هل يحقق الرئيس الأمريكي السلام في السودان؟ كتبه إسماعيل عبد الله

هل يحقق الرئيس الأمريكي السلام في السودان؟ كتبه إسماعيل عبد الله


11-21-2025, 01:18 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1763731087&rn=0


Post: #1
Title: هل يحقق الرئيس الأمريكي السلام في السودان؟ كتبه إسماعيل عبد الله
Author: اسماعيل عبد الله
Date: 11-21-2025, 01:18 PM

01:18 PM November, 21 2025

سودانيز اون لاين
اسماعيل عبد الله-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر





الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطا خطوات مشهودة من أجل وقف حرب روسيا / أوكرانيا، وعلى الرغم من وعده بوقفها وتحقيق السلام بين الدولتين في ظرف زمني وجيز، إلّا أن واقع الحال وتقاطعات العلاقات الروسية الأوروبية أخّرت الوصول لاتفاق بين الجانبين، ترامب واضح الطرح في سياسته الخارجية الساعية للتعاون الاقتصادي، والتبادل التجاري بين بلدان العالم كافة، وهذا يرجع لنشأته التجارية ورؤيته العامة كرجل أعمال، تلك الرؤية المختلفة عن رؤية سلفه الديمقراطي، جو المتمسك بمشروع الإمبراطورية الكبرى، ومن زاوية الطموح الاقتصادي للرئيس ترامب لابد وأنه قد وضع خطته لمستقبل العلاقة مع دولة مثل السودان، يذخر باطن أرضها بموارد الطاقة وتغطي سطحها السهول المنبسطة والخصبة، التي تنمو فيها أشجار الهشاب المنتجة للصمغ العربي، والقابلة لزراعة غالب محاصيل الكوكب، فضلاً عن المناخ المحفز لإنبات الكثير من الفاكهة، والحدود البحرية على ساحل البحر الأحمر، دولة بهذا الحجم من المخزون الاقتصادي غير المستغل، لن تغيب عن بال رئيس مثل الرئيس الأمريكي المجبول على عشق الربحية، وتفضيل الفائدة التجارية على الهوس الشعبوي المعشعش في رأس سلفه، وعموماً، على شعوب وحكومات العالم أن تنتهز سانحة وجود مثل هذا الرئيس على قمة هرم الدولة العظمى، لتنجز معاملاتها التي لن تجد طريقاً لإتمامها مع خلفه القادم أياً كان.
من المؤكد أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي قد حزم حقيبته وسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بعد المحصلة التوافقية بين أعضاء الرباعية، وأن كل الأمر يتعلق بمصالح البلدان المتأثرة بشكل مباشر بحرب السودان، وهذا يعني أن المرحلة القادمة ستكشف عمّا كان بداخل حقيبة الأمير، فالسودان ومنذ فجر استقلاله لم يهنأ بالاستقرار السياسي، لارتباط مصيره بمصائر شعوب من حوله لكونه القطر الافريقي الوحيد، الذي يحادد دول الساحل والصحراء ويجاور بلدان القرن والوسط والغرب الأفريقي، لذلك تم وضعه على طاولة تشريح المحاور الإقليمية وأمكن فصل ثلثه الجنوبي من قبل، ومن البداهة بمكان أن حل مشكلاته لابد من أن يكون بيد القوى الإقليمية والدولية، ومزاعم الإرادة الوطنية والسيادة ما عاد لها وجود بعد اندلاع الحرب، وما يدلل على ذلك نشوب الحرب به كدولة تجاوز عمرها السبعين، هذا وحده دليل قاطع على أن ادعاء وجود وطنيين شرفاء حريصين على وحدة البلاد، لا أساس له من الواقع الماثل، ومن هذه الحقائق المؤلمة أن الحل سيكون توافقياً حتى ولو أدى للانقسام، إنّ من أكبر التحولات الداخلية في السودان التي أدت للوصول إلى هذا الوضع، هو سطوة الإسلام السياسي على أمور الحكم منذ المصالحة الوطنية، ولعبه للدور الأكبر في تصعيد العنف واشعال الحروب وتمزيق الهوية الوطنية، التي كان بالإمكان أن تقوى ويقوى معها بنيان الدولة.
التحدي الذي يواجه السودانيين هو وجود حكومتين رغم عدم اعتراف الرئيس الأمريكي بهما، لكنهما لهما الأثر الماثل على الأرض المتنازعة بينهما، والسؤال المطروح كيف يتم عمل توليفة بين هاتين القوتين العسكريتين؟، وهل يرضى المناصرون لكليهما بأن يأتي كرزاي (حمدوك)، ليحل محل كامل إدريس والتعايشي، وهل ينجح الأمريكان في تقديم الحل الوحدوي لطرفي النزاع؟، ذات الحل الذي فشلت فيه أمريكا والترويكا الأوروبية والاتحاد الافريقي والجامعة الغربية بجنوب السودان، أم يقومون بدمج نموذجي أفغانستان وليبيا؟، ومنح الإسلاميين وحلفائهم الجزء الشمالي الشرقي للبلاد، وإبقاء تحالف "تأسيس" بالجزء الجنوبي الغربي، لو كان قد تم اعتماد هذا السيناريو الأخير داخل حقيبة سمو الأمير، هل تحقن دماء السودانيين ويتحقق السلام وينال ترامب جائزة نوبل؟، أم أن مضي المسهلين على طريق "كرزاي"، سيضيّع على السودانيين وقتاً ثميناً، هم أحوج إليه للمضي قدماً في مشاريع إعادة الإعمار، وتدارك الفشل المؤسسي وضياع الأجيال في الثلاثة أعوام الماضية، برأيي أن حياة الإنسان لها أولوية على وحدة الأرض، لأن الأرض التي لا يتفق حول فلاحتها أبناؤها من الأفضل أن تصير أرضين، ينعم كلا شعبيها بموارده ويحفظ مهج وأرواح شيبه وشبابه من الموت المجاني، في الحروب العبثية الممتدة لسبعة عقود، فلا شيء يوازي النفس الواحدة التي إن قتلت فكأنما قتلت جميع الأنفس.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail