Post: #1
Title: السودان في مرحلة "حسم الجغرافيا" سقوط الفاشر يطلق شرارة التقسيم الفعلي#
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 11-23-2025, 02:55 PM
02:55 PM November, 23 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
لم يعد الصراع الدائر في السودان مجرد تنافس محموم على السلطة بين فصيلين عسكريين. لقد تحول، وبشكل حاسم بعد سقوط الفاشر، إلى عملية جراحية قاسية لإعادة رسم خريطة البلاد جيوسياسياً وديموغرافياً هذا التحول يعني أن السودان قد تجاوز مرحلة الاستنزاف ودخل في مرحلة "حسم الجغرافيا"، التي يحدد مصيرها التشابك الخطير لثلاث دوائر حاسمة: الدائرة الجيوسياسية لحرب الوكالة، والدائرة المحلية لصراع الوجود القبلي والاقتصادي والدائرة الإنسانية التي أصبحت سلاحاً استراتيجياً المصفوفة الجديدة للمخاطر- الأبيض بوابة التقسيم تُظهر الوقائع الجديدة على الأرض أن الأثر الاستراتيجي لسقوط الفاشر هو تحويل دارفور إلى قاعدة خلفية آمنة لقوات الدعم السريع، مما يسرّع وتيرة التقسيم الفعلي للبلا. وتتركز الأنظار الآن على ولاية شمال كردفان، وبالتحديد مدينتي الأبيض وبابنوسة، التي أصبحت تمثل "المعركة الحاسمة التالية" بمستوى خطر "عالٍ جداً وشيك" إن سقوط شمال كردفان يحمل أبعاداً وجودية للصراع؛ فهو يعني فصل دارفور كلياً عن مركز البلاد، ويقطع الطرق اللوجستية الحيوية للقوات المسلحة، ويهدد بشكل مباشر "سلة غذاء" السودان هذا التقدم يُرسخ تقسيم البلاد إلى كيانات منفصلة، مع استمرار حرب الاستنزاف في الخرطوم التي تتجهز لمعركة وجود تحت تهديد الحصار الشامل والتجويع في المقابل، يتحول الخطر في دارفور من مجرد معارك إلى اختبار حقيقي لإدارة منطقة شاسعة بمؤسسات مفككة إن نجاح أو فشل الدعم السريع في إدارة دارفور سيكون نموذجاً لـ "الحكم الجديد" الذي قد يُطبق في مناطق أخرى، مع ضرورة إعطاء الأولوية القصوى لمنع الانتقامات العرقية ومنع تكرار مأساة عام 2003. السيناريوهات الكبرى ماهو سباق نحو الشرق تتجه التطورات الميدانية نحو السيناريو الأكثر ترجيحاً وهو "التقدم شمالاً وشرقاً" في هذا المسار، سيتحول تركيز الدعم السريع إلى ولاية شمال كردفان لإكمال عزلة دارفور وتهديد خطوط إمداد الجيش من ميناء بورتسودان النتيجة المتوقعة هي تحول الحرب إلى معركة على ممرّ الشمال والوسط، مما يُرسخ التقسيم الفعلي للسودان إلى جزئين متباعدين جغرافيا وفي ظل هذا التقدم، يبرز سيناريو "التصعيد الإقليمي المباشر". فالسيطرة على الجزيرة تعني التحكم في الغذاء والموارد، مما يخلق أداة ضغط إقليمية قوية كما أن عزل الغرب يعني تحول المنطقة الشرقية وميناء بورتسودان إلى شريان الحياة الوحيد للحكومة والقوات المسلحة أي تهديد لهذا المحور هو تهديد وجودي، ومن شأنه أن يدفع دولاً إقليمية ذات مصالح حيوية إلى تغيير حساباتها، والتحول من الدعم الخفي إلى تدخل عسكري محدود ومباشر، مما يدوّل الصراع على نحو أعمق طريق الخروج من خلال الوساطة إلى إدارة التفتيت إن التطورات السريعة على الأرض تُلزم الفاعلين المدنيين والدبلوماسيين بتبني استراتيجية "إدارة التفتيت" بدلاً من انتظار وساطة شاملة قد لا تأتي في الوقت المناسب على المستوى الإنساني، يجب الانتقال إلى "الجاهزية للطوارئ" في وسط السودان، ونشر مخزونات إنسانية طارئة في شمال كردفان فوراً قبل قطع الطرق كما يجب التخطيط لحصار شامل للخرطوم عبر تحديد ملاجئ آمنة وممرات إنسانية وفي دارفور، وبغض النظر عن الموقف السياسي، يجب بناء قنوات اتصال مع الإدارات المحلية الجديدة لضمان استمرار وصول المساعدات ومنع مجاعة جماعية
أما دبلوماسياً، فالأولوية هي الضغط العاجل لمنع انتهاكات حقوق الإنسان والانتقام العرقي في دارفور ويجب على الجهات المانحة ربط أي اعتراف أو تعامل مع السيطرة الإدارية للدعم السريع في دارفور بالتزامه بوقف إطلاق النار على مستوى البلاد؛ لعدم منح شرعية أمر واقع يهدد بانهيار الدولة بالكامل
سقوط الفاشر ليس نهاية الحرب، بل هو بداية لمرحلة جديدة وأكثر خطورة تُسمى "حسم الجغرافيا". السودان لم يعد على حافة الهاوية، بل انزلق إلى داخلها. المرحلة القادمة هي سباق بين الزحف العسكري للدعم السريع نحو الشرق والوسط، وبين قدرة الدبلوماسية على خلق "وقت مستقطع" يوقف هذا الانزلاق نحو التفتيت الكامل الذي لن ينتج عنه سوى دويلات فاشلة تستهلك نفسها وتصدر الفوضى إلى جيرانها النافذة السياسية ضيقة جداً، وفرصتها ليست في أشهر، بل في أسابيع.
|
|