استراحة: نَسَماتٌ في العاصفة حين ينهضُ الجمالُ في قلب الخراب… كتبه د. أحمد التيجاني سيد أحمد

استراحة: نَسَماتٌ في العاصفة حين ينهضُ الجمالُ في قلب الخراب… كتبه د. أحمد التيجاني سيد أحمد


11-15-2025, 01:05 AM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1763168752&rn=0


Post: #1
Title: استراحة: نَسَماتٌ في العاصفة حين ينهضُ الجمالُ في قلب الخراب… كتبه د. أحمد التيجاني سيد أحمد
Author: احمد التيجاني سيد احمد
Date: 11-15-2025, 01:05 AM

01:05 AM November, 14 2025

سودانيز اون لاين
احمد التيجاني سيد احمد-ايطاليا
مكتبتى
رابط مختصر





د. أحمد التيجاني سيد أحمد
١٤ نوفمبر ٢٠٢٥


وكان جمال هذا اليوم قد جاءني من صديقي العزيز محمد الأمين أبو العواتك، بقصة إنسانية نادرة كتبها تحت عنوان:

«حكايات تلامس الغيوم… عصا ونوتة موسيقية بيضاء».

قصةٌ تُعيد الاعتبار لفعل الخير حين يتجسّد في أبسط لفتة، وفي لحنٍ يُعزف، وفي يدٍ تمتد لتُعيد إلى إنسان بعضًا مما فقده.


في تلك الحكاية — كما رواها أبو العواتك — كان هناك مغنٍّ وملحّن يعيدان ترتيب نبض الحياة في صدر رجلٍ فقد بصره، لكنه لم يفقد بصيرته.

وكانت هناك مجموعة من الرجال، من «ناس أبو العواتك»، اختاروا أن يصنعوا فرقًا حقيقيًا،

فرقًا يُرى في الفيديو، ويُسمع في النغمة، ويُحسّ في العناق الذي لا يحتاج إلى كلمات.

وكان الفنان خالد عبد الرحمن أحد أجمل خيوط هذا المشهد، بصوته وصدقه ولحنه الذي أعاد للحكاية كرامتها.

وما إن فرغتُ من قراءة كلمات أبو العواتك، حتى وجدتُ نفسي أعود إلى زمنٍ أبعد…

إلى مسرح نُصب في حوش المدرسة الكبير في عطبرة الثانوية،

حين جاءنا الفنان الراحل العاقب محمد حسن.

ما زلت أراه أمامي —

لابسًا جلابيته البيضاء، متوكئًا على عصاه، يمشي بخطوات بطيئة لكنها مملوءة بالنور.

كان الضوء يتشبّث ببياض ثيابه فينعكس على وجوهنا نحن التلاميذ، كأننا أمام ظهور طيفٍ من أطياف الموسيقى السودانية الخالدة.

وحين رفع صوته يغنّي:

«يا حبيبي زورني مرّة… وألف مرّة»

شعرتُ أن الحوش الواسع، والرمال، والمقاعد الخشبية، والشجرة العتيقة في الطرف،

كلها تحوّلت إلى جسد واحد يتنفّس من حنجرته

ذاك الجمال — الذي سكننا يومها — عاد اليوم في كلمات أبو العواتك، وفي لحن خالد، وفي خطوات ذلك الرجل المبصر ببصيرته، المحاط بأصدقائه في الفيديو.

ثم جاءني جمالٌ ثالث…

جمال يشبه الينبوع الذي يفاجئك وسط الصخر:

في القطاع الزراعي عندنا كنز نابض.

فالكنوز ليست كلها معادن وحديدًا؛

بعضها أرواح تمشي على الأرض.


وقد حمل إلينا محمد المؤيّد بشارةً من ذلك النوع النادر —

بشارة تخصّ أهل الإعاقة، وتعيد إليهم حقوقًا وكرامةً وانتباهًا طال غيابه.

وفي صوته وإصراره وصدق نيّته ما يجعلنا نؤمن بأن السودان، مهما أنهكته الحرب، ما زال قادرًا على إنتاج رجالٍ يعرفون معنى الإنسانية حين تنهض في وقت الخراب.

وهكذا…

حتى في قلب الظلام، ينهض الجمال.

ينهض في لحن، وفي ذكرى بعيدة، وفي يدٍ تُمسك بيد، وفي فيديو صغير يهزّ الروح،

وفي مبادرة صادقة تقول للإنسان:

أنت مرئي… أنت مهم… ولن نتركك وحدك.

لنستمع إلى العاقب…

بصوت خالد عبد الرحمن


[email protected]
Sent from my iPhone