Post: #1
Title: إعادة تأسيس الجيش السوداني: شرط النهضة وضرورة الدولة القومية كتبه د. أحمد التيجاني سيد أحمد
Author: احمد التيجاني سيد احمد
Date: 11-26-2025, 10:59 AM
10:59 AM November, 26 2025 سودانيز اون لاين احمد التيجاني سيد احمد-ايطاليا مكتبتى رابط مختصر
٢٦ نوفمبر ٢٠٢٥
منذ اندلاع حرب أبريل وما سبقها من عقود التمكين، أصبح السؤال حول مستقبل المؤسسة العسكرية في السودان سؤالًا وجوديًا يمسّ مصير الدولة نفسها. فالسودان اليوم يقف عند مفترف طرق حقيقي: إما دولة قومية حديثة تقوم على جيش مهني خاضع للدستور، أو استمرار الدائرة الجهنمية التي أعادت إنتاج الانقلابات، والحروب، والخراب، والسلطة المؤدلجة التي تتغذى على إضعاف مؤسسات الدولة وتمزيق المجتمع.
لقد كشفت التجربة العملية خلال الفترة الانتقالية التي أعقبت ثورة ديسمبر المجيدة، وخاصة من خلال العمل في اللجنة العليا لإصلاح القطاع الزراعي وإنجاح الموسم الزراعي، أن مؤسسات الدولة المدنية يمكن إصلاحها إذا توفرت الإرادة والقيادة والتنسيق. لكن المشكلة الأكبر بقيت دائمًا في المكان نفسه: منظومة السلاح خارج السيطرة المدنية. فمهما أصلحنا الخدمة المدنية، ومهما أعدنا بناء القطاعات الإنتاجية، فإن الدولة ستظل مكسورة إذا بقيت السلطة الفعلية في يد مؤسسة عسكرية مؤدلجة ومنقسمة على نفسها.
المعضلة: تداخل الجيش مع الحركة الإسلامية
وفي قلب هذا المشهد المضطرب، تبرز معضضلة المؤسسة العسكرية بوصفها العائق الأكبر أمام أي مشروع وطني جديد. فالجيش، في وضعه الراهن، مرتبط أيديولوجيًا بالحركة الإسلامية إلى درجة اختفاء الفاصل المؤسسي بينهما؛ إذ تماهى الطرفان عبر عقود التمكين حتى أصبح من العسير التمييز بين ما هو "جيش السودان" وما هو "تنظيم سياسي مسلح".
وهذا الواقع لا يسمح بقيام دولة مستقرة أو حديثة، ولا بانتقال ديمقراطي حقيقي. ولذلك يقتضي الواجب الوطني عملية إصلاح جذرية تعيد تأسيس مؤسسة عسكرية مهنية، قومية، ومحايدة، تستند إلى دستور قومي وتخضع للسلطة المدنية المنتخبة. فنهضة السودان لن تبدأ ما لم يوجد جيش واحد يحمي الوطن والمواطن، لا مشروعًا أيديولوجيًا بعينه.
لماذا لا يمكن بناء دولة دون إعادة تأسيس الجيش؟
هناك عدة أسباب تجعل إعادة تأسيس الجيش شرطًا وجوديًا لنهضة السودان:
1. لأن الجيش المؤدلج يعيد إنتاج الاستبداد.
2. لأن الاقتصاد لا ينهض بجيش سياسي.
3. لأن الوحدة الوطنية لا تنجح في ظل جيش منحاز.
4. لأن السلام الحقيقي يبدأ من تفكيك العنف المنظم.
5. لأن دستور دولة حديثة يحتاج إلى جيش قومي واحد.
إعادة التأسيس: ما الذي يعنيه عمليًا؟
إعادة تأسيس الجيش ليست دعوة لهدم المؤسسة، بل هي مشروع لإعادة بنائها على أسس صحيحة ومستدامة:
1. إعادة تعريف العقيدة العسكرية من عقيدة حزبية إلى عقيدة قومية.
2. تكوين جيش مهني واحد بدمج أو تسريح القوات والمليشيات وفق معايير وطنية.
3. خضوع الجيش للدستور والبرلمان المدني وليس لشخص أو حزب.
4. إنشاء مجلس أمن قومي مدني يشرف على السياسات الدفاعية.
5. إعادة هيكلة الكليات والمعاهد العسكرية لتخريج ضباط مهنيين محايدين.
6. إبعاد الجيش عن الاقتصاد والتجارة بالكامل.
7. إعادة انتشار القوات وفق أولويات الأمن القومي.
السودان الجديد يبدأ بجيش جديد
ما لم نواجه حقيقة أن الجيش الحالي — بصورته المؤدلجة — يمنع قيام دولة، سنظل ندور في الحلقة ذاتها:
انقلاب → مقاومة → حرب → انهيار → انقلاب آخر.
السودان الذي نحلم به — السودان الذي يليق بثورة ديسمبر، وبدماء الشهداء، وبمستقبل أجياله — يحتاج إلى:
جيش قومي
مهني
محايد
موحّد
خاضع للدستور
يحمي الوطن لا الحزب.
هذا هو الشرط الأول لقيام دولة سودانية حديثة.
كل ما عداه تفاصيل.
[email protected]
|
|