذا، فإنَّ علم السودان القديم كان معتمدًا ومميزًا في ذات الفترة التي اعتُمد فيها علم الغابون، وكُلٌ منهما يحمل هويته الخاصة رغم تشابه الألوان، وفي مُفارقة بصرية أخرى، لا يغيب عن الأذهان أنَّ علم السودان الحالي، ذو الأشرطة الأفقية الأحمر والأبيض والأسود مع المثلث الأخضر، يُشبه أيضًا أعلام دولتي الكويت وفلسطين، باختلافات طفيفة في ترتيب الألوان، إنَّ حكاية العلم هذه ما هي إلا درس بليغ في ضرورة التثبُّت قبل الإطلاق في الأحكام، فالتشابه لا يعني التطابق، والتاريخ يحمل بين طيَّاته ما يرفع الجهلاء من جهلهم ويُعلي قدر الحقيقة.. This story of science is nothing but a powerful lesson in the necessity of verifying information before making judgments. Similarity does not mean identity, and history holds within its folds what elevates the ignorant from their ignorance and raises the value of truth وعلى قول جدتي:- "دقي يا مزيكا". خروج:- "قمة المنامة: صدى الوحدة وعزم الرؤية نحو الأفق" ففي المنامة، عاصمة البحرين، التقت قمم الخليج على موعد رسم خارطة طريق جديدة، كانت القمة الخليجية الأخيرة، التي ترأسها الملك حمد بن عيسى، لا مجرد اجتماع دوري، بل محطة فارقة أفرغت بيانها الختامي في 162 بنداً، لم تكن أرقاماً جامدة، بل كانت نداءً مدوياً لتوحيد الصف، وتعزيز الأمن، والمضي قدماً نحو المستقبل، لقد حمل البيان رسائل مزدوجة: الأمن والتكامل، ففي حمى الأمن، أكد القادة بلا مواربة أن أمن دول المجلس «كل لا يتجزأ»، وأن أي تهديد يستهدف جزءاً منه يُعدّ اعتداءً على الجميع، مجسدين بذلك جوهر اتفاقية الدفاع المشترك، وأعادوا التزامهم المطلق بـرؤية الملك سلمان، موجّهين بتنفيذ دقيق ومستمر لخطط استكمال المنظومتين الدفاعية والأمنية، وتوحيد المواقف السياسية، ليكون صوتهم في المحافل الدولية صوتاً واحداً لا يأتيه التردد، وعلى الصعيد الداخلي، لم يغفلوا عن حلم الاتحاد، مؤكدين استمرار المشاورات حول الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد الأعمق، فيما تجسّد التكامل الاقتصادي في خطوات ملموسة لافتة، من اعتماد إنشاء هيئة طيران مدني خليجية ومقرها الإمارات، إلى إطلاق منصة صناعية موحدة، والموافقة على تشغيل منصة تبادل البيانات الجمركية في 2026، وتجلّت الرغبة في إبراز العزيمة الصناعية عبر الترحيب بمقترح منتدى ومعرض «صُنع في الخليج»، هذه الخطوات ليست إلا إرساءً لأسس العمل المؤسسي الراسخ، والارتقاء به إلى مستوى أشمل وأكثر فاعلية، أما على الصعيد السياسي الخارجي، فقد برزت القضية الفلسطينية كـبوصلة للضمير، حيث شدد القادة على دعمهم الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، مؤكدين على ضرورة رفع الحصار عن غزة، وفتح المعابر، وحشد الدعم لوكالة الأونروا، وإنشاء صندوق لرعاية أيتام غزة، كما كان لهم موقف واضح في دعم المسارات السياسية لإنهاء الصراعات في اليمن، والعراق، وسوريا، والسودان، وليبيا، والصومال، رافضين أي تدخلات خارجية تمس سيادة هذه الدول، ومثمنين الوساطات الإنسانية الخليجية في الأزمة، ولم تنس القمة الملفات التي تمس سيادة الدول الأعضاء، فجددت التأكيد على الموقف الثابت تجاه الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، وشددت على حق الكويت والسعودية المشترك في حقل الدرة للغاز، في رسالة لا تحتمل التأويل، كما كان لـالبيئة والطاقة حيزٌ في الرؤية المستقبلية، بالتأكيد على العمل تحت مظلة «الشرق الأوسط الأخضر»، وتبني نهج الاقتصاد الدائري للكربون، ودعم استقرار أسواق الطاقة العالمية، في مقاربة متوازنة ومستدامة، لقد كانت قمة المنامة تجسيداً لـمقاربة تجمع بين الواقعية السياسية وتوسيع مساحات العمل المؤسسي، حيث خرج البيان الختامي ليؤكد رغبة خليجية عميقة في الجمع بين تعزيز الأمن المشترك وإنعاش التكامل الاقتصادي، وبين مساندة القضية الفلسطينية والدفع نحو تهدئة بؤر الصراع في المنطقة، هي قمة عززت الوحدة، ودفعت العمل المشترك إلى آفاق أرحب، فكانت بحق صدى الوحدة وعزم الرؤية نحو الأفق. #أوقفوا_الحرب ولن أزيد،، والسلام ختام. [email protected] - @Drosmanelwajeeh
|
|