هل الجنجويد قوى تحرير؟ ( أو في توصيف حالة الانحطاط) كتبه د. أحمد عثمان عمر

هل الجنجويد قوى تحرير؟ ( أو في توصيف حالة الانحطاط) كتبه د. أحمد عثمان عمر


11-28-2025, 05:37 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1764308274&rn=0


Post: #1
Title: هل الجنجويد قوى تحرير؟ ( أو في توصيف حالة الانحطاط) كتبه د. أحمد عثمان عمر
Author: د.أحمد عثمان عمر
Date: 11-28-2025, 05:37 AM

05:37 AM November, 28 2025

سودانيز اون لاين
د.أحمد عثمان عمر-الدوحة-قطر
مكتبتى
رابط مختصر






يندهش المرء من خطاب الجنجويد الراهن المتبني لخطاب الهامش، الذي تركته حركات إرتزاق دارفور بعد أن إلتحقت بسلطة الجيش المختطف وأصبحت جزءاَ أصيلاً من المركز المعادي للثورة وحركة الجماهير .
وهذا الخطاب الذي تحاول المليشيا عبره غسل تاريخها وحاضرها بتبني خطاب العدو التاريخي الذي دوخته وجعلت قياداته تهرب إلى ليبيا بدلا من السماء ذات البروج بعد هزيمة حركة تحرير السودان بقيادة مساعد المخلوع الذي عاد إلى التمرد، وإلى دولة جنوب السودان بعد معركة خور دنقو التي قصمت ظهر حركة العدل والمساواة. وهذا الخطاب المتبناة الذي تتوسله المليشيا الإرهابية، لتزعم أنها حركة تحرير وتسمي إستيلاءها على المدن تحريراً، لا يليق بها ولا يشبهها لما يلي من أسباب:
١. هذه المليشيا كونتها دولة 56 المزعوم محاربتها الان، في أقصى حالات إنحطاطها بعد أن تحولت الحركة الإسلامية المجرمة إلى حركة منقسمة على أساس قبلي بعد هزيمة مشروعها الايدلوجي، لتوظيفها كعصى غليظة ضد حركات الهامش المتمردة على السلطة. وهي نشأت في خدمة دولة 56 عندما كفت أن تكون دولة وأصبحت شبه دولة تقودها مجموعات إثنية مفارقة لمشروع الحركة الإسلامية الحضاري الوهمي، غارقة في الفساد من رأسها حتى أخمص قدميها. وعضوية الحركة الإسلامية تسيطر على معظم مناصبها الأساسية وتتواجد بكثافة في أجهزتها الفاعلة بما فيها قيادتها العسكرية.
٢. ⁠قيادة هذه المليشيا الإرهابية بدأت كبندقية مرتزقة تحمي نظام الإنقاذ ودولة التمكين والفساد، ثم تم ترفيعها لنادي الرأسمال الطفيلي، وتمكينها من الذهب وتهريبه عبر كينيا التي شهد نائب رئيسها السابق على إنخراط هذه القيادة في عملية التهريب، ومن نشاط تجاري واسع، حجز لها مقعداً وثيراً وسط الطفيليين المعادين لشعب السودان والناهبين لثرواته، والنشاط الطفيلي المدمر للإقتصاد هو المولود الشرعي لدولة 56 في حال إنحطاطها، وهو لا يمكن أن يحمل لواء تحرير، لأنه أساس ضرب العملية الإنتاجية ونهب الموارد وتكريس الإفقار والإستبداد.
٣. ⁠المليشيا الإرهابية لا تستهدف تحرير المواطن بل تهاجمه وترتكب الجرائم في مواجهته. ودونك الإبادة الجماعية التي إرتكبتها ضد مكون المساليت، والنهب الواسع للمواطنين في مدن الوسط كالخرطوم ومدني وسنجة وغيرها من المدن، وقتل المواطنين على الهوية وتشريد الملايين وطردهم من منازلهم واحتلالها، هذا بالإضافة للجرائم البشعة التي ارتكبتها في دارفور حماية لنظام التمكين الإسلاموي. ولا يتصور أن طفيلي سيحرر المواطن من طفيلي، ليبني دولة مساواة أساسها علماني ديمقراطي!!
٤. ⁠المليشيا الإرهابية منذ بداية ثورة ديسمبر المجيدة، عادت جماهير الشعب السوداني، وغرست أرجلها عميقا في وحل الدفاع عن دولة تمكين الحركة الإسلامية المجرمة. فهي كانت شريك أساس في اللجنة الأمنية للإنقاذ، التي نفذت إنقلاب القصر الذي قطع الطريق أمام الثورة، وفرض المجلس العسكري التابع للإنقاذ كسلطة رفضت تسليم السلطة للجماهير، وأسس لشراكة الدم مع التيار التسووي في (قحت) لاحتواء الثورة توطئة لتصفيتها، وكانت قواتها شريك أصيل في مجزرة فض إعتصام القيادة، ومن ثم في إنقلاب أكتوبر 2021م الذي أسقط حكومة شبه المدنية المسيطر عليها من اللجنة الأمنية للإنقاذ، وألغى آخر مظاهر تواجد المدنيين في السلطة. ومليشيا هذا سلوكها المعادي لحركة الجماهير وثورتها، كيف تكون قوى تحرير؟
والسؤال للمليشيا إن كان هدفها التحرير، هل من الممكن أن توضح لنا ستحرر من ممن إذا كانت هي تقتل وتنهب المواطن الأعزل، وتعمل علنا ضد ثورته التي شعارها " الثورة خيار الشعب، حرية سلام وعدالة"؟
٥. ⁠سلوك قواعد المليشيا المكونة من مجموعات الكسيبة الذين يحيون -يعيشون- على الغنائم ويعملون بقوانين حرب القرن السابع الميلادي، سلوك قائم على النهب والعداء للآخر على اساس عرقي ، وهي لا مصدر دخل لها غير النهب لأنها إبنة البادية وعنفها، وهي خارج العملية الإنتاجية، وحاضرة لبيع بندقيتها والإرتزاق في الداخل والخارج كما أثبتت التجربة.
ومثل هذه القواعد من المستحيل ضبطها ومنعها من الإعتداء على المواطنين وارتكاب جرائم حرب، هي جزء من عقيدتها القتاليّة وليست تجاوزات. والدليل ما حدث في الفاشر مؤخراً عند الإستيلاء عليها، وحمامات الدم التي ضج العالم كله من بشاعتها. وهذه القواعد ليست مؤهلة أصلا لخطاب مساواة أمام القانون أو مواطنة تجعل من الجميع على قدم المساواة، ولا تعرف تحريراً للمواطنين سوى تحريرهم من ممتلكاتهم وربما إنهاء حياتهم أيضاً.
٦. ⁠خطاب منسوبي المليشيا الإرهابية عنصري قائم على تهديد المواطنين على أساس قبلي، وخصوصا قبائل شمال السودان، وهو مبني على أساس إثني مغطى بحديث عن دولة 56، وهو لا يفهم طبيعة الصراع الإجتماعي على أساس طبقي ومصالح شرائح إجتماعية، ولا يستوعب أن القبائل المستهدفة لم تكن كقبائل، وأن أبنائها الذين صعدوا للسلطة صعدوا على أساس طبقي وفقاً لمصالحهم، وأن الكثير من أبناء هذه القبائل دفعوا ثمناً غاليا لمعارضة سلطة المركز واجبة التصنيف إجتماعياً. وهذا يعني أن فضاء وعي المليشيا مبني على أسس المجتمع الأهلي لا المدني، وأنها تقرأ الصراع الإجتماعي على أساس قبلي في جوهر موقفها، ومن تكون قراءته على هذا الأساس ليس اهلاً للتحرير، لأنه حتما سينتصر لقبيلته وتحالفه القبلي في مواجهة القبائل الأخرى. وهذا ما سنته الإنقاذ في حال إنحطاطها وعند إستعانتها بالمليشيات المكونة على اساس قبلي لاستهداف قبائل اخرى صنفتها حواضنا للتمرد. والإنحطاط لا ينتج سوى إنحطاطاً ومناخاً فاسداُ يزداد فسادا.
٧. ⁠المليشيا الإرهابية ليس لديها برنامج تحرير، لأن برنامج التحرير ينبني على العدالة، وهي لن تستطيع توفير عدالة شاملة، لأنها حتما لن تقدم قيادتها للمحاسبة والمحاكمات العادلة. فهي لن تحاكمها على جرائمها الموصوفة أعلاه التي تصل عقوباتها للإعدام، وهي بالتالي تؤسّس للإفلات من المحاسبة والعقاب. وهي كذلك من المستحيل ان تنتج نظاما يسمح بحريات أساسية من ضمنها حرية التعبير ونقد المليشيا الإرهابية وتنظيم معارضة لها، وليست مؤهلة لإنجاز سلام في أرض الواقع، لأن السلام ليصبح سلاما عادلا لا بد ان يرتبط بالعدالة، ولأن تجربة سلام جوبا مع حركات الإرتزاق اثبتت أن فهم المليشيا للسلام هو المحاصصة. وعدم قدرتها على تحقيق أياً من أضلاع شعار الثورة الثلاثة، يعني بالتبعية إستحالة أن تقوم بتحرير الشعب، وأن التحرير المقصود هو إطلاق مجرميها من عقالهم، ليستمر تهريب الذهب والإستيلاء على ثروات الشعب السوداني وارتكاب أفظع الجرائم في حقه.
٨. ⁠المليشيا الإرهابية لها ارتباطات إقليمية تمكنها من نهب ثروات البلاد، وتوفر لها الدعم اللازم لإستمرار قمعها للمواطن وضخ الدماء في حربها. فعلاقتها بدولة الإمارات العربية المتحدة لم تعد مجرد إتهامات أو تقارير صحفية، بل خطابات في الكونغرس الأمريكي، وتقارير منظمات اممية وإغاثية، هذا فوق العلاقات التجارية الوثيقة القائمة على ريع الذهب. ولا نظن أن هناك عاقل واحد يظن بأن المليشيا ستتنازل عن هذه الإرتباطات لتحرير المواطن الذي تكرس هذه الإرتباطات عبوديته للإفقار وفقدان الحقوق التي أقلها حقه في المطالبة بإيقاف هؤلاء الداعمين عن دعم هذه المليشيا الإرهابية.
ما تقدم قيض من فيض ، يؤكد ان هذه المليشيا الإرهابية من المستحيل أن تكون أداة تحرير للمواطن السوداني أو قوى من قوى دولة ديمقراطية يسعى إليها شعبنا، وهي مع الجيش المختطف، عقبات كؤود في سبيل التحول الديمقراطي، لأنهما معا تحت قيادة فئة من فئات الرأسمالية الطفيلية، ولا سبيل لتغيير جذري سوى بإسقاطهما وهزيمتهما معاً.

وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!!