الإسلاميين و الرباعية ....الرفض الغير مبرر أم سياسة الأرض المحروقة (2-2) كتبه يوسف عيسى عبدالكريم

الإسلاميين و الرباعية ....الرفض الغير مبرر أم سياسة الأرض المحروقة (2-2) كتبه يوسف عيسى عبدالكريم


11-16-2025, 05:51 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1763315478&rn=0


Post: #1
Title: الإسلاميين و الرباعية ....الرفض الغير مبرر أم سياسة الأرض المحروقة (2-2) كتبه يوسف عيسى عبدالكريم
Author: يوسف عيسى عبدالكريم
Date: 11-16-2025, 05:51 PM

05:51 PM November, 16 2025

سودانيز اون لاين
يوسف عيسى عبدالكريم-الامارات
مكتبتى
رابط مختصر






في المقال السابق توقفنا عند ضرورة عدم الانسياق خلف الدعوات التي يطلقها الإسلاميين بغرض استغلال عواطف السودانيين وذلك بالترويج لأسئلة تبدو في ظاهرها و كأنها تأتي من باب حرصهم على المصلحة السودانية في حين ان القصد منها هو التأثير على المشهد لتكوين راي عام مضاد للرباعية من شاكلة تلك الدعوات إعادة تكرار السؤال العقيم . كيف نجلس للتفاوض مع الطرف الاخر بعد كل الذي حدث ؟. و اظن ان الاجابة المنطقية لذلك السؤال هي انه يجب الجلوس اليوم قبل غد مع الطرف الاخر و ايقاف هذه الحرب العبثية حتى لا يتواصل او يتكرر الذي حدث في مكان اخر . ونواصل في توضيح اسباب رفض الاسلاميين للرباعية و ضرورة دعمنا لها .
لا ينبغي التعلل بشناعة الانتهاكات التي وقعت في هذه الحرب و اعتبار ذلك سببا في رفض التفاوض او الحوار من اجل جلب السلام و ايقاف الحرب . فالحرب ليست مناسبة لتوزيع الزهور أو المثلجات،الحرب رصاص يتساقط وأزيز طائرات تحوم و مدافع وقنابل تتساقط . انها تحمل رائحة الموت الكريهة المنتشرة في كل مكان . فهي تخلف الجثث الملقاة على جنبات الطرقات. انها القتل بدافع الانتقام والتشفي والاغتصاب والنهب والسلب واستغلال الضعفاء والعزل.فلا أخلاق في الحرب . ان الرصاصة التي تخرج من فوهة البندقية لا يمكن إيقافها أو اعادة توجيهها ولا يعرف أحد في أي جسد ستستقر. الحرب فتنة والفتنة نائمة لعن الله من ايقظها.
لقد أظهرت الانتهاكات في هذه الحرب أن السودانيين يتشابهون فلا يوجد فرق بين طرف او اخر فكلاهما مارس القتل و برر أفعاله بطريقته الخاصة. لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن العديد من الأرواح فقدت و مات الكثير من الناس . ان كلا الطرفين بشر يخضعون لذات قوانين النفس البشرية من انتقام وأنانية ورغبة في القتل والإفراط فيه.فالقتل يجرّ القتل والكراهية تولد الكراهية والتشفي يؤدي إلى المزيد من التشفي و العاقل من اتعظ بغيره و أثر السلامة على الهلاك فالجود يفقر و الاقدام قتال .
و قد يتساءل السودانيين عن السبب في ضرورة قبول مبادرة الرباعية و دعمها في هذا التوقيت بالذات و الاجابة بكل بساطة كالاتي . إن المتابع لعملية التفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ بداية الحرب في 15 أبريل 2023 يلاحظ أن إرادة حل النزاع والتوصل إلى اتفاق يوقف الحرب كانت شبه معدومة لدى الطرفين في بداية الصراع . و تجلى ذلك في عدم التزامهم الطرفين بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الجولات التفاوضية السابقة، إضافة إلى عدم اتخاذ الطرفين لتدابير فعالة تحمي المدنيين من تداعيات الحرب المستمرة خاصة في المناطق التي تشهد قتالًا، مما عرض حياة العديد من المدنيين لخطر الموت، وأدى إلى فقدان الكثير من الارواح .
والمدقق في سير الاحداث يجد أن الجيش تحديدا في كل جولة من جولات المفاوضات السابقة كان هو الطرف الاكثر ترددا و تلكؤا في التعاطي مع الحلول المطروحة ، مما أدى إلى تفاقم الاوضاع اثرت . فعلى سبيل المثال، عندما اندلعت الحرب في 15 أبريل 2023 وبدأت معها مفاوضات جدة المباشرة، كانت قوات الدعم السريع محصورة في نطاق ضيق داخل ولاية الخرطوم ، بينما كانت بقية ولايات السودان تُعتبر عمليا مناطق آمنة . و كان من الممكن المحافظة على تلك الوضعية و تحقيق نتائج كبيرة من خلال التفاوض مع قوات الدعم السريع وتقليل الأضرار بقليل من الحكمة .
و عندما قام الاتحاد الإفريقي برعاية المفاوضات والدعوة إليها في أديس أبابا، كان من الممكن تحقيق تقدم وتقليل الأضرار ايضا إضافة إلى الحفاظ على ما تبقى من المناطق الآمنة. حيث لم تكن مدني، ولا سنجة، ولا سنار، ولا الجنينة، ولا نيالا، ولا النيل الأبيض، ولا الفاشر خارج سلطة الدولة حينها و لم يكن هناك سلطة تأسيس و لا تجمع صمود ولكن ايضا خانت الجيش الحكمة حينها .
ثم تبع ذلك المنامة و جنيف و جيبوتي و جدة مرة اخرى و في كل مرة يعرف القارئ جيدا كيف صارت الامور في ما سبق . تتطلب الحكمة النظر بموضوعية ودون انفعال أو حماس إلى تطورات سير الحرب، واستخلاص النتائج منها، ومن ثم اتخاذ القرارات بناءً على المصلحة العامة للوطن و ليس تبني مواقف الاسلاميين التي ستورد البلاد مورد التهلكة .
في الخامس عشر من أبريل، لم تكن البلاد تعاني من انتشار المليشيات التي تتواجد الان في كل رقعة من أنحاء الوطن كالأورام السرطانية . قبل الخامس عشر من ابريل كان السلاح محصورًا في يد الدولة وتحت سيطرة القوات النظامية فقط و اليوم انتشر السلاح بين الناس كالنار في الهشيم . ان الحكمة تستدعي اتخاذ قرارات سريعة لوقف التدهور المتسارع وتجنب الانهيار المتوقع للدولة.
نظرًا لغياب الاهتمام الدولي الملحوظ تجاه الأزمة السودانية في السابق ، تُعتبر مبادرة الرباعية وما سيتبعها من جولات مفاوضات فرصة ينبغي على جميع السودانيين الراغبين في إنهاء هذه الحرب العبثية استغلالها و دعم جهودها والترويج لنجاحها والعمل على تشجيع الطرفين للمشاركة فيها والالتزام بالنتائج المترتبة عليها. إن فقدان هذه الفرصة وعدم الاستفادة منها سيؤدي إلى عواقب وخيمة، خاصة على الصعيدين الاقتصادي والإنساني في البلاد.
أننا اليوم كسودانيين مطالبين بالتقدم تجاه أي حل يعيد الدولة السودانية و الحكم المدني .ذلك لأن كل الوقائع تشير إلى أن السودانيين باتوا غير قادرين على تحمل كلفة هذه الحرب كما أنهم ليسوا راغبين في استمرارها أكثر من ذلك- باستثناء الإسلاميين و أنصار النظام البائد - أن لسان حال معظم السودانيين في التعاطي مع هذه الحرب منذ بدايتها كان ولا يزال هو قول بني إسرائيل لسيدنا موسى (قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) ظل الجميع قاعدين ومتحملين كلفة تداعيات هذه الحرب منتظرين أن يقضي أحد طرفي النزاع على الآخر وأن يمسك بزمام الأمور وأن تعود الأوضاع إلى طبيعتها دولة يحكمها جنرال. إلا أن الأيام السابقة أثبتت استحالة هذا الأمر. إذا فليتفاوض الطرفان وليوقفا هذه الحرب وهو ما بدأت بوادره الآن تلوح في الأفق