Post: #1
Title: قائد الجيش يُرحب بمبادرات السلام ويرفض وقف الحرب! كتبه أحمد الملك
Author: أحمد الملك
Date: 11-28-2025, 05:27 AM
05:27 AM November, 28 2025 سودانيز اون لاين أحمد الملك-هولندا مكتبتى رابط مختصر
فجر شؤم الثلاثين من يونيو 1989 كان أحد اقربائي يجلس امام بيته القريب من نادي الأسرة في الخرطوم 3 بعد أن تعسّر عليه النوم نتيجة أرق ربما بسبب إحساسه بالكارثة الوشيكة التي ستحل ببلادنا ليبدأ موسم الحروب والفتن والفساد الذي لم يشهد له تاريخ العالم مثيلا. شاهد قريبنا الدبابات وهي تعبر المنطقة جنوب الخرطوم في طريقها الى وسط العاصمة. لم يكن بيان الانقلاب قد صدر ولم يعرف أحد بعد (عدا المجموعة المتآمرة) بما سيقع بعد ساعات. دخل قريبنا إلى البيت ايقظ اهل بيته واعلن لهم: استولى الترابي وتلاميذه على السلطة! كانت المؤامرة على كل حال مكشوفة لكل متابع لإعلام الكيزان الذي كان يهيئ الناس علنا لعهد جديد!، حتى رؤوس السلطة كانوا يعلمون بل تمت مشاورة بعضهم عملا بالأمر الرباني (وشاورهم في الأمر). تجاهلت الحكومة كل التحذيرات التي انهالت عليهم من كل حدب وصوب، كان يمكن لإجراء قوي أن يُجنّب هذه البلاد ملايين الضحايا والكوارث، كان يمكن لإجراء حازم أن يوقف الحرب الحالية ويوفّر آلاف الأرواح ومعاناة الملايين! بلاد انقسمت الى بلدين وبقية ارجائها عادت الى عصر القبيلة وانتشرت الفتن والحروب في ارجائها. لأنّ سادة العهد الجديد لا يستطيعون العيش الا في ظل الفتن والحروب وانشاء المليشيات. مثل هذا الشعب يريد البرهان إقناعه أنه لا وجود للكيزان.. يتساءل وبراءة العسكر في عينيه: أين هم! سؤال تمت الإجابة عليه من أحد اقطاب التنظيم نفسه: انهم موجودون في مكتبك، وفي جيشك وفي كل مكان حولك، لو انك هززت بزتك العسكرية لسقط أحدهم أمامك! أحد اقطابهم جمعتني به معرفة سابقة، التقيته بالصدفة في عقد التسعينات وحين علمت أنه اصبح مسئولا رفيعا في الدولة. سألته مازحا: (بقيت كوز ولا ايه؟) رد ببساطة: نعم! بل وأردف مؤكدا: (معاهم من زمان!) كان سباق الفساد والنهب والاستبداد قد بدأ للتو ولم يتنبه له الناس بعد، فلم يكن هناك من يخجل من اعلان كوزنته! بل كانت هي الطريق الأقصر لسعادة الدنيا من استوظاف ومال و(بريستيج) اجتماعي! بعد الثورة ظهر اسمه في كشف (التمكينيين) الذين اقصتهم لجنة التفكيك من وظائفهم، ولم تمض سوى اشهر واستعاد وظيفته بعد انقلاب البرهان حميدتي على الحكومة الانتقالية، بل انه عُين لاحقا في منصب كبير في حكومة الانقلاب. وسمعته بأذني يتحدث في الراديو أنه ظل يخدم هذه البلاد لعقود وأنه لم ينتم يوما لأحد الأحزاب! انه عهد الكذب والخديعة، ومن يخدعون؟ شعب واع لكل لما يُحاك حوله، شيمته العظمى الصبر، حتى كاد صبره أن يصبح نقطة ضعف يتسلل منها الفاسدون والمرجفون. هذه حرب صنعها التنظيم لاستعادة السلطة، لم يصنعها قبل عامين أو ثلاثة. صنعها منذ لحظة بيان الشؤم الأول 30 يونيو 1989. (صنعها منذ أن بدأ في نشر الفتن والوقيعة بين أبناء وطن تربطهم أواصر الدم والعيش المشترك، منذ ان بدأ في ايقاظ نيران القبيلة بدلا من الدفع نحو الوعي بالانتماء لوطن واحد في زمان تتلاشى فيه تلك المفاهيم البالية. صنعها منذ ان بدأ في تسليح القبائل وتجييش المليشيات وتفكيك جيش الوطن واغراقه في خططهم وأفكارهم الزائفة. لأنه وكما قال الحكيم الطيب صالح، السقف لا يسقط مرة واحدة حين يسقط، بل يبدأ في رحلة السقوط منذ لحظة وضعه في مكانه! من هناك بدأت رحلة السقوط، سقوط بات يهدد بزوال وطن ودمار أمة! #لا_للحرب
|
|