سعد الخير… قلبٌ واحد ينهض بوطنٍ يتعبه الخراب كتبه عبدالرحمن محمـــد فضــل

01:02 AM November, 26 2025

سودانيز اون لاين
عبدالرحمن محمد فضل-السعودية
مكتبتى
رابط مختصر

عمود ظِلَال القمــــــر

[email protected]

""
_______

ملاك شمبات كيف صنع سعد الخير أسطورة الرحمة في زمن القسوة؟
في عالم يلهث فيه الإنسان وراء جمع المال، ويحسب عمره بما راكم من ثروة وبما أفنى من جهدٍ وشقاء، يندر أن نجد من يقفز فوق هواجس الخوف من الغد، ليجعل من عطاء اليوم معنى للحياة. فغالب النفوس تتردد، وتضنيها فكرة الإنفاق، كأنما كل صدقة تُقتطع من مستقبلها لا من فضلها لكن سعد بابكر – أو كما اعتدنا في شمبات أن نسميه "سعد الخير" – كان الاستثناء الجميل الذي يذكّرنا أن الخير ما زال ممكناً، وأن الإنسانية تُزهر حتى في أقسى ظروف الحرب.

هذا الشاب المكافح، العصامي، لم يقدّم للوطن مجرد مبادرات، بل قدّم روحًا تمشي على الأرض. في وقتٍ عجزت فيه مؤسسات، وتراخت فيه دول، كان سعد وحده جيشًا من الرحمة: يسقي العطشى، ويُطعم الجياع، ويضمد جراح الملهوفين. حمل الماء إلى من أنهكهم العطش، وفتح بيته وماله أمام المحتاجين في زمنٍ ضاقت فيه الأبواب لم يكتفِ بالغوث العاجل بل اهتم بعلاج المرضى ونظافة البيئة وإعادة شيء من كرامة الحياة لمن سحقتهم الحرب ظلّ يعطي بلا حساب كأنما وُلد ليكون جسراً تعبر عليه آلام الناس إلى الفرج والفرح والسرور
والمعروف أن الشاب غالبًا ما يعزّ عليه الإنفاق وتتجاذبه حسابات المستقبل لكن سعد الخير كان مختلفًا نعم مختلفًا في جرأته على البذل في قدرته على تحويل ماله إلى أمان للآخرين وفي شجاعته الإنسانية التي جعلته ظاهرة تستحق أن تُدرَس وتُكتب عنها الكتب فالكريم – كما يقال شجاع والبخيل جبان وإن كان في هذا البلد رجال يُثبتون هذه الحكمة فعلًا لا قولًا فإن سعد بابكر يقف في مقدمتهم رجل عابر للذات مُنساب إلى قلوب الناس كما ينساب الماء في الأرض العطشى سعد الخير شهادة حيّة بأن الإنسانية ما زالت تنبض حتى تحت ركام الحرب.

ومضة اخيرة

وفي زمنٍ تنهب فيه الحرب قلوب الناس قبل ديارهم يبقى سعد الخير شاهدًا على أن الوطن لا يُبنى بالحجارة وحدها بل تُشيّده قلوب شفافة تعرف معنى الرحمة لعل أكثر ما نحتاجه اليوم ليس مزيدًا من السلاح بل مزيدًا من الرجال الذين يشبهون الماء الذين يحيون أينما مرّوا إن سيرة سعد بابكر ليست قصة شابٍ أنفق من ماله بل حكاية روحٍ اختارت أن تُضيء بدل أن تلعن الظلام وأن تمنح بدل أن تحتفظ وأن تكون للوطن سندًا حين تخلّى عنه الكثير وهكذا وسط هذا الخراب الكبير ينهض رجل واحد ليذكّرنا بأن الخير لا ينقرض ولا ينتهي ولا يتلاشي وأن السودان مهما اشتدت عليه المحن ما زال يولد من رحمه رجالٌ بقلوب أكبر من الحرب نفسها
سعد بابكر حين يتجسد الخير في هيئة إنسان.

تم الإرسال من هاتف Huawei الخاص بي