‏اتفاقية تيسير التجارة: من لعنة الموراد الي سودان أكثر سلامًا وعدلًا كتبه فضل محي الدين طاهر

‏اتفاقية تيسير التجارة: من لعنة الموراد الي سودان أكثر سلامًا وعدلًا كتبه فضل محي الدين طاهر


11-24-2025, 07:13 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1764011604&rn=0


Post: #1
Title: ‏اتفاقية تيسير التجارة: من لعنة الموراد الي سودان أكثر سلامًا وعدلًا كتبه فضل محي الدين طاهر
Author: فضل محي الدين طاهر
Date: 11-24-2025, 07:13 PM

07:13 PM November, 24 2025

سودانيز اون لاين
فضل محي الدين طاهر-جنيف
مكتبتى
رابط مختصر




-جنيف

من الواسوق ابت تطلع
من الابرول ابت تطلع
من الاقلام ابت تطلع
من المدفع طلع خازوق
خوازيق البلد ذادت

علي خلفية المجاذر المروعة التي شهدتها مدينة الفاشر وغيرها من المناطق السودانية موخرا والتي هزت السودان والضمير العالمي، يتزايد الحراك الوطني والدولي والإقليمي لوضع حد للحرب العبثية. وكان آخر تلك المحاولات مبادرة الرئيس الامريكي ترامب وولي العهد السعودي. وبالرغم من موجة التفاؤل التي عمت الدوائر المختلفة بامكانية التوصل الي وقف إطلاق النار فإن آفاق السلام الدائم في السودان ربما تكون بعيدة المنال وذلك ليس فقط لأن الأصوات التي تدعم استمرار المحرقة أصبحت اعلى من تلك التي تدعو إلى السلام بل لأن السلام الدائم والحقيقي ليس مجرد وقف اطلاق النار بل في تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية. ونحسب إن ما قال وزير الخارجية الامريكي ادوينغ استيتن عام ١٩٤٥ يلامس تمامًا الحالة السودانية الراهنة.
The battle for peace has to be fought on two fronts. The first front is the security front where victory spells freedom from fear. The second is the economic and social front where victory means freedom from want. Only victory on both fronts can assure the world of an enduring peace.
يقف السودان اليوم علي مفترق طرق وفي ظل غياب اي مشروع وطني خالص للعدالة بالتوازي مع سباق اقليمي ودولي محموم لمواصلة نهب ثروات البلاد فان المناخ غير موات لايجاد عوامل استدامة السلام المرتقب .
وعليه ينبغي للحادبين علي مصلحة الوطن اغتنام واستثمار فرصة التعاطف الدولي مع القضية لوضع السودان علي مسار السلام الحقيقي والحرية والعدالة وتجنب تكرار اخطاء الماضي . وهذا بالضرورة سيتطلب إبعاد كل الأحزاب والمؤسسات والكيانات والمليشيات التي أوصلت البلاد لهذه المرحلة.
وبما ان جذور المشكلة تكمن في نهب الثروات والاتجار غير القانوني وغير الشفاف فيها من قبل الاطراف المختلفة، فان الخيار الأفضل للخروج من دوامة لعنة الموارد هذه امر يتطلب تضمين اي اتفاق سلام قادم، أسس وقواعد قانونية صلبة لبناء دولة القانون والمؤسسات . فالحرب ربما تتوقف لكنها لا تنتهي وتنتهي فقط بالقضاء علي العقلية التي اوجدتها وتسببت فيها.
ونحسب بان ادماج السودان في النظام التجاري الدولي المتعدد الاطراف سيوفر إطارًا قانونيًا وموسسيا راسخا ليس فقط للانتقال من مربع نهب الثروات والنزاعات المستمرة الي مرحلة التنمية والسلام الدائم بل ايضا لارساء ارضية قوية لعقد اجتماعي جديد.
ومواصلة لسلسلة المقالات حول ملف الانضمام الي منظمة التجارة العالمية واهميته لمرحلة اعادة الاعمار والبناء نتناول في في هذا المقال بعض الجوانب الفنية والقانونية لاتفاقية تيسير التجارة (المادة (١).
وتتألف الاتفاقية من قسمين ، القسم الاول يتضمن ١٢ مادة والتي تتناول الاجراءات والالتزامات الخاصة بتيسير التجارة،بينما يحتوي القسم الثاني علي احكام المعاملة الخاصة والتفضلية لصالح البلدان النامية والبلدان الأقل نموا. المادة (١) حول نشر القواعد النظمية:

‏تشير المادة الأولى من الاتفاقية إلى المعلومات الدقيقة التي ينبغي الحصول عليها في الوقت المناسب بشأن قوانين التجارة والرسوم الجمركية واللوائح الجمركية والآليات القضائية ذات الصلة وتتضمن الموضوعات التي تغطيها مسائل النشر واتاحة المعلومات عبر الانترنت ونقاط الاستفسار فضلًا عن موضوع الاخطار.
وهذه المواضيع تعتبر اساسية لأضفاء الشفافية والقدرة على التنبؤ و تعزيز كفاءة المعاملات التجارية الدولية والوطنية التي تقوم بها الشركات التجارية الخاصة والتي كثيرا ما تكون مؤسسات صغيرة متوسطة الحجم وخاصة في البلدان النامية الدول الأقل نموًا.وكما يعرف الجميع فان الفساد في السودان لا يقتصر فقط علي نهب الثروات الطبيعية بل يتعداها الي التلاعب بالقوانين واللوائح التجارة المختلفة لتمكين فئات محددة من الشعب علي حساب الجميع وهو الامر الذي يؤثر سلبًا علي روح المبادرة والابتكار وفقدان الثقة في مؤسسات الدولة فضلًا عن هروب الاستثمارات الاجنبية والوطنية.

ونشير الى ان سهولة الوصول الى القوانين المنظمة للتجارة ذات الصلة والمتطلبات الجمركية والعمليات الادارية التي تطبق قبل واثناء استيراد او تصدير البضائع تمثل مكسبًا لرواد الأعمال في الوقت والتكلفة معا . وبالنسبة للعمليات التجارية ففي السودان مثلًا كما هو معروف هناك صعوبة كبيرة للحصول على المعلومات التجارية الأساسية ذات الصلة ، علي سبيل المثال شروط الحصول علي اذن تصدير والوقت الذي يتطلبه ذلك فضلًا عن الرسوم والشروط الأخرى المطلوبة . ويفتقر السودان كذلك الى الإرادة السياسية لاتاحة هذه المعلومات بسهولة .كما ان إنشاء القنوات الصحيحة لنشر المعلومات المتصلة بالتجارة من خلال آليات واجراءات حديثة شفافة وبسيطة لن تشكل فقط حافزًا على انخراط من الناس في الأعمال التجارية بل ستوفر أيضًا الوقت و المال على السلطات الجمركية ورواد الاعمال . غير ان التحدي الماثل لا يكمن فقط في الإعلان عن جميع المعلومات واللوائح المتصلة بالتجارة بل يكمن أيضًا في تبسيط اللوائح والاجراءات القائمة ، الأمر الذي سيسهل مهمة النشر والادارة معًا .
وتكتسب احكام اتفاقية تيسير التجارة والاطار القانوني لمنظمة التجارة العالمية عمومًا اهمية خاصة للسودان ولا سيما في مرحلة ما بعد الحرب لقدرتها علي ايجاد البيئة المؤسسية اللازمة لبدء عملية اعادة الاعمار علي اسس شفافة وصلبة وفتح آفاق جديدة للسلام الدائم.