Post: #1
Title: لماذا يرفض البرهان وقف الحرب* ؟ كتبه الطيب الزين
Author: الطيب الزين
Date: 11-26-2025, 11:00 AM
11:00 AM November, 26 2025 سودانيز اون لاين الطيب الزين-السويد مكتبتى رابط مختصر
* من يظن أن مجرم الحرب البرهان يفعل ما يفعل من أجل السودان، فقد وقع في وهم كبير. فالبرهان ليس قائدا ولا رئيسا، بل هو رئيس عصابة مافيا السلطة والمال والسلاح، وأسوأ إنسان عرفه السودان منذ الاستقلال. رجل مريض نفسيا يحتاج إلى علاج عاجل، لأن ما يفعله لا يمكن أن يفعله إنسان معافى. المشكلة ليست في البرهان وحده، بل في الناس الذين أصابتهم متلازمة ستوكهولم، فتحولوا من ضحايا إلى مدافعين عن الجاني. هل يعقل أن إنسانا واعيا يصدق أن البرهان يحافظ على أمن البلد؟ أي بلد بقي أصلًا بعد أن دمر كل شيء؟ مئات الآلاف من الضحايا بين قتيل وجريح ومعاق ومفقود، ملايين اللاجئين والمشردين، دمار كامل للبلد وتشظٍ مجتمعي غير مسبوق. ما فعله البرهان لا يفعله الشيطان، ناهيك عن إنسان. لكنه لم يفعل ذلك وحده، بل بصفته رئيس عصابة الإخوان المسلمين "الكيزان"، الذين صنعوا شبكات فساد منذ 1989، تضم قيادات سياسية وعسكرية، وميليشيات مثل البراء والدفاع الشعبي والأمن الشعبي، ومجموعات اقتصادية مرتبطة بالذهب والتهريب والاقتصاد الموازي، ودوائر إعلامية واسعة لتضليل الرأي العام. إن استمرار الحرب ليس صدفة، بل هدفه السيطرة والنفوذ والدفاع عن المصالح والامتيازات التي حصلوا عليها بلا وجه حق، نتيجة انقلاب الجبهة القومية الإسلامية على النظام الديمقراطي في عام 1989، ذلك الانقلاب الذي أعاق مسار الديمقراطية وعمّق الأزمة الوطنية. ومن نتائجه انقسام الانقلابيين إلى مؤتمر وطني ومؤتمر شعبي على أسس جهوية وعنصرية، وظهور حركات دارفور، وانفصال الجنوب، وتدهور الأوضاع العامة، وانهيار الاقتصاد السوداني تحت هيمنة الطبقة الطفيلية الرجعية ممثلة في جماعة المؤتمر الوطني، التي أدمنت الفساد والاستبداد، واستعدت لفعل كل شيء من أجل البقاء في السلطة. وهذا ما يفعله البرهان اليوم، فهو لا يدافع عن السودان، بل عن مصالح الكيزان والمرتبطين بهم سياسيا واجتماعيا. وسائل العرقلة إسغلال النفوذ داخل الجيش والأمن، الاعتماد على الميليشيات المسلحة، عرقلة أكثر من عشر مبادرات دولية لوقف إطلاق النار، وبث رواية الحرب عبر ماكينة إعلامية ضخمة لتزييف الحقائق. وإذا أردنا أن نفهم لماذا يرفض البرهان وقف الحرب، فعلينا أن نعود إلى طبيعة المؤسسة العسكرية نفسها. فهي ليست مؤسسة وطنية بالمعنى الحقيقي، بل عصابة مافيا منذ تأسيسها وحتى اليوم. ظلت سيفا مسلطا على رقاب أبناء وبنات السودان، لم تخض أي حرب خارجية لحماية حدود الوطن، بل انشغلت بالداخل حيث تحولت إلى أداة للهيمنة والسيطرة. يقودها أغلب قادة من مكون اجتماعي معين، كل همهم الجاه والسلطة والمال. هذه المؤسسة التي يفترض أن تكون حامية للحدود، تخلت عن واجباتها الأساسية وتدخلت في الحكم، فكان ذلك سببا مباشرا لدمار السودان وتشظيه. لم تكتف بالانقلاب على الديمقراطية، بل تخلصت من كل الضباط الوطنيين الذين رفضوا تدخلها في السياسة، لتبقى تحت سيطرة مجموعة انتهازية لا ترى في الوطن سوى غنيمة. ولأنها مخترقة من جهات خارجية، جرى توظيفها لتكون أداة لإعاقة السودان وتحويله إلى بلد معاق، بلد عاجز عن النهوض، بلد يدار بمنطق العصابة لا بمنطق الدولة. النتيجة أمام أعين الجميع: ما يقوم به مجرم الحرب البرهان، الذي يمثل الوجه الأوضح لهذه المؤسسة المريضة، حيث يواصل الخراب والدمار، ويثبت أن الجيش في صورته الحالية ليس مؤسسة وطنية، بل عصابة تحكم باسم السلطة والمال والسلاح.
الخلاصة أن أي تسوية سياسية أو وقف دائم لإطلاق النار لن ينجح ما دام البرهان وعصابته يسيطرون على الجيش والأمن والاقتصاد. الحل الوحيد هو تفكيك منظومة التمكين التي بناها الإخوان على مدى ثلاثة عقود. الصورة الحقيقية للصراع إذن أن البرهان والإخوان هم معرقلو السلام، وحماة الفساد، وتجار الحرب، بينما الشعب السوداني هو الضحية التي تستحق دولة مدنية حديثة قائمة على الحرية والعدالة والسلام.
الطيب الزين باحث في قضايا القيادة والإصلاح المؤسسي
|
|