بين خطاب دعم الجيش ومعارضة القوى المدنية الحقيقة التي يحاول البعض تجاهلها كتبه حامد محمد

بين خطاب دعم الجيش ومعارضة القوى المدنية الحقيقة التي يحاول البعض تجاهلها كتبه حامد محمد


11-16-2025, 11:53 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1763337216&rn=0


Post: #1
Title: بين خطاب دعم الجيش ومعارضة القوى المدنية الحقيقة التي يحاول البعض تجاهلها كتبه حامد محمد
Author: حامد محمد
Date: 11-16-2025, 11:53 PM

11:53 PM November, 16 2025

سودانيز اون لاين
حامد محمد-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



بين خطاب “دعم الجيش” ومعارضة القوى المدنية الحقيقة التي يحاول البعض تجاهلها

في خضمّ الجدل السوداني المحتدم، يظهر طرحٌ غريب تتبنّاه مجموعات واسعة من مؤيّدي المؤسسة العسكرية: فهم لا يختلفون مع قوات الدعم السريع فقط، بل يوجّهون سهامهم الحقيقية نحو القوى المدنية التي قادت ثورة ديسمبر المجيدة، الثورة التي أزاحت منظومات الفساد والاستبداد، وفتحت الباب لتحوّل ديمقراطي حلم به السودانيون لعقود طويلة.

والحقيقة التي يحاول البعض إخفاءها هي أن هذا العداء للقوى المدنية لم ينبع من حرص على الدولة، بل من حنين واضح لنظامٍ فقدوا فيه الامتيازات والنفوذ والمكانة. هؤلاء لا يرون في الثورة حدثًا وطنيًا أعاد للمواطن كرامته، بل يرونه “إهانة” أسقطت مجدًا زائفًا بُني على القمع، والمحسوبية، وتقديس السلطة العسكرية على حساب الدولة المدنية.

إنّ ما يسمّى بـ“دعم الجيش” لم يكن يومًا خلافًا حول مبدأ حماية الوطن، فهذا دور لا يختلف عليه اثنان. الأزمة الحقيقية تكمن في أن بعض الأصوات تحوّلت من الدفاع عن المؤسسة العسكرية — كجزء أصيل من الدولة — إلى الدفاع عن سطوة سياسية مارستها المؤسسة لسنوات، بمعزل عن الإرادة الشعبية.
هم لا يدعمون الجيش بقدر ما يدعمون عودة الحكم العسكري بصيغته القديمة، حتى ولو جاء ذلك على أنقاض تطلعات الشعب.

ثورة ديسمبر… الحقيقة التي تؤلم البعض

ثورة ديسمبر لم تدمر الدولة، ولم تهدم الجيش، ولم تمسّ بكرامة أي مواطن.
هي ثورة أنهت عهدًا كانت فيه السلطة محتكرة، والقرار محجوزًا، والثروة موزعة على فئة لا تمثل الشعب.
ولهذا السبب تحديدًا، يقف بعض “المدافعين عن المؤسسة العسكرية” ضدها:
ليس حبًا في الوطن، بل كراهية للحرية التي سلبت منهم امتيازات موروثة.

الصراع الحقيقي ليس بين الجيش والدعم السريع… بل بين مشروعين للوطن

مشروع يريد دولة حديثة، دستورية، تُدار بالقانون والمؤسسات.
ومشروع آخر يريد استمرار الدولة العتيقة التي تعيد إنتاج ذات العقلية التي قادت البلاد إلى الانهيار والحروب المتواصلة.

القوى المدنية — رغم أخطائها — تمثل الطريق الوحيد الذي يمكن أن يعيد السودان إلى مساره الطبيعي: دولة تحترم المواطنة، لا دولة تُدار بالولاءات العسكرية، أو بسلطة السلاح.
أما من يقفون ضد هذا الطريق، فهم ببساطة يرفضون أن تكون الثورة هي بوابة التغيير، لأنها نزعت عنهم تميزًا اعتادوا عليه ولم يكن يستحقه أحد.

كلمة أخيرة

على من يرفعون شعار “الجيش هو الوطن” أن يتذكروا أن الوطن أوسع من أي مؤسسة، وأن القوة الحقيقية لا تُبنى بالولاء الأعمى، بل باحترام إرادة الشعب.
والشعب قال كلمته في ديسمبر:
لا قداسة لأي سلطة فوق إرادة المواطنين.

من أراد دعم الجيش فليدعمه كجزء من الدولة، لا كبديلٍ لها.
ومن أراد مواجهة الدعم السريع فليفعل ذلك تحت مظلة مشروع وطني جامع، لا عبر معارك خطابية هدفها الحقيقي إسكات القوى المدنية التي صنعت ثورةً ستظل أعظم ما قدّمه السودانيون في تاريخهم الحديث.