في لحظة فارقة من تاريخ الكرة السودانية، حلق صقور الجديان عالياً نحو العرس العربي في قطر، متحدّين كل الظروف القاهرة التي تعصف بالوطن. فبين أزيز الرصاص وتوقف الدوري المحلي، وبين معاناة الهلال والمريخ في اللعب خارج الديار، أبى الأبطال إلا أن يكتبوا فصلاً جديداً من المجد الكروي، عنوانه: *"الإرادة لا تُهزم"*. جاء التأهل بعد فوز باهر على منتخب لبنان الشقيق بهدفين لهدف، سجلهما المدافع الجسور الكابتن *مصطفى كرشوم* والكابتن *ياسر جوباك* ، في مباراة اتسمت بالندية والروح القتالية العالية. تمريرات متقنة، تعاون مثمر، وتكتيك منضبط، كلها كانت مفاتيح هذا الإنجاز الذي خطّه أبناء السودان بعرقهم وإصرارهم. معظم عناصر المنتخب جاءوا من فريق الهلال الذي يخوض معارك شرسة في دوري أبطال أفريقيا، وقد نال منهم الإرهاق، يساندهم رفاقهم من المريخ وبقية العناصر الوطنية من داخل السودان وخارجه. لكنهم تجاوزوا التعب، وتحدوا الصعاب، وحققوا التأهل عن جدارة. لم يكن الطريق مفروشاً بالورود، فقد أرهقهم الحكم القطري عبد الرحمن الجاسم بالبطاقات، وأشهر الحمراء في وجه اللاعب *جون مانو* منذ منتصف الشوط الأول، ليكمل السودان المباراة بعشرة لاعبين فقط. ومع ذلك، صمد الأبطال، وأهدونا أعذب سيمفونية كروية عزفتها أقدامهم على عشب استاد الدوحة. التحية والتهنئة نبعثها من القلب إلى كل فرد من أبطال السودان، إخوة الغربال، الذين أسعدونا الليلة، وإلى الجهاز الفني بقيادة الكوتش *كواسي أبياه* وطاقمه المعاون الذين ذللوا الصعاب، وإلى اتحاد الكرة والبعثة الرسمية الذين عملوا بصمت حتى تحقق المراد، وإلى الجماهير الغفيرة التي ملأت مدرجات الدوحة، فكانت فاكهة المباراة والمساند الأول للمنتخب. بطولة كأس العرب 2025 والتي ستقام في ديسمبر القادم بقطر ليست مجرد منافسة رياضية، بل منصة لتعزيز التعاون بين الدول العربية، وتشجيع المنتخبات على تقديم أفضل ما لديها، ورفع مستوى كرة القدم في المنطقة، وترسيخ قيم الوحدة والتضامن والانتماء. وتأتي الجوائز المالية السخية لتؤكد أهمية هذه البطولة، حيث يحصل كل منتخب مشارك على 715,000 دولار، وتتصاعد الجوائز حتى تصل إلى 7,155,000 دولار للبطل، بإجمالي يتجاوز 36.5 مليون دولار، مما يجعلها من أكبر المحافل العربية دعماً للرياضة واللاعبين. أمنياتنا القلبية الصادقة لمنتخب السودان بأن ينافس بقوة في هذه البطولة الغالية، وأن يواصل عزف سيمفونية الانتصارات حتى تحقيق اللقب، رغم صعوبة مجموعته التي تضم حامل اللقب الجزائر. ونناشد الدولة أن تقف إلى جانب المنتخب، بدعمه مادياً ومعنوياً، ورفده بعناصر جديدة تعزز قوته وتزيد من فرصه في المنافسة المشرفة. و يا صقور الجديان، أنتم لستم فقط سفراء الكرة السودانية، بل أنتم شعلة الأمل في زمن العتمة، ونبض الفرح في قلب وطن يتوق للبسمة. حلقوا عالياً، فأنتم تستحقون المجد، ونحن من خلفكم، قلوبنا تهتف: سودان العز... إلى الأمام. قبل الختام: يا إخوتنا في العروبة، يا من جمعتنا لغة الضاد، وتوحدت قلوبنا على حب الأرض والكرامة، إن السودان اليوم لا يطلب صدقة، بل يمد يده لأشقائه في لحظة صدق. فلتكن بطولة العرب منبراً لتجديد العهد، ولتكن مدرجات الدوحة شاهدة على وحدة الدم والمصير. قفوا مع السودان، لا فقط في الميدان، بل في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، في دعم ملاعبه، وأنديته، وشبابه الذين يصنعون المجد من تحت الرماد. مسك الختام: يا صقوراً حلّقت في سماها رغم الجراح ونارٍ تلاها من قلب شعبٍ ما انحنى يوماً جاء النصرُ، وارتفعت راياتُها نادينا العربَ: هبّوا لنصرةِ أخٍ جريحٍ، قد غزتهُ بلاياه فلتكن الكرةُ جسراً بيننا نبني به وطناً، ونُحيي رجاهُ
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبد الكريم ابراهيم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست