Post: #1
Title: السودان: نحو سلام مستدام وحماية السيادة الوطنية كتبه ادم ابكر عيسى
Author: ادم ابكر عيسي
Date: 11-25-2025, 10:51 PM
10:51 PM November, 25 2025 سودانيز اون لاين ادم ابكر عيسي-السودان مكتبتى رابط مختصر
أصداء الوعي
في خضم الأزمات السياسية التي تعصف بالسودان، تبرز الحاجة الملحة إلى إعادة النظر في نهج السلام الذي يتبناه المجتمع الدولي. إن الحديث عن الديمقراطية في ظل وجود مليشيات مسلحة، مثل "آل دقلو"، يبدو وكأنه مجرد أوهام. فكيف يمكن الحديث عن انتقال ديمقراطي حقيقي في ظل وجود قوى تعمل على تفكيك المؤسسات الوطنية وتعزيز الفوضى؟
إن السيادة الوطنية وحماية تراب الوطن هما الأساس لأي عملية سلام مستدام. يجب أن تكون أي تسوية سياسية قائمة على محاسبة المجرمين ومعاقبتهم، وليس مجرد إعادة إنتاج الأزمات تحت مسميات جديدة. لقد أثبتت التجارب السابقة أن الوثائق التي تم إعدادها بدعم خارجي، مثل الاتفاق الإطاري وورقة المحامين، لم تكن سوى أدوات لتعميق الصراع وليس إنهائه.
يتطلب السودان اليوم رؤية شاملة تأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشعب السوداني، الذي عانى من ويلات الحروب والنزاعات. يجب أن نضع حداً لهيمنة المليشيات التي لا تعترف بالمؤسسية ولا تحترم سيادة الدولة. إن وجود أبناء من السكان الأصليين الذين يدعمون مشروع هذه المليشيات يثير تساؤلات عميقة حول الهوية والانتماء.
لقد بدأ مشروع الهيمنة على الوطن عندما استعانت حكومة عبد الله حمدوك بالبعثة الأمنية للانتقال الديمقراطي، مما أدى إلى اختراق شامل للمؤسسات الوطنية بحجة الشفافية والانتقال الديمقراطي. وقد سهلت هذه العملية ابتلاع الدولة وجعلت من الممكن تغيير الخارطة الديمغرافية واستيلاء على أراضي السكان الأصليين في مناطق مثل جبل مرة وجبال النوبة وساحل البحر الأحمر.
لا يمكن أن تنجح أي عملية سلام دون إبعاد المرتزقة وتصنيف المليشيات كمنظمات إرهابية. فالتدخلات الخارجية، مثل دعم دولة الإمارات لمليشيات "آل دقلو"، يجب أن تتوقف إذا كنا نرغب في بناء سودان جديد قائم على العدالة والمساواة.
إن الشعب السوداني يرفض أي تسوية سياسية تتضمن مشاركة المليشيات أو شركائها في الفظائع المروعة التي ارتكبت بحق الشعب السوداني. ويؤكد على ضرورة حماية كرامته وسيادته. لذا، يجب على المجتمع الدولي أن يدرك أن ثقافة الشعب السوداني أقوى من أي محاولات للتلاعب بمصيره.
سوف يستمر الشعب في عمليات الاستنفار القصوى والتعبئة للدفاع عن كرامته وسيادة أراضيه، مهما كلفه الأمر. فقد شهد الجميع الفظائع من قتل وتفنن فيها، وبيع الصبايا، ونهب البيوت، وحرق الجثث في الفاشر وأحداث ود نورة في الجزيرة ومقتل والي غرب دارفور ودفن المواطنين أحياء. إن تلك الوحشية لم تفلح معها أي عملية سلام.
يجب على المجتمع الدولي أن يقف مع الحق ويصنف الظلم الذي يتعرض له الشعب السوداني. إن الطريق نحو السلام المستدام يتطلب منا جميعاً التمسك بمبادئ السيادة الوطنية وتقديم مصلحة الوطن على المصالح الشخصية أو الإقليمية. لن يكون هناك مستقبل مشرق للسودان إلا من خلال بناء مؤسسات وطنية قوية وإصلاح هيكلي شامل يعكس تطلعات الشعب ويحقق العدالة للجميع.
|
|