Post: #1
Title: تصنيف الإخوان كتنظيم إرهابي: التداعيات المحتملة على الحرب السودانية وإعادة تشكيل توازنات القوى
Author: عاطِف عبدالله قسم السيد
Date: 11-25-2025, 10:44 AM
10:44 AM November, 25 2025 سودانيز اون لاين عاطِف عبدالله قسم السيد-UAE مكتبتى رابط مختصر
تصنيف الإخوان كتنظيم إرهابي: التداعيات المحتملة على الحرب السودانية وإعادة تشكيل توازنات القوى
بقلم: عاطف عبدالله
مقدمة
يمثل إعلان الإدارة الأميركية اقترابها من اعتماد الصياغات النهائية لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية تطوراً مفصلياً في بنية النظام الإقليمي، وفي الواقع السوداني على وجه الخصوص. فالسودان يشكل حالياً آخر معاقل الإسلام السياسي بعد انحساره في مصر وتونس والسعودية والإمارات والأردن، الأمر الذي يجعل لهذا التصنيف تأثيراً مباشراً على مسار الحرب الدائرة، وعلى إعادة توزيع مراكز النفوذ بين الجيش والدعم السريع والقوى المدنية.
أولاً: تداعيات التصنيف على ديناميات الحرب
1. الجيش وسلطة بورتسودان: موقع هش بين ضغط واشنطن وابتزاز التيار الإسلامي
اعتمدت قيادة الجيش، منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، على منظومات الإسلاميين كقاعدة دعم سياسية وعسكرية وإعلامية. وبصدور القرار المنتظر، ستواجه سلطة بورتسودان معادلة معقدة:
الاستجابة للموقف الأميركي تعني الدخول في مواجهة مباشرة مع الإسلاميين الذين يمتلكون نفوذاً واسعاً داخل المؤسسات النظامية والبيروقراطية. بينما سيؤدي الرفض أو الالتفاف على القرار إلى فقدان الدعم الإقليمي والدولي، وإلى إضعاف القدرة القتالية للجيش في حرب استنزاف تتطلب سنداً سياسياً واقتصادياً مستقراً. بهذا المعنى، سيعيد التصنيف إنتاج الهشاشة البنيوية لسلطة الجيش ويضعها أمام استحقاقات تسوية سياسية لا يمكن تجنبها.
2. الدعم السريع: استفادة تكتيكية لا تضمن مكاسب استراتيجية
لا يرتبط الدعم السريع بأية بنية أيديولوجية إخوانية، ما قد يضعه - تكتيكياً - في موقع أقل خسارة مقارنة بالجيش. فالتصنيف سيحرج البرهان ويضعف داعميه الإسلاميين. إلا أن هذا المكسب النسبي لا يتحول إلى ضمانة سياسية؛ إذ إن أي تسوية ترعاها واشنطن والرباعية ستكون مشروطة بعودة السلطة المدنية، وليس تأبيد نفوذ المليشيات.
ثانياً: مستقبل الإخوان المسلمين في السودان بعد التصنيف
يشكل السودان حالياً الملاذ الأخير لشبكات الإسلاميين في المنطقة، والتصنيف الأميركي سيشكّل ضربة استراتيجية قد تعيد صياغة وجودهم في المدى المتوسط والبعيد.
1. تقويض الشبكات المالية والاقتصادية
يمتلك الإخوان بنية مالية واسعة داخل القطاع الخاص، وشركات موازية، وشبكات تحويل خارجية. التصنيف سيسمح بالتحقيق، والتجفيف، والتجميد، ما يحدّ من قدرتهم على تمويل الحرب أو إعادة إنتاج نفوذهم السياسي.
2. إضعاف النفوذ داخل الجيش والأمن
يشكّل الإسلاميون كتلة مؤثرة داخل المؤسسات النظامية. ومع تصنيفهم إرهابياً، سيغدو وجودهم ذاته خطراً أمنياً إقليمياً، ما يفتح الباب لإعادة هيكلة حقيقية للمؤسسات العسكرية والأمنية.
3. سقوط السردية الشرعية
كان الإسلاميون يقدمون أنفسهم بوصفهم "حماة الدولة". ومع صدور القرار، سيتحولون إلى عبء أمني، وإلى أحد أبرز مسببات الحرب وإعاقة مسار الانتقال المدني.
ثالثاً: توازن القوى بين الجيش والدعم السريع والقوى المدنية
1. انكماش الشرعية السياسية للجيش
سيفقد الجيش جزءاً كبيراً من عمقه السياسي والتنظيمي الناتج عن التحالف مع الإسلاميين، ما يجعله أقرب إلى القبول بتسوية سياسية تفرضها البيئة الدولية.
2. صعود إمكانية الفعل المدني
يمثل التصنيف فرصة تاريخية للقوى المدنية - بمكوناتها المختلفة - لاستعادة موقعها كممثل شرعي لثورة ديسمبر وقوة مؤهلة لإدارة مرحلة ما بعد الحرب.
رابعاً: استثمار القوى المدنية لهذه اللحظة التحولية
يتيح القرار فرصة نادرة لإعادة بناء الكتلة المدنية على أسس استراتيجية وعلمية، بما يضمن انتقالاً مستقراً بعد وقف الحرب.
مائدة مستديرة لتوحيد الصف المدني تحتاج القوى المدنية - وفي مقدمتها "صمود" وتحالف الجزيريين (الشيوعيين)، إلى جانب بقية القوى المناهضة للحرب وغير المتورطة في جرائم الدم أو الفساد - إلى الشروع في حوار شامل عبر مائدة مستديرة تُعنى بـ:
· معالجة الانقسامات البنيوية داخل الحركة المدنية،
· توحيد الخطاب السياسي بما يعيد الثقة الشعبية في البديل المدني،
· بناء جبهة مدنية متماسكة وقادرة على التفاوض كقوة وطنية موحدة،
· والتأسيس لكتلة سياسية صلبة تقود المرحلة الانتقالية المقبلة، وتشارك بفاعلية في صياغة التسوية الوطنية وبناء مؤسسات الدولة بعد توقف الحرب.
1. برنامج مشترك للمرحلة الانتقالية
لابد من وضع برنامج واضح يتضمن:
ترتيبات أمنية لإعادة بناء الجيش على أسس مهنية بعيداً عن الاختراقات الأيديولوجية. خطة اقتصادية لإنعاش الدولة وإعادة الإعمار. إصلاح الخدمة المدنية والسلطة القضائية. مسار عدالة انتقالية يضمن عدم الإفلات من العقاب. جدولاً زمنياً واضحاً لعملية انتخابية حرة. 2. تحرك دبلوماسي منظم
إن توحيد الموقف المدني سيمنح القوى المدنية القدرة على مخاطبة المجتمع الدولي كشريك أصيل في صياغة التسوية النهائية، لا مجرد طرف أولي في المشهد. لتحرك الدبلوماسي المنسق والتواصل مع الإدارة الأميركية، الدول الإقليمية، الأمم المتحدة، الاتحاد الإفريقي، وذلك باعتبارها الشريك الأكثر استعداداً لتسلّم المرحلة الانتقالية بعد الحرب. خاتمة
إذا تم اعتماد التصنيف الأميركي، فسيكون السودان أمام أكبر تحوّل سياسي منذ اندلاع ثورة ديسمبر. فالتخلص من نفوذ الإسلاميين يفتح باباً واسعاً لوقف الحرب، ولإعادة بناء الدولة على أسس مدنية ديمقراطية. وتبقى الفرصة الأكبر بيد القوى المدنية نفسها؛ فإذا تمكنت من توحيد صفوفها وبلورة برنامج وطني مشترك، فإنها ستكون الوريث الشرعي لمسار ديسمبر، والشريك الأساس في تشكيل مستقبل السودان ما بعد الحرب.
_______________________________________________ عاطِف عبدالله قسم السيد Atif Abdalla Gassime El-Siyd
|
|