Post: #1
Title: البرهان والإسلاميون وواشنطن–الرياض- صفقة الإذعان الكبرى وعرس الهزيمة المفتوح
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 11-22-2025, 11:08 AM
11:08 AM November, 22 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
الذي يحدث اليوم ليس مبادرة للسلام، ولا بداية حل، ولا حتى محاولة لإنقاذ ما تبقى من السودان. ما يجري هو انكشاف كامل لبرهان مهزوم ومنظومة إسلامية مفلسة أمام إرادة أمريكية–سعودية لم تترك أمامهم إلا بابًا واحدًا: الاستسلام السياسي تحت ضغط الانهيار العسكري. أولاً البرهان… قائد ظهر أخيراً بحجمه الحقيقي سقوط الفاشر لم يكن مجرد معركة، بل لحظة سقوط هيبة كاملة للقيادة العامة. تلك اللحظة التي ظهر فيها البرهان بلا غطاء، بلا خطة، بلا رؤية، مكشوفاً أمام الداخل والخارج. بعد الفاشر سقط خطاب “النصر قريب” الذي كان يُستخدم لتخدير الرأي العام. انهارت صورة “القائد الأعلى” التي رُسمت له إعلامياً. وعرف السودانيون أن الرجل الذي يقود حرباً بلا تمويل ولا استراتيجية لا يمكنه كسب معركة سياسية ولا عسكرية. واليوم، يظهر البرهان في المشهد الدولي باحثاً عن مخرج بأي ثمن، يعرض كل أوراقه دفعة واحدة، فقط ليحصل على فرصة بقاء مؤقتة. وما يسميه “حكمة سياسية” هو في الواقع قبول بالإذعان تحت الضغط الخارجي والعجز الداخلي. أما حكومة بورتسودان؟ فهي لا تتجاوز كونها واجهة شكلية، تستقبل التعليمات الإقليمية وتعيد بثها كأنها قرارات وطنية. ثانياً الإسلاميون… أكبر عملية انقلاب خطابي في تاريخهم التنظيم الذي ملأ ساحات السودان بخطاب “الموت لأمريكا” هو التنظيم نفسه الذي وقع تحت ضغط الأزمة، فاختار الانحياز الكامل للمصالح الخارجية حفاظاً على شبكاته الاقتصادية. اليوم، وبسبب انهيار قواته الموازية، تفكك أجهزته الأمنية، وتراجع نفوذه الاجتماعي، صار التنظيم يتحرك بدافع واحد: حماية قياداته من الملاحقة الدولية وفقدان الأصول في الخارج. مواقفهم الجديدة ليست مراجعات فكرية؛ هي تنازلات اضطرارية تحت ضغط الخوف من العقوبات، والقلق من المساءلة، وانهيار الغطاء العسكري الذي كانوا يعتمدون عليه. ثالثاً واشنطن والرياض… المعادلة التي لا يمكن تجاوزها الإدارة الأمريكية لم تقدم عرضاً. قدمت تحذيراً واضحاً: وقف الحرب الآن، أو مواجهة عزلة شاملة وتقييد اقتصادي وسياسي يطال الجميع بلا استثناء.
أما السعودية، فدخلت على الخط وفق حساباتها الأمنية والاستثمارية في البحر الأحمر، وليس بدافع “حرص على السودان”. وموقفها واضح ----استقرار الحدود أولاً، والباقي تفاصيل. هذا الضغط المزدوج هو الذي دفع البرهان والإسلاميين إلى الطاولة، ليس كأطراف تفاوضية، بل كأطراف تبحث عن النجاة. رابعاً -- الدعم السريع… المستفيد من الانهيار العام في الخلفية، يعرف الدعم السريع أنه الطرف العسكري الأكثر قدرة على المناورة. يراقب المشهد وهو يدرك أن خصومه يتفاوضون من موقع ضعف، وأن الانهيار داخل المعسكر المقابل يمنحه أفضلية استراتيجية في أي ترتيبات قادمة. فصل جديد من خسائر السودان ما يجري اليوم ليس “سلاماً” بأي معنى إيجابي. هو صفقة اضطرارية بين أطراف فقدت زمام المبادرة: البرهان يحاول تأجيل لحظة خروجه من المشهد. الإسلاميون يسعون لحماية شبكاتهم ومصالحهم. القوى الإقليمية والدولية تحاول تجميد الحرب وفق حساباتها، لا وفق مصلحة السودان. والدعم السريع ينتظر نصيبه من هذا التوازن الجديد. أما الشعب السوداني؟ فهو، مرة أخرى، الطرف الوحيد الذي لم يُستشر، ولم يُحمَ، ولم يُمثَّل… ويُطلب منه أن يقبل نتيجة صفقة فرضتها السلاح والمصالح الأجنبية وانهيار الدولة.
هذا ليس سلاماً. هذا ترتيب قسري فرضته الهزائم، لا الاتفاقات. وترسيخ لواقع جديد صُنع فوق أنقاض بلد كان يمكن أن يكون دولة، فحوّلوه إلى ساحة صفقات.
|
|