تمثال دولة ٥٦ العارية كتبه الطيب الزين

تمثال دولة ٥٦ العارية كتبه الطيب الزين


11-24-2025, 03:00 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1763953229&rn=0


Post: #1
Title: تمثال دولة ٥٦ العارية كتبه الطيب الزين
Author: الطيب الزين
Date: 11-24-2025, 03:00 AM

03:00 AM November, 23 2025

سودانيز اون لاين
الطيب الزين-السويد
مكتبتى
رابط مختصر





تمثال دولة ٥٦ العارية الذي نُصب في أم درمان ليس رمزاً للمواساة، بل هو رمز للمأساة والجرح المفتوح.. كيف للجاني أن يعانق ضحيته دون إعتراف بجريمته؟ التي جلبت الخراب والدمار للسودان .. ما حدث ويحدث أثبت كم هو تنظيم الإخوان المسلمين تنظيماً مجرماً وإرهابياً.. تسبب في معاناة الملايين، ومجرم الحرب البرهان يقدم لضحاياه بأنه رمز للمواساة.. هذه مأساة لا مثيل لها في التاريخ.
بعد كل الأكاذيب وحملات التضليل التي مارسها معسكر الحرب، منذ إنطلاق الطلقة الأولى وما تبعها من ضخ إعلامي وخطاب عنصري، ومقالات وتصريحات، وشائعات وفبركات ودجل وضجيج، وأساليب غارقة في وحل الخسة والدناءة والتفاهة، وما صاحبها من تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان من قتل وحرق وذبح وبقر للبطون، وكل مظاهر الجنون التي رأيناها من الفلول، سقطت الأقنعة جميعها.
لم يعد هناك رابط أخلاقي أو نفسي يربط الشعب السوداني بمؤسسات دولة ٥٦ العسكرية والمدنية. حتى التلفزيون الرسمي تحوّل إلى مكبّ نفايات، لا يصدر عنه سوى الأكاذيب والروائح القذرة، وصار المذيعون والمذيعات مجرد أشباح باهتة، ومصدراً للسخرية والازدراء.
لقد ماتت دولة ٥٦ بكل ما فيها من مؤسسات وسياسات وممارسات ومساوئي، وإنتهت دولة المظالم وأصبحت مجرد حطام يذكّرنا بأعمارنا التي ضاعت تحت أوهامها وأكاذيبها. دولة ٥٦ في حقيقتها لم تكن سوى زريبة يتحكم فيها اللصوص والحرامية والدجالون والخونة والعملاء الذين وظّفوا الجيش لتحطيم السودان الذي كان يُعوَّل عليه أن يكون سلة غذاء العالم. لكن العملاء والخونة أعاقوا تطوره السياسي بتنفيذهم انقلاب ١٩٨٩م، الذي عطّل الحياة السياسية ونشر الخراب والدمار وفصل الجنوب، وأوصل السودان إلى محطة الإفلاس السياسي والاقتصادي، حتى اندلعت ثورة ديسمبر المجيدة، وأزاحت الطاغية عمر البشير. غير أن طاغية آخر ظهر، فانقلب على حكومة الثورة، وأشعل نار الحرب اللعينة التي قضت على الأخضر واليابس في السودان.
ولم تقتصر المأساة على الفلول وحدهم، بل إمتدت لتشمل الأحزاب التي إصطفّت وراء القتلة الأشرار بحجة دعم الجيش، رغم علمهم أن الجيش لم يكن سوى أداة في يد الإخوان المسلمين. حتى الحزب الشيوعي، الذي كان يُفترض أن يقف إلى جانب قوى التغيير، سقط في مزبلة التاريخ، حين إختار الإصطفاف مع دولة ٥٦ بدلاً من الوقوف مع قوات الدعم السريع التي أعلنت انحيازها للتحول المدني الديمقراطي. وهكذا أسقطت الحرب كل الأقنعة عن دولة ٥٦، بكل مؤسساتها وواجهاتها، لتظهر على حقيقتها: دولة زائفة، بلا أخلاق، بلا مستقبل. الحرب، على قسوتها، إن كان لها حسنة واحدة، فهي أنها أيقظت الكثيرين من غفوتهم، وجعلتهم يرون الحقيقة العارية لدولة ٥٦ الظالمة الفاسدة، التي أفقرت وطناً يُعد جنة على الأرض بما حباه الله من خيرات وثروات. لقد كشفت الحرب كل عورات دولة ٥٦، وأسقطت عنها ورقة التوت الأخيرة، لتترك الشعب أمام الحقيقة المرة: أن هذه الدولة لم تكن سوى مقبرة لأحلام الملايين، لأنها بكل مؤسساتها قد إختُطفت وأصبحت رهينة في يد الطفيلية الرثة.

الطيب الزين/ كاتب وباحث في قضايا القيادة والإصلاح المؤسسي.