Post: #1
Title: البرهان في قلب العزلة النهائية- انكشاف الدمية وانهيار المشروع الإسلامي#
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 11-24-2025, 01:59 PM
01:59 PM November, 24 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
لم يعد عبد الفتاح البرهان قائداً يملك زمام المبادرة داخل المؤسسة العسكرية، بقدر ما أصبح واجهة متآكلة لمشروع سياسي–أمني تقوده الحركة الإسلامية من خلف الستار خطابه الأخير أمام كبار الضباط، حين تساءل بصوت غاضب: «أين الإخوان في الجيش؟»، شكّل لحظة انكشاف نادرة؛ لم يكن ذلك الانفعال مجرد خطأ تعبيري، بل مؤشرًا على أزمة قيادة تتفاقم منذ انقلاب 25 أكتوبر وتؤكد ارتهان القرار العسكري لأجندة أيديولوجية واضحة الإسلاميون- استعادة السيطرة على مراكز القرار في سياق متصل، شكّل اجتماع جامعة الجزيرة مؤخراً، الذي ضم قيادات بارزة من الحركة الإسلامية، إعلاناً صريحاً لعودة التنظيم إلى قلب القرار السياسي والعسكري. شخصيات مثل- محمد عباس اللبيب (رأس الحربة القديم)، أحده مفضل، محيي الدين سالم (تلميذ الترابي المباشر)، محمد عبدالله درف، وياسر العطا—تُنظر إليها اليوم داخل دوائر سياسية واسعة بوصفها الممسكة بالحلقات الحساسة في جهاز الدولة والعقل المركزي للقرار العسكري, هذا التمدد لا يترك للبرهان هامشًا كبيراً للتحرك، فالرجل، رغم موقعه الشكلي، يبدو مقيداً بشبكة نفوذ أيديولوجية تُدير المشهد فعلياً، وتجعله أقرب إلى "واجهة مضغوطة" منه إلى قائد فعلي. العزلة الإقليمية والأبواب أُغلقت دون رجعة المواقف الإقليمية تجاه البرهان لم تعد ملتبسة. فالسعودية تبنت منذ 2019 موقفًا حاسماً من أي محاولة لإعادة تمكين الإسلاميين، وترى فيها تهديداً مباشراً لأمنها القومي كما انتقلت الإمارات من التحفظ إلى موقف شديد الصراحة بعد أن تحوَّل خطاب البرهان إلى تبنٍّ علني لخطاب الإسلاميين ضدها. وحتى مصر، تبدي قلقًا متزايدًا من تغلغل التيار الإسلامي داخل الجيش السوداني لما يحمله من تداعيات مباشرة على أمنها. أما دول الجوار الأفريقي—تشاد وأفريقيا الوسطى وإثيوبيا—فأصبحت تتعامل بحذر أكبر مع جيش يُنظر إليه دوليًا باعتباره مؤسسة تتناقص استقلاليتها المهنية لمصلحة أجندة أيديولوجية مغلقة مما يجعل البرهان منبوذاً إقليمياً المجتمع الدولي ذاهب لتصنيف واضح ونهاية مرحلة التوجه الغربي في التعامل مع السودان بات أكثر وضوحًا لا دعم اقتصادي ولا انخراط سياسي ما لم يتم إنهاء سيطرة الإسلاميين على مفاصل الدولة التصريحات الأخيرة التي صدرت عن شخصيات أميركية وازنة تعكس عودة المزاج التقليدي الرافض لأي تمكين سياسي للحركات الإسلامية في المنطقة المعادلة التي تضعها واشنطن وبروكسل الآن بسيطة: أي قيادة عسكرية لا تقطع صلتها مع المشروع الإسلامي ستُعامل كجزء منه، بما يشمل العقوبات الفردية، وتجميد الأصول، وتقييد الحركة الدولية. البرهان يختار -بعناد أعمى- أن يبقى في الجانب الخاسر من التاريخ . داخل الجيش- تململ حقيقي وانقسامات تلوح في الأفق في المستويات الوسطى والعليا داخل الجيش، تبرز مؤشرات واضحة على تراجع الثقة في قدرة البرهان على إدارة الصراع أو تأمين مستقبل المؤسسة العسكرية الضباط من خارج الدائرة الإسلامية يرون بوضوح أن استمرار ربط الجيش بأجندة الكيزان يعني حرباً لا يمكن كسبها وعقوبات دولية لا تُرفع أبداً الأسئلة التي تتردد الآن ليست عن التكتيكات، بل عن جدوى حرب لا تُعرّف باعتبارها حرب دولة، بل حرب مشروع سياسي خاسر منذ سقوط نظام الإنقاذ في عام 2019. الانشقاقات القادمة ليست احتمالاً، بل مسألة وقت. شارع أنهكته الحرب… لكنه لم يعد خائفًا السودانيون صاروا يرون بوضوح أن الحرب لم تعد دفاعاً عن الدولة، بل دفاعاً عن بقايا مشروع سياسي لم يعد يمتلك مقومات البقاء كل موجة نزوح، وكل قصف على المدنيين، وكل انهيار اقتصادي، يُحمَّل الآن مباشرة لقيادة الجيش، لأنه هو من اختار أن يبقى الواجهة لمشروع أُجهِزَ عليه في 2019. قائد بلا حلفاء كل المؤشرات السياسية والإقليمية والعسكرية تقود إلى خلاصة واحدة: البرهان يواجه اليوم عزلة شاملة غير قابلة للترميم على المستويات كافة- الإسلاميون يعتبرونه واجهة مؤقتة ومستهلكة. الإقليم- أغلق أبوابه نهائياً. المجتمع الدولي - صنّفه ضمن المشكلة وليس الحل. الشارع - فقد ثقته وازدادت نقده لقيادته. الجيش - يتململ من قيادته وأهداف الحرب. للمرة الأولى منذ 25 أكتوبر، يقف البرهان في موقع يبدو أقرب إلى نهاية دور منه إلى أزمة عابرة. السلام - إن جاء - سيمر عبر قيادة جديدة غير مرتبطة بالمشروع الإسلامي وعبر إعادة تشكيل شاملة للمنظومة العسكرية والسياسية، لأن الطريق إلى نهوض السودان لم يعد يمر عبر البرهان.
|
|