Post: #1
Title: فكرة العلم القديم و المغذى السياسي كتبه زين العابدين صالح عبد الرحمن
Author: زين العابدين صالح عبد الرحمن
Date: 12-02-2025, 01:07 AM
01:07 AM December, 01 2025 سودانيز اون لاين زين العابدين صالح عبد الرحمن-استراليا مكتبتى رابط مختصر
في سبتمبر 1986 سافرت مع وفد السودان برئاسة السيد أحمد الميرغني رئيس مجلس السيادة في ذلك الوقت لتغطية أعمال مؤتمر دول عدم الانحياز في هراري عاصم دولة زمبابوي ممثلا للأذاعة السودانية.. و عند وصولنا هراري أخذ رئيس الوفد بعربة المراسم و بقية الوفد ببص سياحي لمقر رئيس الوفد، كان الضيافة نظام فيلل، و البص وقف بجانب الفيلا المخصصة الغابون و هي تحمل الوان العلم السوداني القديم و بدأ حوار بين أعضاء الوفد هل زمبابوي نسيت علم السودان و جاءت بالعلم القديم و نظرنا للفيلا المجاورة على مسافة 10 امتار كان علم السودان الحالي.. الخلاف بين علم السودان القديم و علم دولة الغابون هو ترتيب الألوان حيث أن اللون الأزرق في علم السودان القديم الأعلى و الغابون الأخضر... أن مقترح رئيس مجلس السيادة و قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان بالرجوع إلي العلم القديم، و بهدف العودة لمنصة التأسيس كما جاء في كلمته، فيها مغذى سياسي كبير.. لآن العلم يمثل رمزية وطنية و نضالية، و هي التي حققت الاستقلال .. أن النخب التي حققت الاستقلال إذا كانت في الحزب الوطني الاتحادي في ذلك الوقت، أو حتى في حزب الأمة هؤلاء كانوا يمثلون قوى و سطية غير متطرفة، و القوى الوسطية غير مؤدلجة هي تؤمن بالحوار الديمقراطي بين المكونات السياسية السودانية و التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع من القاعدة للقمة.. لذلك عندما تحالف السيدان " على الميرغني و عبد الرحمن المهدي" لإسقاط حكومة الزعيم الأزهري، و بالفعل تم اسقاطها، لم يلجأ الزعيم الأزهري إلي الجيش من أجل لانقلاب على السيدين لأنه كان يؤمن بمسار الديمقراطية.. و قال الزعيم الأزهري في كلمة قوية بعد سقوط حكومته في البرلمان ( إننا نجتاز تجربة ديمقراطية، فلنبرهن للعالم أجمع أن السودان المستقل الحر الذي يرتضي الديمقراطية طريقا لحكمه و تقدمه، يفهم هذه الديمقراطية فهما حقيقيا، و يحترم نتائج ما تتمخض عنه، و يقدس مقتضياتها. فعلينا جميعا الإخلاء إلي الطأنينة و الهدوء، و مواجهة جميع الاحتمالات برباطة جأش، يمانا منا بأن الشعب الكريم الذي أولانا ثقته، و أيدنا بالتفافه حولنا يستطيع بالنظام الديمقراطي ، ن يولي شئونه للذين يثق بهم.. كأن الأزهري سياسيا عقلانيا يعرف أن الديمقراطية هي وحدها طريق السلام و الاستقرار السياسي و الاجتماعي في السودان.. ظل الأزهري و رفاقه يلتزمون بالديمقراطية و يعملون من أجل ترسيخها في المجتمع، و عندما وصلوا إلي قناعة لابد من وحدة الحزبين الوطني الاتحادي و الانفصاليين في حزب الشعب الديمقراطي، و عندما شعر عبد الله خليل الذي كان رئيسا للوزراء في تلك الفترة و أمينا عاما لحزب الأمة القومي أن وحدة الاتحاديين سوف تعيدهم للسلطة مرة أخرى سلم السلطة للقائد العام للجيش إبراهيم ليضرب الديمقراطية في مقتل و يساعد على جلب لاعب جديد للساحة السياسية " الجيش".. و عندما حل الحزب الشيوعي 1965 و تم التضييق على القوميين داخل المنظومة الاتحادية، قامت القوى اليسارية المؤدلجة بانقلاب مايو1969م و أخر في يوليو 1971م .. و لم يكتفوا بالانقلاب هم الذين جاءوا بفكرة دولة الحزب الواحد الاتحاد الاشتراكي.. و يحاولو ينظروا أن الحزب الواحد يمكن أن يضم أطياف مختلفة المرجعيات الفكرية و أمن بها حزب الأمة و دخل الصادق الاتحادي الاشتراكي و الدكتور حسن الترابي المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي لكي يؤكدا أن اليمقراطية شعار غير ملزم لهما، لذلك قام الترابي و حزبه بانقلاب على الديمقراطية في 1989م و يؤسس دولة الحزب الواحد... و البعثيون دبروا عدد من الانقلابات الفاشلة منها المحاولة الانقلابية في رمضان التي قتل جميع المشاركين فيها من قبل الإنقاذ.. منصة التأسيس هي الرجوع للفكرة الأولى، و يعد علم السودان القديم رمزية للفكرة، لآن المراحل التاريخية لتطور العمل السياسي و النضالي كانت من أجل الاستقلال، و ممارسة الديمقراطية حتى في حدودها الضيقة في ظل الاستقلال، كانت تشكل بداية الأفكار التحررية في البلاد.. بدأت بنادي الخريجيين الذي تبرع بأرض النادي السيد يوسف الهندي، و عندما توسعت الفكرة و بدأ القوم يتفاعلون مع تيارات التحرر في العالم جاء أحمد خير بفكرة "مؤتمر الخريجين" في 1937م ثم نفذت الفكرة في 1938م، لكي تبدا المسيرة الوطنية تتصاعد من أجل الاستقلال.. أن مغذى الرجوع لمنصة التأسيس.. هي القيم الديمقراطية التي أرساها المؤسسين للمنصة، و احترموا الممارسة الديمقراطية في البرلمان و لم يلجأوا لممارسة الانقلابات كما فعلها الأخرين.. و الدعوة أيضا لها مغذى أخر؛ استنهاض قوى الوسط التي تؤمن بالتداول السلمي للسلطة، و أن لا تترك الساحة للصراعات الأيديولوجية التي بدأت منذ 1969 حتى 2019م.. السياسي و الاقتصادي وعدم الاستقرار الاجتماعي.. و الذي قاد إلي كل الفشل الذي مر به السودان عبر النظم السياسية المختلفة.. هل قوى الوسط هي مستعدة أن تملأ الفراغ السياسي و تقود عملية سياسية من خلال تقديم مشروع سياسي غير مؤدلج.. أن تغيير علم الاستقلال برمزية أيديولوجية، كان لها ردة فعل سياسية ف البلاد مضادة أكثر حدة، و أن الرمزية نفسها لها عداء سافر مع الديمقراطية، و هي التي اجهضت كل الديمقراطيات في دول الربيع العربي.. الإمارات ليست عدوة للإسلام السياسي، و هي التي ساعدت في أجهاض ثورات الربيع العربي، هل كان أولئك تابعين للإسلام السياسي.. الإمارات ومن معها في رمزية علم السودان الحالي، هم ضد قيام أي نظام ديمقراطي في المنطقة، و هم يعلمون؛ إذا تم أتفاق سياسي بين كل التيارات السياسية في السودان سوف تصمد عملية التحول الديمقراطي أمام التحديات. لكن إذا تم إبعاد الإسلاميين و هم تيار عريض سوف يعملوا من أجل أجهاض فكرة قيام الديمقراطية في السودان.. لذلك الإمارات تتعلل بإبعاد الإسلاميين حتى يشكلوا خطرا على أي نظام قادم.. الإمارات و كل أصحاب رمزية علم السودان الحالي ضد الديمقراطية أولا و أخيرا.. لأنها سوف تخلق وعيا سياسيا في المنطقة الأمر الغير مطلوب و مهدد للنظم العائلية و غيرها...
|
|