Post: #1
Title: عندما يكون السلام تهديداً.. لماذا تحارب الميليشيات والإسلاميون السلام في السودان؟
Author: زهير ابو الزهراء
Date: 11-20-2025, 02:06 PM
02:06 PM November, 20 2025 سودانيز اون لاين زهير ابو الزهراء-السودان مكتبتى رابط مختصر
بينما يتطلع ملايين السودانيين إلى السلام كشريان حياة لإنهاء معاناتهم، يبدو أن بعض القوى الفاعلة على الأرض ترى في هذا السلام ناقوس خطر. تحليل دوافع هذه الأطراف، وخاصة تلك المنتمية لتنظيم "الكيزان" والميليشيات المتحالفة معها، يكشف أن معارضتهم للسلام هي استراتيجية بقاء تحمي مكاسبهم التي تحققت في ظل اقتصاد الحرب. الحركة الإسلامية (الكيزان): السلام يعني فتح ملفات الماضي وفقدان الامتيازات بعد إطاحة نظامهم في 2019، وجد الإسلاميون في حرب السودان فرصة ذهبية لإعادة تموضعهم، مستفيدين من حالة الفوضى وانهيار الدولة لتحقيق مكاسب عدة: إعادة التواجد في المؤسسات: عادوا للتمركز داخل المؤسسات العسكرية والأمنية، وأعادوا بناء شبكات التمويل عبر اقتصاد الحرب. خطاب التعبئة- أعادوا إحياء خطابهم الأيديولوجي القائم على "الجهاد" و"حماية الهوية" لتبرير وجودهم. الخوف من المحاسبة: أي عملية سلام حقيقية تعني فتح ملفات العدالة الانتقالية، التي ستسائلهم عن: دورهم في تشكيل الميليشيات. تورطهم في إشعال الحرب. عمليات نهب الموارد وتهريب الذهب. انهيار شبكة المصالح- بنى الإسلاميون إمبراطورية اقتصادية وسياسية في الظل، تتحكم في مفاصل حيوية عبر وكلاء وإعلام مواز. السلام سيفكك هذه الشبكات ويعيدهم إلى competition سياسي خاضع للمساءلة. الميليشيات الإسلامية: بلا حرب.. بلا وظيفة! بالنسبة للميليشيات الإسلامية، الحرب ليست صراعاً على مبادئ، بل هي بيئة وجودها الأساسية. فهي تستمد شرعيتها ومواردها من استمرار القتال، حيث: تمويل من الفوضى: تتحول هذه الميليشيات إلى كيانات اقتصادية تعتمد على الجبايات والنهب والسيطرة على الطرق التجارية. خسارة النفوذ-- سيؤدي السلام إلى نزع سلاحها وإنهاء نفوذها المحلي القائم على القوة الغاشمة. أزمة شرعية: سينكشف زيف خطابها "الدفاعي" لتظهر كمسبب رئيسي لانعدام الأمن، مما يدفعها لوصف أي هدنة بـ"الخيانة" للحفاظ على وجودها. مليشيا "درع السودان": وليدة الفوضى.. تتهاوى بالسلام تمثل "درع السودان" نموذجاً صارخاً للكيانات التي تولد من رحم انهيار الدولة: الشرعية من الفراغ- وجودها مشروط بغياب الدولة وسيطرتها. فهي تقدم نفس كـ"بديل أمني" في المناطق التي تنتشر فيها. التهديد بالزوال -- أي جهد حقيقي لبناء الدولة وإعادة تأسيس جيشها الموحد يعني نهاية وجود "درع السودان"، إما بالتفكيك أو الدمج الذي يفقد قادتها استقلاليتهم ونفوذهم. بعض الفصائل المسلحة - استمرار القتال ورقة تفاوضية حتى بعض الفصائل التي خسرت مناطق نفوذها جغرافيا ترى في استمرار الحرب استراتيجية عقلانية لـ: الاحتفاظ بأوراق الضغط- بقاؤها مسلحة يمنحها وزناً في أي مفاوضات مستقبلية، بينما قد يعترف السلام بهزيمتها. تجنب المحاسبة- نهاية الحرب تعني فتح باب المحاسبة على انتهاكات حقوق الإنسان والفساد المرتبط بها خلال فترة الصراع. صراع مصالح.. الشعب يريد الحياة وأمراء الحرب يريدون البقاء في النهاية، يمكن تلخيص الإشكالية في تناقض جوهري: السلام الذي ينشده الشعب ليعيش هو نفسه التهديد الوجودي لأولئك الذين يعيشون على الحرب. فبينما يخاف السودانيون من موت يحمله استمرار القتال، يخاف أمراء الحرب والميليشيات من محاسبة يحملها السلام. مقاومتهم ليست مجرد موقف أيديولوجي بل هي استراتيجية بقاء عقلانية من منظور مصلحتهم الضيقة، حيث يضمن استمرار الصراع بقاءهم على رأس المشهد، بينما يهددهم السلام بالزوال والمحاسبة.
|
|