أزمة الحصول على بيت في العراق كتبه اسعد عبدالله عبدعلي

أزمة الحصول على بيت في العراق كتبه اسعد عبدالله عبدعلي


12-01-2025, 10:45 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1764629124&rn=0


Post: #1
Title: أزمة الحصول على بيت في العراق كتبه اسعد عبدالله عبدعلي
Author: اسعد عبد الله عبد علي
Date: 12-01-2025, 10:45 PM

10:45 PM December, 01 2025

سودانيز اون لاين
اسعد عبد الله عبد علي-العراق-بغداد
مكتبتى
رابط مختصر




صادفت صديقي الصحفي ابو جلال وقد عبر السبعون عاما, الحقيقة منذ فترة طويلة لم أصادفه من ايام كاس اسيا 2007, فسألته عن احواله, وخصوصا عن محنته في السكن, فقلت له: بشرني هل تخلصت من بيت الايجار؟ ..فأجاب والحزن يتجمع على تلك تفاصيل وجه: مازلت اتنقل في بيوت الايجار وانا بهذا العمر, قد بخل الوطن علينا حتى بخمسين متر, وانا قلق جدا على عائلتي قبل رحيلي عن الحياة, كيف سيكملون العيش من بعدي في بيوت الإيجار!؟
انها محنة العراقيين التي لا تنتهي, وهي تتمدّد كظلّ ثقيل فوق يوميات الناس، أزمةٌ لم تعد مجرّد خلل عمراني, أو نقص في الأبنية، بل تحوّلت إلى جرح اجتماعي واقتصادي, يمسّ كل فئات المجتمع بلا استثناء. كأنها عقدة صامتة تتغلغل في تفاصيل الحياة، تُثقل كاهل الشاب الذي يخطط لمستقبله، والموظف الذي يطارد استقراراً بسيطاً، وذوي الدخل المتوسط الذين يجدون أحلامهم تُستنزف أمام أعينهم, وكبار السن في آخر خطواتهم.
لقد أصبح شراء بيت في العراق, يتطلب مبالغ تفوق قدرة المواطن العادي بأضعاف.

· بيت الملك حلم بعيد
يقول الحاج ابو سجاد الكعبي ( وهو من سكنة العبيدي) : لقد أصبح الحصول على بيت حلماً مؤجلاً، لا يُدرك بسهولة ولا يُمسك باليد، ماذا افعل اذا اقل سعر لبيت يصل الى ستين مليون, وهي بيوت الزراعي, أما بيوت الطابو فتلك احلام مستحيلة التحقق, صار لي في الوظيفة 25 سنة ولم امنح قطعة ارض مثل تلك الوزارات المحظوظة, والتي توزع لموظفيها قطع اراضي او شقق في وسط بغداد مثل النفط او المالية, او موظفي البرلمان ورئاسة الوزراء المحظوظين برواتب عالية وقطع اراضي وشقق ومنح, حيث اغدقت الدولة عليهم, واهملت غالبية الموظفين.

اما الشاب عقيل ( وهو طالب جامعي من سكنة بغداد الجديدة) فيضيف: اني جدا خائف من المستقبل, وانا ارى اخوتي الاكبر سنا وهم يعيشون في بيوت الايجار, يمرون بأوقات عصيبة جدا, فان السكن بالإيجار يخطف اغلب ما يكسبون, الحياة اصبحت مكلفة جدا, وقضية شراء بيت تحتاج لأموال وفيرة, او ايجاد كنز, نعم القضية معقدة والدولة لم تسعى لحل الاشكال, وتراكمت السنوات ومازال المواطن يعاني, اتمنى قبل ان اكبر تحل هذه المشكلة مثلما حلتها مصر او ايران.

وتضيف ست أزهار الجبوري ( اعلامية وناشطة مدنية): ازمة السكن حلولها سهل جدا, فقط ان تقوم الدولة بتوزيع اراضي لجميع الموظفين والعسكريين, مع توفير سلف بناء, عندها تهبط اسعار العقارات, لكن الدولة لا تمتلك خطة توزيع, بقيت فقط على اجتهاد الوزراء, فهناك وزارات وهيئات وزعت, وهناك وزارات منذ 20 عام لم توزع شيء لموظفيها, وهذا التكاسل الحكومي سبب كبير لاستمرار الأزمة.


· ما هي أسباب أزمة السكن ؟
الاسباب كثيرة جدا لكن يمكن تحديدها واهمها والاكثر تأثيرا .. وهي:
1. النمو السكاني وغياب التخطيط الحضري: يشهد العراق نمواً سكانياً مرتفعاً مقارنة بقدراته العمرانية، مع ضعف واضح في خطط استيعاب هذا النمو. في المدن الكبرى مثل بغداد، البصرة، والنجف تعاني من تكدس سكاني يقابله نقص حاد في مشاريع الإسكان الحكومية المنظمة.
2. الارتفاع الجنوني في أسعار العقار: حيث تضاعفت أسعار الأراضي والبيوت خلال السنوات الماضية بسبب عوامل متعددة, منها الاعتماد الكبير على العقار كوسيلة ادخار آمنة... ومنها ضعف الرقابة على السوق العقاري... ومنها المضاربات التجارية التي رفعت الأسعار بعيداً عن القيمة الحقيقية.
3. ضعف القروض والدعم الحكومي: على الرغم من وجود مبادرات تمويلية كقروض صندوق الإسكان والمصرف العقاري، إلا أنها غالباً لا تكفي لتغطية أسعار البيوت الحقيقية. كما يُعاني المواطنون من طول الإجراءات البيروقراطية وصعوبة الحصول على الأراضي السكنية المخدوّمة.
4. محدودية مشاريع الإسكان الفعّالة: رغم إطلاق العديد من المشاريع السكنية الاستثمارية، فإن معظمها موجّه للطبقات الميسورة، بينما تفتقر الطبقات المتوسطة والفقيرة إلى مشاريع إسكان شعبي بأسعار تتناسب مع دخل الأسرة.
5. الهجرة الداخلية والأوضاع الأمنية: دفعت سنوات عدم الاستقرار إلى هجرة واسعة من المحافظات إلى المدن الأكثر أمناً، مما زاد الضغط على سوق السكن ورفع الطلب بشكل كبير.


· ما هي الآثار الاجتماعية للأزمة؟
يمكن ان نحدد مجموعة من الاثار الخطيرة التي يسببها غياب السكن واستمرار الازمة.. ومنها: تأخر سن الزواج.. بسبب عدم القدرة على توفير بيت يعدّ أحد أهم أسباب تأخر الزواج لدى الشباب، ما يؤثر في الاستقرار الاجتماعي والنفسي.
الامر الاخر هو السكن العشوائي: حيث اضطر الكثيرون إلى اللجوء للبناء العشوائي أو السكن في مناطق تفتقر لأبسط الخدمات، وهو ما خلق تحديات جديدة للحكومة من حيث التنظيم والخدمات... والأمر المهم هو: ازدياد الفجوة الاقتصادية.. حيث ادى تراكم الثروة العقارية في يد فئة محدودة, في المساهمة بزيادة الفوارق الطبقية داخل المجتمع.


· مقترحات للحلول
الافكار كثيرة لحل اشكالية ازمة السكن, وليست صعبة, ولا تمثل اشكال عظيم صعب تحققه, لكن نحتاج لإرادة حكومية تسعى بصدق لأنهاء هذا الملف, ويمكن تحديد بعض الحلول:
1. زيادة مشاريع الإسكان الحكومية: إنشاء مجمعات سكنية اقتصادية وبمواصفات جيدة، تستهدف ذوي الدخل المحدود والمتوسط، سيخفف الضغط على السوق ويحد من المضاربات.
2. توفير أراضٍ مخدومة وبأسعار مدعومة: عبر منح أراضٍ سكنية مع خدمات أساسية, مثل الماء والكهرباء, سيحفز البناء الفردي بأسعار مقبولة.
3. إصلاح نظام القروض: تبسيط إجراءات الحصول على القروض, و زيادة مبلغ التمويل بما يتناسب مع أسعار العقار, واعتماد فترات سداد طويلة مع نسب فائدة منخفضة.
4. ضبط السوق العقاري: وضع تشريعات للحد من المضاربات وفرض ضرائب على الأراضي غير المستغلة لمنع الاحتكار.
5. تشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي في الإسكان: فتح المجال أمام شركات عالمية ومحلية, لإنشاء مجمعات سكنية حديثة بأسعار مختلفة يناسب بعضها الطبقات المتوسطة.


· اخيرا:
أزمة السكن في العراق ليست مجرد مشكلة عقارية، بل هي نتاج تداخل عوامل اقتصادية، اجتماعية، وأمنية. ومع ذلك، فإن توفير سياسة إسكانية واضحة، وتفعيل مشاريع حكومية حقيقية، وتحسين بيئة الاستثمار, يمكن أن يضع البلاد على طريق الحل. فالاستقرار السكني هو حجر الأساس لاستقرار المجتمع بأكمله.