المؤتمر الصحفي لروبيو حول السودان: نافذة استراتيجية لتجفيف منابع الميليشيات كتبه أدم أبكر عيسى

المؤتمر الصحفي لروبيو حول السودان: نافذة استراتيجية لتجفيف منابع الميليشيات كتبه أدم أبكر عيسى


11-14-2025, 05:05 PM


  » http://sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=505&msg=1763139947&rn=0


Post: #1
Title: المؤتمر الصحفي لروبيو حول السودان: نافذة استراتيجية لتجفيف منابع الميليشيات كتبه أدم أبكر عيسى
Author: ادم ابكر عيسي
Date: 11-14-2025, 05:05 PM

05:05 PM November, 14 2025

سودانيز اون لاين
ادم ابكر عيسي-السودان
مكتبتى
رابط مختصر



أ.صداء الوعي


#قراءة تحليلية لتصريحات ماركو روبيو حول السودان.

قدم السيناتور الأمريكي ماركو روبيو، في مؤتمره الصحفي الأخير، رؤية مهمة تعكس تحولاً محتملاً في الموقف الدولي تجاه الأزمة السودانية، وتحديداً تجاه قوات الدعم السريع. يمكن تلخيص النقاط الجوهرية في تصريحاته كالتالي:

1. المشكلة الجوهرية: أشار روبيو إلى أن قوات الدعم السريع "توافق على الأمور، لكنها لا تلتزم بها أبداً ولا تستطيع تنفيذها"، مما خلق "كارثة حقيقية" في السودان. هذا الاعتراف يعكس إحباطاً دولياً متزايداً من عدم جدوى اتفاقيات الهدنة مع الدعم السريع.
2. ضرورة وقف الدعم: أكد على حتمية "اتخاذ خطوات لوقف تدفّق الأسلحة والدعم الذي تتلقّاه قوات الدعم السريع". هذا ليس مجرد إدانة، بل دعوة صريحة للتحرك لوقف شريان حياة الميليشيا.
3.مراقبة دولية ومخاوف أمنية: ذكر أن ملف السودان يُراقب ضمن "الرباعية" منذ يوليو وأغسطس، مع وجود دول "متورّطة في دعم هذه العناصر المقاتلة". الأهم من ذلك، التعبير عن "مخاوف بشأن كيف يمكن أن يتحوّل ذلك إلى بؤرة لنشاط الجهاديين والإرهابيين". هذا الربط بين الدعم السريع والإرهاب يشكل نقطة تحول خطيرة في النظرة الدولية.
4.الاستعداد للتصنيف الإرهابي: جاء التصريح الأكثر أهمية: "إذا ساعد إدراج الدعم السريع على لوائح الإرهاب على حل الأزمة فنحن مستعدون لفعل ذلك". هذه ليست مجرد إشارة عابرة، بل فتح لبابٍ استراتيجي بالغ الأهمية.
5.معرفة الأطراف المتورطة: أكد روبيو بوضوح: "نحن نعرف الأطراف المتورّطة... ولهذا السبب هي جزء من الرباعية إلى جانب دول أخرى". ورغم عدم تسمية جهات محددة "للوصول إلى نتيجة جيدة"، إلا أن الإشارة إلى ممارسة الضغط "على أعلى مستويات حكومتنا" تؤكد وجود نية للتحرك ضد الدول الداعمة.

تعكس هذه التصريحات تحولاً في الموقف الأمريكي، الذي ربما كان يرى في السابق إمكانية إشراك الدعم السريع كشريك في عملية سياسية انتقالية. لكن الأفعال الوحشية والفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر، والانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين، إضافة إلى الضغط الشعبي المتزايد من شعوب الغرب، غيرت هذه المفاهيم، وأفقدت الدعم السريع أي شرعية ممكنة.

مؤشرات للتحرك: كيف تستفيد الحكومة السودانية من الضغط الدولي؟

إن تصريحات روبيو تمثل بصيص أمل وفرصة ذهبية للحكومة السودانية لاستغلالها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية. يجب أن تبني الحكومة استراتيجية شاملة تتضمن المحاور التالية:

1. الدفع الفوري لتصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية:
• تقديم الأدلة الدامغة: يجب على الحكومة السودانية تكثيف جهودها لجمع وتوثيق جميع الأدلة التي تثبت ارتكاب الدعم السريع لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات حقوق الإنسان، وربطها بالشبكات الإرهابية المحتملة (كما أشار روبيو).
• الحملات الدبلوماسية: شن حملة دبلوماسية مكثفة تستهدف عواصم القرار الدولية، خاصة الولايات المتحدة، لشرح المخاطر الإرهابية التي يمثلها الدعم السريع على المنطقة والعالم، مستفيدة من التصريح الأمريكي.
• التعاون مع المنظمات الدولية: العمل مع المنظمات الحقوقية والإنسانية لتقديم تقارير مفصلة عن الفظائع، وتأكيد الارتباط بين أعمال الدعم السريع وتصرفات المجموعات الإرهابية.

2. تحييد مصادر تمويل وتسليح المليشيات:
• الضغط على الدول الداعمة: استغلال اعتراف روبيو بأن "العالم يعرف الأطراف المتورطة" لممارسة ضغط دبلوماسي مباشر وشديد على الدول التي تُشير إليها التقارير (مثل الإمارات، التي يبدو أنها أنفقت أموالاً طائلة لتلميع صورتها لكن أفعال الدعم السريع في الميدان فضحتها). يجب المطالبة بوقف فوري للتمويل والأسلحة.
• الضغط على دول الجوار: تحريك الدبلوماسية السودانية للضغط على دول الجوار التي تفتح حدودها لتمرير السلاح والدعم اللوجستي للدعم السريع، وتذكيرها بالتهديدات الأمنية التي يشكلها استمرار الصراع على أمنها واستقرارها الإقليمي.
• مطالبة بتجميد الأصول: السعي لتجميد الأصول المالية لقادة الدعم السريع والشركات المرتبطة بها دولياً.
3. العمل على مستويي الجبهة القتالية والدبلوماسية:
• تحقيق انتصارات ميدانية: "العالم يعترف بالقوة." إن تحرير كامل تراب الوطن، أو على الأقل تحقيق تقدم عسكري حاسم وملموس، سيعزز الموقف الدبلوماسي للحكومة بشكل كبير. الانتصارات العسكرية تمنح الحكومة الشرعية والقوة اللازمة للتفاوض أو لتطبيق القرارات الدولية من موقع قوة.
• إظهار المصداقية والقدرة: إثبات قدرة الحكومة على بسط سيطرتها وحماية المدنيين وتقديم الخدمات، سيجعلها الشريك الموثوق للمجتمع الدولي في استقرار السودان وإعادة إعماره.

سيناريوهات مستقبل الحرب والسلام في السودان

إن تصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية، إلى جانب الضغط الدولي والتحركات الحكومية، قد يقود إلى عدة سيناريوهات محتملة لمستقبل السودان:

أولاً: سيناريوهات الحرب المتصاعدة (في حال تصنيف الدعم السريع كإرهابية):

1. تصعيد مؤقت للمواجهة: قد يدفع تصنيف الدعم السريع إلى اليأس ومحاولة شن هجمات أكثر شراسة أو توسيع نطاق الفوضى في محاولة لإظهار الوجود، أو البحث عن حلفاء جدد في مناطق أخرى.
2. تفكك الدعم السريع إلى مجموعات أصغر: مع تجفيف مصادر التمويل وتزايد الضغط، قد تنقسم الميليشيا إلى مجموعات صغيرة مسلحة، مما يؤدي إلى حرب عصابات طويلة الأمد وتحديات أمنية معقدة.
3. تدخلات خارجية متزايدة: قد تحاول أطراف دولية أو إقليمية أخرى استغلال الفراغ أو ضعف الدعم السريع لدعم مجموعات أخرى، مما يعقد المشهد الأمني أكثر.

ثانياً: سيناريوهات تقود للسلام والاستقرار (في حال تصنيف الدعم السريع كإرهابية والضغط الدولي):

1.إضعاف الدعم السريع وانهياره: يعتبر هذا هو السيناريو الأكثر إيجابية، حيث يؤدي تجفيف التمويل والضغط العسكري والدبلوماسي إلى إضعاف قدرات الدعم السريع بشكل كبير، وربما انهيار قيادتها المركزية أو انشقاقات واسعة في صفوفها. هذا سيفتح الباب أمام:
• استعادة الدولة الكاملة: تمكين القوات المسلحة من استعادة سيطرتها الكاملة على الأراضي السودانية وإنهاء التمرد.
• عودة النازحين وبدء الإعمار: توفير بيئة آمنة لعودة ملايين النازحين واللاجئين، والبدء الفعلي في جهود الإعمار والتنمية.
2. حل سياسي بشروط الحكومة: قد يجبر التصنيف الإرهابي الدعم السريع على قبول التفاوض من موقف ضعف شديد، بشروط تضعها الحكومة السودانية، مما يضمن دمج مقاتليها (غير المتورطين في الجرائم) أو نزع سلاحهم بشكل فعال، وتشكيل جيش وطني موحد.
3. تثبيت الانتقال المدني: في حال تحقيق الأمن والاستقرار، يمكن للمجتمع الدولي أن يدعم بشكل أكبر عملية انتقال مدني ديمقراطي حقيقي، بعيداً عن تدخلات الميليشيات.

الخاتمة:

إن تصريحات ماركو روبيو ليست مجرد كلمات، بل هي إشارات قوية نحو تحول في المعضلة السودانية. تقع المسؤولية الآن على عاتق الحكومة السودانية لاستغلال هذه "النافذة" من الضغط الدولي بحكمة وفعالية. من خلال التركيز على تصنيف الدعم السريع كمنظمة إرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها وتسليحها عبر دبلوماسية قوية، ومواصلة العمليات العسكرية لتحرير الأرض، يمكن للسودان أن يقلب الطاولة ويتحول من كونه بؤرة للأزمات إلى مثال لإعادة بناء الدولة على أسس العدل والأمن، وبالتالي ضمان مستقبلٍ يعكس "أصداء الوعي" لدى شعبه العظيم.