Post: #1
Title: هل أنت مثقف ؟ (٦) بقلم المهندس أحمد نورين دينق
Author: أحمد نورين دينق
Date: 11-23-2025, 03:20 PM
03:20 PM November, 23 2025 سودانيز اون لاين أحمد نورين دينق-السودان مكتبتى رابط مختصر
من أي الأبواب يدخل مرض الفساد في جسم حكومة دولة جنوب السودان و حكومات بعض الدول الأخرى ؟ نواصل في الحلقة السادسة ، من هذه السلسلة ، من أنقطع من حديث محوره هو تشخيص مسببات أزمة الحكم ، و عرض المقترحات التي يمكن أن تعالج ذلك ؛ فقد تناول تقرير لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فساد الحكومة في أكثر من موضع ، حيث قالت : ( أن الفساد ، هو أفضل تفسير لإستمرار المشاكل الإقتصادية والإجتماعية و الإنسانية في دولة جنوب السودان ، حيث يواجه ما يقرب من ثلثي السكان البالغ عددهم 12مليون نسمة مستويات حرجة من الجوع أو ما هو أسوأ من ذلك) ، و قالت أيضاً : ( أن تركيزها أي" اللجنة" على الفساد له ما يبرره ، لأن الكسب غير المشروع ، قوض قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها في مجال حقوق الإنسان ، و أجج العنف المسلح بشكل مباشر) .. و من مظاهر الفساد في حكومة فخامة الرئيس سلفاكير ميار ؛ أن إتفاقية السلام التي وقعت في العام ٢٠٢٨م لم يكن القصد منها الدفع بعملية السلام في البلاد ، بل كان الغرض الأساسي منه ، ترضية المنافسين السياسيين فقط ، على حساب الشعب الجنوب سوداني ، و الدليل على ذلك ، حجم الحكومة التي تشكلت منها ، فبعد إستقلال ، جنوب السودان كان حجم المجلس التشريعي لدولة جنوب السودان حوالي ٣٦٩ نائب برلماني ، وهو حجم كبير نسبياً ، مقارنة بموارد البلاد التي دخلت خدمة إقتصاد البلاد بصورة فعلية ، أقصد بذلك مورد النفط الوحيد الذي يعتمد عليه إقتصاد دولة جنوب السودان ، فماذا فعل السيد سلفاكير ؟ أضاف إلى هذا العدد ، عدد جديد أكبر منه !!! أضاف عدد ٥٥٠ نائب ليكون مجموع عدد النواب حوالي ٩١٩ نائب ، حيث صعب عليه إعفاء النواب السابقين الناتجين من إنتخابات العام ٢٠١٠م أي قبل الإستقلال ؟ فهل يوجد فساد و إهدار للموارد أكبر من ذلك ؟ هذه المعلومة غائبة عن معظم المثقفين في دولة جنوب السودان ، و لقد عرفتها قبل ثلاثة أشهر فقط من الآن ، فقد كنت أظن أن النواب الحاليين في البرلمان القومي لدولة جنوب السودان هم المعينين فقط وفقاً لإتفاقية السلام الموقعة في العام ٢٠١٨م .. الفساد هو للأسف الشديد ، رئيس لجنة الإختيار في الخدمة المدنية لحكومة دولة جنوب السودان ، لأنه منذ الإستقلال ، دأبت الوزارات الإتحادية في دولة جنوب السودان على تعيين منسوبيها وفقاً للقوائم التي يدفعها المسؤولين في هذه الوزارات لشؤون العاملين فيها ، و هي قوائم تضم أقاربهم فقط ، و لا تهتم بالشروط و المعايير المطلوبة لهذه الوظائف ، أرادت وزارة الخارجية لدولة جنوب السودان ، خرق هذه القاعدة بعد عشر سنوات من سيادة هذه السياسة ، ففي العام ٢٠٢١م و بالتحديد في أكتوبر منه ، حيث إختارت ١٦٢ لخوض غمار الترشح للخانات الخاصة ب الدبلوماسيين ، و ١٠ للخانات الإدارية ، و ١٠ للخانات الخاصة ب تقانة المعلومات ، و بالفعل نزل ٤٢ مرشح في بداية العام ٢٠٢٢م ، و أدخل البعض في أرشيف وزارة الخارجية في قوائم الانتظار ، و لكن كما قيل : رجعت حليمة إلى قديمها ، و تم تسريح القائمين على هذه اللجنة من وزارة الخارجية ، و رجعت السياسة القديمة للعمل ، لأن شوكة الفاسدين في كافة الوزارات أقوي من أي شيء آخر ، و نفس السياسة أفسدت العمل بوزارة النفط ، حيث لا دور واضح للمؤهلات فيه .. فما هو الحل إذن لهذه المعضلة الخطيرة التي تعاني منها بعض الحكومات الفاسدة ؟ الإجابة :- الحل هو : الفصل بين السلطة التنفيذية و سلطات الإنتقال السياسي ، بحيث تقسم سلطات الدول الي مستويين:- المستوي الأول ؛ و هو المستوى الأعلى في الترتيب ، يجب أن تحتله سلطات الإنتقال السياسي في الدول ، و أقصد بذلك ، السلطات التي من صلب عملها الإشراف على عملية نقل السلطة بصورة سلسة بين الكيانات السياسية في الدول ، و هي المهتمة بكل السياسات التشريعية و التنفيذية المتعلقة بعملية نقل السلطة ، أي إجراء الإنتخابات و إعلان نتائجها ، و فوق ذلك نوع الحكم المناسب في الدولة ؛ أما المستوى الأدني ، فيتعلق بالسلطة التنفيذية ، أي الكيانات السياسية الفائزة بالانتخابات العامة للدولة بمجالسها التشريعية و التي تكون في إطار بقية شؤون الدولة الأخرى ما عدا الشأن المتعلق بالإنتقال السياسي و طبيعة نظام الحكم ، و التي تخص المستوى الأعلى من نظام الحكم .. هذا الفصل يعالج مسألة فساد المستوى الأدني من نظام حكم الدول من الجذور ، لأن الفساد كان ينتج من أن نفس اللاعب في رقعة شطرنج السياسة في الدولة ، هو من بيده ، مهمة الحكم ، و كذلك ، مهمة الإنتقال السياسي ، فهو بإمكانه ، المماطلة في مهمة الإنتقال السياسي ، طالما أنه هو المستفيد الأكبر من ذلك ، و لكن بفصل مهمة الإنتقال السياسي ، عن مهمة الحكم ، و إعطائه للاعب آخر ، منفصل ، و فوق ذلك ، ذو سلطات أعلى من اللاعب الذي يشغل مهمة الحكم في رقعة شطرنج السياسة ، تكون مشكلة الفساد ، قد حلت بشكل جذري ، و بصورة سلمية و مدنية وديمقراطية .. و نواصل في الحلقة القادمة ، إذا كان في العمر بقية .
|
|