Post: #1
Title: الشيباني رواية في عدة روايات كتبه أشرف جعفر الأغبش (ابو دان)
Author: اشرف جعفر الأغبش
Date: 11-25-2025, 11:07 PM
11:07 PM November, 25 2025 سودانيز اون لاين اشرف جعفر الأغبش-موريتانيا مكتبتى رابط مختصر
الشيباني رواية في عدة روايات الكاتب أحمد فال ولد الدين صحفي محترف وكاتب روائي موريتاني تأتي رواية الشيباني كواحدة من الأعمال الأدبية المميزة التي تجمع بين السرد والشعر، الأدب واللغة، الفقه والشريعة، التاريخ والجغرافيا وعلم الإجتماع.
انها رواية في عدة روايات مترعة بالأحداث كسفرة طعام متنوعة الأطباق دسمة مشبعة كان الحب طبقها الرئيس استهللنا مائدتنا به وكان هو العُقبة،زرنا معها السنغال وقطر وموريتانيا شملت القارات وشخوصها. ليست رواية تقليدية تسرد الأحداث فحسب، بل لوحة أدبية متعددة الأبعاد تضيء علىالحب والاغتراب والإنسان في صراعه مع ذاته ومجتمعه، كريمة معطاءة جادت وما بخلت تزيّنت بفاخر الملبس والمظهر، تعطّرت من عطر الطبيعة بأشجارها وأوراقها ، كأنها رُقيّة بنت عائشة في ليلة عرسها.
الداه ولد الشيباني
ذلك الثائر الذي يتمتع بخيال خصب متعدد الخصال، فهو إنسان وأديب ومثقف رحب الصدر، يؤمن بالحوار والمتناقضات، صاحب عزة وشجاعة لا يهادن ولا ينافق.
منغمس في ثقافته، معتزاً بلغة الضاد، يبجلها وتبجله، ينتقي أجودها وأفصحها، كأنه خُلق ليقرأ وينشد. فوق هذا كله فهو محب مجيد يطوّع اللغة وحواشيها من أجل لحنها، يزيل الحدود والمراسم لتبسمها.
كأنه عبدالله بن معاوية الجعفري حين قال:
عين البغض تبرز كل عيبٍ … وعين الحب لا تجد العيوبا
طفولته وتكوينه وُلد يتيماً محروماً من الأبوين، فأقسمت الجدة أن تقوم مقامهم قولاً وفعلاً، تراه بقلبها، تتحسسه بحدسها كيف لا وقد أنار ذكر الله بصيرتها.
أحب الكُدية، لعب وجرى فيها، عاش تفاصيلها ولم يكن يدرك معنى (مخسور بعد) وليته ما أدرك.
صقلت مواهبه حفزت ذاكرته التخيلية، قوّت قدرته الذهنية، فتعلّم معنى الحرية، لا يحب الحدود، يهيم بالبراحات الواسعة، يقفز على الكثبان والتلال، يهوى القصص السردية التخيلية.
عرف المجذوب وتنبؤه، حتى كتم في حناياه توقعه، شاهد أهل الفيضة، خبر فعلهم وقولهم حتى غرق في ذكرهم، سمع وقعهم وتخيلهم، لكنه صُدم بفعلهم.
ثم حان وقت الرحيل، كأنها قد سمعت وصية الإمام مالك للإمام الشافعي رحمهما الله:
(لا تسكن الريف فيذهب علمك، من أراد العلا هجر القرى؛ فإن الحسد في الأرياف ميراث)
نواكشوط الحب والغدر
في نواكشوط كان اللقاء، وبين جامعتها كان الحب مزروعاً، وفي كلية آدابها تفتح الزرع فصار سلمى.
التقيا فكانت العيون من تبدأ بالسلام، ثم ينعم القلب بالأمان، ثم صار الكلام وامتلا القلب بالهيام.
يحنّ كل منا إلى طفولته وماضيه، يستريح مع من كان من بيئته وليت ذلك ما كان، وليت لقاء عبدالرحمن كان خيال، وقع ظلم القريب للقريب، ومضرة الصديق للصديق، وانكشف المحظور، وانهدم الركن المتين، فصارت سلمى سراب بقيع.
بدأت رحلة اليقين لدمل الجرح الغائر الأليم إلى المرابط والمحضرة كان المسير. قال الشاعر:
أحذر عدوك مرة وصديقك ألف مرة … فإن انقلب الصديق كان أعلم بالمضرة
الاغتراب والاختبار
صار الاغتراب منهجاً وسلواناً، من السنغال إلى قطرعاش ضيق القلب والشك وتارة التخوين والتكذيب، صار في نزاع مع نفسه، شكّك في حبه وحبها، كيف لا يكون ذاك وقد فعل الزمان وبعد المكآن أفعالهم .
استحضر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
(أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة.)
إنها لعنة الأحساب والأنساب، القياس المعنوي للأشياء، تقدير الأسماء والأحساب، القياس الدنيوي، تسلط من له قوة على الرقاب، استبداد القادر على الضعيف، ظلم القوي المتين حتى من نأى بنفسه عنهم وعن سلطتهم، وصله تجبرهم واصطلى بنارهم، أعدموه وذبحوا حبهم فصار الكون فاغرا فاه
الصمود والختام
إلا أن الشيباني في أضعف حالاته يكون الأقوى حين قال لهم:
"أنا فارسٌ سقط في ساحة الوغى بسهمٍ أطلقته يدٌ جبانةٌ مرتعشة! لا، بل أنا قصيدةٌ حزينةٌ كتبها شاعرٌ ولم تخرج من فمه قط، أنا سمفونيةٌ شجيةٌ عزفها فنانٌ أصمٌ لم يسمعها قط! لا، بل أنا ومن مثلي أملككم بالخلاص… أيها الجنود الأغبياء"
كان إدريس جماع عرف أمره حين قال:
إن حظّي كدقيق ٍ فوقَ شوكٍ نثروهُ
ثمّ قالوا لحُفاةٍ يومَ ريح ٍ إجمعوهُ صعُبَ الأمرُ عليهمْ قلتُ يا قوم ِ اتركوهُ
إنّ من أشقاهُ ربِّي كيفَ أنتم تسعدوهُ؟
خاتمه بهذا المقال، تبرز رواية الشيباني كعمل إنساني عميق، يزاوج بين الشعر والسرد، ويكشف عن قسوة الفقد ومرارة الاغتراب، في مواجهة االمعتقاد الموروثة وقوة السلطة . إنها رواية تُغري القارئ بالتأمل، لا بمجرد المتابعة، وتؤكد أن الأدب قادر على أن يكون مرآة للروح وتجربة للوجود، إنها بلا شك إضافة نوعية للأدب العربي، تستحق أن تُقرأ وتُناقش، وأن تكون موضع اهتمام النقاد والقرّاء معا
الكاتب أشرف جعفر الأغبش (ابو دان)
|
|