Post: #1
Title: التجاوزات العنصرية في زمن الحرب وخطورتها علي الوطن كتبه عبدالرحمن محمـــد فضــل
Author: عبدالرحمن محمد فضل
Date: 11-25-2025, 10:59 PM
10:59 PM November, 25 2025 سودانيز اون لاين عبدالرحمن محمد فضل-السعودية مكتبتى رابط مختصر
عمود ظِلَال القمــــــر
[email protected]
_________
في خضم الحرب التي تعصف بالسودان منذ اندلاع المواجهات بين الجيش ومليشيا الدعم السريع ارتفعت أصوات تدعو إلى التفرقة والاصطفاف القبلي وإعادة إنتاج الانقسامات بصورة تهدد ما تبقى من تماسك وطني أصواتٌ تحاول اختزال الأزمة في صراع بين قبائل بينما الواقع أكثر تعقيدا وأبعد ما يكون عن هذا التصوير السطحي الحقيقة التي يجب تثبيتها أن القبائل السودانية ــ بكل تنوعها ــ ليست طرفاً في هذه الحرب من التحق بالمليشيا يمثل نفسه واختياره الفردي، ولا يحق لأحد توسيع دائرته ليُلبس القبائل وزراً ليس لها فيه يد وبالمقابل فإن الجيش السوداني يضم في صفوفه أبناءً من مختلف ربوع الوطن يجمعهم الانتماء إلى المؤسسة العسكرية لا إلى انتماءاتهم الضيقة لذلك فإن القراءة الموضوعية تقتضي إبعاد القبيلة عن مشهد الحرب وعدم تحميلها ما لا تتحمله، من هنا ينبع رفضنا الواضح لكل خطاب يدعو إلى العنصرية والعصبية والفرز الجهوي ليس فقط لأنه خطاب خطير، بل لأنه ينطلق من رؤية انفصالية تتعارض جذرياً مع مشروع وطني وحدوي يقوم على فهم سوسيولوجي لطبيعة الأزمة فخلافنا مع هذه الأصوات ليس خلافاً كلامياً بل هو اختلاف بنيوي في النظر إلى الدولةوالمجتمع وفقاً لهذا الفهم، فإن ما يُسمّى بـ"التمرد" ليس ظاهرة قبلية ولا يمكن تبسيطه في إطار صراع إثني بل هو ـ في جوهره ـ مشروع استعماري حديث يستثمر في حالات الجهل المركب وضعف الهوية الجمعية لدى بعض الفئات، فيحوّلها إلى وقود للحرب ومادة خام للتحشيد والتجنيد ذلك أن الهويات المصطنعة حين تُبنى على الفراغ المعرفي والوعي المضطرب، تصبح قابلة للاستغلال من أي جهة تتقن صناعة الفوضى "الفوضي الخلاقة" للمحتل والغازي الجديد الذي اتي هذه المرة بأسلوب مختلف عن سابقته في طريقة الاحتلال وتمزيق الدول ان ما يحتاجه السودان اليوم ليس المزيد من الاتهامات والفرز الاجتماعي، بل رؤية عقلانية تعمل على تفكيك البنية التي أنتجت هذا الوعي الهش، ومواجهة جذور الأزمة لا مظاهرها وهنا يأتي دور المثقفين والنخبة الفكرية، الذين عليهم مسؤولية تاريخية تتمثل في إعادة دمج الفئات المغرر بها في النسيج الوطني، لا شيطنتها أو عزلها فالإقصاء لا يبني دولة ولا يؤسس سلاماً ولا يخلق مجتمعاً متماسكاً، السودان بلد التنوع الواسع لا يمكن أن ينهض إلا بمشروع وحدوي يعترف بالاختلاف، لكنه يرفض تحويله إلى فتيل صراع وبين خطاب الوحدة وخطاب العنصرية يبقى الخيار واضحاً إما دولة جامعة لكل أبنائها أو تشظٍّ لا نهاية له.
|
|