الإعلام المصري ولعبة الإضينة دُقو واتعذر لو كتبه كمال الهِدَي

الإعلام المصري ولعبة الإضينة دُقو واتعذر لو كتبه كمال الهِدَي


11-20-2025, 10:23 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1763634195&rn=0


Post: #1
Title: الإعلام المصري ولعبة الإضينة دُقو واتعذر لو كتبه كمال الهِدَي
Author: كمال الهدي
Date: 11-20-2025, 10:23 AM

10:23 AM November, 20 2025

سودانيز اون لاين
كمال الهدي-عمان
مكتبتى
رابط مختصر




تأمُلات





في البدء لابد من شرح مبسط لمقولتنا السودانية الخالصة – عنوان هذا المقال – لأن بعض أبناء وبنات الجيل الحالي قد يجدون صعوبة في فهمها. تقول حبوباتنا:" الإضينة دقوا واتعذر لو أو (اتعضر لو)" ويقصدن أن بإمكانك أن تفعل بالشخص الغافل ما تشاء وفي النهاية تستطيع مراضاته بكلمتي اعتذار.

ما ألهمني بهذا العنوان وفكرة مقال اليوم هو رأي بعض الإعلاميين السودانيين المحترمين الذين نضع لكلامهم وزناً، وإشادتهم بدور إعلاميي مصر ووقفتهم المفترضة معنا في كارثتنا الحالية.

وفي رأيي المتواضع، أن الإعلام المصري الرسمي غير معني سوى بالدفاع عن السلطة هناك، تماماً كما تفعل ثلة أرزقية الإعلام في بلدنا ممن ظلوا يحرضون على القتل والدمار وخراب الوطن من أجل عيون البرهان وكيزانه الذين تسببوا في دمار الوطن.

لهذا لا أؤمن بأي مبادرة تضامنية حقيقية لنقابة الصحفيين المصريين من أجل شعبنا، وأرى أن ذلك مجرد ذر للرماد في العيون، فهم بمثل هذا العمل يريدون مراضاتنا لا أكثر.

فحرب السودان لم تبدأ بالأمس، بل استمرت منذ نحو ثلاث سنوات شهد شعبنا فيها كافة أشكال المآسي، ولأن النظام المصري كان واحداً من أهم شركاء جيش الكيزان، بل والمحرض والداعم الرئيس لاستمرار هذه الحرب، لم نسمع لهذه النقابة بأي دور أو مساهمة فاعلة في تخفيف معاناة السودانيين، وبدأنا نسمع بذلك الآن فقط لأن موقف النظام المصري نفسه بدأ في التحول لأسباب مرتبطة بحساباته الإقليمية .

وأتعجب حقيقة من الإشادة بإعلاميات مصريات محسوبات على مخابرات السيسي وفتح منابرنا الإعلامية لهن بصورة واسعة، فكيف لمثلهن أن يكن صاحبات موقف مشرف وداعم لفكرة حرية الصحافة ودورها الإنساني!

ودعكم من الحرب نفسها، فلو كان الوضع كذلك لسمعنا لهذه النقابة وأعضائها صوتاً عالياً تجاه استغلال النظام المصري الفظيع لموارد بلدنا ونهبها عن طريق عملائه في جيش الكيزان، ولتابعنا كتابات أعضائها حول الدعم الكبير الذي قدمه السيسي للبرهان من أجل إعاقة فكرة التحول المدني بأي شكل.

مثل هذا هو الدور الذي يمكن أن يلعبه الإعلام الحر في أي بلد، حيث يتجاوز الإعلاميون المستقلون حقيقةً الحدود ويتناولون ما يدعم القيم والعدالة والانصاف والإنسانية بكافة السبل، لكن (معظم) إعلاميي مصر لم يفعلوا ذلك. فعلام الإشادة بنقابتهم وببعض من غيروا منهم مواقفهم بعد خراب سوبا؟!

وإن قبلنا مثل هذا (الحكي) الشفهي الذي لا يقدم ولا يؤخر بعد كل هذا الوقت، فإننا نُلبس أنفسنا قول حبوباتنا ونبدو كمن يقول لهم " نحن فعلاً إضينات، وتستطيعون أن تفعلوا بنا ما تشاءون، وفي النهاية سنقبل اعتذاركم، بل ونهلل لكم ونعتبركم أبطالاً".

وبالمناسبة، فإن هذا النمط من الانبهار بمن لا يحملون همّ السودان، لا يقتصر على الإعلام المصري وحده، فضمن السياق نفسه، دعوني أعلق على حديث الرئيس الأمريكي ترامب بالأمس، عن عدم اهتمامه بما يجري في السودان قبل أن يطلب منه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان التدخل بقوة لإيقاف هذه الحرب المُدمرة.

وكعادتنا بالغنا في الاحتفاء بكلام هذا التاجر البراغماتي، رغم أن حديثه مستفز لأبعد مدى. فنحن، بعد أن كنا أمة تُحترم، صرنا مثل لعبة في أيدي الكثيرين، بسبب قيادات وضيعة وخائنة - عسكريين ومدنيين - أهانتنا وحطت من قدرنا وجعلتنا أضحوكة بين الأمم.

ويحدث ذلك أيضاً لأن الكيزان جعلوا منا شعباً – بمستنيريه ومثقفيه – ينتظر الحلول لمشكلاته من الآخرين، ناسين أننا نعيش في عالم لا تهم كافة لاعبيه الرئيسيين سوى مصالح بلدانهم، وأنه عالم لا يعترف سوى بالقوي.

العجيب أن نفس من احتفوا بحديث ترامب الأخير، هم أنفسهم الذين هللوا قبل ذلك لجهود الرباعية وتوهموا أنها سوف تقضي علي الكيزان تماماً.

أليس غريباً ألا تسأل نفسك: "كيف كنت تمني النفس بقرارات رباعية تمثل أمريكا رأس رمحها، وبالأمس فقط يقول ترامب أن ملف حرب السودان ما كان يشغله، وأنه لم يفهم التفاصيل إلا بعد حديث الأمير محمد بن سلمان معه"؟!

فالخلاصة إذن أنه مجرد كلام وإشادة بصديق تربطه به مصالح مشتركة، ولأسباب تتعلق بالموقف من أطراف خارجية أخرى ذات علاقة بهذه الحرب. لذلك، فالأفضل أن نفيق من غفوتنا ونكف عن سذاجة المستنيرين هذه، وأن نضع في الحسبان أن حربنا لن تتوقف ما لم ننشر الوعي، ونتفق على وقفها، ونقوم بعمل جاد نفرض به إرادتنا على الآخرين.

أما أن نستمر في الترقب والانتظار والتهليل والإشادة بهذا القائد أو ذاك، فهذا لن يوردنا سوى المزيد من المهالك.

الحرب مستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، ومن السذاجة تصديق أن ترامب أو غيره من زعماء العالم لم يلمّوا بتفاصيلها ويدركوا حجم الكارثة وضرورة وقف هذه المآسي.