أزمة القوي المدنيّة في العقلية والقيادة التي تُدير (2) كتبه نضال عبدالوهاب

أزمة القوي المدنيّة في العقلية والقيادة التي تُدير (2) كتبه نضال عبدالوهاب


12-03-2025, 03:39 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1764733150&rn=0


Post: #1
Title: أزمة القوي المدنيّة في العقلية والقيادة التي تُدير (2) كتبه نضال عبدالوهاب
Author: نضال عبدالوهاب
Date: 12-03-2025, 03:39 AM

03:39 AM December, 02 2025

سودانيز اون لاين
نضال عبدالوهاب-USA
مكتبتى
رابط مختصر





في مواصلتنا للكتابة عن ضرورة التغيير داخل القوي المدنيّة ، تناولت في المقال السابق بحديث "مُعمم" عن المُعوقون داخل القوي المدنية الذين ساهموا بإضعافها ، وأشرت إلي أزمة في العقلية والعمل القيادي بها ، والإحتكارية والإقصاء الذي ظلّ يُمارس وتحول القرار بداخلها إلي "شُلة" أو أفراد ظلوا يتحكمون ويتسيدون مشهدها ويختطفونها مُتحدثين بإسمها وفق رؤيتها التي ظلت علي الدوام تخدّم فقط مصالحهم ولاتتلاقي في ذلك مصالحهم مع مصلحة البلد وجمّوع الشعب السُوداني ، وضمن كتابتنا ونقاشنا لتجربة القوي المدنيّة للوصول للتغيير المطلوب سنفصّل في هذا المقال في الجزء الذي يختص بالعقليّة والمنهجيّة التي ظلت تُسيطر علي القوي المدنيّة وأسهمت في ضعفها الحالي وتشرزمها و كذلك في جانب العمّل القيّادي أحد أهمّ عوامل أزمتها الحالية.
لم تكُن التشققات التي ظهرت في تحالف الثورة ومرحلة مابعد الفترة الإنتقالية إلا نتيجة لإختلاف الرؤي والمصالح داخله ، ولأن للنتائج دائماً مُقدّمات فإن مُقدّمات مايحدث في بلادنا اليوم و وصول القوي المدنيّة لهذه الحالة من الضعف والتراجع كان نتيجة لماتمّ من تباينات أعطت المساحة للعسكر والمليشيا في الإنفراد بالسُلطة والقرار ودخول البلاد في تصادّم بين مُربعات المصالح الخارجية وتبني أجندتها داخل مجموعة السُلطة بشقيها المدني والعسكري ، وكما ذكرت في المقال السابق فتوزيع الولاءات مابين أجندة الخارج الدولي والإقليّمي و أجندة الداخل المُتمثل في الجيش والمليشيا إضافة للإسلاميين هو الذي قاد للصرّاع حتي تحول ووصل إلي الحرب الحالية والواقع الماثل.
ولم نكن لنصل لهذا المصير إذا كانت هنالك قوي مدنية ديمّقراطية قوية ومُتماسكة ومُمسكة فقط بمصالح السُودان والأجندة الوطنية والثورية الخالصة وواضعة مصالح البلد والشعب فوقاً لمصالحها ، خاصة أن في ذلك الوقت كان أغلب الشعب السُوداني إن لم يكُن جميّعه عدا دوائر صغيرة من بعض مُناصري النظام السابق كان مُلتفاً حول القوي المدنيّة الديمّقراطية والثورية ومُعولاً عليها ومُسانداً وداعمّاً.
عندما بدأت العقليّة المُتحكمّة والإقصائية إنطلاقاً من مصالحها في نسج تحالفاتها الداخليّة داخل القوي المدنيّة الديمّقراطية ومُستغلة كذلك لحالة الفراغ التي بدأت بوادرها باكراً في تراجع وإنسحابات قوي مؤثرة وثورية في تحالف الثورة ، وبدأت تتكشف ملامح إتجاهات وبصمّات السيطرة مع درجات الصرّاع الداخلية في منظومة السُلطة الإنتقالية بشقيها المدني والعسكري.
خرج الحزب الشيوعي وجمّد حزب الأمة لفترة ماقبل بروز الأجنحة داخله بعد وفاة الإمام الصادق وتراجعت أدوار تجمّع المهنيين وحدوث الإنقسامات المعلومة وتم إبعاد قوي لجان المقاومة ، وبداية محاولات الإستقطابات داخلها ثم إنقساماتها نتيجة لتنازع وإختلافات الرؤية ، وأصبحت القوي المدنيّة في تحالفها الأساسي مُضعضعة ومُنقسمة ، حتي جاء إنقلاب ٢٥ أكتوبر ، وفي التوقيت الذي حاولت القوي المدنيّة الديمقراطية لملّمت أطرافها لمواجهته سارعت العقليةّ المُتنفذة والمُسيطرة بالسيّر في إتجاه التسوية والسيّر وفق أجندة الخارج الإقليّمي والدولي ، وبدأت بوضوح ظهور بوادر الصرّاع الذي مهّد وقاد للحرب مابين العسكر والمليشيا ومساندي الطرفين من الإسلاميين وفصائل من القوي المدنيّة الديمّقراطية نفسها والتي كانت إما في السُلطة أو قريبة منها ، فالصرّاع علي السُلطة وتبني الأجندة الخارجية فتح الطريق للتحالفات مابينهم ، مابين أجندة الإمارات ومصر و دخول الإسلاميين بقوة في هذا الصرّاع علي السُلطة بواسطة عناصرهم في الجيش وكُل المنظومة الأمنية.
العقلية التي ظلت تتحكم في القرار داخل القوي المدنيّة ظللت أسميها دوماً بعقلية "الغرف المُغلقة" و "الدائرة الضيقة" ، فهي لاتؤمن بتشاركية القرار والإنفتاح وظلت هي من تُصرّ علي تواجد أشخاص بعينهم ، وليس صحيحاً أن هذا هو خيّار المؤسسات المدنية الديمّقراطية سواء أحزاب أو منظمات مجتمع مدني أو كيانات وأجسام داخل منظومتها ، وإنما تطغي "الذاتية" والعلاقات الخاصة في الإختيار أو تشارك القرار والتصغير المُتعمّد لدائرته ، وهذا الإنغلاق والإطار الضيّق هو ماجعل القوي المدنيّة عبارة عن "فضاء فوقي" ليس له أي علاقة بالقواعد للقوي المدنية وعامة جماهير الشعب السُوداني ، ظلّ هذا يتم بعيداً عن حتي "المشورة" ومحاولة تمرير وتبادل الرأي للوصول لقرارات جماعية خاصة فيما يتعلق بالرؤية الكلية سواء السياسية أو التي تتعلق باوضاع السُودانيين ومن تمثلهم تلك القوي المدنيّة علي إتساعها ، وأزمة العقلية والمنهجية التي ظلت "تسكن" و"تُقيم" داخل القوي المدنيّة الديمُّقراطية ليست بعيدة أو منعزلة عن أزمة العمل والكادر القيّادي بها ، فنفس تلك العقليّة أنتجت وصنعت "قيادات" أصبحت معزولة تماماً عن قواعد القوي المدنيّة ، بل وأستطيع القول أنه لاتعبر عنهم وليس لديها أدني درجة قبول لديهم ، وهي من المفترض من يمثلهم ؟؟؟
فأصبحنا نري "القيادة بوضع اليد" ، والإحتكاريّة ، والصفوية ، لمجموعة ظلت تكرر نفسها ولاتمّل التكرار؟؟؟ ، ولم تطور هذه القيّادة في القوي المدنيّة وتعددت إخفاقاتهامن حيث:
١/الإقتراب من القواعد وجماهير الشعب السوداني
٢/فشلت تماماً في تماسك وتوحيد القوي المدنيّة الديمُّقراطية ولاحتي التنسيق الإيجابي من بين مجموعاتها وكياناتها
٣/مارست سلوكاً إقصائياً لأبعد مدي
٤/عزلت نفسها عن الإستماع لوجهات الرأي المُخالف لها ومناقشته وأصبح لديها حالة من التوجس من فقدها لمواقعها ، دفعها للإحساس بالتربص الدائم بها
٥/كررت أخطائها بالإصرّار علي إتخاذ منهجية وحيدة في العمّل وعدم تنوع أدواته وآلياته
اختم في هذا الجزء بالقول أنه لكي يحدث تغيير حقيّقي داخل القوي المدنيّة الديمُّقراطية فإنه من الضروري والهام جداً حدوث تغيير كُلي في العقليّة والقيادة معاً داخلها ، وفي هذا أذهب للقول بوضوح أن التعلّم من التجربة يكون بعدم تكرارها إن هي "فشلت" بعدم الإصرّار علي ذات العقليّة والمنهجية والقيادة ( كاشخاص" ، لصالح البلد من المهم حدوث هذا التغيير لصالح النجاح وإنتاج الحلول ، ليس من المقبول بالمرة تكرار نفس الكادر والوجوه فيها ممن فشلوا وصاروا جزءاً من المشكلة ولايتوقع أن يكونوا مفتاحاً للحل؟؟؟ ، وهذا التغيير الإيجابي لن يتم بالتمنيّات ولا حتي بالطلب من الآخرين التنحي وإنما في إعادة التنظيّم وفرز وتقديّم قيادة جديدة وفق عقلية جديدة داخل القوي المدنية الديمُّقراطية تخدّم تحديات بلادنا واولوياتها ، في:
١/وحدتها
٢/وقف الحرب وقتل وإبادة السُودانيين ، وتعافيها وإستقرارها وعودة النازحين واللاجئين والمشرديّن
٣/إستعادة المسار المدني والإنتقال الديمّقراطي
ثم تأتي بعدها بقيّة التحديّات.
قيادة تستطيع البناء القاعدي والتواصل اليومي مع الناس وجماهير الشعب السوداني بالداخل والخارج ومنفتحة علي ذلك ، وتستطيّع التصدي لعمليّة البناء داخل القوي المدنية الديمُّقراطية وتقوية تحالفها العريض وتعلية صوتها لأجل إستمرار المقاومة والتغيير وتحقيق مصالح الشعب السوداني وتقديمها علي مصالح ماعداها دولاً وأشخاص وأفراد.
ونواصل...